«فالنتينو» تفتح حواراً حميماً مع السعودية

رئيسها التنفيذي لـ «الشرق الأوسط»: السعوديين مُلمين بأسرار الموضة ولم تعد الترجمات الفولكلورية تمرعليهم

جانب من معرض «فالنتينو للأبد»... حيث يلتقي الماضي بالحاضر
جانب من معرض «فالنتينو للأبد»... حيث يلتقي الماضي بالحاضر
TT

«فالنتينو» تفتح حواراً حميماً مع السعودية

جانب من معرض «فالنتينو للأبد»... حيث يلتقي الماضي بالحاضر
جانب من معرض «فالنتينو للأبد»... حيث يلتقي الماضي بالحاضر

عندما تجلس مع جاكوبو فانتوريني، تشعر أنه نوع نادر من الرؤساء التنفيذيين. نوع يحلم أي مصمم بالعمل معه، لأن اهتمامه الأول ليس الأرقام والحسابات ووضع الاستراتيجيات، بل تحفيز الإبداع وخلق ثقافة ترتكز على العلاقات الإنسانية. وهذا يعني إعطاء كامل الحرية للمصمم لكي ينطلق ويشطح بخياله من جهة، ومن جهة ثانية، خلق محيط يشعر فيه زبون «ميزون فالنتينو» بدفء وحسن الضيافة التي تدخل في عُمق الثقافة الإيطالية. كلما أسهب في الحديث، تتأكد أنه يرى أن مهمته الأساسية هي النفخ في جمر مصمم الدار وصديقه منذ أكثر من 20 عاماً، بيير باولو بيكيولي ليؤجج معه حُلماً بدأه فالنتينو غارافاني في عام 1959 باللون الأحمر ولا تزال نيرانه مشتعلة باللون الوردي.

جاكوبو فانتوريني

في شهر يونيو (حزيران) من عام 2020 دخل جاكوبو فانتوريني دار «فالنتينو» كرئيس تنفيذي. لم يكن دخيلاً عليها. فقد سبق له العمل فيها في وظائف أخرى مرتين من قبل. بقدر ما كانت جائحة «كورونا» التي تزامنت مع تعيينه، مأساوية على العالم، وعلى إيطاليا تحديداً، كانت بالنسبة له فترة للتفكير وترتيب الأوراق. ركَز على الجانب الراقي الذي تنفرد به الدار في إيطاليا، وأوقف خط «فالنتينو ريد»، الذي أُطلق ليُلبي الحاجة إلى منتجات بأسعار أقل، على أن يتم إغلاقه تماماً في عام 2024.

جانب من محل الدار الجديد في جدة

يقول في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» إن «الدار أولاً وأخيراً بدأت كدار (هوت كوتور)... ونريدها أن تبقى كذلك، بحيث يتواصل ماضيها مع حاضرها ومستقبلها بشكل طبيعي». لحسن الحظ أن بيير باولو بكيولي، استطاع الإمساك بكل خيوطها ونسج تشكيلات شاعرية انتزعت الدموع من عيون المغنية سيلين ديون منذ سنوات على مرأى الجميع، كما يشهد عليها حالياً معرض بعنوان «فالنتينو للأبد» افتُتح في الدوحة ضمن فعالية «فاشن تراست أرابيا» الأخير. أهم ما فيه أنه يستعرض كيف يتلاقى الحاضر بالماضي بشكل سلس ومعاصر. خلال اللقاء، الذي جرى في محل الدار الجديد في مركز «لوبرانتون» بالدوحة، يُفسر جاكوبو مدى أهمية الإبداع قائلاً: «لقد عملت لعقود في الجانب التجاري والتسويقي، لكن دائماً مع مبدعين ومبتكرين في مجالاتهم، ووجدت أننا إذا لم نشجعهم ونفتح لهم الأبواب لإطلاق العنان لخيالهم، فإننا نكون كمَن نقتل ملكتهم وقدراتهم على العطاء والتقدم». كرَر جاكوبو كلمة الإبداع عدة مرات، مشيراً إلى أن هناك اعتقاداً سائداً بأنه يقتصر على تصميم الموضة وإكسسواراتها فحسب، بينما هو يشمل أيضاً التكتيكات الاستراتيجية، بما فيها تصميم ديكورات المحلات وطرق العرض وفنون الضيافة وتوزيع المهام والوقت في المحلات العالمية.

يعرف حق المعرفة أننا عندما ندخل إلى محل ما، فإن المسألة لا تتعدى الفضول والرغبة في الاستكشاف في بادئ الأمر. فكرته أننا «أساساً لسنا بحاجة إلى أي من المنتجات المعروضة. فقد نمتلك منها ما يكفي وزيادة، سواء كانت أزياء أو حقائب يد أو أحذية وغيرها. تحويل هذا الفضول إلى رغبة مُلحة لا يرويها سوى الخروج مُحملاً بقطعة أو أكثر، فن قائم بذاته يحتاج إلى تفاصيل غير عادية تعتمد بشكل أساسي على التعامل الإنساني». يتابع أن الفترة بين دخول الزبون وخروجه من المحل هي الفترة التي يلعب عليها. «فهذه يجب أن توقظ الأحلام وتُدخل السعادة على النفس، والأهم من هذا أن تُشعر الزبون بأهميته في كل دقيقة وثانية». لم يكن راضياً كيف كان هذا الزبون في السابق يتنقل من موظف إلى آخر حسب القسم الذي ينتقل إليه. صحَح الوضع بأنْ فرَضَ على كل عامل أن يكون مُلماً بكل الأقسام حتى يبقى المرافق الوحيد للزبون طوال جولته التسويقية. «بهذا يخدمه بشكل صحيح، بحيث يتعرَف عن قُرب على أسلوبه وما يبحث عنه وفي الوقت ذاته يربط تلك العلاقة الإنسانية التي باتت تدخل في صُلب ثقافة (فالنتينو). كان يقول هذا وهو يتنقل بحيوية نحلة من قسم إلى آخر في المحل. يتلمس كل تفصيل فيه بيده، ويتغزّل به، بدءاً من تصميم «كراسي بيليني» ومقابض الأبواب المرمرية، إلى حديثه عن مصدر الأباجورات ورخام الأرضيات وورق الجدران الورق الذي «استوُحي من قماش التول المستعمل في بروفات فساتين الهوت كوتور قبل تنفيذها على القماش».

الممثلة آن هاثاواي وزي من خط «الهوت كوتور» لخريف وشتاء 2023

تمر دقائق قليلة وتكتشف أن هذا الشرح ما هو إلا مقدمة للحديث عن محل «ميزون فالنتينو»، الذي افتتح منذ أيام فقط في مدينة جدة. حماسه كان له معنى واحد وهو أن السوق السعودية مهمة للدار الإيطالية. أهمية تطلبت قراءته مليَا قبل اقتحامه. وكانت نتيجة هذه القراءة أنها سوق تُقدر الجانب الإنساني بقدر ما يعشق كل ما هو جميل وفخم. ومن هذا المنظور كان الحرص أن يأتي حميماً يأخذ بعين الاعتبار البيئة والثقافة وما تتطلبه من خصوصية، لا سيما أن الجانب الراقي يتطلب التفصيل على المقاس، وإجراء بروفات وغيرها. يشرح جاكوبو: «لا بد من الإشارة إلى أن كل محل نفتتحه هو موطن جديد لنا نبُث فيه روحنا وشخصيتنا وفي الوقت ذاته ثقافة المكان الذي نوجد فيه. نعم هناك دائماً قواسم مشتركة، أو ما نسميه بالخيط الرفيع، الذي يربط كل هذه المحلات ببعض، إلا أن هناك أيضاً اختلافات تفرضها علينا البيئة والثقافة المحلية، والتي نحرص على ترجمتها بأسلوبنا وأدواتنا الخاصة». محل جدة يتمتع بفخامة تعكس ذوق الزبون المحلي، وفي الوقت ذاته له نكهة مستمدة من ثلاثينيات القرن الماضي من خلال «الآرت ديكو» مُزينة بموتيفات جريئة من السبعينات. أما الإيحاءات المحلية فرغم أنها جاءت خفيفة فإنها منحته بُعداً مثيراً ومتميزاً، لا سيما بالطريقة التي استعمل فيها الخشب والعقيق اليماني.

كاثرين لانغفورد في مهرجان كان الأخير بزي فخم من تصميم بيير باولو بيكيولي

بعد جدة تنوي الدار التوسع إلى الرياض، متعهدة بأنها ستُغدق عليها هي الأخرى الكثير من الحرفية والفنية الإيطالية. وطبعاً سيكون القاسم المشترك بينها كالعادة تجنب الأنماط التقليدية والوقوع في مطب الغرف من ثقافة المكان بشكل مبالغ أو فيه استسهال. فالزبون السعودي تحديداً حسب معرفته به، يحب السفر وخبير بكل أسرار الموضة، وبالتالي لم تعد الترجمات الفولكلورية تمر عليه بسهولة.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.