أمسية حوارية عن سيرة شاعر الحداثة السعودي محمد العلي

على هامش معرض جدة للكتاب

جانب من الحضور في معرض الكتاب بجدة (واس)  -  شاعر الحداثة السعودية محمد العلي
جانب من الحضور في معرض الكتاب بجدة (واس) - شاعر الحداثة السعودية محمد العلي
TT

أمسية حوارية عن سيرة شاعر الحداثة السعودي محمد العلي

جانب من الحضور في معرض الكتاب بجدة (واس)  -  شاعر الحداثة السعودية محمد العلي
جانب من الحضور في معرض الكتاب بجدة (واس) - شاعر الحداثة السعودية محمد العلي

ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض جدة للكتاب، أُقيمت مساء أمس (الجمعة)، أمسية حوارية عن التجربة الشعرية للشاعر السعودي محمد العلي، شارك فيها الدكتور حسن مدن (البحرين)، والباحث السعودي حسين بافقيه، والدكتور أحمد الهلالي الأستاذ بجامعة الطائف، والناقد والشاعر محمد الحرز، وأدارتها الدكتورة ريم الفواز.
الندوة شهدت حضوراً مميزاً، وقدمت قراءة للسيرة الفكرية والشعرية لشاعر الحداثة السعودية محمد العلي الذي تمّ تكريمه مساء الأربعاء لحصوله على جائزة الأمير عبد الله الفيصل للشعر العربي، حيث فاز بجائزة التجربة الشعرية.
ويمثل الشاعر محمد العلي رمزاً للحداثة الشعرية في السعودية، وأحد أهم الرواد للتجربة الشعرية الحديثة التي شقّت طريقها ببطء في المشهد الأدبي السعودي. وقد وُلد محمد العلي في قرية العمران بالأحساء في عام 1932، وبدأ حياته العلمية والأدبية في النجف بالعراق حيث درس فيها علوم القرآن وتعلم في المعاهد الدينية، وأسهم في تأسيس الكثير من الجماعات والرابطات الأدبية في بغداد والنجف، قبل أن يقترن بتجربة الأدب الحديث في العراق، فقد عاصر تجربة بدر شاكر السياب في العراق، وحفظ عن ظهر قلب ديوانه «شناشيل بنت الشلبي»، وصدر له الكثير من المؤلفات، من أبرزها ديوان «لا ماء في الماء»، وكتاب «حلقات أولمبية: مقالات في قضايا التنوير والحداثة».
في حفل تكريمه بجائزة الأمير عبد الله الفيصل وجّه الشاعر محمد العلي كلمة، ألقاها نجله هادي محمد العلي، قال فيها: «إن مجهودي الفكري والشعري المتواضع صارع من أجل الوحدة الوطنية التي نعتز جميعاً بإنجازاتها، إلى جانب محاولاتي أن أقدم أنموذجاً شعرياً حداثياً، لإثراء الوعي والمسؤولية لدى الفرد والمجتمع».
وأضاف: «ربما من نافلة القول أن نذكر في هذه المناسبة، الشعر الحر، وقصيدة النثر التي أصبحت أكثر نضجاً، وأكثر عطاء وتقبلاً في الساحة الثقافية، ذلك لأنها توفر مساحة إضافية لتعميق المفاهيم الحداثية والعلمية وثورة التغيير التي تبقى المحرك الأساسي للحياة».
وقال: «إن الشعر لا يزال ينبض في جميع بلداننا، ويحاول أن يجد له مكاناً لترسيخ المفاهيم الجمالية والإبداعية والثقافية، فالشعر الجميل واللغة الشعرية لا تموت. إن التجربة الشعرية تجربة تنويرية حداثية، لها أن تضيء الطريق لهذا المجتمع، ليكون أكثر عطاءً وإنتاجاً وحباً لهذه الأرض».
وخلال ندوة التجربة الشعرية لمحمد العلي، تناول الباحث البحريني الدكتور حسن مدن، المساهمات الفكرية لمحمد العلي، انطلاقاً من قراءات لبعض مقالاته التي وقفت عند محاور مهمة في الفكر العربي الراهن، وتتوقف عند تجربة العلي في توظيف فن المقال، الذي «جاء عنده في صورة زاوية صحافية قصيرة، تتناول قضايا فكرية راهنة تشكل هماً وهاجساً عند المشتغلين بالفكر في عالمنا العربي، ومنطلقاً من الواقع الملموس في بلده، المملكة العربية السعودية، وفي منطقة الخليج عامة».
كما أشار الدكتور مدن في المداخلة إلى مكانة محمد العلي، ليس كأديب وشاعر مرموق وأحد أبرز رواد الحركة الأدبية والشعرية في السعودية فقط، وإنما أيضاً عند كونه واحداً من أهم كتّاب المقالة في بلده والمنطقة.
الدكتور مدن تناول أيضاً جانباً من الاشتغال بالقضايا الفكرية لدى محمد العلي سواء في مقالاته، أو في أوراق عمل أو محاضرات قدّمها في منتديات وملتقيات ثقافية في السعودية، حيث «بدا العلي في هذا التناول مساجلاً عنيداً للآراء والأفكار المتداولة في المشهد الثقافي والفكري العربي، من أسماء بارزة فيه، وحتى لأطروحات راجت عالمياً مثل نهاية الآيديولوجيا أو نهاية التاريخ التي طرحها فوكوياما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي».
وعدَّد الدكتور جانباً من تلك القضايا والتي كان العلي قد تناولها، من بينها: دور المثقف، ومفهوم التاريخ، والموقف من الحداثة، ومسألة الأمن الفكري.
ويضيف: «في موضوع دور المثقف يساجل محمد العلي مع ما طرحه علي حرب حول أن المهمة الأولى للمثقف الآن ليست الانخراط في مشاريع التغيير الاجتماعي، لأن العالم يتغير على نحو سريع بخلاف نماذج المثقفين ومثالاتهم، بل هو يتغير على نحو يفاجئهم بمعنى أن المجتمع الذي يريدون تغييره متقدم عليهم، ولذا فإن المهمة الآن أن يتحولوا عما هم عليه، بتحويل عقولهم لكي يلحقوا بسواهم بحيث يغيّروا أولاً شبكاتهم المفهومية التي باتت قاصرة عن قراءة وقائع العصر».
وهنا يتساءل محمد العلي: «لكن ما الذي ألغيه من ذاكرتي؟ هل ألغي مفهوم التغيير الذي يعني صعود المجتمع في سلم التطور درجة بعد أخرى وبلا نهاية؟ (...) هل ألغي مفهوم المثقف نفسه؟»... ولا يضطر العلي لتقديم، أو حتى محاولة تقديم أجوبة عن هذا السؤال، أو الأسئلة التي يطرحها، ذلك أن الوعاء الذي حوى هذا السجال هو مقال قصير، ولكنه يُشعر القارئ بأن الصيغة التي يمكن وصفها بـ«الاستنكارية» التي صاغ بها أسئلته تحمل أو تنطوي على إجابة تفنيدية لما يطرحه حرب، كأن العلي هنا يؤكد أن للمثقف دوراً في الحياة والمجتمع يجب ألا يتخلى عنه.
كما توقف الدكتور حسن مدن عند مفهوم محمد العلي للحداثة، حيث تحاشى المنزلق الذي وقع فيه آخرون حين حصروا حديثهم عن هذه الحداثة في الجانب الأدبي، بالتركيز على التجارب الشعرية والسردية والدراسات النقدية، لينظر إلى هذه الحداثة بوصفها مشروعاً فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً اشتمل في حركته على قيم التنوير كالعقلانية وحرية الفكر والضمير والتفكير والإبداع والتقدم وقيم العدالة الاجتماعية، والمساواة، والرفع من مكانة المرأة.

- «لا ماء في الماء»
الدكتور أحمد الهلالي الأستاذ بجامعة الطائف، قدم قراءة في ديوان محمد العلي «لا ماء في الماء»، قال فيها إن الشاعر محمد العلي مُقلٌّ في الشعر، واعترف بذلك في لقاء تلفزيوني، متحدثاً عن حضوره في الكتابة أكثر من حضوره في الشعر، قائلاً: «يبدو لي أن سبب إقلالي من الشعر هو لأني لا أستطيع أن أكتب إلا بالانفعال، وشعري ليس ذهنياً، بل انفعالي، وتمتنع الكتابة الشعرية إذا لم أنفعل. الشعر هو اندهاش، فإذا لم تصل الدهشة إليك فهذا ليس شعراً».
لمحمد العلي ديوانان: الأول «لا ماء في الماء»، الصادر عن أدبي المنطقة الشرقية 2009، ويضم قصائد الشاعر منذ 1945 - 2009 بأشكالها الشعرية المختلفة من الشعر العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر.
والآخر ديوان «لا أحد في البيت»، الذي صدر في احتفاء جمعية الثقافة والفنون في الدمام بمحمد العلي 2015، ويضم عدداً من قصائد الشاعر.
ويرى الدكتور الهلالي أن الديوان الثاني الذي جمعه أحمد العلي (محرّف) وقد صرح جامعه أحمد العلي في افتتاحية الديوان: «مزّقتُ أكثر النصوص كالأقمشة... كسرتُ أسطراً ويتّمتُ أبياتاً، وأبكيتُ الخليل، ليس لأني عاندته، أنا لا أكرهه، أبداً، بل تجاهلته...»، ويقول الهلالي: «ولأن ديوان (لا أحد في البيت) محرَّف، وبعض نصوصه منشورة في ديوان (لا ماء في الماء)، والثمانية عشر نصاً التي اختلفت عمّا في الديوان الأول أوردها أحمد العلي مجتزأة أو محرَّرة (كما يقول)... فهو لا يفيد ما أنا بصدده من تأمل ومحاولة تحليل تجربة الشاعر، ما دام جامعه سوّغ لنفسه أن يعبث بمحتواه الأصلي، لذلك اقتصرت مطالعتي على الديوان الأول فقط».
ويضيف الدكتور الهلالي: «قارئ ديوان (لا ماء في الماء) يجد ذاته أمام تجربتين، فالشكل الشعري للنصوص أصبح ثيمة تمثل مرحلة مخصوصة للذات الشعرية:
الأولى للشاعر محمد العلي المنغمس في النسق التقليدي العام... والأخرى مرحلة اليقظة، ومحمد العلي يرتدي عباءته الجديدة، عباءة عصرية، تقدم الصورة الجديدة للشاعر الحداثي، الصورة التي اختلفت رؤيتها للعالم، وللواقع، فكان تغير الشكل الشعري من القصيدة البيتية إلى قصيدة التفعيلة وبعض قصائد النثر، يرسم ثيمة دالة على ذلك التغيير».
وحول الشكل الشعري يرصد الدكتور الهلالي ثلاثة تواريخ مهمة في تجربة العلي: سنة 1954 حيث أنتج أول قصيدة بيتية مدونة في ديوانه، وكانت بعنوان «طرقة»، وسنة 1967 مع أول قصيدة من التفعيلة، وكان عنوانها «العيد والخليج»، وسنة 1976 مع أول قصيدة نثر مثبتة في الديوان بعنوان «سراب».
ويكمل الهلالي: «في مفارقات الشكل فإن الشاعر بعد هجرانه للقصيدة البيتية، عاد إليها عام 1992م، وكتب قصيدة بعنوان (جد يقظان) إلى روح صديقه مصطفى جمال الدين، ورثاه أيضاً بقصيدة بيتية بعنوان (نافذة سوداء) عام 1998م، وهذا هو العَوْد الوحيد إلى القصيدة البيتية في تجربة العلي المثبتة في ديوانه».
يمضي الدكتور الهلالي للقول: «محمد العلي وفيٌّ لأصدقائه المقربين، فكما رأينا وفاءه لصديقه مصطفى جمال الدين، أيضاً كان وفياً لأصدقائه الذين يقاسمونه الهم، فقد كتب قصيدة إلى صديقيه الشاعر الراحل علي الدميني، والأديب جبير المليحان بعنوان (تذكر) وسماهما الضفتين في إهدائه».
وأهدى نصاً بعنوان (الحديقة) إلى الناقد الدكتور سعيد السريحي، وأهدى نص «إليه» إلى الشاعر العربي الكبير، أدونيس.
وهو مغرم بالغناء، فقد أهدى نصاً إلى حسين شاهين، وظَّف فيه مقاطع لأم كلثوم، وللغناء المصري «يا ليل يا عين»، وذكر صديقه محمد القشعمي في النص أيضاً. وفي ذات السياق ذكر في نصوص أخرى اسم الفنانة فيروز، بل اشتق منه «متفيرز»، وصفاً للقمر.
ويصيف الهلالي: «انشغل محمد العلي بالفكر والوعي عن الوجدان البعيد عن قضيته المركزية (الوعي) في شعره الحديث، إلى درجة أنك لا تجد الغزل في ديوانه، سوى في قصيدة (كاشيرة)... وقد عبَّر العلي عن عدم اكتراثه بنشر غزله في مقابلته مع قناة (العربية) حين سأله تركي الدخيل: هل لديك أعمال شعرية ليست منشورة؟
فأجاب: «نعم، ولم ينشر، لأنه شعر غزلي». ونستشف من ذلك رغبة العلي في أن يظل مشروعه الفكري التنويري مدار التعبير، ومركز الاشتغال، واعتباره الذاتي أمراً خاصاً لا يدخل في حيز اهتماماته، ولا حاجة لنشره، ما يؤكد أن شعره رسالة، هدفها الوعي، ويمكننا أن نقول إن شعره الحديث مرآة صادقة لفكره.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
TT

مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)

خطفت تصريحات صحافية لنقيب الفلاحين بمصر، الاهتمامَ، بعد حديثه عن الفوائد الموجودة بـ«دود المش»، ووصفه له بأنه بروتين لا ضرر منه، في سياق حديثه عن الدود الذي يُصاب به محصول الطماطم، مشبهاً هذا بذاك.

وتصدر اسم «نقيب الفلاحين» حسين أبو صدام «الترند » على موقع «إكس» في مصر، الجمعة، وأبرزت الكثير من المواقع، إضافة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات له قال فيها إن الدود الذي قد يظهر في بعض الأحيان بثمار الطماطم لا يشكل أي خطر على صحة المواطنين، تعليقاً على ما انتشر من أخبار حول تعرض كميات من محصول الطماطم للتسوس.

وتصل أسعار الطماطم في مصر إلى 10 جنيهات للكيلو (الدولار يساوي 47.6 جنيه مصري)، وتتراوح في بعض الأسواق من 6 إلى 12 جنيهاً، وفق ما نُشر بموقع لسوق العبور (شرق القاهرة).

ووصف حسين أبو صدام الآفة التي يتعرض لها محصول الطماطم بأنها «يرقات حشرات غير مضرة بصحة الإنسان»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه اليرقات لا تضر الإنسان وإنما تضر المحصول وتقلل إنتاجية الطماطم وطبعاً تشوه الثمار، وهو أمر يؤدي إلى تراجع أسعار المحصول، بالتالي يجب مكافحتها بالمبيدات ولكن إذا تناول الإنسان هذه اليرقات المسماة (التوتا أبسلوتا) المعروفة بحفار الطماطم فهي لا تضر صحته»، وأضاف أن «بعض هذه اليرقات يعد بمثابة بروتين بالنسبة للإنسان وفي دول أخرى يتم تناولها بشكل طبيعي، كم نتناول نحن المش بالدود ولا نصاب بسوء بل بالعكس هذا الدود يرتقي لمنزلة البروتينات».

وتزرع مصر نحو 500 ألف فدان من الطماطم سنوياً، بمعدل يزيد على 6 ملايين طن سنوياً، ويتراوح سعرها بين فترة وأخرى بين الارتفاع والانخفاض، فتصل أحياناً إلى 5 جنيهات (الدولار يساوي 47.6 جنيهات) وهو السعر الأدنى وفي بعض المواسم تصل إلى 20 جنيهاً، وفق تصريحات متلفزة لنقيب الفلاحين.

ووصف مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي تصريحات نقيب الفلاحين بأنها «غريبة»، وعدّ البعض هذا الوصف غير مقبول، خصوصاً أن «التوتا أبسلوتا»، كما قال، تقلل الإنتاج وتؤثر سلباً على جودة الثمار، وإن كان النقيب يستهدف طمأنة الجمهور فربما لم يفعل ذلك بالطريقة المناسبة.

ندوات إرشادية بخصوص مقاومة الآفات وزيادة إنتاجية المحاصيل (وزارة الزراعة المصرية)

ويرى الدكتور خالد عياد، الخبير بمركز البحوث الزراعية، أن «الدود أو اليرقات الموجودة في الطماطم تختلف عن اليرقات الموجودة في المش، فيرقات الطماطم قد تكون (توتا أبسلوتا) تسبب ثقوباً للثمرات»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو الإنسان تناول هذه اليرقات فلا يتعرض لمشكلة صحية، وهذه تختلف تماماً عن يرقات المش، فدود المش هو يرقات لبيض الذباب، تتطور حتى تصبح عذارى»، وأشار إلى أن «الذباب المنزلي خطر لأنه يحمل العديد من الملوثات، ووصفه بالبروتين قد يكون صحيحاً لكنَّ اليرقة تكون محملة بالباثوزين والمسببات المرضية والبيكتريا، فهذه الأسباب مع التراكم تؤذي الصحة، وإن كان الفلاحون يتركون بلاص المش بالعام والعامين فيتكون به فطريات وبيكتريا، تفرز سموماً تسمى (الميكرودوكس) قد تصيب الإنسان بأمراض».

وكشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نجاح لجنة مبيدات الآفات الزراعية، في تدريب وتأهيل 345 كادراً في مختلف التخصصات المتعلقة بمكافحة الآفات وتداول المبيدات، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك في إطار خطة الدولة للارتقاء بمنظومة الاستخدام الآمن للمبيدات، وفق بيان لها.


إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
TT

إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)

أعلن تحالف بحثي أوروبي، تقوده جامعة غراتس للتكنولوجيا في النمسا، عن مسار مبتكر لإنتاج وقود طيران مستدام من مخلفات إنتاج ومعالجة الطماطم.

وأوضح الباحثون أن هذه الخطوة تُعد واعدة لتقليل انبعاثات الكربون في أحد أكثر القطاعات صعوبة في التحول إلى الطاقة النظيفة، وفق النتائج المنشورة، الخميس، على موقع جامعة غراتس للتكنولوجيا.

وتُعد الطماطم ثاني أكثر الخضراوات استهلاكاً في العالم بعد البطاطس، في حين يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاجها، بإجمالي حصاد يبلغ نحو 17 مليون طن سنوياً. إلا أن هذا الإنتاج يخلّف كميات ضخمة من الكتلة الحيوية المتبقية، غالباً ما يتم حرقها أو التخلص منها بتكاليف مرتفعة.

ويحمل المشروع البحثي اسم (ToFuel)، ويسعى إلى تطوير مفهوم مبتكر لمصفاة حيوية متكاملة تستغل مخلفات الطماطم، مثل الأوراق والسيقان والبذور والقشور والثمار غير الناضجة أو التالفة، لإنتاج وقود طيران مستدام، إلى جانب أسمدة وأعلاف حيوانية وزيوت غذائية. ويهدف فريق البحث لبناء عملية خالية من النفايات ومحايدة مناخياً، مع ضمان جدواها الاقتصادية.

ويعتمد المشروع على تقنيتين رئيسيتين لمعالجة الكتلة الحيوية. الأولى تركز على معالجة المخلفات بالحرارة والضغط ثم تُفكك خلاياها بشكل مفاجئ، ما يجعلها مناسبة لعمليات التخمر التي تُنتج دهوناً (ليبيدات) تُحوَّل لاحقاً إلى وقود طيران. أما التقنية الثانية فتحوّل الكتلة الحيوية تحت ضغط وحرارة مرتفعين إلى زيت حيوي وفحم حيوي.

وقبل تحويل الزيت الحيوي إلى وقود، تتم تنقيته من الشوائب؛ خصوصاً المركبات المحتوية على النيتروجين، لضمان جودة الوقود النهائي. وتشارك في تطوير هذه العمليات مؤسسات بحثية من البرتغال وكرواتيا والنمسا في تعاون وثيق. ثم تُحوَّل الدهون والزيوت الحيوية باستخدام تقنية مبتكرة ومعتمدة عالمياً لإنتاج وقود الطيران المستدام.

وأكدت مديرة المشروع، مارلين كينبرغر، أن الهدف لا يقتصر على الابتكار العلمي، بل يشمل تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية، مشيرة إلى أن وقود الطيران المستدام «يجب أن يكون منافساً من حيث التكلفة ليتم اعتماده على نطاق واسع». كما أظهرت التحليلات البيئية أن العملية المقترحة تقترب من مفهوم «صفر نفايات»، مع إمكانية تحقيق حياد مناخي.

وينطلق المشروع رسمياً في 1 يناير (كانون الثاني) 2026، بمشاركة 11 شريكاً من 7 دول أوروبية، من بينها جامعات ومراكز بحثية مرموقة مثل جامعة زغرب، وجامعة فيينا للتكنولوجيا، وجامعة لابينرانتا الفنلندية، ومعهد فراونهوفر الألماني. كما يشارك شركاء صناعيون لتوفير مخلفات الطماطم وخبراتهم الصناعية.

ويبلغ إجمالي ميزانية المشروع 3.5 مليون يورو على مدى 4 سنوات، يحصل من بينها منسق المشروع، جامعة غراتس للتكنولوجيا، على مليون يورو. كما يشمل المشروع تدريب طلاب دكتوراه وماجستير وبكالوريوس، إلى جانب إعداد استراتيجية شاملة للتسويق والنشر العلمي.

ويعتبر الباحثون أن المشروع يمثل خطوة عملية نحو تحويل النفايات الزراعية إلى مصدر طاقة نظيف، مع خلق فرص اقتصادية جديدة لصناعة الأغذية ودعم التحول الأخضر في قطاع الطيران الأوروبي.


«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
TT

«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)

لا يقدم فيلم «فلسطيني على الطريق» عملاً وثائقياً تقليدياً عن مكان أو مسار، بل ينطلق من تجربة إنسانية تمثلت في لحظة فقدٍ قاسية، لتتحول تدريجياً إلى رحلة بصرية عن الفلسطيني المعاصر، وحركته المقيدة داخل جغرافيته، وعلاقته بالذاكرة والمكان.

يبدأ الفيلم من موقف شخصي للمخرج إسماعيل الهباش، لكنه لا يبقى حبيس الموقف، بل ينفتح على واقع جماعي يفرض نفسه مع كل خطوة على الطريق، ليوثق واقعاً صعباً يعيشه الفلسطينيون داخل أراضيهم المحتلة. الفيلم حصد جائزة «المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب» مناصفة ضمن فعاليات الدورة 16 من «مهرجان كرامة... سينما الإنسان» بالأردن، التي عقدت في الفترة من 9 إلى 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

يقول الهباش لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة الفيلم وُلدت من ظرف شخصي شديد الصعوبة، حين فقد زوجته بعد رحلة علاج شاقة، وهي تجربة تركت أثراً عميقاً عليه نفسياً وإنسانياً، ومع غياب أي إمكانية حقيقية للتعافي السريع، بدأ البحث عن وسيلة لفهم ما حدث، وعن مساحة للتفكير والمواجهة الهادئة مع الفقد، من هنا، جاءت فكرة الرحلة، لا باعتبارها هروباً، بل كفعل مواجهة وتأمل.

اختار المخرج أن تكون الرحلة داخل فلسطين، عبر مسار يمر بعدد من المدن والبلدات والقرى والمخيمات، «في محاولة لاختبار معنى الحركة داخل وطن مجزأ، تحكمه الحواجز والقيود، لم يكن الهدف توثيق الطريق بقدر ما كان اختبار ما يفرضه هذا الطريق من أسئلة عن الخسارة، والانقطاع، واستمرار الحياة رغم كل شيء»، كما يقول.

يظهر إسماعيل الهباش بنفسه في الفيلم، لا بوصفه بطلاً، بل شاهداً على التجربة. حضوره أمام الكاميرا جزء من صدق العمل، ومحاولة لكسر المسافة بين المخرج وموضوعه، فالفيلم، كما يوضح، لم يُصنع من موقع المراقبة، بل من داخل التجربة نفسها.

الهباش حاملاً الجائزة في الأردن (مهرجان كرامة)

وعن التحديات التي واجهها خلال التصوير، يشير الهباش إلى أن العمل داخل فلسطين يظل محفوفاً بالصعوبات، سواء على المستوى اللوجيستي أو الأمني، فالحواجز الإسرائيلية شكّلت عائقاً دائماً أمام حركة الفريق، وكانت هناك مناطق لا يمكن دخولها إلا بتصاريح خاصة، ولم يكن الحصول عليها أمراً سهلاً، في بعض الحالات، اضطر الفريق إلى الوصول إلى أماكن معينة من دون تصاريح، وهو ما جعل التصوير محفوفاً بالمخاطر.

ويضيف أن «المشروع كان من المفترض أن يُنفذ بمشاركة فريق أجنبي، لكن التدخلات الرسمية حالت دون استمرارهم للخوف على سلامتهم». هذه الظروف، حسب الهباش، «ليست استثناءً، بل تُعد جزءاً من واقع الفيلم الفلسطيني المصنوع في الداخل، حيث تؤثر القيود السياسية والأمنية بشكل مباشر على الميزانيات، وعلى حجم الفرق، وعلى آليات الإنتاج».

يُقارن الهباش بين الأفلام الفلسطينية التي تُنتج داخل فلسطين، وتلك التي تُنجز بتمويل خارجي أو في المنفى، مشيراً إلى أن اختلاف الظروف ينعكس بالضرورة على الإمكانيات؛ «فالفيلم المحلي يظل أكثر هشاشة من حيث الموارد، لكنه في الوقت نفسه أكثر التصاقاً بالواقع اليومي»، على حد تعبيره.

قدم المخرج توثيق معاناة يعيشها الفلسطينيون (الشركة المنتجة)

استغرق إنجاز الفيلم قرابة عامين ونصف العام، بدءاً من بلورة الفكرة وكتابتها، مروراً بالبحث عن التمويل، وصولاً إلى مرحلة التصوير، وخلال هذه الفترة، صُوّر نحو أربعين ساعة من المواد، خلال ما يقارب عشرين يوم تصوير.

ويشير الهباش إلى أن أصعب مراحل التصوير كانت داخل القدس، «حيث تكررت محاولات الحصول على تصاريح من دون جدوى، واضطر الفريق إلى تغيير خطط ومواعيد أكثر من مرة، كما أن الحركة داخل المدينة كانت مراقبة باستمرار، مما جعل التصوير مهمة معقدة، سواء من حيث السلامة أو من حيث حرية العمل، إضافة إلى ذلك، شكّلت زيارة بعض البيوت الفلسطينية التي يسكنها إسرائيليون حالياً خطراً حقيقياً؛ إذ كانت ردود الفعل في بعض الأحيان عدائية، وهو ما فرض حذراً دائماً أثناء التصوير»، كما يقول.

الفيلم الذي بدأ رحلته من مهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الماضية ووصل إلى الأردن يأمل مخرجه في مشاركته بعدد أكبر من المهرجانات السينمائية خلال الفترة المقبلة بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.