إردوغان يهاجم المعارضة... وينتقد محاولة «تسييس» الحكم على إمام أوغلو

اليونان توعدت بـ«رد قاسٍ» حال المساس بسيادتها في بحر إيجه

متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
TT

إردوغان يهاجم المعارضة... وينتقد محاولة «تسييس» الحكم على إمام أوغلو

متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)

في أول تعليق له على الحكم الصادر بحبس رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، أكرم إمام أوغلو، سنتين و7 أشهر و15 يوماً، وحظر نشاطه السياسي، هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المعارضة، ووصفها بـ«الفاشية»، لاعتراضها على قرار المحكمة واعتباره «قراراً مسيّساً».
في الوقت ذاته، ردّت اليونان على تهديدات إردوغان الأسبوع الماضي بضرب أثينا بالصواريخ الباليستية، حال استمرت فيما سماه «تسليح» جزر ذات وضع غير عسكري في بحر إيجه. وأكد الجيش اليوناني أن الرد على أي محاولة للمساس بسيادة البلاد سيكون «قاسياً».
وقال إردوغان، أمام تجمع لأنصار حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة ماردين جنوب البلاد، السبت، إن الحكم الصادر بحق رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو هو «حكم ابتدائي لم يتم حسمه بعد، وستتم إحالته لمحكمة الاستئناف والمحكمة العليا (النقض). وإذا كان هناك نقص في القرار سيتم تعديله»؛ مشيراً إلى أنه لم يتم فرض أي حظر سياسي. وأضاف إردوغان أنه لا علاقة للمسألة بالجدل السياسي؛ بل بإهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.
وهاجم أحزاب المعارضة، قائلاً: «لسوء الحظ، نتعامل منذ فترة طويلة مع أنواع من ممثلي العقلية التي خلَّفتها فاشية الحزب الواحد التي لا تستطيع عمل شيء إلا الكذب والافتراء والتشويه».
وتابع إردوغان: «تلك العقلية الفاشية نفسها تقف وراء العاصفة التي فجرها قرار محكمة في الأيام الأخيرة... في الواقع النقاش لا علاقة له بي أو بأمتنا... المسألة كلها عبارة عن إدانة شخص بتهمة إهانة هيئة قضائية (المجلس الأعلى للانتخابات)... لا يوجد سجال أو صراع على خدمة الناس... عندما ننظر إلى ما قيل بعد قرار المحكمة، نضحك من جهة ونحزن من جهة أخرى... أنا لا أصدر الأحكام... أنا لا أقول، الدستور هو الذي يقول».
واستطرد: «وفقاً لدستورنا، يؤدي القضاة واجباتهم بشكل مستقل. لست أنا الذي يقول، وإنما المادة 138 من الدستور هي التي تقول... ليس مفروضاً أن نحب أو نقبل كل قرار، فهناك عديد من قرارات المحاكم التي انتقدناها؛ لكن هذا لا يعطي أي شخص الحق في إهانة القضاة وعدم الاعتراف بقرار المحكمة... قضينا حياتنا في النضال ضد المحظورات... وجدنا الحل دائماً في اللجوء إلى الشعب، وجدناه في الإرادة الوطنية».

احتجاجات حاشدة
وقضت محكمة جنائية في إسطنبول، الأربعاء الماضي، على رئيس بلدية المدينة الأكبر في تركيا، أكرم إمام أوغلو (52 عاماً)، بالحبس سنتين و7 أشهر و15 يوماً، وفرض حظر على نشاطه السياسي، لإدانته بإهانة الرئيس السابق للمجلس الأعلى للانتخابات، سعدي جوفان، و10 من أعضاء المجلس، بوصفهم بـ«الحمقى» في بيان أصدره عقب قرار إلغاء نتيجة الانتخابات المحلية في إسطنبول وحدها من بين بقية الولايات التركية، بعد أن فاز بها في 31 مارس (آذار) 2019. وأعيدت الانتخابات في 24 يونيو (حزيران) من العام ذاته، ليكرر إمام أوغلو فوزه على منافسه مرشح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، بفارق ساحق بلغ 800 ألف صوت.
وشهدت إسطنبول تجمعات حاشدة، شارك فيها مئات الآلاف على مدى يومي الأربعاء والخميس، إضافة إلى قادة 6 أحزاب المعارضة، دعماً لإمام أوغلو. واعتبر قرار المحكمة انتهاكاً للديمقراطية. وقالت المعارضة إنه صدر بتوجيه سياسي من حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان. كما قوبل بانتقادات حادة من جانب حلفاء تركيا الغربيين.
وأعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، الجمعة، أنه تقدم بالتماس إلى المحكمة لإلغاء الحكم الابتدائي الصادر ضد إمام أوغلو، بسبب وجود بعض الأخطاء والقصور في الحكم، ومخالفته للإجراءات والقانون.
وكرر إردوغان هجومه على أحزاب «طاولة الستة» (الشعب الجمهوري، والجيد، والديمقراطية والتقدم، والمستقبل، والسعادة، والديمقراطي) بسبب عدم إعلان اسم المرشح المنافس له في الانتخابات الرئاسية المقررة مع الانتخابات البرلمانية في 18 يونيو المقبل. وقال إن «المعارضة التي تسمي نفسها (طاولة الستة)؛ لكن عددها غير واضح، يحاول كل شخص يجلس عليها استغلال قرار المحكمة لقلب الطاولة علينا لصالحه، فكل منهم له حساباته الخاصة». وأضاف: «أكرر مرة أخرى من ماردين: تحالف الشعب (يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية) أعلن عن مرشحه لانتخابات الرئاسة (إردوغان)، وهو يتحدث في الساحات... يجب أن يخرج قادة (الطاولة) الذين لا يملكون سوى التجمع والتفرق بأجندة خالية ليعلنوا اسم مرشحهم إذا كانت لديهم الجرأة والقدرة على ذلك... دعونا نعرف من سنقاتل».

غضب يوناني
على صعيد آخر، ردت اليونان على تهديد أطلقه إردوغان الأسبوع الماضي بضرب أثينا بصاروخ «تايفون» الباليستي، محلي الصنع، حال واصلت تسليح جزر ذات وضع غير عسكري في بحر إيجه، مؤكدة أن ردها سيكون قاسياً على أي محاولة لتحدي سيادتها على الجزر. وجاء الرد اليوناني على لسان رئيس أركان الجيش، الجنرال كونستانتينوس فلوروس، السبت، في ختام تمرين عسكري أجري في كافالا شمال البلاد، حضره السفير الأميركي في أثينا، جورج تسونيس. وقال إن «رد فعلنا على أي محاولة لتحدي السيادة اليونانية سيكون قاسياً».
وأضاف، حسبما نقلت وسائل إعلام تركية: «نحن نستعد لجميع السيناريوهات، ولدينا خطة للرد على كل سيناريو... اليونان خصم قوي وردها سيكون قاسياً عن الضرورة. والجميع يعرف ذلك؛ الأصدقاء والشركاء والحلفاء وأولئك الذين يعتبرون أنفسهم خصوماً لنا». وتابع: «لا نخاف من أحد... نحن نحترم الجميع، ونتوقع الاحترام من الجميع».
والأحد الماضي، قال إردوغان: «إذا لم تهدأ اليونان، وتتوقف عن الاستفزازات، فإن الطائرات الحربية والمُسيَّرات التركية المسلحة ستضرب أثينا. أصبحنا ننتج صواريخنا بأنفسنا، وهذا أمر يخيف اليونان، فعندما تتحدث عن صاروخ (تايفون) تشعر اليونان بالخوف، وتقول إنه يستطيع ضرب أثينا... يقولون إنه سيضرب أثينا... نعم بالطبع سيضربها، إذا لم تلتزموا الهدوء، إذا حاولتم إرسال أسلحة تحصلون عليها من الولايات المتحدة إلى الجزر (في بحر إيجه) فإن دولة مثل تركيا من المؤكد ألا تقف ساكنة... يجب عليها أن تفعل شيئاً».
بدوره، قال السفير الأميركي في أثينا، في كلمة خلال حفل ختام التمرين العسكري، إن «هناك تحديات إقليمية، واليونان حليف موثوق به نريد العمل معه من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة».
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن طائرات حربية تابعة للجيش نفذت، الجمعة، طلعات تدريبية في المجال الجوي الدولي فوق بحر إيجه. وأشارت في بيان إلى أن طائرات مقاتلة ومساندة تابعة لقيادة القوات الجوية أقلعت من قواعد مختلفة، لإجراء مهمة تدريبية في المجال الجوي الدولي فوق بحر إيجه.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت يتعرض لهجوم سيبراني

نفتالي بينيت (رويترز)
نفتالي بينيت (رويترز)
TT

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت يتعرض لهجوم سيبراني

نفتالي بينيت (رويترز)
نفتالي بينيت (رويترز)

أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، المرشّح لخلافة بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة، الأربعاء، بأن حسابه على «تلغرام» تعرّض لهجوم سيبراني، بعدما أعلن قراصنة معلوماتية أنهم اخترقوا هاتفه.

وقال بينيت في بيان إن «القضيّة قيد المعالجة من قبل الجهاز الأمني... وبعد تدقيقات إضافية، تبيّن أن هاتفي لم يتعرّض للقرصنة لكن تمّ النفاذ إلى حسابي على (تلغرام) بطرق مختلفة».

وأضاف بينيت الذي تولّى رئاسة الوزراء بين يونيو (حزيران) 2021 ويونيو 2022: «تمّ نشر محتويات سجلّي وعدّة صور ومحادثات».

والأربعاء، نشرت مراسلات وتسجيلات مصوّرة وصور قيل إنها أخذت من هاتف بينيت على حساب لقراصنة معلوماتية تحت اسم «حنظلة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

وأجرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليسارية تحقيقات أظهرت أن العديد من أرقام الهواتف حقيقية وعائدة لمسؤولين رفيعي المستوى في إسرائيل والخارج من جهاز الأمن وقادة أجانب، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويؤكد قراصنة المعلوماتية أنهم استهدفوا بينيت في هجوم سيبراني تحت اسم «عملية أخطبوطية». وكتبوا في منشور على حسابهم في «إكس»: «عزيزي نفتالي بينيت، قلت بفخر إنك قدوة يقتدى بها في مجال الأمن السيبراني، مستعرضاً مهاراتك أمام العالم أجمع... ويا لها من مفارقة أن يقع هاتفك الشخصي من طراز آيفون 13 بهذه السهولة بين يدي (حنظلة)».

ونشرت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية أسماء جهات اتصال تمّ الحصول عليها من حساب بينيت على «تلغرام»، من دون القول ما إذا كان القراصنة على علاقة بطهران، كما ورد في الإعلام الإسرائيلي.

وقال بينيت في بيانه: «لن يوفّر أعداء إسرائيل جهداً لمنعي من العودة إلى رئاسة الوزراء. لكنهم لن يفلحوا. فلا أحد سيمنعني من التحرّك والنضال من أجل إسرائيل، دولة وشعباً»؛ من دون الإشارة إلى إيران.

وحرم نفتالي بينيت، الوجه البارز في أوساط اليمين الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو من رئاسة الوزراء في يونيو 2021 عبر تشكيل ائتلاف واسع ضمّ للمرّة الأولى في تاريخ إسرائيل حزباً عربياً.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نفتالي بينيت الذي أعلن اعتزاله السياسة في 2022 هو المرشّح الأوفر حظّاً للتغلّب على نتنياهو في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2026.


رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
TT

رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي، محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية، و«إضعافها» في مواجهة إسرائيل.

وقال بزشكيان خلال لقاء مع مجموعة من الشخصيات البارزة، والنخب السياسية في إيران، مساء الأربعاء، إن بلاده تسعى إلى السلام، والاستقرار الإقليمي، والتفاعل مع جيرانها، لكنها لن تخضع للإكراه «المهين».

وأضاف: «تفاوضنا مع أميركا، وكنا على استعداد للتوصل إلى اتفاق، لكنهم نقضوا الاتفاق بالحرب. والآن، يقترحون شروطاً مهينة لمواصلة المفاوضات، وهو أمر نرفضه رفضاً قاطعاً؛ لن نرضى بالإذلال، ولن نقبل بإيران ضعيفة، ومجزأة».

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) الماضي هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، إضافة إلى العديد من المسؤولين، والعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف ثلاثة مواقع نووية داخل إيران.

جانب من تشييع قادة عسكريين وعلماء إيرانيين قُتلوا في هجمات إسرائيلية بطهران 28 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع التي استهدفتها الضربات، منتقدةً امتناع الوكالة عن إدانة تلك الهجمات. كما ربط قانون أقره البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بالحصول على موافقات من مجلس الأمن القومي، الذي تطلبت قراراته مصادقة المرشد علي خامنئي.

وأكد بزشكيان أن إيران لا تسعى إلى صراع، مضيفاً: «صرحنا مراراً وتكراراً بأننا لا نسعى إلى صنع القنبلة الذرية، ومستعدون لأي عملية تَحقُّق، لكن الطرف الآخر يسعى للقضاء على كل مقومات قوة إيران، وإضعافها في مواجهة الكيان الصهيوني. نحن نسعى إلى السلام، لكننا لن نقبل بالهيمنة».

الشروط الأميركية

كانت واشنطن قد وضعت شروطاً لاستئناف المحادثات مع إيران، منها عدم تخصيب اليورانيوم نهائياً، وفرض قيود على برنامجها الصاروخي. ورفضت طهران هذه الشروط معتبرة إياها «انتهاكاً غير مقبول لسيادتها».

وعقدت إيران خمس جولات من المحادثات حول بديل للاتفاق النووي المبرم عام 2015 قبل الغارات الجوية الأميركية-الإسرائيلية على البلاد ومنشآتها النووية في منتصف يونيو.

ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في أكثر من مناسبة إلى عدم اقتصار أي اتفاق مستقبلي مع إيران على أنشطتها النووية، وحسب، بل يجب أن يشمل أيضاً برنامجها للصواريخ الباليستية. وقد رفضت طهران هذا الطلب، وأصرت على أن قدراتها العسكرية غير قابلة للتفاوض.

وفي 28 أغسطس (آب)، قامت الترويكا الأوروبية بتفعيل «آلية العودة السريعة» (سناب باك) لاستعادة عقوبات الأمم المتحدة، والتي كانت قد رُفعت في إطار اتفاق عام 2015، مما زاد من تعقيد الجهود الدبلوماسية.

دعوة إلى «الوحدة»

وخلال لقاء عقده، الخميس، مع مجموعة من النشطاء الثقافيين بمحافظة خراسان بجنوب البلاد، دعا الرئيس الإيراني إلى التكاتف، والوحدة في مواجهة الصعاب، والمشكلات.

وقال: «لو كانت المجتمعات الإسلامية متحدة، ونبذت الخلافات، والصراعات، لما أقدمت إسرائيل على اقتراف كل هذه الفظاعات والجرائم في بلدان المنطقة».

وأكد: «إن اتحدنا ونحينا الخلافات جانباً، فلن يقدر أحد على إلحاق الهزيمة بنا».

متحدث الحرس الثوري

وعن الحرب التي استمرت 12 يوماً خلال شهر يونيو الماضي، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني إن طهران كانت لديها «قاعدة بيانات استخباراتية كاملة» حول الأهداف الإسرائيلية مكنتها من توجيه ضربات انتقامية دقيقة.

الدفاعات الجوية الإسرائيلية تسعى للتصدي لهجمات صاروخية إيرانية في سماء تل أبيب يوم 21 يونيو 2025 (أ.ب)

وأضاف في تصريحات أدلى بها، الأربعاء، أن إيران دمرت 47 مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً، وعدداً من المراكز العلمية والتكنولوجية، ومحطتين لتوليد الطاقة، «بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها من داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل».

واستطرد قائلاً: «نحو 80 في المائة من عمليات إيران في حرب الـ12 يوماً اعتمدت على المعلومات الاستخباراتية التي جُمعت في السنوات السابقة».

وقال إنه كلما ضربت إسرائيل هدفاً «ردت إيران بضرب مبنى لنفس الغرض... ولم ينحرف صاروخ واحد عن مساره بفضل الاستخبارات الإيرانية».

عراقجي وزيارة روسيا

ووسط تصاعد الجدل بشأن مستقبل التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، واستمرار الخلافات حول الاتفاق النووي، بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زيارة إلى موسكو، الثلاثاء، حيث أكد ونظيره الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إلى اليمين) مصافحاً نظيره الإيراني عباس عراقجي بعد مؤتمر صحافي في موسكو يوم الأربعاء (أ.ب)

وفي اليوم التالي من وصوله، وقَّع الطرفان اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين، وتكرّس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة المبرمة بين الطرفين التي دخلت حيز التنفيذ بعد المصادقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكتب عراقجي في تدوينة على منصة «إكس»، الخميس: «بناءً على معاهدة الشراكة الاستراتيجية بيننا، اتفقت وزارتا خارجية إيران وروسيا على خريطة طريق مدتها ثلاث سنوات لتنظيم ورفع مستوى التعاون والتنسيق بيننا».

وأضاف: «إن التعاون الوثيق بين موسكو وطهران سيتيح اتخاذ إجراءات أقوى في وجه العقوبات الغربية غير المشروعة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم مشاريع البنية التحتية، ومنع الإجراءات غير القانونية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

وكان عراقجي قد قال، الأربعاء، إن إيران وروسيا اتفقتا خلال المحادثات على برنامج عمل لتطوير العلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين «تزداد قرباً وترابطاً يوماً بعد يوم».

وقال لافروف إن لإيران الحق في تخصيب اليورانيوم «سلمياً»، في حين أعلن عراقجي أن طهران ستواصل التخصيب رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية.


تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
TT

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

حذرت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها الأساسي، من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً في الوقت نفسه أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً.

وبينما أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة تفتيشاً على وحدات عسكرية على الحدود مع سوريا، قال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إن على «تنظيم الوحدات الكردية - قسد (الإرهابي)» أن يدرك أن صبرنا قد نفد.

وأضاف فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية الخميس، أنه «يجب على قسد الالتزام بالاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، من دون تأخير».

تغليب الحوار

وقال فيدان: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من خلال الحوار».

فيدان وبراك بحثا التطورات السورية وتنفيذ اتفاق اندماج «قسد» بالجيش السوري في أنقرة يوم الثلاثاء (الخارجية التركية)

وبحث فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا، توم برّاك، الثلاثاء، المستجدات المتعلقة بها بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، والخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدتها.

وقالت مصادر تركية إن المباحثات ركزت بشكل أساسي «على تنفيذ الاتفاق الموقَّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، بشأن اندماجها في الجيش السوري، وهو الاتفاق الذي ينبغي أن يتم الانتهاء من تنفيذه بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق اندماجها في الجيش السوري بدمشق 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

واتهم فيدان «قسد»، مراراً، بالتهرب من تنفيذ اتفاق الاندماج بتشجيع من إسرائيل، مشدداً على «ضرورة حل نفسها ومغادرة عناصرها الأجانب، الأراضي السورية».

وقال، خلال المقابلة التلفزيونية: «لن نسمح للإرهاب بعرقلة مسيرة سوريا»، مضيفاً أن تركيا، إلى جانب الولايات المتحدة ودول إقليمية، تسعى لتحقيق هدف مشترك ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ويجب ألا نسمح أبداً لأي عنصر إرهابي بعرقلة مسيرة الشعب والدولة السورية نحو التعافي».

تعاون في مواجهة «داعش»

وأكد فيدان أهمية التعاون بين تركيا ودول المنطقة في مكافحة تنظيم «داعش»، وأنه يمكن مواجهة «داعش» ما دام التعاون مستمراً.

وأشار إلى أن التعاون الإقليمي تحقق مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا وتعزيز إدارة دمشق، مضيفاً: «ما دامت وُجدت آلية للتعاون، يمكننا مواجهة خطر (داعش)».

وأنشأت تركيا والحكومة السورية، مؤخرًا، مكتباً للعمليات العسكرية المشتركة يركز على التنسيق ودعم دمشق في التصدي لأنشطة «داعش».

وقال فيدان إن تركيا اكتسبت خبرة واسعة في مجال مكافحة الإرهاب على مدى السنوات الأربعين الماضية، وأن جهودها ضد «حزب العمال الكردستاني» وغيره من «التنظيمات الإرهابية» أسهمت أيضاً في تأسيس بنية تحتية قوية لمواجهة خطر «داعش» في المنطقة.

وزراء خارجية ودفاع وأجهزة مخابرات تركيا والأردن والعراق ولبنان وسوريا خلال اجتماع في عمان 9 مارس الماضي لبحث التعاون الإقليمي لمكافحة «داعش» (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، خلال إفادة أسبوعية، الخميس، إن تركيا تتابع من كثب جهود الحكومة السورية لإعادة الاستقرار والأمن، وتلتزم بالحفاظ على تعاون وثيق معها.

وأضاف، رداً على سؤال بشأن اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، قائلاً: «يُعدّ استقرار سوريا وأمنها أمرين مهمين لسلام المنطقة، وفي هذا الصدد، تدعم تركيا مبدأ (دولة واحدة، جيش واحد) في سوريا، وننسّق مع نظرائنا السوريين في هذا الشأن ونتابع العملية من كثب».

تفتيش على الحدود

وبينما تتابعت تصريحات المسؤولين الأتراك حول اتفاق «قسد» والحكومة السورية، مع تأكيد عدم الرغبة في اللجوء إلى العمل العسكري مجدداً، أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة، تفتيشاً على الوحدات العسكرية في قيادة الجيش الثاني في ملاطيا (شرق)، ومركز القيادة الرئيسي للفيلق السادس في ولاية كيليس المحاذية للحدود السورية.

جاء ذلك بعد أيام من زيارة بيرقدار أوغلو سوريا، يومَي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) ولقائه الرئيس أحمد الشرع ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي نور الدين النعسان، وتفقده مركز العمليات المشتركة في دمشق، والتي أعقبتها زيارة مماثلة لقائد القوات البرية التركي، متين توكال.

جاءت الزيارتان وسط أنباء عن إرسال تركيا تعزيزات إلى شمال سوريا ورفع درجة استعداد قواتها المنتشرة على الحدود السورية في ظل احتمالات بشن عملية عسكرية ضد «قسد» ما لم تنفذ اتفاق الاندماج.

لكنَّ وزارة الدفاع التركية أكدت أن التحركات كانت روتينية، نافيةً الاستعداد لعملية عسكرية ضد «قسد».