«كورونا» والتباطؤ العالمي يهددان اقتصاد الصين في 2023

بعد أسوأ أداء سنوي في العقود الأخيرة

صيني يتمشى مع كلابه الأليفة بجوار نهر ليانغما المتجمد في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
صيني يتمشى مع كلابه الأليفة بجوار نهر ليانغما المتجمد في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» والتباطؤ العالمي يهددان اقتصاد الصين في 2023

صيني يتمشى مع كلابه الأليفة بجوار نهر ليانغما المتجمد في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
صيني يتمشى مع كلابه الأليفة بجوار نهر ليانغما المتجمد في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

تنهي الصين عام 2022 وهي تشهد أسوأ أداء اقتصادي واجتماعي في العقود الأخيرة. فقد دخل الرئيس شي جينبينغ «عام النمر الصيني» في فبراير (شباط) الماضي وهو يشعر بكامل الأمل، والزهو، والتوقعات لفترة ثالثة غير مسبوقة في منصبه. ولكن سياسة «صفر كوفيد»، التي اتبعتها الصين كانت لها تبعاتها، واعترف هو وغيره من كبار المسؤولين بأن عمليات الاختبار واسعة النطاق، والإغلاقات، وفترات الحجر الصحي الطويلة فرضت عبئاً لا يطاق على اقتصاد الصين ومواطنيها.
وتظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني الصيني أنه كان ما يزال هناك المزيد من التباطؤ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما يهدد بانخفاض معدل النمو لهذا العام لأقل من 3 في المائة.
ويقول الباحث والمحلل تيانلي هوانغ في تقرير نشره معهد بيترسون للاقتصاد الدولي الأميركي إنه رغم جهود الصين في مواجهة جائحة «كورونا»، لا يزال معدل التطعيم بين كبار السن منخفضاً بدرجة خطيرة، كما تحيط الشكوك بقدرة النظام الطبي الصيني على مواكبة أي انتشار واسع النطاق للفيروس.
ويشير النقص في الأدوية الرئيسية، وكذلك في مضادات الفيروسات إلى أن الصين لا تزال غير مستعدة لمواجهة زيادة عدد الإصابات بالفيروس. وقد توقفت السلطات الصينية عن متابعة حالات العدوى من دون أعراض، وسمحت لمعظم من يعانون من أعراض خفيفة بعزل أنفسهم في المنازل.
وقد أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية يوم الأحد توقفها عن نشر الأرقام لحالات الإصابة اليومية بـ«كوفيد - 19». بعد التشكك في دقة بياناتها، حيث أصيب الملايين بالمرض بمختلف أنحاء البلاد وظلت الحصيلة الرسمية منخفضة بشكل لافت للنظر.
وتردد أن بعض المدن الصينية سجلت إصابات يومية، تجاوزت حتى الآن الحصيلة الرسمية، مما يضاف إلى الشكوك بشأن الأرقام المقدمة من قبل اللجنة. وطبقاً لمذكرة من اجتماع داخلي للجنة الصحة الوطنية الصينية، عقد يوم الأربعاء الماضي، فإن 248 مليون شخص أو نحو 18 في المائة من السكان، ربما أصيبوا بالفيروس في الأيام الـ20 الأولى من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وأوضح هوانغ أنه من المحتمل أن تؤدي حزمة التحفيز الصينية الأخيرة لتوفير المزيد من السيولة لشركات التطوير العقاري إلى بعض التحسن الهامشي في المبيعات والأسعار. وسوف يساعد المزيد من الاستقرار في أسعار العقارات في تخفيف التأثير السلبي لانخفاض أسعار الأصول العقارية، مما يشجع الأسر على المزيد من الاستهلاك. ولكن مشكلات أخرى مثل انخفاض الطلب على المساكن ستظل تمثل عبئاً على النمو في الصين عام 2023 وما بعده.
ومن غير المحتمل أن تكون الصادرات في المستقبل القريب قاطرة النمو الاقتصادي، مما يحرم الاقتصاد مما كان دافعاً مهماً للتوسع في الربعين الثاني والثالث من هذا العام. فصادرات وواردات الصين على أساس الدولار سجلت في نوفمبر الماضي أسوأ انخفاضات منذ النصف الأول من عام 2020. وفي ضوء المستقبل المظلم للاقتصاد العالمي، من المؤكد تقريباً أن يستمر تدهور الطلب على الصادرات الصينية في عام 2023. من ناحية أخرى، من المرجح أن تزداد الواردات الصينية مع تعافي الطلب الداخلي تدريجياً. ومن ثم سوف تفقد الصادرات المزيد من قدرتها على الحفاظ على النمو في العام المقبل.
وسوف يعتمد تعافي الصين على الاستثمار والاستهلاك الداخلي. وفي حين كان الاستثمار عامل استقرار هذا العام، فالمتوقع تراجع دوره في عام 2023. فقد ساعد النمو القوي في استثمار القطاع العام، خاصة في البنية التحتية والتصنيع، في تعويض الانكماش الشديد في الاستثمار العقاري، والتراجع في استثمار القطاع الخاص. ولكن في ظل القيود المالية المشددة بالنسبة للحكومات المحلية، سوف يكون من الصعب الاعتماد على الاستثمار في البنية التحتية لإنعاش النمو.
ويختتم هوانغ تقريره بأن مجلس الوزراء الصيني كشف مؤخراً عن خطة لرفع الطلب الداخلي حتى 2035. ولكن الإجراءات المستهدفة لهذه الخطة ضئيلة للغاية. وفي المدى القصير سوف تكون هناك حاجة للمزيد من الدعم المباشر لأفراد الأسر، خاصة لأولئك الذين فقدوا وظائفهم ودخلهم أثناء الإغلاقات، وذلك من أجل تحفيز الاستهلاك. وعلى المدى الأطول، يتعين على الصين مواجهة التحديات الهيكلية الكثيرة التي تقيد الاستهلاك، بما في ذلك عدم التكافؤ في الدخل، وشبكة الحماية الاجتماعية الضعيفة، والضغط المالي.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«إنفيديا» تكثف التوظيف في الصين مع التركيز على سيارات الذكاء الاصطناعي

هاتف ذكي يحمل شعار «إنفيديا» (رويترز)
هاتف ذكي يحمل شعار «إنفيديا» (رويترز)
TT

«إنفيديا» تكثف التوظيف في الصين مع التركيز على سيارات الذكاء الاصطناعي

هاتف ذكي يحمل شعار «إنفيديا» (رويترز)
هاتف ذكي يحمل شعار «إنفيديا» (رويترز)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن شركة «إنفيديا» أضافت نحو 200 شخص في الصين هذا العام لتعزيز قدراتها البحثية والتركيز على تقنيات القيادة الذاتية الجديدة.

وعلى مدار العامين الماضيين، توسعت الشركة في البلاد ليصبح لديها الآن ما يقرب من 600 شخص في بكين، وافتتحت مؤخراً مكتباً جديداً في مركز تشونغ قوانكون التكنولوجي، حسبما ذكر التقرير نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وظفت شركة صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي نحو 29600 شخص في 36 دولة في نهاية السنة المالية 2024، وفقاً لإيداع نشرته «إنفيديا» في فبراير (شباط).

وتخضع الشركة للتحقيق في الصين بسبب الاشتباه في انتهاكها لقانون مكافحة الاحتكار في البلاد، وهو تحقيق يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه ضربة انتقامية ضد القيود الأخيرة التي فرضتها واشنطن على قطاع الرقائق الصيني، وفق «رويترز».

وشكلت الصين نحو 17 في المائة من إيرادات «إنفيديا» في العام المنتهي في نهاية يناير (كانون الثاني)، متراجعة من 26 في المائة قبل عامين.