الصومال يواصل حربه على الإرهاب... ويتهم «الشباب» بـ«تشريد المدنيين»

الجيش طرد «التنظيم» من معقل استراتيجي وسط البلاد

صومالية في مخيم نازحين خارج مقاديشو في 23 سبتمبر (رويترز)
صومالية في مخيم نازحين خارج مقاديشو في 23 سبتمبر (رويترز)
TT

الصومال يواصل حربه على الإرهاب... ويتهم «الشباب» بـ«تشريد المدنيين»

صومالية في مخيم نازحين خارج مقاديشو في 23 سبتمبر (رويترز)
صومالية في مخيم نازحين خارج مقاديشو في 23 سبتمبر (رويترز)

أعلن الجيش الصومالي عن مكاسب كبيرة خلال عملية عسكرية يخوضها في مواجهة حركة «الشباب» المتطرفة، وسط تقارير تبرز دوراً مهماً تلعبه العشائر الصومالية، المعروفة باسم «ماكاويسلي»، خلال هذه المواجهة.
ويتهم الجيش الصومالي مقاتلي «الشباب» بتبني «استراتيجية» قائمة على منع السكان من التعاون مع قواته في مواجهتهم، وذلك عبر قتل وتهديد قيادات عشائرية وتهجير المدنيين عمداً من القرى والبلدات التي استولوا عليها قبل أن تتمكن القوات الحكومية من استعادتها.
ومنذ يوليو (تموز) الماضي، يشنّ الجيش ومسلحون عشائريون عمليات عسكرية ضد «الشباب»، وأعلنت السلطات استعادة السيطرة على مناطق كثيرة ومقتل مئات من مسلحي الحركة.
وأعلن الجيش الصومالي، أمس (السبت)، استعادته قرية دار نعيم، التي كانت قاعدة استراتيجية لـ«الشباب». وقالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا)، أمس، أن «قوات الجيش الوطني قتلت نحو 50 إرهابياً، في عملية عسكرية مخططة».
كما قال مسؤولون إن عملية عسكرية أدت إلى مقتل 79 مسلحاً من «الشباب»، بينهم القيادي البارز في الحركة يوسف جنكاب، في عملية أمنية في منطقة جوحاي بإقليم شبيلي، وسط البلاد.
وقالت وزارة الإعلام، في بيان، أمس، إن الهجوم نفّذه الجيش بالتعاون مع «الشركاء الدوليين». يأتي ذلك فيما أعلنت قوات الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي أنها بمساعدة الميليشيات العشائرية، سيطرت على منطقة جديدة في إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي، وأن القوات تمكنت من الدخول إلى منطقة «الكوثر» في الإقليم، التي تجتمع فيها عناصر «حركة الشباب».
وتعهد قائد الجيش الصومالي، أودوا يوسف راغي، باستمرار العمليات العسكرية حتى يتم إجبار الحركة على الخروج من إقليم شبيلي الوسطى بأكمله.
وفي تصريحات، نقلها موقع «فويس أوف أميركا»، قال مسؤولون منخرطون في العملية العسكرية إنهم لدى وصولهم بعض المدن والقرى التي تم انتزاع السيطرة عليها، وجدوها فارغة من السكان بأوامر من «حركة الشباب» التي تقوم أيضاً بخطف بعض أفراد من العائلات، عقاباً لهم على انضمام بعض أفرادهم إلى قوات العشائر وقوات الجيش الصومالي.
ورأى الخبير في الشؤون الأفريقية، صلاح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن العملية العسكرية الحالية ضد «الشباب» حققت اختراقات حاسمة، حيث استسلم عدد كبير من قيادات الحركة، وعقدت معهم الحكومة حواراً معهم، استقت خلاله معلومات حاسمة استراتيجياً للقضاء على نفوذ الجماعة.
وبحسب خليل، «شكّل التقارب مع زعماء العشائر الكارهين لـ(حركة الشباب) بسبب (الجزية) التي كانوا يفرضونها عليهم والضرائب والتنافس معهم في النشاط التجاري، ضربات مهمة للحركة ومصادر تمويلها واقتصادياتها». وأضاف خليل أن «القوات العشائرية خبرات ميدانية قتالية مهمة وحاسمة في هذه المعارك، بسبب معرفتهم الكبيرة بعناصر الحركة وتداخلهم السابق معها في كثير من الأنشطة». ويرى خليل أن تلك الإخلاءات تعد «تكتيكاً مؤقتاً للانسحاب وإعادة التموضع»، كما أن الحركة تحاول بذلك منع متطوعين من الانضمام إلى قوات الجيش.
ويتوقع خليل أنه في ظل الهزائم التي تتعرض لها حركة الشباب الآن، فإنها قد تعمد إلى شنّ هجمات انتحارية في وسط الصومال وفي الخارج بدول الجوار، مثل تنزانيا وكينيا، وكذلك في موزمبيق، بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية الأخرى المؤيدة لها، بهدف «ردّ الاعتبار وعدم الظهور كطرف مهزوم».
ورأى رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تشكيل الحكومة الصومالية الذي تأخر لسنوات، وزيادة دعمها لـ«ميليشيات العشائر المحلية»، يمثل عوامل مهمة في بلورة انتفاضة قوية ضد «حركة الشباب»، مشيراً إلى «ما يتحقق من انتصارات ومكاسب على الأرض، يعود لخلافات وانشقاقات داخل الحركة». وقال زهدي إن «هناك نجاحات تحققها العملية الحالية، لكنها لا تزال في (مرحلة الكر والفر)، فالجماعة رغم انسحابها من مناطق في الوسط والشرق تحقق تقدماً في الجنوب».
وأشار زهدي إلى أن الحركة «ستعتمد على أساليب الترهيب للقبائل وزعمائها، من خلال عقوبات قاسية على أفراد وقيادات قبلية يسكنون في مناطق نفوذها، للحد من انضمام الأفراد والعشائر إلى قوات الحكومة المركزية».


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.