خامنئي يعطي الباسيج ضوءاً أخضر لاتساع حملة القمع

نقابات عمالية تتهم السلطة بارتكاب «إبادة» في كردستان إيران... وأطباء عيون يحذرون من طلقات الخرطوش

خامنئي يلقي كلمة أمام حشد من قوات الباسيج في طهران أمس (د.ب.أ)
خامنئي يلقي كلمة أمام حشد من قوات الباسيج في طهران أمس (د.ب.أ)
TT

خامنئي يعطي الباسيج ضوءاً أخضر لاتساع حملة القمع

خامنئي يلقي كلمة أمام حشد من قوات الباسيج في طهران أمس (د.ب.أ)
خامنئي يلقي كلمة أمام حشد من قوات الباسيج في طهران أمس (د.ب.أ)

في مطلع الأسبوع الحادي عشر للاحتجاجات الدائرة في إيران، دافع المرشد علي خامنئي عن دور ميليشيا «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري» في إخماد الاحتجاجات، لكنه حض على «الجاهزية العملية»، و«حفظ المعنويات»، متحدثاً عن «فشل المخطط الأميركي في المنطقة بواسطة تفكير الباسيج الذي حمل لواءه قاسم سليماني»، وذلك في وقت ذكرت منظمة حقوقية إن 448 محتجاً قتلوا حتى الخميس.
وقال خامنئي في كلمة أمام حشد من ميليشيا «الباسيج» في ذكرى تأسيسها، إن «التفاوض مع الولايات المتحدة لن ينهي الاضطرابات» التي تهز البلاد منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 17 سبتمبر (أيلول)؛ لأنّ «واشنطن ستطالب دائماً بالمزيد».
وفي بداية الأمر، تطرق خامنئي إلى الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقال إن الولايات المتحدة «تطالب بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وبعد ذلك 5 في المائة، ولاحقاً كل البرنامج النووي، وتغيّر الدستور وتحصر نفوذها داخل حدودها وتغلق صناعاتها الدفاعية». وقال إنه «لا يمكن لأيّ إيراني قبول مثل هذه الشروط». واقتبس تسمية خطة العمل المشترك، في إشارة إلى الاتفاق النووي، وقال إن «أميركا تريد خطة عمل مشترك ثانية لكي تتنازل إيران عن حضورها الإقليمي، وخطة عمل مشترك ثالثة لكي تتعهد بألا تنتج أي أسلحة استراتيجية، مثل الصواريخ والمسيرات، وتبقى فارغة اليد عندما يهاجم الأعداء». وأضاف: «البعض يردد ما يقولونه بسبب الإهمال».

مسيرة تضامنية مع الاحتجاجات الإيرانية في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)

وفي السياق، قدم خامنئي تفسيره الخاص بشأن الدور الإيراني في المنطقة، عادّاً إيران «النقطة الأكثر أهمية وحساسية في المنطقة الاستراتيجية لغرب آسيا». وبالاستناد إلى ما سماها «شهادات مسؤولين أميركيين قبل 15 عاماً»، تحدث عن «مخطط أميركي» لإسقاط ست دول؛ العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال، بهدف «القضاء على الامتداد والعمق الاستراتيجي لإيران في المنطقة، لإضعاف البلاد، وانهيار نظام الجمهورية الإسلامية في نهاية المطاف».
وتفاخر خامنئي ضمناً بمحاولات «تصدير الثورة» في منطقة الشرق الأوسط، عندما قال إن «امتداد الثورة» في العراق وسوريا ولبنان «أصبح فاعلاً»، وقال: «تم إنجاز عمل كبير هو هزيمة أميركا في البلدان الثلاثة». وأضاف: «فشل مخطط أميركا في القضاء على حزب الله وحركة أمل في لبنان، وكذلك فشلت في سوريا والعراق رغم إنفاق مليارات الدولارات».
وقال أيضاً إن «هذه الخطة والمؤامرة أحبطتها القوة الفاعلة للجمهورية الإسلامية، حمل لواءها الجنرال سليماني»، وادعى أن «اسم سليماني محبوب لدى الشعب الإيراني ومبغوض لدى الأعداء»، وعدّ عقيدة الباسيج وراء الاستراتيجية التي سعى وراءها مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قبل أن تقضي عليه ضربة أميركية، قرب مطار بغداد، أمر بها الرئيس السابق دونالد ترمب مطلع 2020.
وهذه المرة الأولى التي تطرق خامنئي في خطابه إلى اسم سليماني خلال الاحتجاجات المستمرة. وبالإضافة إلى خامنئي، أصبحت تماثيل ولافتات وبنرات عملاقة للجنرال الإيراني هدفاً للمحتجين. وبينما التهمت النيران عدداً كبيراً منها في المدن الإيرانية، رش المتظاهرون الطلاء الأحمر على جداريات المباني الحكومية والعمارات التجارية.
وإذ طالب خامنئي قوات الباسيج بـ«الحفاظ على الجهوزية الميدانية»، حذر من أن «هناك العديد من المفاجآت في عالم السياسة»، وأضاف: «لا تكونوا ضعفاء ولا تحزنوا، سوف تتفوقون إذا لديكم إيمان». وفي الوقت نفسه، أغلق الباب بوجه المطالب للحوار مع المحتجين، والدعوات من أجل الاستفتاء، وصرح: «يقول لنا البعض في الصحف والفضاء الإلكتروني إنه يكفي حلّ مشكلتكم مع أميركا وسماع صوت الشعب، لإنهاء الاضطرابات التي بدأت قبل عدّة أسابيع». وتساءل: «كيف نحل المشكلة مع أميركا؟ هل ستُحل المشكلة بالجلوس والتفاوض والحصول على التزام من أميركا؟». وأجاب: «لا. التفاوض لن يحل مشكلتنا مع أميركا؛ لأنها تمعن في السعي وراء انتزاع التنازلات من إيران». وهاجم بذلك من يقول إنّه يجب «سماع صوت الشعب». وقال «دوّى صوت الشعب الضخم في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) (خلال التظاهرات الموالية للحكومة) أو أثناء تشييع سليماني. كان هذا الحشد الضخم صوت الشعب الإيراني».

ونقلت «رويترز» عن خامنئي قوله إن قوات الباسيج، «ضحوا بأرواحهم لحماية الشعب من مثيري الشغب... وجود الباسيج يظهر أن الثورة الإسلامية بخير». وقال: «المشكلة ليست أربعة مثيري شغب في الشارع، حتى لو عوقب كل مثير شغب وكل إرهابي... ساحة المعركة أوسع من ذلك بكثير. العدو الرئيسي هو الاستكبار العالمي»، على حد ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال خامنئي إن قوله «لا يعني أن يتوقف الباسيج عن مواجهة مثيري الشغب؛ لأن هذه القضية بحاجة إلى علاج، ويجب أن ينال أي مثير للشغب وإرهابي جزاءه».
وبعدما اتهم كثيراً من المشجعين الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي المنتخب الوطني لكرة القدم بالانحياز لحملة القمع العنيفة التي تشنها الدولة على المحتجين، أشاد خامنئي بالفريق لفوزه في مباراته أمام ويلز في كأس العالم لكرة القدم، الجمعة. وقال خامنئي: «أبناء منتخبنا الوطني لکرة القدم أناروا عيوننا بانتصارهم».
وقال رامين رضائيان الذي سجل الهدف الثاني في مرمي ويلز إن «الهدف كان هدية للشعب الإيراني خاصة الذين يعانون».
وكتب عدد كبير من الإيرانيين تغريدات على «تويتر» وصفت الفريق الأول بـ«منتخب الجمهورية الإسلامية». وردد لاعبو المنتخب الوطني الإيراني النشيد الوطني قبل بدء مباراتهم الثانية في كأس العالم على خلاف ما فعلوه في مباراتهم الأولى أمام إنجلترا في وقت سابق من الأسبوع عندما اختاروا عدم ترديد النشيد في تأييد واضح للمحتجين. وفي خطابه الأخير الذي سبق مباراة إنجلترا بأيام، وصف خامنئي عدم ترديد نشيد المنتخب من فريق وطنية بـ«الخيانة».
وقالت أكرم خدابنده، قائدة الفريق الإيراني النسائي للتايكوندو، في منشور على «إنستغرام»، إنها ستغادر الفريق الذي قضت معه 12 عاماً. وأوضحت أنها تفعل ذلك من أجل «احترام قلوب شعبي الحزينة في هذه الأيام الصعبة».
وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) أنه حتى أمس الجمعة قُتل 448 محتجاً منهم 63 طفلاً. وأضافت أن 57 من قوات الأمن قتلوا أيضاً، فضلاً عن اعتقال نحو 18170 شخصاً. ولم تذكر السلطات العدد الرسمي للقتلى من المحتجين، لكن مسؤولاً كبيراً قال يوم الخميس إن 50 من قوات الشرطة لقوا حتفهم في الاحتجاجات.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في كردستان إيران إن عدد القتلى في المدن الكردية وصل إلى 104 أشخاص حتى مساء الجمعة، وبينهم 41 قتيلاً في المدن الكردية بجنوب محافظة أذربيجان الغربية. وأشارت إلى مقتل 11 طفلاً. كما أشارت إلى مقتل 21 شخصاً في الهجمات التي شنتها إيران على مواقع أحزاب كردية معارضة في إقليم كردستان.
وتفقد الرئيس إبراهيم رئيسي، السبت، لمناسبة أسبوع الباسيج، وحدة «فاتحين» للقوات الخاصة في الباسيج بالعاصمة طهران، حسبما أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري». وقال أمام أعضاء هذه الوحدة: «قمتم بأداء رائع خلال مكافحة مثيري الشغب».
بموازاة ذلك، تجددت التجمعات الطلابية بجامعات طهران وعدة مدن إيرانية، وأظهرت تسجيلات فيديو تجمعات حاشدة في جامعة طهران، أكبر جامعات إيران.
وفي أصفهان، ردد الطلاب الغاضبون في الجامعة «الصناعية» هتافات غاضبة تحض الإيرانيين على مواصلة المسيرات المناهضة للنظام. وردد طلاب جامعة قم شعار «أنت المنحرف... أنا المرأة الحرة».
من ناحية أخرى، أصدرت مجموعة من 140 طبيب عيون بياناً، حذرت فيه من أن طلقات الخرطوش وطلقات كرات الطلاء التي تستخدمها قوات الأمن تسببت في إصابة الكثيرين من المتظاهرين بالعمى في عين واحدة أو العينين، بحسب موقع (صبح ما) الإخباري الإصلاحي، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن الإيرانية تستخدم القوة غير المشروعة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية والخرطوش، مما أسفر عن مقتل العشرات. وألقت السلطات الإيرانية باللوم في بعض عمليات إطلاق النار على من وصفتهم بمنشقين مجهولين.
وبينما تستمر الاحتجاجات، عادت الإضرابات العمالية لتضرب قطاعات جديدة. وتجددت إضرابات عمال شركة الصلب في أصفهان، وبدأ عمال شركة «مرتب» لصناعة السيارات إضرابات من أجل الحصول على تسعة أشهر من مستحقاتهم المؤجلة. كما انتشرت فيديوهات من إضراب عمال مصنع «بارس» للأجهزة المنزلية.
وأصدرت ثلاث نقابات عمالية بارزة في البلاد بيانات تدين «القتل والإبادة الجماعية» في كردستان إيران. وأعلنت نقابة عمال شركة «قصب السكر الوطنية» في محافظة الأحواز، واللجنة التنسيقية لنقابات العمال و«مجموعة اتحاد المتقاعدين»، دعمها «للشعب الكردي المضطهد»، وقالت إن «المؤسسة الحاكمة لا تتجاهل أبسط المطالب فحسب، بل ترد على كل طلب بالرصاص»، وقالوا: «ندين القتل والإبادة الجماعية تحت أي عنوان وتحت أي ذريعة».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
TT

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاستقرار في أفغانستان لن يتحقق عبر «وصفات مستوردة» أو «قرارات عابرة للأقاليم»، مشدداً على أن «الجيران الحل الأمثل والأكثر موثوقية».

وعقدت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، اجتماعاً بعنوان «مراجعة التطورات بأفغانستان» بمشاركة دبلوماسيين من جيران أفغانستان وروسيا، في ظل غياب ممثلين عن الجانب الأفغاني. وقالت الخارجية الإيرانية إن كابل دُعيت لكنها لم تحضر، مشيرة إلى مشاركة روسيا والصين وطاجيكستان وباكستان وأوزبكستان وتركمانستان في الاجتماع.

وقال عراقجي: «لا يمكن لأي وصفة عابرة للأقاليم أن تحل المشاكل والأزمات الإقليمية»، مضيفاً أن التجارب السابقة أظهرت أن «المقاربات الخارجية والوصفات المفروضة لا تؤدي إلى الاستقرار ولا تضمن التنمية المستدامة»، في إشارة إلى «تجربة التدخل العسكري ووجود حلف الناتو في أفغانستان على مدى عقدين»، وما أعقب ذلك من «انسحاب متسرع في عام 2021»، حسب وكالة «إرنا» الرسمية.

واعتبر عراقجي أن استقرار أفغانستان وتنميتها «ضرورة استراتيجية للمنطقة بأسرها»، مشيراً إلى أن موقعها «في قلب شبكات الاتصال في آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوب آسيا» يمنحها إمكانيات اقتصادية ولوجيستية، وتحدث عن أهمية «دمج أفغانستان في العمليات السياسية والاقتصادية للمنطقة» وبناء الثقة بين دولها عبر «الحوار البناء» و«الآليات المحلية» والتعاون المستدام.

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

كما أعلن استعداد بلاده «لتوسيع تعاونها مع جميع الدول المجاورة لأفغانستان» في مجالات من بينها النقل والتجارة والطاقة والخدمات القنصلية، ودعا إلى «آليات حوار منتظمة» بين دول الجوار لتنسيق السياسات والبرامج الاقتصادية والحدودية والإنسانية وخفض التوترات، معتبراً أن المنطقة «على أعتاب تطورات اقتصادية مهمة» قد تفتح «مرحلة جديدة في التعاون الإقليمي».

وبعد الاجتماع، قال عراقجي للتلفزيون الرسمي إن طهران ترى أن «الحل الإقليمي فقط يمكن أن يساعد»، ولفت إلى أن إدراج أفغانستان في «مسار تقارب مع المنطقة» يصب في مصلحة كابل ودول الجوار، مضيفاً أن اجتماع طهران عقد لهذا الهدف بهدف «تقريب وجهات نظر» دول الجوار تمهيداً لبحث توسيع التعاون عبر «تفاعل منتظم» مع الحكومة الأفغانية، معرباً عن تفاؤله بنتائج «إيجابية»، ونقل مخرجات الاجتماع إلى كابل.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن إيران «وجهت الدعوة إلى جميع الدول المعنية للمشاركة في هذا الاجتماع، بما في ذلك أفغانستان». وأضاف: «كنا نرغب في مشاركة أفغانستان في الاجتماع... غير أننا نحترم قرارها بعدم المشاركة».

وأوضح أن الاجتماع جاء نتيجة «مشاورات جرت خلال الأسابيع الماضية» بين إيران ودول الجوار الأفغاني، وأنه يأتي بصيغة مشابهة لاجتماعات سابقة لمتابعة التطورات المرتبطة بأفغانستان، مشيراً إلى مرور نحو عامين من دون عقد اجتماع مماثل على مستوى وزراء الخارجية.

وقال إن الهدف هو «الحوار وتبادل وجهات النظر حول تطورات أفغانستان»، وإن «جميع القضايا والأحداث المرتبطة بهذا البلد ستناقش بطبيعة الحال». وأشار إلى أن «بيئة الجوار» تحظى بأهمية خاصة لإيران، لافتاً إلى أن الأمن والاستقرار في شرق البلاد «مسألة محورية»، وأن إيران تشترك بنحو ألفي كيلومتر من الحدود مع أفغانستان وباكستان، وأن أي توتر بين البلدين «ينعكس بالضرورة» على إيران ويثير مخاوف لدى دول أخرى في المنطقة.

وتطرق بقائي إلى اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بين مجموعات المعارضة الأفغانية، قائلاً إن إيران ترى أن حل القضايا المتعلقة بأفغانستان يمر عبر «الحوار والتفاعل بين مختلف الأطراف»، وأن الحل في أفغانستان يكمن في «حوار أفغاني - أفغاني».

وأضاف أن عقد اجتماع جيران أفغانستان في طهران يعكس قناعة بلاده بضرورة «تعزيز التفاهم وبناء الثقة» بما يساعد على ترسيخ الاستقرار والأمن.


طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
TT

طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)

قالت إيران إن قواتها المسلحة في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ، في وقت أكدت فيه استمرار اتصالاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددة على أن الدبلوماسية ما زالت إحدى أدواتها الأساسية لصون «المصالح الوطنية»، رغم ما وصفته بتعاملها مع أطراف لا تولي أي قيمة للتفاوض.

ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مرة أخرى وجود وساطة بالمعنى التقليدي بين طهران والوكالة التابعة للأمم المتحدة، وقال خلال مؤتمر صحافي أسبوعي، الأحد، إن «أساس تعامل إيران مع الوكالة الذرية يقوم على القانون الذي أقره البرلمان، والذي يحدد إطار التعاون بشكل واضح»، حسبما نقلت وكالة «إرنا» الرسمية.

وتعليقاً على أحدث تصريحات المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الذي جدّد مطالبة طهران بالكشف عن مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب واستئناف عمل المفتشين، قال بقائي إن تكرار هذه التصريحات «لا يغير من الواقع شيئاً»، داعياً غروسي إلى توجيه الاهتمام إلى «الأطراف المسؤولة عن الوضع الحالي».

وقال إن «تجاهل الهجمات التي طالت المنشآت النووية السلمية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، والاكتفاء بمخاطبة طرف واحد، نهج غير منصف ولا يمكن أن يسهم في حلّ الأزمة»، داعياً الوكالة إلى الالتزام بمقاربة فنية بحتة في التعامل مع الملف الإيراني.

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، الجهاز الموازي للجيش النظامي، إضافة إلى مسؤولين وعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرّت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف 3 مواقع نووية داخل إيران.

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الذرية، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع المستهدفة، منتقدةً عدم إدانة الوكالة للهجمات. كما ربط قانون أقرّه البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي.

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بوساطة مصرية على إطار عمل جديد للتعاون، غير أن طهران أعلنت لاحقاً اعتباره لاغياً، بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مسار إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

عراقجي ونائبه مجيد تخت روانتشي خلال محادثات مع غروسي على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك... سبتمبر الماضي (الخارجية الإيرانية)

وخلال الأسابيع التالية، أجرى وزير الخارجية المصري اتصالات مع نظيره الإيراني ومدير الوكالة الذرية، في محاولة لإحياء «تفاهم القاهرة» واحتواء التوتر، لكن إيران أعلنت رسمياً طي هذا المسار رداً على قرار مجلس محافظي الوكالة في 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي دعاها إلى التعاون مع المفتشين الدوليين.

وسبق ذلك تأكيد مسؤولين إيرانيين انتهاء الاتفاق، فيما أبدت طهران استعدادها قبل قرار المجلس لبحث وساطة صينية - روسية، بهدف استئناف التعاون مع الوكالة الذرية.

وقبل الهجمات على منشآتها النووية، كانت إيران تخصّب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى الاستخدام العسكري، وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران كانت تمتلك نحو 441 كيلوغراماً من هذه المادة عند اندلاع الحرب، قبل أن يتعذر عليها التحقق من المخزون منذ 13 يونيو.

وتؤكد الدول الغربية عدم وجود حاجة مدنية لهذا المستوى من التخصيب، فيما تقول الوكالة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على سلاح نووي التي تخصّب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة.

وفي أواخر أكتوبر(تشرين الأول)، قال غروسي إن إيران لا تبدو منخرطة حالياً في تخصيب نشط، لكنه أشار إلى رصد تحركات متجددة في مواقع نووية، وسط تقارير غربية عن تسريع أعمال بناء في منشأة تحت الأرض قرب نطنز.

غموض المسار التفاوضي

ويسود الغموض بشأن مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الغربية، التي أعادت فرض العقوبات الأممية على طهران اعتباراً من نهاية القرار 2231 في 18 أكتوبر الماضي.

وكانت طهران وواشنطن قد قطعتا شوطاً في 5 جولات تفاوضية حول الملف النووي، وإمكانية التوصل لاتفاق جديد، لكن المفاوضات دخلت مرحلة جمود بعد حرب الـ12 يوماً، رغم تمسك الجانبين بخيار التسوية، كل وفق شروطه.

وتشترط واشنطن على إيران وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وتقييد برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب تقول طهران إنها «مرفوضة وغير قابلة للتفاوض».

ورداً على أسئلة حول الغموض الذي يلف المسار الدبلوماسي، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية، قال بقائي إن إيران أظهرت «اقتدارها وقدراتها» في مختلف المجالات، منوهاً أن الدبلوماسية ستبقى أحد الخيارات المتاحة «متى ما توفرت الظروف المناسبة». لكنه أشار في المقابل إلى أن طهران «تواجه أطرافاً لا تعطي وزناً للتفاوض».

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس الماضي، للصحافيين، إنه يسعى بقوة إلى اتفاق مع إيران، لكنه حذر من أن طهران ستواجه هجوماً أميركياً جديداً إذا عادت إلى أنشطتها النووية. وأشار إلى أن إيران كانت على مقربة من امتلاك سلاح نووي، لكنها ابتعدت عن ذلك بعد الضربات التي شنّتها قاذفات «بي-2» الشبح.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي بينما وضع أمامه مجسماً من قاذفات «بي 2» التي قصفت منشآت إيران النووية 6 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ونبّه بقائي أن القوات المسلحة الإيرانية «في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ أو مغامرة»، مضيفاً أن خصوم إيران «يدركون هذه القدرات»، معتبراً أن ما وصفه بالدفاع خلال حرب الاثني عشر يوماً «لا يترك مجالاً للغموض».

وقال بقائي أيضاً إن استمرار أمانة الأمم المتحدة وبعض أعضاء مجلس الأمن في الاستناد إلى القرار 2231 «لا يستند إلى أي أساس قانوني»، مشيراً إلى أن القرار «انتهى مفعوله». وأضاف أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة «أعدّ استناداً إلى قرار لم يعد قائماً من الناحية القانونية»، لافتاً إلى أن دولتين دائمتين في مجلس الأمن تشاركان طهران هذا التقييم، في إشارة إلى الصين وروسيا.

واتهم المتحدث الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) باللجوء إلى آلية تسوية النزاع في الاتفاق النووي «بدوافع سياسية وتحت ضغط الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن هذا المسار «لا تترتب عليه أي آثار قانونية». وقال إن الصين وروسيا تتبنيان موقفاً مماثلاً، محذراً من أن الإصرار على مواصلة هذا النهج «سيؤدي إلى تعميق الانقسام القانوني داخل مجلس الأمن».

وفي سبتمبر الماضي، فشل قرار دفعت به روسيا والصين، أمام مجلس الأمن لتمديد القرار 2231.

وانتقد بقائي ما وصفه بـ«غياب الاستقلالية» في سياسات بعض الدول الأوروبية خلال العامين الماضيين، معتبراً أن تعاملها مع الملف النووي الإيراني «حوّلها عملياً إلى أداة لخدمة الأهداف الأميركية»، متهماً واشنطن بالسعي وراء إثارة الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.

إيران وفنزويلا

وفي سياق منفصل، تطرق بقائي إلى التوتر مع الولايات المتحدة بشأن فنزويلا. وقال إن واشنطن «لا تملك أي أساس قانوني» لاحتجاز ناقلة نفط فنزويلية، رافضاً مزاعم واشنطن بأن الناقلة كانت تنقل نفطاً إلى إيران عبر السوق السوداء.

كما اتهم واشنطن بمحاولة ربط إيران بالأوضاع في فنزويلا، قائلاً إن هذه الادعاءات «لا تستند إلى أي وقائع»، مضيفاً أن فنزويلا «دولة مستقلة ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية».

وأضاف أن الولايات المتحدة «لها سجل طويل من التدخل في أميركا اللاتينية»، وأن ما يجري «ينتهك مبادئ القانون الدولي».

وفي ما يتعلق بتوقيف ناقلة فنزويلية وسفينة صينية، قال إن استخدام القوة ضد سفن تجارية «لا يملك أي مبرر قانوني»، مشيراً إلى أن إيران «ستستخدم الأدوات المتاحة لحماية مصالحها».

وحول تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن هجوم أميركي على سفينة إيرانية كانت متجهة من الصين إلى إيران، قال بقائي إن طهران لم تتلقَّ حتى الآن تأكيداً رسمياً من الجهات المختصة.


حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني... وتستثني نفسها

TT

حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني... وتستثني نفسها

رجال شرطة بعد حادث إطلاق نار في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية يوم الأحد (أ.ف.ب)
رجال شرطة بعد حادث إطلاق نار في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية يوم الأحد (أ.ف.ب)

في الوقت الذي ترفض فيه دول العالم، بما فيها العربية والمسلمة، الهجوم على احتفال بعيد الأنوار اليهودي (الحانوكا) في مدينة سيدني الأسترالية، تصرّ الحكومة الإسرائيلية على استغلال الحادث المأساوي سياسياً.

والمتابع للساحة الإسرائيلية، يفهم أن غرض حكومة بنيامين نتنياهو الأول من ذلك هو صدّ الاتهامات لها بأنها تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية عن الكراهية للإسرائيليين واليهود في العالم، جرّاء ما ارتكبته من جرائم في غزة.

ومنذ اللحظات الأولى للهجوم، خرج جميع المسؤولين الإسرائيليين بتصريحات توزع الاتهامات لحكومة أستراليا بإهمال أمني كبير أتاح تنفيذ هذه العملية الإرهابية، والتشديد على أنهم قالوا إنهم كانوا قد حذّروا أستراليا من الارتفاع الهائل في عدد الاعتداءات على يهود ومؤسسات يهودية في البلاد.

صورة من مقطع فيديو يظهر فرار المئات من حادث إطلاق النار في أستراليا يوم الأحد (أ.ف.ب)

وأعلن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، أنه يُحمّل الحكومة الأسترالية مسؤولية ما وصفه بـ«التقاعس في مواجهة معاداة السامية»، مؤكداً أن التحريض المستمر وترك الساحات العامة دون ردع أدى إلى هذا الهجوم.

كما دعا المجتمع الدولي إلى التعامل مع الاعتداء بوصفه هجوماً إرهابياً يستهدف اليهود أينما وجدوا.

وكذلك جاء تعليق نتنياهو متناغماً، فقال إن هذا الهجوم نتيجة تساهل الحكومة الأسترالية مع «العداء للسامية».

أما وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، فقال إن الهجوم نتيجة مباشرة لاعتراف حكومة أستراليا بالدولة الفلسطينية، في حين رأى وزير الخارجية، جدعون ساعر، أن الهجوم «كان متوقعاً، في ظل سنتين من المظاهرات والشعارات المعادية لليهود في شوارع سيدني»، مشدداً على أن «التساهل مع دعوات (عولمة الانتفاضة) يفضي في النهاية إلى العنف المسلح.

وطالب ساعر الحكومة الأسترالية باتخاذ خطوات فورية وحازمة.

كما زعمت مصادر أمنية في تل أبيب، أن هناك «بصمات إيرانية لهذا الهجوم، لكن الخارجية الإيرانية نددت بالهجوم ووصفته بأنه (إرهابي)».

ونقل التلفزيون الإيراني عن المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي قوله: «نُدين الهجوم العنيف في سيدني بأستراليا، ويجب رفض وإدانة الإرهاب وقتل البشر أينما ارتُكب».

وبدا واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تُحاول تفادي اتهامها بالمسؤولية عن انتشار مظاهر الكراهية والحقد ضد الإسرائيليين واليهود في العالم بسبب الحرب على غزة، وما ترافق معها من جرائم قتل وإبادة جماعية للفلسطينيين في القطاع خلال سنتين بلا توقف، ما تسبب في قتل أكثر من 70 ألفاً بينهم 25 ألف طفل، فضلاً عن المجاعة والتدمير الشامل.

الاعتداءات تضاعفت 5 مرات

وتُقدر الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية بأن هناك 138 ألف يهودي في أستراليا.

وظلّت أستراليا ساحة هادئة وخالية تقريباً من أي اعتداءات على اليهود والمؤسسات اليهودية طيلة 19 عاماً (من 1995 وحتى 2014)، لكنها بدأت تشهد اعتداءات متنامية منذ الحرب على غزة في 2014.

منظر عام للمعبد اليهودي في جنوب سيدني بأستراليا يوم 10 يناير 2025 بعد محو كتابات غرافيتي معادية للسامية (إ.ب.أ)

وحسب الإحصائيات الإسرائيلية نفسها، فإن معدل الاعتداءات ضد اليهود في أستراليا تضاعف 5 مرات منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة ردّاً على «هجوم حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ففي سنة 2024، نفذت 1654 اعتداءً على مؤسسات وبيوت وأشخاص يهود. وارتفع هذا العدد إلى 2024 اعتداءً في سنة 2025.

وبسبب هذه الاعتداءات، ارتفع عدد اليهود الذين هاجروا من أستراليا إلى إسرائيل بنسبة 47 في المائة، إذ هاجر 125 في سنة 2023، وارتفع عدد المهاجرين إلى 200 في سنة 2024 وأكثر من 200 حتى شهر سبتمبر (أيلول) 2025.

وتسببت تلك المؤشرات، حتى قبل توثيقها، في دفع كثير من دعاة التعقل والسلام في إسرائيل إلى التحذير من تداعيات الصور التي انتشرت في العالم عن بشاعة ووحشية الممارسات الإسرائيلية في غزة.

وفي تقدير هؤلاء، تسببت جرائم القتل والتجويع وقطع الماء والكهرباء وتدمير المستشفيات وإحراق الخيام وأهلها الفلسطينيين الأحياء وغرق الخيام في الأمطار وموت الأطفال من البرد، في ارتفاع مذهل في الكراهية لإسرائيل وحتى لليهود في العالم.

ورغم التشديدات الأمنية المتزايدة حول العالم لمنع جرائم معاداة اليهود، فإن التقديرات تشير إلى أن «الحل يكمن في تبني سياسة سلمية للصراع، لوضع حد لهذه الكراهية، وإحداث تحول إيجابي في حياة شعوب الشرق الأوسط».

ومع ذلك، تواصل الحكومة الإسرائيلية سياستها الحربية العدوانية والتهرّب من الالتزام بالسلام، محاولةً التملص من مسؤوليتها عن معاداة اليهود، من خلال نشر دعاية تصوّرها على أنها مجرد «عداء للسامية».