بيوت اللبنانيين تحولت إلى بنوك صغيرة بسبب انعدام الثقة بمصارفهم

7 مليارات دولار تحويلات من الخارج تنتقل مباشرة إلى المنازل

رجال أمن ومواطنون أمام فرع أحد المصارف في بيروت الذي اقتحمه مودعون في سبتمبر الماضي للحصول على أموالهم (إ.ب.أ)
رجال أمن ومواطنون أمام فرع أحد المصارف في بيروت الذي اقتحمه مودعون في سبتمبر الماضي للحصول على أموالهم (إ.ب.أ)
TT

بيوت اللبنانيين تحولت إلى بنوك صغيرة بسبب انعدام الثقة بمصارفهم

رجال أمن ومواطنون أمام فرع أحد المصارف في بيروت الذي اقتحمه مودعون في سبتمبر الماضي للحصول على أموالهم (إ.ب.أ)
رجال أمن ومواطنون أمام فرع أحد المصارف في بيروت الذي اقتحمه مودعون في سبتمبر الماضي للحصول على أموالهم (إ.ب.أ)

لم تكن سرقة مبلغ مليون وخمسين ألف دولار أميركي، من أحد المنازل في لبنان، الوحيدة في البلاد التي تشهد واحدة من أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية في تاريخها؛ لكنها كانت الأكبر من نوعها في سلسلة من السرقات التي استهدفت منازل اللبنانيين في الآونة الأخيرة. لكن هذه الحادثة ومثيلاتها تكشف النقاب عن تحول بيوت اللبنانيين إلى مصارف صغيرة، بعد أن فقدوا ثقتهم بالقطاع المصرفي الذي احتجز بطريقة أو بأخرى أموال كل اللبنانيين –ما عدا المحظيين منهم– المودعة في القطاع قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
تقنياً، لم يعد أمام اللبنانيين من خيارات، سوى الاعتماد على أنفسهم في حماية أموالهم، بعد أن تراجعت الثقة بالمصارف إلى حد كبير. ويقول مسؤول مصرفي كبير لـ«الشرق الأوسط»، إن التحويلات القادمة إلى البلاد تناهز 7 مليارات دولار سنوياً؛ لكن كل هذه المبالغ «تتبخر سريعاً من صناديق المصارف؛ لأن أصحابها يعمدون إلى سحبها بالسرعة نفسها التي تصل فيها».
ويقدر المسؤولون عن المالية العامة في لبنان وجود نحو 10 مليارات دولار على الأقل في منازل اللبنانيين، وهو رقم يزداد بشكل مستمر، ويوازي –أو يفوق– الأموال الموجودة في احتياطات مصرف لبنان، والتي قدرت أخيراً بمبلغ 10.8 مليار دولار، كما ورد على لسان وزير المال أمام اللجان النيابية الأسبوع الماضي.
ويقول المسؤول المصرفي إن نحو ملياري دولار فقط هو ما يبقى كرقم وسطي في المصارف، وهي عبارة عن أموال يحتاجها التجار والصناعيون لتأمين شراء البضائع من الخارج.
فمنذ 17 أكتوبر 2019، بدأت المصارف في تقنين الدفعات النقدية للمواطنين الذين تهافتوا على صناديقها، بعد إقفال أبوابها لفترة، مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية، ثم توقفت نهائياً. وتم تحويل كامل حسابات اللبنانيين في المصارف إلى «دولار وهمي» اصطلح على تسميته بـ«اللولار»، أي الدولار اللبناني، وذلك لتمييزه عن الدولارات التي وردت إلى البلاد بعد هذا التاريخ، والتي أعطي أصحابها الحق في سحبها كاملة.
وبعد تمنُّع الدولة عن دفع مستحقات الديون التي تكتتب المصارف اللبنانية بالجزء الأكبر منها، تمنَّعت المصارف بدورها عن سداد حسابات زبائنها، ما خلق أزمة كبيرة في البلاد، وكل ذلك من دون أي سند قانوني.
وفي غياب قانون «الكابيتال كونترول» تمكن نافذون من تحويل مليارات من الدولارات إلى حسابات خارجية، بينما تحول ما بقي من أموال إلى «لولار» تبلغ قيمته التداولية حالياً نحو 18 سنتاً. وفي المقابل، تمكن أجانب ولبنانيون من حملة الجنسيات الغربية من الحصول على ودائعهم بقوة القانون في بلدانهم، بعد سلسلة من الدعاوى القضائية؛ خصوصاً في الولايات المتحدة التي تعتبر مصارفها المراسلة رئة لا يمكن للمصارف اللبنانية التخلي عنها.
ومع تبدل الأحوال، بات اللبنانيون مطالبين بإيجاد بدائل لحفظ أموالهم. وقد لجأ كثيرون للاستثمار في العقارات وفي بدائل أخرى، أما من يمتلك حسابات خارجية، فقد حوَّل ما استطاع إليها. أما الباقون، فلم يعد أمامهم إلا منازلهم؛ خصوصاً أن خزانات المصارف بدورها لم تعد خياراً جيداً.
ويروي جورج -وهو تاجر بناء لبناني- أنه وضع أمواله في إحدى خزائن الأمانات في أحد المصارف؛ لكنه ما لبث أن أدرك أن الأمر غير عملي مع تكرار إقفال المصارف التي أضربت لأيام وأسابيع، احتجاجاً على هجمات تعرضت لها صناديقها من قبل المودعين الغاضبين.
ويروي مواطنون في إحدى القرى الجبلية في شمال لبنان، أن أحد الأشخاص جهز حفرة تحت الأرض في حديقة منزله، وضع فيها مدخراته، ثم زرع فوقها شجرة للتمويه. أما في المنازل، فقد تم تحويل غرف فيها إلى خزانات ضخمة، توضع في داخلها خزانات أصغر، لتصعيب المهمة على السارقين.
ونشطت تجارة الخزانات الحديدية بشكل قياسي منذ بدء الأزمة اللبنانية. ولم تعد تقتصر على الخزائن الضخمة والكبيرة؛ حيث لجأ كثيرون إلى شراء خزانات حديدية صغيرة لا يتخطى وزنها الثمانية كيلوغرامات، ويمكن تثبيتها بحائط داخل خزانة، ما يمنع سرقة محتوياتها.
ويقول تاجر خزانات في بيروت، إنه في عام 2020 باع نحو 300 خزانة صغيرة بثلاثة أحجام مختلفة، يتراوح سعرها بين 35 و55 دولاراً، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الرقم «لم أبع بما يشبهه خلال السنوات العشر التي سبقت الأزمة؛ حيث كان الناس يطمئنون إلى إيداع أموالهم في المصارف». وأضاف: «كان الإقبال كبيراً، ولو أنه الآن بات أقل مما كان عليه في عام 2020، وهو مؤشر بالغ الأهمية على أن الناس حولت منازلها إلى خزائن».
واللجوء إلى الخزانات الحديدية هو الوسيلة الأكثر أماناً من إيداع الأموال النقدية في المنازل بلا حماية. فقد أُبلغت القوى الأمنية خلال السنوات الثلاث الماضية عن حالات سرقة كثيرة من المنازل، بينما انشغلت مواقع التواصل في عام 2020 بحادثة العثور على رزمة دولارات محترقة ضمن أمتعة امرأة مسنة توفيت في وقت سابق في جنوب لبنان. وكانت المرأة تحتفظ بمبلغ مالي في إحدى وسائدها، ولم تبلغ به أي طرف.
ومنذ خسارته 107 آلاف دولار في أحد المصارف اللبنانية التي تحتجز الودائع المالية، قرر علي (38 عاماً) المغترب في أفريقيا، الإحجام عن إيداع أمواله في أي من المصارف، واشترى خزانة صغيرة وضعها في منزله، وباتت عائلته تسحب شهرياً راتبه البالغ نحو 3 آلاف دولار وراتب شقيقه، وتودعهما في المنزل.
وتعد هذه الطريقة آخر تحولات التعامل اللبناني مع الأموال. كما لجأ مغتربون إلى مصارف خارجية في قبرص أو تركيا أو دبي لإيداع أموالهم، بينما ذهب آخرون إلى شراء العقارات «كونها استثماراً أكثر أماناً»، أو السيارات «منعاً للتحسر في حال ذهبت أموالنا»، بينما اختار آخرون المنازل لإيداع الأموال بعد تراجع الثقة بالمصارف.
لكن خطورة وجود المال في المنزل، دفع الشقيقين علي وفراس لاستثمار ما يفيض عنهما في العقارات. يقول: «منذ 3 سنوات، تمكنت وشقيقي من شراء عقارين صغيرين في القرية. هذا الاستثمار هو الأربح والأضمن والأكثر موثوقية»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن ثقته بالمصارف «تلاشت، ولم تعد تتمتع بموثوقية عالية، حتى لو تغيرت الأحوال». وأضاف: «لو كنت أستثمر في العقارات، لما خسرت جنى عمري الذي كنت أودعه على مدى 12 عاماً في المصرف، وفي النهاية ذهب مع الريح».
منذ بدء الأزمة، تبدل نمط حياة اللبنانيين لجهة الاحتفاظ بالأموال، أو إنفاقها. تقول زينة (34 عاماً) التي تعمل في إحدى الدول العربية منذ عام 2016، إنها استطاعت أن تشتري سيارتين في بداية الأزمة بالوديعة المالية التي كانت تمتلكها في المصرف، عبر شيك مصرفي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «عملت بنصيحة عمي، وكانت خطوة صحيحة». وأضافت: «على الأقل ربحت سيارتين بدلاً من انتظار الحكومة لتتخذ أي إجراء سيعود عليَّ بخسائر إضافية».
أما ابنة عمها التي كانت تمتلك نحو 25 ألف دولار في المصرف، فلجأت إلى تسييل وديعتها عبر سحبها على شكل شيك مصرفي، ومبادلتها بالعملة الورقية بخسارة ناهزت الـ20 في المائة في أوائل الأزمة، علماً بأن أسعار الشيكات المصرفية الآن باتت أقل بنسبة 82 في المائة من قيمتها الفعلية، بالنظر إلى أن معظم المصارف ترفض إيداع الشيكات المصرفية بالعملة الصعبة في حسابات الأفراد، وتحصرها بالشركات، وتفرض إخراجها بشيك أو تحويل في حال تم قبولها «بهدف التخفيف من الدولارات القديمة المعروفة بـ(اللولار) من الحسابات المصرفية»، حسبما تقول مديرة إحدى الفروع المصرفية.
ويرفض رئيس جمعية المصارف في لبنان، الدكتور سليم صفير، تحميل المصارف مسؤولية الأزمة الحالية. ويقول صفير الذي تعرض منزله ومكاتبه أكثر من مرة لهجمات مودعين غاضبين، إن إعادة بناء الثقة ‏تشكل المعبر الإلزامي لإنقاذ لبنان، وينبغي أن تكون العنوان الأبرز لأي خطة ‏معالجة شاملة تكفل انتشال الاقتصاد من أزمته العاتية، ومعالجة الفجوات المالية ‏والنقدية، وطمأنة أصحاب المدخرات والرساميل لسلامة توظيفها في المؤسسات المالية والمصرفية، عبر وضع آليات موثوقة تكفل إعادة الانتظام التام إلى القطاع المالي، وبما يشمل العمليات الائتمانية والاستثمارية المعهودة لصالح الأفراد والشركات داخل البلاد وخارجها.
ويرى صفير أنه ما دامت نواة الأزمة تكمن في المالية ‏العامة، فإنه ينبغي توجيه الاهتمام وصوغ الاقتراحات الملائمة لمعالجة أصل ‏المشكلة، ومن ثم التعامل مع ما أنتجته من فجوات وتداعيات على الاقتصاد ‏وقطاعاته المنتجة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)

أبلغ الرئيس اللبناني جوزيف عون، وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله، اليوم (الاثنين)، في قصر بعبدا ببيروت، بأن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وأوضح عون أن هذا الترحيب يأتي «لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأوضح عون أن «خيار التفاوض» الذي تعتمده بيروت مع تل أبيب «هدفه وقف الأعمال العدائية وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم»، مؤكداً أن «لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا، للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية».

وشدد الرئيس اللبناني على أن بلاده «محبة للسلام ولا تريد الحرب؛ بل حفظ الأمن وحماية الحدود وبسط سيادة الدولة»، مضيفاً أن هذا «ما يجب أن يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع الدول الصديقة الراغبة في مساعدته، لا سيما أننا تعلمنا من الحروب المتتالية على أرضنا أنه لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر، ولا بد في النهاية من التفاوض».

ولفت عون إلى أن الجيش اللبناني «هو العمود الفقري لضمان الاستقرار؛ ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة كلها» التي تتأثر بالوضع الأمني في لبنان، وأشار إلى «أهمية توفير الدعم» للجيش «الذي لا تقتصر مهماته على الحدود فقط؛ بل على كل لبنان».

بدوره، شدد وزير الدفاع الإيطالي على دعم بلاده للبنان في المجالات كافة، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب.

وأشار كروسيتو إلى أن بلاده «ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب (اليونيفيل) منها»، لافتاً إلى وجود «دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه»، وقال إن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب، لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

وأشار إلى أن بلاده «تواصل اتصالاتها بهدف تثبيت الاستقرار في جنوب لبنان، وتتابع تطورات التفاوض، وسوف تعمل كي تتحقق نتائج عملية منه، لأنه لا مصلحة لأحد في استمرار التوتر في الجنوب، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا الأمر جيداً».

وأكد أن المساعدات الإيطالية للجيش اللبناني سوف تستمر «وفق ما تم الاتفاق عليه مع وزير الدفاع اللبناني خلال محادثاتهما» اليوم.


الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

وتُواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين، التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قبل أكثر من عام، قُتل قرابة 340 شخصاً بغارات إسرائيلية في لبنان، وفق حصيلةٍ أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه مشيراً إلى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية. وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله»، تطبيقاً للاتفاق، بدأ الجيش تنفيذها، على أن تنتهي المرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الحدودية مع إسرائيل (جنوب الليطاني) بحلول نهاية العام. لكنّ إسرائيل صعّدت غاراتها الجوية، في الأِسابيع الأخيرة، متهمة «حزب الله» بإعادة بناء قدراته ومشككة في فاعلية الجيش اللبناني.


إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
TT

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من أربعة طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة»، وأكدت منظمات حقوقية أنها الأكبر من نوعها خلال عام 2025.

ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بالهدم، ووضعته في إطار «سياسة ممنهجة من التهجير القسري».

ووصل ثلاث آليات إلى الحي الواقع في بلدة سلوان قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وسط طوق أمني من الشرطة الإسرائيلية، وشرعت بهدم المبنى الذي كانت تقطنه أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنّون.

وقال عيد شاور الذي كان يقطن في شقة بالمبنى مع زوجته وخمسة أطفال، إن الهدم «مأساة لجميع السكان».

الآليات الإسرائيلية تهدم المبنى السكني الواقع في بلدة سلوان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كسروا الباب ونحن نيام. طلبوا أن نغيّر ملابسنا ونأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط. لم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث». وأكد أنه «لا مكان لديّ لأذهب إليه»، وأن العائلة المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر للبقاء في مركبته.

ورصدت الوكالة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى أمام أعين الأهالي. وقالت سيدة بحسرة وألم أثناء متابعتها العملية: «هذه غرفة نومي».

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن، ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية إذن بناء إلا بأعداد نادرة لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

ويقول الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا المنع لا يراعي النمو الديمغرافي، ويسبّب نقصاً في المساكن.

جرافات إسرائيلية تشارك في عملية الهدم (إ.ب.أ)

وتنفذ السلطات الإسرائيلية بانتظام عمليات هدم لما تعتبره أبنية غير قانونية بناها فلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، في حين تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها «الموحدة».

ويعيش أكثر من 360 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، بالإضافة إلى نحو 230 ألف إسرائيلي.

ووصفت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله الهدم بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تهجير المواطنين الفلسطينيين قسراً، وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين».

الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

وفي بيان مشترك، قالت منظمتا «عير عميم» و«بمكوم» الحقوقيتان الإسرائيليتان إن هدم المبنى بدأ «دون إنذار مسبق»، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لـ«مناقشة إجراءات ممكنة لتسوية أوضاع المبنى».

وبحسب المنظمتين، فإن العملية تمثل «أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال عام 2025»، مشيرتين إلى أن «نحو 100 عائلة من القدس الشرقية فقدت منازلها هذا العام».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى «بُني دون ترخيص»، وإن «أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014». وأشارت إلى أن الأرض المقام عليها المبنى «مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة»، وليست للسكن.

إخلاءات في بيت لحم

إلى ذلك، أخطرت القوات الإسرائيلية اليوم عائلات فلسطينية بوقف بناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت ، اليوم ، بوقف بناء أربعة منازل في قرية العساكرة شرق بيت لحم بحجة عدم الترخيص».

بدورها، قالت مصادر محلية إن «قوات الاحتلال دفعت بآليات عسكرية ومعدات ثقيلة ومعدات هندسية وآليات تعبيد شوارع إلى مخيم جنين ، كما أخطرت
عائلات في عمارة الزهراء في محيط المخيم بإخلاء منازلهم تمهيدا لبدء أعمال تعبيد شوارع في المكان».

وأشارت الوكالة إلى أن عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها متواصل منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تفيد تصريحات رسمية لبلدية
جنين بأن «الاحتلال هدم قرابة 40 % من مخيم جنين، فيما يواصل فتح شوارع جديدة في المخيم وهدم بنايات وتغيير جغرافيته».