مؤشرات تجاوب صيني مع الضغوط للتنديد بصواريخ كوريا الشمالية

مساعٍ أميركية لحث الصين وروسيا على التنديد بتجارب بيونغ يانغ الصاروخية

مشاهد للتجربة الصاروخية لبيونغ يانغ بثتها قنوات كوريا الجنوبية (أ.ب)
مشاهد للتجربة الصاروخية لبيونغ يانغ بثتها قنوات كوريا الجنوبية (أ.ب)
TT

مؤشرات تجاوب صيني مع الضغوط للتنديد بصواريخ كوريا الشمالية

مشاهد للتجربة الصاروخية لبيونغ يانغ بثتها قنوات كوريا الجنوبية (أ.ب)
مشاهد للتجربة الصاروخية لبيونغ يانغ بثتها قنوات كوريا الجنوبية (أ.ب)

ضغطت الولايات المتحدة، اليوم (الاثنين)، على كل من الصين وروسيا من أجل ضم صوتيهما إلى بقية أعضاء مجلس الأمن للتنديد بشدة بالتجارب الصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية، وآخرها العابر للقارات خلال الأسبوع الماضي، ومحاسبتها على انتهاكاتها المتواصلة للقرارات الدولية.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الصين بصورة خاصة ستتجاوب هذه المرة مع ضغوط الولايات المتحدة. غير أن دخول المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إلى قاعة مجلس الأمن برفقة نظيرها الصيني تشانغ جون، أوحى بأن المشاورات تجري عن قرب بين الطرفين بهدف التوصل إلى حل وسط يؤدي إلى اتخاذ موقف موحد في مجلس الأمن، علماً بأن الدبلوماسية الأميركية أشارت في كلمتها إلى أنها تستعد لعرض بيان رئاسي، وهو ثاني أقوى أداة يملكها مجلس الأمن بعد القرارات.
وبطلب من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألبانيا وآيرلندا والنرويج، استمع أعضاء مجلس الأمن إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو التي استهلتها بالإشارة إلى إعلان «جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية»، الاسم الرسمي لكوريا الشمالية، عن إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز «هواسونغ 17» الذي حلَّق لمسافة ألف كيلومتر على ارتفاع نحو 6100 كيلومتر، في أول اختبار ناجح «لأكبر وأقوى صاروخ» لدى كوريا الشمالية «قادر على الوصول إلى كل أميركا الشمالية»، مضيفةً أن هذا الإطلاق «هو الأحدث في سلسلة من النشاطات المقلقة» المتعلقة بالسلاح النووي وبرامج الصواريخ الباليستية لدى بيونغ يانغ خلال عام 2022، بما في ذلك القيام بأكثر من 60 تجربة خاصة بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية.
وإذ لفتت المسؤولة الأممية إلى تنديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشدة بعمليات الإطلاق هذه، ذكّرت بأن سعي كوريا الشمالية المستمر لامتلاك أسلحة نووية وبرنامج للصواريخ الباليستية ينتهك بشكل صارخ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، داعيةً بيونغ يانغ إلى «الكفّ عن القيام بالمزيد من الأعمال الاستفزازية والامتثال الكامل لواجباتها الدولية». ونقلت عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، أن موقع «بانغيي - ري» للتجارب النووية «لا يزال على استعداد لدعم» إجراء تجربة نووية، فضلاً عن استمرار نشاطات البناء في محطة «يونغبيون» النووية. ولاحظت أنه رغم أن هذه هي المرة العاشرة التي يجتمع فيها مجلس الأمن لمناقشة كوريا الشمالية عام 2022، فإن الوضع في شبه الجزيرة الكورية «لا يزال في ذروته في الاتجاه الخاطئ»، مما يؤدي إلى «زيادة التوترات».
وطالبت ديكارلو بـ«خفض التصعيد»، قائلة إنه «يجب تعزيز قنوات الاتصال، ولا سيما العسكرية، لتقليل مخاطر سوء التقدير». وحضّت بيونغ يانغ على «اتخاذ خطوات فورية لاستئناف الحوار المؤدي إلى السلام المستدام ونزع السلاح النووي بشكل كامل وقابل للتحقق في شبه الجزيرة الكورية»، داعيةً مجلس الأمن إلى العمل كـ«هيئة موحدة» لحض كوريا الشمالية على «الامتناع عن إجراء المزيد من عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية أو إجراء تجربة نووية سابعة» لأن «الوحدة في مجلس الأمن أمر حاسم».
ونددت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، «بأشد العبارات» بإطلاق كوريا الشمالية «الصارخ والوقح»، مشيرةً إلى أن الصاروخ سقط على مسافة 125 ميلاً فقط من الشاطئ الياباني. وقالت إن بيونغ يانغ «انتهكت بشكل صارخ قرارات مجلس الأمن وحاولت تقويض النظام العالمي لعدم الانتشار 63 مرة هذا العام»، متسائلةً: «ما عدد الصواريخ التي يجب إطلاقها قبل أن نرد كمجلس موحد؟». وأضافت أنه «حان الوقت لمجلس الأمن أن يوجه نفس دعوة الأمين العام» بعدما «تصرفت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لفترة طويلة من دون عقاب». واتهمت الصين وروسيا بأنهما «تمكِّنان وتشجعان» بيونغ يانغ على «إطلاق أحدث تجربة صاروخية متهورة، عرّضت حياة المدنيين اليابانيين للخطر وزادت التوترات في المنطقة بلا داعٍ». ورأت أن هذه «العرقلة الصارخة من هذين العضوين عرّضت منطقة شمال شرقي آسيا والعالم بأسره للخطر». وتعهدت بـ«تقديم فرصة أخرى للمجلس» عبر بيان رئاسي لمساءلة كوريا الشمالية عن «خطابها الخطير وأعمالها المزعزعة للاستقرار». وكررت أن الولايات المتحدة «ملتزمة اتّباع نهج دبلوماسي» وهي «على استعداد للاجتماع من دون شروط مسبقة» مع كوريا الشمالية «في دبلوماسية جادة ومستدامة».
وقال نظيرها الصيني تشانغ جون إن بلاده «قلقة» من «تصاعد المواجهة» في شبه الجزيرة الكورية، داعياً واشنطن إلى «أخذ زمام المبادرة» لـ«تقدم مقترحات واقعية وقابلة للتطبيق وتستجيب بشكل إيجابي للمخاوف المشروعة لكوريا الديمقراطية وتحول الحوار من إجراء شكلي إلى واقع في أقرب وقت ممكن». وحض مجلس الأمن على «لعب دور بناء في هذه القضية» وعدم إدانة كوريا الشمالية أو الضغط عليها دائماً».
* انتقادات روسية
أما نائبة المندوب الروسي آنا إيفستينيفا، فعزت التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية إلى التدريبات العسكرية التي أجرتها الولايات المتحدة وحليفتيها كوريا الجنوبية واليابان. وقالت إن إطلاق صواريخ بيونغ يانغ «نتيجة لنشاط عسكري تصادمي قصير النظر للولايات المتحدة يتم تنفيذه حول كوريا الديمقراطية».
وكانت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، وزعماء أستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، قد نددوا على الفور بعملية إطلاق الصاروخ العابر للقارات في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خلال اجتماع طارئ على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك). وقالت هاريس إن الولايات المتحدة «تُدين بشدة هذه الأعمال» وتدعو بيونغ يانغ إلى «وقف المزيد من الأعمال غير القانونية والمزعزعة للاستقرار».


مقالات ذات صلة

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

العالم كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

حذرت كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتعزيز الردع النووي ضد بيونغ يانغ لن يؤدي إلا إلى «خطر أكثر فداحة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. كانت واشنطن وسيول حذرتا الأربعاء كوريا الشمالية من أن أي هجوم نووي تطلقه «سيفضي إلى نهاية» نظامها. وردت الشقيقة الشديدة النفوذ للزعيم الكوري الشمالي على هذا التهديد، قائلة إن كوريا الشمالية مقتنعة بضرورة «أن تحسن بشكل أكبر» برنامج الردع النووي الخاص بها، وفقا لتصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
بكين تَحمل بشدة على «إعلان واشنطن»

بكين تَحمل بشدة على «إعلان واشنطن»

اتّهمت بكين واشنطن بتقويض السلام وزيادة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، غداة إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول، أن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية «سيفضي إلى نهاية نظامها». وحملت الصين بشدة على الموقف الأميركي - الكوري الجنوبي المشترك، الذي عبّر عنه «إعلان واشنطن»، مشيرة إلى أنه «إثارة متعمدة للتوترات والمواجهة والتهديدات».

«الشرق الأوسط» (لندن)
واشنطن وسيول تنسقان ضد تهديدات بيونغ يانغ

واشنطن وسيول تنسقان ضد تهديدات بيونغ يانغ

اتفق الرئيسان الأميركي جو بايدن والكوري الجنوبي يون سوك يول على توثيق التنسيق العسكري لردع تهديدات بيونغ يانغ، بعد سلسلة تجارب صاروخية باليستية أطلقتها كوريا الشمالية في الأسابيع الماضية. وانتهز الحليفان أول زيارة رسمية لرئيس كوري جنوبي إلى واشنطن منذ أكثر من عقد، للتأكيد على قوة الشراكة العسكرية والسياسية والأمنية بين واشنطن وسيول. وأعلنت الولايات المتحدة في هذا الصدد «توقّف» غواصة نووية أميركية في كوريا الجنوبية، بهدف تعزيز قدرات الردع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بكين تحذر واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع بيونغ يانغ

بكين تحذر واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع بيونغ يانغ

حذّرت بكين، الخميس، كلاً من واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع كوريا الشمالية، بعدما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول، إن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية «سيفضي إلى نهاية» نظامها. في غضون ذلك، قال سوك يول، في خطاب للكونغرس، أمس، إن بلاده سترد بحزم على الاستفزازات الكورية الشمالية، لكنها ستبقي الباب مفتوحاً للحوار حول نزع سلاحها النووي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم واشنطن وسيول تعززان التعاون العسكري لردع التصعيد الكوري الشمالي

واشنطن وسيول تعززان التعاون العسكري لردع التصعيد الكوري الشمالي

اتفق الرئيسان الأميركي جو بايدن والكوري الجنوبي يون سوك يول على توثيق التعاون المعني بردع التصعيد النووي من جانب كوريا الشمالية، وسط القلق المتزايد المتعلق بتنامي ترسانتها من الصواريخ والقذائف. وانتهز الحليفان أول زيارة رسمية لرئيس كوري جنوبي إلى واشنطن منذ أكثر من عقد لإرسال تحذير إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وأعلنت الولايات المتحدة في هذا الصدد «توقّف» غواصة نووية أميركية في كوريا الجنوبية، بهدف تعزيز قدرات الردع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».