برلين تكثف الضغط على طهران لردع قمع الاحتجاجات

(تحليل إخباري)

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول تدهور حقوق الإنسان في إيران 24 نوفمبر 2022 (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول تدهور حقوق الإنسان في إيران 24 نوفمبر 2022 (إ.ب.أ)
TT

برلين تكثف الضغط على طهران لردع قمع الاحتجاجات

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول تدهور حقوق الإنسان في إيران 24 نوفمبر 2022 (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول تدهور حقوق الإنسان في إيران 24 نوفمبر 2022 (إ.ب.أ)

خطت ألمانيا خطوة إضافية لتشديد الضغوط على إيران بسبب قمع النظام للحراك الاحتجاجي المستمر، بإعلان وزارة الاقتصاد تعليق ضمانات اقتصادية للشركات الألمانية للعمل في إيران.
ومنذ عام 2016، أي بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، اعتمدت الحكومة الألمانية على نظام ضمانات للشركات الألمانية التي تستثمر أو تدخل في عمليات تجارة بإيران. ولكن هذه الضمانات توقفت أصلاً في عام 2018، عندما خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعرضت الشركات المستثمرة في إيران لعقوبات أميركية. ومنذ 2018 وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، لم تقدم أي شركة ألمانية طلباً للحكومة بالحصول على ضمانات استثمار وتجارة مع إيران، ما يعني أن الآلية كانت معلقة أصلاً قبل أن تعلن وزارة الاقتصاد الألمانية وقف العمل بها بشكل كامل.
وتعد ألمانيا أكبر شريك تجاري أوروبي لإيران، وقد تجاوز حجم التبادل التجاري هذا العام المليار ونصف المليون يورو. ومنذ بداية التظاهرات في سبتمبر (أيلول) الماضي، لم تتأثر التجارة بين البلدين رغم الإدانات الكلامية المتكررة من طرف ألمانيا للقمع الوحشي للمتظاهرين. وبحسب وزارة الاقتصاد الألمانية، قدر حجم التبادل التجاري بين إيران وألمانيا 1.76 مليار يورو في عام 2021، فيما بلغ هذا العام بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر 1.49 مليار يورو. وتصدر ألمانيا بشكل أساسي آليات ومواد زراعية وتشتري من إيران مواد غذائية وعلف حيوانات. وفي 2021، كانت إيران الشريك التجاري رقم 73 من بين 239 لألمانيا.
ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر قرار وزارة الاقتصاد الألمانية وقف الضمانات المقدمة للشركات الألمانية العاملة في إيران على حجم هذا التبادل التجاري.
ومقابل ذلك، تبدو الحكومة الألمانية أكثر تلكؤاً بفرض عقوبات أشد على إيران، خصوصاً لجهة إدراج «الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعهدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيروبوك، بالعمل ضمن الاتحاد الأوروبي على دراسة إمكانية إضافة «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب الأوروبية.
ولكن منذ ذلك الحين، اكتفى الاتحاد الأوروبي بإضافة أسماء أعضاء في «الحرس الثوري» على القائمة السوداء، من دون حظر «الحرس الثوري» بشكل كامل. وعندما سئل المتحدث باسم الخارجية في المؤتمر الصحافي الدوري للحكومة قبل أيام، عن أين أصبحت هذه المساعي، رد بالقول إن «الخطوة يتم نقاشها على المستوى الأوروبي، وإن هناك عقبات قانونية»، مضيفاً: «ليس هناك أي تطور في هذه النقطة بالوقت الحالي». ورفض المتحدث تخمين ما إذا كان يمكن تخطي هذه العقبات القانونية في الأسابيع المقبلة، أم لا، قائلاً: «لا يمكنني التخمين، ولذلك ليس بمقدروي إعطاء مزيد من التفاصيل».
وفيما تحول الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل إلى أحد أبرز الأصوات الداعية لوقف الحوار السياسي مع إيران، والانسحاب من مفاوضات الاتفاق النووي المتوقفة أصلاً، بدأت الضغوط تزداد في الأيام الماضية من نواب داخل الأحزاب الحاكمة.
ووقع قبل 3 أيام، 43 نائباً من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم الذي ينتمي إليه المستشار أولاف شولتز، على بيان دعوا فيه الحكومة لاتخاذ خطوات إضافية لدعم المتظاهرين في إيران. ومن بين الخطوات التي حددها النواب، الضغط لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في إيران، وإضافة «الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب.
وما زالت الحكومة الألمانية متلكئة أيضاً بإغلاق مسجد هامبورغ الإسلامي المعروف بـ«المسجد الأزرق»، والذي تعده المخابرات الألمانية واحداً من أهم معاقل تجنيد النظام الإيراني، وهي تراقبه منذ سنوات. وقبل شهر، مرر البرلمان الألماني قراراً يدعو الحكومة للتشدد أكثر مع إيران، وبحث إغلاق المسجد الذي تعين طهران إمامه مباشرة. ولكن وزارة الداخلية لم تصدر قراراً بذلك بعد، رغم الأدلة التي تجمعها المخابرات الألمانية على نشاطات المركز منذ سنوات، منها جمع أموال لمنظمات مصنفة إرهابية مثل حزب الله في لبنان. وطردت ألمانيا نائب المركز في الصيف الماضي، «لتمجيده» في منظمات إرهابية (حزب الله والحوثيين)، ولكنها ما زالت مترددة بإغلاق المركز كلياً، فيما يفسره البعض تفادياً لتصعيد الأزمة أكثر مع طهران وتجنباً لقطع العلاقات بالكامل معها.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم أمس (الجمعة)، إن القضاء على الميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو «الهدف الاستراتيجي» لبلاده، ودعا أعضاء الميليشيا إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.

وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» التركية، دعا فيدان أيضاً حكام سوريا الجدد -المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة- إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب».

يذكر أن المجموعة متحالفة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لكن تركيا تعتبرها «منظمة إرهابية» وتهديداً أمنياً.

وقال فيدان «يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن... يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضاً... بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم».

وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم الفصائل المعارضة الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد.

وقال فيدان، إن «الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا».

وأضاف: «بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة».

واعتبر الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وايران، لكان «انتصار المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وكان هذا الأمر سيكون دموياً».

وأضاف: «لكنّ الروس والإيرانيين رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد يستحق الاستثمار. فضلاً عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة وكذلك الظروف في العالم لم تعد هي نفسها».

وإثر هجوم استمر أحد عشر يوما، تمكنت الفصائل السورية المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته.