الصين تسابق الزمن لتعزيز النظام الصحي وسط طفرة في إصابات «كوفيد - 19»

زيادة أعداد الجثامين في المحارق... ومساعٍ غربية لتخفيف الأزمة إن أمكن

رجل يسير بجوار صيدلية تعلق لافتة تشير إلى نفاد عقار «إيبوبروفين» المسكن والمضاد للالتهابات والذي يستخدم لتخفيف آثار «كورونا» (أ.ف.ب)
رجل يسير بجوار صيدلية تعلق لافتة تشير إلى نفاد عقار «إيبوبروفين» المسكن والمضاد للالتهابات والذي يستخدم لتخفيف آثار «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

الصين تسابق الزمن لتعزيز النظام الصحي وسط طفرة في إصابات «كوفيد - 19»

رجل يسير بجوار صيدلية تعلق لافتة تشير إلى نفاد عقار «إيبوبروفين» المسكن والمضاد للالتهابات والذي يستخدم لتخفيف آثار «كورونا» (أ.ف.ب)
رجل يسير بجوار صيدلية تعلق لافتة تشير إلى نفاد عقار «إيبوبروفين» المسكن والمضاد للالتهابات والذي يستخدم لتخفيف آثار «كورونا» (أ.ف.ب)

كشفت محارق الجثث في الصين، عن أنها تواجه صعوبات في التعامل مع زيادة في أعداد الجثامين وسط طفرة تواجهها البلاد على صعيد الإصابات بـ«كوفيد»، أقرت السلطات باستحالة تتبّعها، في الوقت الذي تسارع المدن في أنحاء الصين إلى زيادة الأسرّة بالمستشفيات وبناء مراكز طبية لفرز المصابين بالحمى.
وبدأت الصين هذا الشهر تخفيف نظام الإغلاقات والفحوص الصارم المعروف باسم سياسة «صفر كوفيد»، وذلك بعد اندلاع احتجاجات على القيود التي قللت انتشار الفيروس لثلاثة أعوام ولكن بتكلفة باهظة على المجتمع وعلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأعلنت بكين، اليوم (الثلاثاء)، 5 وفيات مرتبطة بـ«كوفيد» بعدما أعلنت حالتي وفاة أمس (الاثنين) في أول إعلان من نوعه منذ أسابيع. وسجلت الصين إجمالاً 5242 حالة وفاة مرتبطة بـ«كوفيد» منذ بدء الجائحة
في مدينة ووهان وسط البلاد أواخر 2019 وهو رقم منخفض للغاية بالمعايير العالمية.
وترزح المستشفيات تحت وطأة ضغوط كبيرة من جراء طفرة الإصابات كما تواجه الصيدليات نقصاً في الأدوية بعد قرار السلطات الصينية المفاجئ الصادر الشهر الماضي والقاضي برفع غالبية تدابير الإغلاق والحجر ووقف الفحوص المكثفة، وهي إجراءات بقيت مطبّقة نحو ثلاثة أعوام.
وأفادت صحيفة «غلوبال تايمز»، بأن العديد من مستشفيات المدن الكبرى توفر المزيد من أجهزة التهوية ومعدات الطوارئ الأخرى. ونقلت الصحيفة عن خبراء، أن هناك مخاوف كبيرة بشأن مستويات التوظيف في الهيئات الصحية، وخاصة ممرضات العناية المركزة. في الأسبوع الماضي، تم الإبلاغ عن الأطباء والممرضات الذين تم إجبارهم على العمل حتى إذا ثبتت إصابتهم.
في مدينة تشونغتشينغ التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، حضّت السلطات هذا الأسبوع السكان المصابين بـ«كوفيد» الذين يعانون من عوارض «طفيفة» على التوجه إلى العمل، وقد أبلغت محرقة للجثث وكالة الصحافة الفرنسية بأنها لم تعد قادرة على استيعاب جثث إضافية.
وقال عامل في المحرقة طالباً عدم كشف هويته، إن «عدد الجثث التي تم تسلمها في الأيام الأخيرة أكبر مرات عدة من السابق». وتابع «نحن منشغلون جداً، لم تعد هناك مساحات مبرّدة لتخزين الجثث». وأضاف «لسنا واثقين (بما إذا الأمر على صلة بـ«كوفيد»)، عليكم أن تسألوا المسؤولين».
في مدينة غوانتشو الكبرى في جنوب البلاد، أبلغت محرقة للجثث في إقليم زينغتشنغ بأن حصيلة الجثث التي يتم إحراقها تتخطى الـ30 يومياً. وقال موظف «نتسلم جثثا من أقاليم أخرى. ليس هناك من خيار آخر». وقالت محرقة أخرى في المدينة، إنها أيضاً «منشغلة للغاية».
وقال أحد الموظفين، إن «نسبة الانشغال أعلى بثلاثة أو أربعة أضعاف من السنوات السابقة، نحرق أكثر من 40 جثة في اليوم في حين كان الأمر يقتصر على نحو 12 جثة». وأشار إلى أن الأمر ينسحب على «غوانغتشو برمتها، نحن نتلقى اتصالات بشكل مستمر»، مشدداً على أنه «من الصعب معرفة» ما إذا الطفرة في عدد الجثث على صلة بـ«كوفيد».
في مدينة باودينغ في وسط البلاد، قال موظّف في محرقة للجثث في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «بالطبع نحن منشغلون، أي منشأة ليست منشغلة حالياً؟».
وأمام محرقة الجثث في مدينة دونغجياو، أفاد مراسلو الصحافة الفرنسية بمشاهدة أكثر من 12 سيارة تنتظر الدخول، غالبيتها سيارات لنقل الموتى أو حافلات جنائز بأشرطة قاتمة وباقات من الزهور.
وسُجل تأخير في الدخول إلى المحرقة، وقال أحد السائقين في مقدم الطابور لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه ينتظر منذ ساعات عدة. ولم يتّضح على الفور ما إذا الازدحام سببه طفرة الوفيات بـ«كوفيد».
وزاد وقف حملة الفحوص المكثّفة من صعوبة عملية تتبّع طفرة الإصابات بـ«كوفيد». والأسبوع الماضي، أقرت السلطات بـ«استحالة» تحديد حجم طفرة الإصابات بالوباء.
وفي سياق متصل، يتابع مسؤولون وخبراء الصحة العالميون خارج الصين بقلق ارتفاع عدد الإصابات في الصين خشية ألا تكون الدولة التي يبلغ تعدادها 1.4 مليار نسمة ملقحة بالشكل الكافي وربما لا تمتلك أدوات الرعاية الصحية اللازمة للتصدي لموجة من الإصابات المتوقع أن تتسبب في مقتل مليون شخص حتى 2023.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أمس (الاثنين)، إن احتمال تحور الفيروس مع انتشاره في الصين يشكل «تهديداً على الجميع في كل مكان».
ويسعى مسؤولون أميركيون وأوروبيون للوقوف على طريقة، إن أمكن، للمساعدة في تخفيف الأزمة التي يخشون أن تضر بالاقتصاد العالمي وتعيق سلاسل الإمدادات بصورة أكبر وتنشر متحورات جديدة من فيروس كورونا. وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، يوم الأربعاء «أوضحنا أننا مستعدون للمساعدة بأي شكل قد يجدونه مقبولاً».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».