رغم أن كثراً اعتبروا أن التقارب الراهن بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، أحيا الآمال بانفراجه سياسة ليبية، فإنه في المقابل، ووفقا لسياسيين، أسفر عن «اعتراضات داخل المجلسين، وتحديدا حول طريقة إدارة صالح والمشري للمشاورات بينهما».
وفيما وصف البعض تلك الاعتراضات «بالكيدية» متهما أصحابها بأنهم من الكتلة الداعمة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، والذي دأب خلال الفترة الماضية على توجيه الانتقادات لرئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة، أكد آخرون أن الاعتراضات حتى وإن كانت تحمل بعض «المبررات المنطقية» فهي «لا تمثل رأي الأغلبية».
عضو مجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة، اعتبر الحديث عن تباين واسع بالآراء بين المشري وأعضاء مجلسه «تضخيما من قبل أصوات محسوبة على الدبيبة». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القرارات المعبرة عن إرادة الأعلى للدولة ومواقفه حيال القضايا المهمة تتخذ عبر آلية التصويت عليها، ولا ينفرد بها المشري». واستدرك «نعم المشري لديه مجموعة من الأعضاء المحسوبين على تنظيم (الإخوان المسلمين) لطالما عدت داعمة له، لكنها محدودة وقد تفككت خلال الشهور الأخيرة، وأصبحت في حدود العشرة أعضاء».
وكان 50 عضوا بالأعلى للدولة، طالبوا المشري بأن تكون الأولوية للتفاوض مع «النواب» حول القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات قبل التوافق على ملفي المناصب السيادية والسلطة التنفيذية، إلا أن المجلس صوت مؤخرا لصالح قبول مقترح يقضي «بالسير بالتوازي في المسارات الثلاثة».
ورغم إقراره بوجود طموح لدى عقيلة صالح بتشكيل مجلس رئاسي جديد لرئاسته، وأن يكون المشري رئيسا لحكومة جديدة، اتهم بن شرادة بعض الموالين للدبيبة «بتشويه أي جهد لحلحلة أي مسار من المسارات الثلاثة عبر وصف القائمين عليه بكونهم مرتزقة يبحثون عن مصالحهم فقط».
وأوضح أن «تشكيل مجلس رئاسي وحكومة جديدة هو قرار ستنفرد به البعثة الأممية إذا ما اختارت السير لتشكيل ملتقى حوار سياسي جديد لإنتاج سلطة انتقالية جديدة... ودون معالجة الانقسام الحكومي وتوحيد المؤسسات لا يمكن الحديث عن انتخابات».
وتوافق عضو الأعلى للدولة عادل كرموس، مع الطرح السابق، منتقدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إصرار البعض دون وجه حق على المشاركة في المحادثات التي تُجرى على مستوى الرئاسة بين المجلسين، وأن يكون على علم بكل التفاصيل، في حين أن اللوائح المنظمة لعمل الأعلى للدولة تخول المشري بصفته رئيسا لـ«إجراء المباحثات مع الأطراف السياسية».
في المقابل رفض عضو مجلس النواب الليبي سالم قنيدي، تعميم الاتهام ووصف أي معارضة لرئيسي المجلسين بكونها موالية لحكومة «الوحدة الوطنية» ورئيسها. وقال قنيدي لـ«لشرق الأوسط»: «هناك تباين واسع بين عقيلة صالح وعدد من النواب المعترضين على محاولته الانفراد بالقرار وعدم إشراكهم في ما يطرأ من مستجدات».
وأكمل «لم يتم استطلاع رأي النواب في استئناف المشاورات مع الأعلى للدولة بالمغرب قبل شهرين، وتداعيات ذلك من تفاهمات بينهما أعلن عنها عقيلة صالح مؤخرا، ومن قبل ذلك لم يُطلع أحداً على أسباب وأهداف رحلاته المكوكية، باستثناء زياراته قبل عدة أشهر لتركيا، حيث اضطر للكشف عن تفاصيلها جراء ضغط النواب عليه بعد عودته».
وكان عقيلة صالح نوه في تصريحات صحافية على هامش زياراته للقاهرة الأسبوع الماضي، أن هناك اتفاقا كبيرا بين رئاسة المجلسين النواب والأعلى للدولة «على إعادة تكوين المؤسسات السيادية التابعة لمجلس النواب، وأنه سيتم الفصل في هذا الأمر خلال الأيام القادمة، بالإضافة إلى تكوين سلطة واحدة في ليبيا».
ورجح قنيدي «وجود مصالح خاصة يسعى رئيسا المجلسين لتحقيقها في ظل إعطاء الأولوية لحسم ملفي المناصب السيادية والسلطة التنفيذية».
وأرجع تمتع عقيلة صالح بدعم الأغلبية تحت قبة البرلمان «لوجود كتلة صامتة كبيرة ربما لا تؤيده كالمقربين منه، ولكنها أيضا لا تعلن معارضتها له».
ورغم إبداء تفهمه لمنطقية ما يطرحه النواب المؤيدون لضرورة البدء بإنجاز القاعدة الدستورية، فإن عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، رأى أن أغلبية النواب تتفق وطرح عقيلة صالح لما يحمله من «مبررات منطقية».
وأوضح الزرقاء لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو أنجزت القاعدة الدستورية لن يمكن تطبيقها في ظل عدم وجود حكومة موحدة وقوات أمنية موحدة، وبالتالي توحيد المؤسسات هو البداية».
وتطرق للأسباب التي يطرحها هؤلاء المعترضون، موضحا أن «البعض ضاق ذرعا بالاتهامات التي يوجهها الرأي العام المحلي للنواب وكيف أنهم يرغبون بتمديد بقائهم بحثا عن التمتع بالسلطة ومزاياها». وقلل مما يطرح حول تطلع وسعي المشري وعقيلة صالح لشغل مناصب سيادية، موضحا «الأغلبية سواء من المؤيدين أو المعارضين للرجلين يستبعدون تحقيق تلك التطلعات جراء الشكوك بشعبيتهما، بالأساس هناك شكوك قوية بأن فرص شغل عقيلة صالح لذات موقعه الراهن كرئيس للبرلمان لن تكون قوية بعد أي استحقاق انتخابي».
أما عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي، فوصف التناقض الحادث بين انتقاد بعض أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة لرئاستهما، دون السعي الجدي لعزلهما عبر اللوائح المنظمة لكل مجلس أو دون التقدم بالاستقالة بكونه «انتقادا ومعارضة مصطنعة».
وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط»، «لا توجد انتقادات حقيقية، رئاسة كل مجلس منهما تتمتع بالأغلبية كونها من تقود بالواقع صفقات البقاء والتمديد، في حين يكتفي البعض بدور المعارض والمنتقد لتبرير موقفه عبر الإيحاء بأن رئاسة مجلسه تتحكم بالقرار، والواقع أن هؤلاء لو رغبوا لسارعوا بعزل تلك الرئاسات وهو أمر كان يمكن حدوثه خاصة بالأعلى للدولة».
وأكمل «الجسم الاستشاري الذي ولد مع اتفاق الصخيرات شهد ليومنا الحالي سبعة انتخابات داخلية على موقع رئيس المجلس فاز المشري الذي يهاجمه قطاع غير هين من أعضائه بآخر خمسة استحقاقات».
وانتهى عضو الأعلى للدولة إلى أن «الشارع بات لا يرى في تلك المجالس وأيضا الحكومات الراهنة أنها ممثلة له لاشتراكهما جميعا في عرقلة الانتخابات».
تباين ليبي بشأن التقارب بين صالح والمشري
البعض اعتبره «انفراجة» في المشهد السياسي
تباين ليبي بشأن التقارب بين صالح والمشري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة