واشنطن تؤكد «قانونية» إحضار أبو عجيلة من طرابلس

«اتحاد القبائل» الليبي دعا المواطنين للتظاهر وملاحقة المتورطين في تسليمه

بول هودسون الذي توفيت ابنته في انفجار لوكربي يرفع صور عدد من الضحايا أمام مدخل المحكمة التي مثل فيها أبو عجيلة أول من أمس (أ.ف.ب)
بول هودسون الذي توفيت ابنته في انفجار لوكربي يرفع صور عدد من الضحايا أمام مدخل المحكمة التي مثل فيها أبو عجيلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تؤكد «قانونية» إحضار أبو عجيلة من طرابلس

بول هودسون الذي توفيت ابنته في انفجار لوكربي يرفع صور عدد من الضحايا أمام مدخل المحكمة التي مثل فيها أبو عجيلة أول من أمس (أ.ف.ب)
بول هودسون الذي توفيت ابنته في انفجار لوكربي يرفع صور عدد من الضحايا أمام مدخل المحكمة التي مثل فيها أبو عجيلة أول من أمس (أ.ف.ب)

مثُل ضابط الاستخبارات الليبية السابق، أبو عجيلة مسعود، أول من أمس، أمام محكمة اتحادية بالعاصمة واشنطن لفترة وجيزة في جلسة إجرائية، للاشتباه بتورطه في «تفجير طائرة (بان إم 103) فوق (لوكربي) باسكوتلندا عام 1988؛ ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً، منهم 190 أميركياً، و11 شخصاً على الأرض». لكنه رفض الحديث أمام قاضي التحقيق الأميركي، روبن ميريويذر، عبر مترجم، قبل أن يجتمع بمحاميه.
وأشار جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، مساء أول من أمس، للصحافيين إلى أن أبو عجيلة سيواجه العدالة عن دوره في تفجير الطائرة في لوكربي، وقال، إن طريقة إحضاره إلى الولايات المتحدة «تمت بطريقة قانونية وبناءً على المعايير المتبعة». لكن السلطات الأميركية لم تكشف من جهتها عن تفاصيل عن كيفية اعتقاله، حيث لا يوجد معاهدة تسليم مجرمين بين ليبيا والولايات المتحدة، في حين ذكرت وسائل إعلام ليبية، أن مسلحين قاموا باختطاف أبو عجيلة من مقر إقامته في طرابلس في 16 من نوفمبر (تشرين الثاني)، ونقله على طائرة خاصة إلى الولايات المتحدة في عملية تشبه بعض أفلام هوليوود. ومهّد وصول أبو عجيلة إلى العاصمة الأميركية واشنطن المسرح لواحدة من أكثر محاكمات الإرهاب أهمية في الذاكرة الحديثة لوزارة العدل، وكانت الجلسة القصيرة التي أجرتها المحكمة هي المرة الأوى التي يواجه فيها مشتبه به في قضية لوكربي الشهيرة محاكمة فوق الأراضي الأميركية.
ووجه القاضي ثلاثة تهم جنائية ضد أبو عجيلة (71 عاماً)، تشمل تهمة تدمير طائرة أدت إلى وفاة الركاب، وهي تهمة جنائية تصل عقوبتها إلى الإعدام. لكن المدعي العام لمح إلى أنه لا يخطط لمطالبة المحكمة بإصدار حكم الإعدام ضد أبو عجيلة؛ لأن العقوبة لم تكن متاحة دستورياً في عام 1988، أما التهمتان الأخريان فهما تخريب طائرة تستخدم في الأعمال التجارية، وتهمة استخدام متفجرات أدت إلى وفاة عدد من الأشخاص، وهما تهمتان تصل عقوبتهما إلى السجن المؤيد. وقد حدد القاضي جلسة يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) الحالي لمنح أبو عجيلة الوقت لتوكيل محام خاص للدفاع عنه.
وقال مساعد المدعي العام الأميركي، إريك كينرسون، خلال الجلسة التي حضرها أقارب الضحايا، الذين تجمعوا أمام المحكمة حاملين صور أبنائهم، إنه «على الرغم من مرور نحو 34 عاماً على أفعال المتهم، إلا أن عدداً لا يحصى من العائلات لم يتعاف تماماً». في حين أشار المدعي العام ميريك جارلاند إلى أن عميل المخابرات الليبية السابق سافر إلى مالطا ومعه حقيبة مفخخة للقاء المتآمرين معه، الذين أمروا بضبط عداد الوقت على الجهاز قبل الهجوم. وأخذ الإرهابيون الحقيبة المفخخة إلى فرانكفورت قبل وضعها داخل الطائرة المنكوبة في 21 ديسمبر 1988.
من جهتها، أوضحت وزارة العدل الأميركية، أن أبو عجيلة اعترف بتصنيع القنبلة في الهجوم، وبالعمل مع متآمرين آخرين لتنفيذه. كما اعترف أيضاً بأن العملية صدرت بأمر من المخابرات الليبية، وأن العقيد الراحل معمر القذافي شكره وأعضاء آخرين في الفريق بعد الهجوم، وفقاً لشهادة مكتب التحقيقات الفيدرالي.
بدورها، قالت ليز راندال، مستشارة الأمن الوطني بالبيت الأبيض، إن أبو عجيلة محتجز «بشكل قانوني» في الولايات المتحدة، التي أحضرته ليواجه «اتهامات في تورطه في قضية (لوكربي)»، في حين ثمّن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، جهود وزارة العدل الأميركية «على عملها الدؤوب في ملاحقته»، وقال في تغريدة له عبر «تويتر» أمس «سوف نتذكر دائماً ضحايا هذا العمل الشنيع».
وخلفت هذه المحاكمة ردود أفعال متباينة في الداخل الليبي، وسط تصاعد الغضب الشعبي في ليبيا ضد حكومة عبد الحميد الدبيبة، على خلفية تسليم أبو عجيلة. لكن السفير الأميركي ريتشادر نورلاند طمأن الليبيين بأن «الولايات المتحدة تحترم سيادة بلادهم، خلال سير الإجراءات القانونية».
وقال إبراهيم بوشناف، مستشار الأمن القومي الليبي، إنه بحث هاتفياً مع نورلاند تداعيات ملف احتجاز أبو عجيلة لدى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه عبّر عن «قلق الليبيين إزاء التقارير التي أفادت بنقله من أجل ما وصفته سلطات الولايات المتحدة بالملاحقة الجنائية في علاقة مزعومة بحادثة التفجير».
في سياق ذلك، دعا اتحاد القبائل الليبية، أمس، جموع الشعب كافة إلى «الاحتجاج، وإظهار موقفه أمام العالم»؛ لرفض «السلوك الإجرامي المهين» بشأن تمكين الولايات المتحدة من مواطن ليبي.
مطالباً النائب العام بـ«ملاحقة جميع المتورطين في ذلك، قانونياً وجنائياً»؛ لارتكابهم «جريمة الخيانة، والتورط مع الاستخبارات الأجنبية، والتفريط في السيادة الوطنية».
بدورها، حملت وزارة العدل بحكومة فتحي باشاغا، الأطراف المسؤولة عن احتجاز أبو عجيلة المسؤولية القانونية المترتبة على هذا الفعل الخارج عن القانون، وطالبة بـ«الإفراج الفوري عنه، وإعادته إلى أرض الوطن». كما حمل المجلس الأعلى للدولة حكومة الدبيبة المسؤولية القانونية والأخلاقية والتاريخية بتسليمه بشكل «مجحف ومخجل»، داعياً مجلسي الرئاسي والنواب والنائب العام للتضامن معه لاتخاذ الإجراء المناسبة لإنهاء ما أسماه بـ«العبث». كما طالب المجلس الجهات الأمنية المعنية بتوضيح كيف اختفى أبو عجيلة، وسُلم إلى الولايات المتحدة، رافضاً «محاولة إعادة إحياء قضية (لوكربي)».
من جهتها، اعتبرت «كتلة التوافق الوطني» بالمجلس عملية تسليمه «سابقة خطيرة وانتهازية سياسية، لم تراعِ أي اعتبارات وطنية أو أخلاقية أو قانونية»، ورأت أن ما أسمته حالة «العبث» التي تمارسها حكومة الدبيبة بهذا الملف في حالة الهشاشة والضعف، الذي تعانيه ليبيا، ستكون تكلفته كبيرة ومرهقة.
وكان قرابة 90 عضواً بمجلس النواب قد طالبوا رئاسة المجلس بعقد جلسة طارئة لمناقشة تسليم أبو عقيلة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمتابعة هذه القضية الوطنية محلياً وخارجياً لـ«تحرير المواطن وإعادته لأسرته». واعتبروا أن «تسليم أي مواطن ليبي لدولة أجنبية خارج إطار القانون يعد جريمة نكراء، ومخالفة لكل الأعراف والمواثيق المحلية والدولية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر: انتشال 3 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
TT

مصر: انتشال 3 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)

قال عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر في مصر، لـ«رويترز» اليوم (الثلاثاء)، إنه تم انتشال 3 جثث من مركب سياحي غرق قبالة سواحل البحر الأحمر أمس (الاثنين)، ولا يزال 13 شخصاً في عداد المفقودين.

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح أمس (الاثنين)، بشحوط اللانش «سي ستوري» خلال رحلة غوص وسفاري، حيث كان يقل 31 سائحاً من جنسيات أجنبية مختلفة، بالإضافة إلى طاقمه المكون من 14 فرداً من بحارة وغطاسين. وحتى مساء أمس (الاثنين)، أنقذت الفرق المعنية 28 شخصاً، بينما استمرت عمليات البحث عن 17 مفقوداً.

وأعلن محافظ البحر الأحمر، في بيان، أن الناجين الذين تم إنقاذهم يتلقون الرعاية الطبية اللازمة، مع تكثيف الجهود للعثور على باقي المفقودين.

ومن جانبه، قال المتحدث العسكري المصري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن القيادة العامة للقوات المسلحة، كلفت قيادة القوات البحرية بدفع عدد من القطع البحرية وطائرات مركز البحث والإنقاذ فور تلقي بلاغ استغاثة يفيد بتعرض المركب السياحي «سي ستوري» للغرق أثناء تنفيذ أعمال الغطس جنوب مدينة مرسى علم بنحو (35) كم، للمشاركة في أعمال البحث عن المفقودين والناجين، وذلك في ظل سوء الأحوال الجوية واتساع نطاق الحادث.

وذكر في البيان: «وقد أسفرت الجهود عن إنقاذ 28 فرداً بالتعاون مع إحدى السفن السياحية التي تصادف وجودها بمنطقة الحادث، كما تم تقديم الرعاية الطبية والإدارية اللازمة للناجين ونقل الحالات التي تستدعي رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية لمحافظة البحر الأحمر، كما أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين والناجين».