كرواتيا تعتمد على المخضرمين وتثق في قدرتها على الوصول إلى النهائي

البلد الصغير الذي انفصل قبل 31 عاماً عن يوغسلافيا أثبت أنه قوة كبيرة في عالم كرة القدم

لاعبو كرواتيا المخضرمون وضعوا بلدهم الصغير على خريطة القوى الكبرى لكرة القدم (رويترز)
لاعبو كرواتيا المخضرمون وضعوا بلدهم الصغير على خريطة القوى الكبرى لكرة القدم (رويترز)
TT

كرواتيا تعتمد على المخضرمين وتثق في قدرتها على الوصول إلى النهائي

لاعبو كرواتيا المخضرمون وضعوا بلدهم الصغير على خريطة القوى الكبرى لكرة القدم (رويترز)
لاعبو كرواتيا المخضرمون وضعوا بلدهم الصغير على خريطة القوى الكبرى لكرة القدم (رويترز)

في ساحة بان جيلاسيك بمدينة زغرب الكرواتية، لم يكن أي شخص يهتم بدرجة الحرارة التي انخفضت لتقترب من درجة التجمد، مساء الجمعة الماضي، بل وصل الأمر إلى قيام أحد المحتفلين بنزع قميصه والغطس في نافورة مياه قريبة، ثم سرعان ما تبِعه آخرون وقاموا بالشيء نفسه. وكان وسط مدينة زغرب مزدحماً جداً، واستمرت الاحتفالات حتى الساعات الأولى من الصباح. والآن تتساءل هذه الدولة عما إذا كان بمقدورها مواصلة المغامرة والإطاحة بمنتخب الأرجنتين والوصول إلى المباراة النهائية لـ«كأس العالم 2022» بقطر بعدما أطاحت بمنتخب البرازيل بركلات الترجيح من دور الثمانية.

المدافع يورانوفيتش قدم أداء يشبه البرازيلي داني ألفيش (رويترز)

وبينما كان النجم الكرواتي جوسيب يورانوفيتش، ظهير أيمن الفريق، في طريقه للخروج من الملعب على بُعد 2400 ميل في الدوحة، كان يبتسم وهو يخرج راقصاً ومسرعاً من أجل تبديل قميصه مع مَثَله الأعلى داني ألفيش الذي جلس على مقاعد بدلاء منتخب البرازيل ولم يشارك في المباراة، ويقترب من نهاية مسيرته الكروية وهو في التاسعة والثلاثين من عمره.
وإذا كانت لدى ألفيش الشجاعة لإعادة مشاهدة مباراة البرازيل وكرواتيا مرة أخرى، فسوف يرى أن يورانوفيتش يلعب بطريقة مشابهة والتي كان يلعب بها هو شخصياً عندما كان في قمة عطائه الكروي، حيث كان الظهير الأيمن الكرواتي ينطلق للأمام ويشكل خطورة كبيرة على مرمى البرازيل، ونادراً ما كان يتفوق عليه أي لاعب من الفريق المنافس عندما يعود للقيام بواجباته الدفاعية، بل تفوَّق تماماً على فينيسيوس جونيور، خلال الـ64 دقيقة التي لعبها النجم البرازيلي. ويمكن تلخيص ما قدّمته كرواتيا في تلك المباراة التي أقيمت على ملعب المدينة التعليمية في مشهد وصول اللاعبين البرازيليين إلى المباراة بخُطى سريعة وهم يستمعون إلى الموسيقى والأغنيات ثم انهيارهم وبكائهم بعد نهاية المباراة التي تفوَّق فيها لاعبو كرواتيا في كل شيء تقريباً.
لم يلعب يورانوفيتش من قبل في فريق واحد مع ألفيش، لكنه يعرف أكثر من أي شخص آخر أهمية وجود قائد مخضرم لديه خبرات هائلة وقادر على تقديم مستويات قوية دائماً. يقول الظهير الكرواتي عن ذلك: «نحن نثق تماماً في فريقنا، وخصوصاً اللاعبين الأكبر سناً. هذه أول بطولة لي، وقد وجّه هؤلاء اللاعبون الكبار بعض الكلمات لنا نحن اللاعبين الشباب».
من المؤكد أن يورانوفيتش ليس لاعباً صغيراً في السن، حيث يبلغ من العمر 27 عاماً، لكنه يُعدّ صغيراً، مقارنة بالنجم المخضرم لوكا مودريتش الذي يمتلك خبرات هائلة ويقدم مستويات استثنائية تجعله محطّ أنظار الجميع.
وقال الظهير الأيسر بورنا سوسا عن مودريتش: «بالنسبة لي هو واحد من أفضل 5 لاعبي خط الوسط عبر كل العصور. لم يتمكن أي لاعب على الإطلاق من تقديم مستويات مودريتش نفسها، وهو في السابعة والثلاثين من عمره. وفي المناسبات الأكثر أهمية فإنه يعطينا قوة كبيرة بفضل خبراته الهائلة وثقته الكبيرة في نفسه. إنه هادئ جداً عندما يستحوذ على الكرة، ونأمل أن يظل معنا لأطول فترة ممكنة».
ولهذا لا يمكن استبعاد مشاركة مودريتش في بطولة «كأس الأمم الأوروبية» في غضون 18 شهراً من الآن، إنه يشكل مع مارسيلو بروزوفيتش وماتيو كوفاسيتش أقوى خط وسط بين جميع المنتخبات المشاركة في نهائيات «كأس العالم» الحالية.
وقال يورانوفيتش: «يمكنني أن أقول إننا نملك أفضل لاعبي خط الوسط. وإذا كان هؤلاء اللاعبون في حالتهم المعتادة، فإننا نتحكم في المباراة بنسبة 90 %، وأعتقد أن هذا هو السبب في تحقيقنا الفوز».
أعتقد أن يورانوفيتش مُحق تماماً في ذلك، صحيح أن كرواتيا لا تضم نجوماً في كل خطوط الملعب، لكن هذا الثلاثي في خط الوسط يمنحها قوة هائلة، ويمكن وصف منتخب كرواتيا بأنه مجموعة من التروس التي تعمل معاً في تفاهم كبير، كما أن الفريق يجيد استغلال المساحات الخالية والضغط على الفريق المنافس في شكل موجات متتالية.
وأمام البرازيل، لم تخلق كرواتيا أية فرص للتهديف تقريباً حتى الوقت الإضافي. إن ما فعله المنتخب الكرواتي، باستثناء الهجمات التي كانت تنتهي على حافة منطقة جزاء منتخب البرازيل، هو التعامل مع المباراة كما لو كانت ستُلعب في الثلث الأوسط من الملعب فقط.
لقد كان الهدف الأساسي لمنتخب كرواتيا هو إبعاد لاعبي البرازيل عن منطقة جزائهم قدر المستطاع، ثم محاولة شن هجمات مرتدّة سريعة بمجرد الاستحواذ على الكرة، وقد نجحت كرواتيا في اللعب بشكل متوازن أمام راقصي السامبا. لقد كان لاعبو كرواتيا يتحلّون بالثقة التامة للقيام بذلك، كما كانت هناك ميزة نفسية بالنسبة لهم بعد النجاح في الفوز بركلات الترجيح في المباراة السابقة أمام اليابان. وقال سوسا عن ذلك: «عندما كانت النتيجة هي التعادل، كنا سعداء بذلك؛ لأننا كنا نعلم أننا نمتلك الأفضلية في حال الوصول إلى ركلات الترجيح».
واتفق يورانوفيتش مع هذا الرأي، حيث قال: «عندما أصبحت النتيجة التعادل بهدف لكل فريق، أدركت أنه يمكننا تحقيق الفوز».
لقد نجحت تلك الدولة، التي يصل عمرها إلى 31 عاماً ويبلغ عدد سكانها 3.9 مليون نسمة فقط، في الوصول إلى الدور نصف النهائي على الأقل في 3 من مشاركاتها الـ7 في هذا المستوى. ولا يهم ما إذا كانت كرواتيا قد حققت ذلك من خلال مهارة لاعبين من أمثال سوكر أو بروسينسكي أو ستانيتش أو اللاعبين الآخرين الذين جاؤوا بعدهم، لكن ما يهم حقاً هو أن كرواتيا تواصل تقديم عروضها ومستوياتها القوية منذ فترة طويلة، ومن ثم لا ينبغي اعتبارها أقل من الأرجنتين بأية حال من الأحوال، خصوصاً أنها واحدة من الدول القليلة الرائدة في عالم كرة القدم في هذا العصر والعصر السابق.
وقال يورانوفيتش عن موسم دوري الأمم الأوروبية، الذي حصلت فيه كرواتيا على 10 نقاط من 4 مباريات ضد منافسين أقوياء، بما في ذلك تحقيق انتصارين خارج الديار: «أظهرنا في دوري الأمم الأوروبية ضد فرنسا والدنمارك أننا أحد أفضل الفرق في العالم». وكانت هزيمتهم الوحيدة في 21 مباراة منذ خروجهم من «كأس الأمم الأوروبية 2020» أمام إسبانيا هي الخسارة أمام النمسا، وهي المباراة التي لم يشارك فيها مودريتش في التشكيلة الأساسية.
وقال سوسا: «ليس لدينا 25 لاعباً يلعبون لبرشلونة وريال مدريد، لذا يجب أن يكون الجميع مستعدّين. لوكا مودريتش يلعب جميع المباريات؛ لأنه يتعين عليه القيام بذلك، فلا وقت لديه للراحة؛ لأننا نحتاج إليه على أرض الملعب في كل ثانية».
وبعد وصول مودريتش وكرواتيا إلى الدور نصف النهائي للمونديال مرة أخرى، قد تكون المياه في تلك النوافير بزغرب أكثر برودة اليوم، لكن الشيء المؤكد أن الجمهور الكرواتي على أتم الاستعداد للنزول تحت هذه المياه في درجة حرارة تصل إلى حد التجمد في حال تخطي الأرجنتين والوصول إلى المباراة النهائية لـ«كأس العالم»!


مقالات ذات صلة

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عربية سون هيونغ مين (أ.ف.ب)

سون قائد كوريا الجنوبية: علينا التعلم من منتخب فلسطين

أشاد سون هيونغ مين، قائد كوريا الجنوبية، بصلابة الفريق الفلسطيني، بعدما منح مهاجم توتنهام هوتسبير فريقه نقطة بالتعادل 1 - 1.

«الشرق الأوسط» (عمان)
رياضة عالمية فرحة لاعبي الأرجنتين بهدف مارتينيز (أ.ف.ب)

تصفيات كأس العالم: الأرجنتين تبتعد في الصدارة... والبرازيل تتعثر بنقطة الأوروغواي

قاد المهاجم لاوتارو مارتينيز المنتخب الأرجنتيني إلى الفوز على ضيفه البيروفي بهدف دون رد، الثلاثاء، في الجولة الـ12 من تصفيات أميركا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (مونتيفيديو)
رياضة عربية فابيو ليما (رويترز)

ليما بعد الخماسية في قطر: الإمارات قدَّمت أفضل أداء في التصفيات

قال فابيو ليما مهاجم الإمارات، إن مباراة بلاده مع قطر في المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية لكأس العالم لكرة القدم 2026 كانت الأفضل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية شين تاي-يونغ (أ.ف.ب)

مدرب إندونيسيا: الفوز على «الأخضر» يمنحنا الثقة في بلوغ كأس العالم

يثق شين تاي-يونغ مدرب إندونيسيا في أن الفوز المفاجئ 2-صفر على السعودية، في جاكرتا أمس (الثلاثاء) سيمنح فريقه فرصة حقيقية في بلوغ كأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.