قصائد تتواصل رغم الشعراء «الذين يُبيدون بعضهم بعضاً... بالصمت»

المعتمد بن عباد.. آخر ملوك الطوائف في الأندلس
المعتمد بن عباد.. آخر ملوك الطوائف في الأندلس
TT

قصائد تتواصل رغم الشعراء «الذين يُبيدون بعضهم بعضاً... بالصمت»

المعتمد بن عباد.. آخر ملوك الطوائف في الأندلس
المعتمد بن عباد.. آخر ملوك الطوائف في الأندلس

قبل أيام حين كنتُ مشاركاً في اللقاء الشعري الثالث ضمن فعاليات جامعة المعتمد بن عبّاد، في أصيلة (شمال المغرب)، لفتني قول الشاعر السوري نوري الجراح إن «الشعراء العرب باتوا لا يحب بعضهم أشعار بعض، فالشاعر يخاف من جمال قصيدة يكتبها صديقه!».
كثيراً ما كان الشعر في متخيله العام مرادفاً للحب والسلام والقيم الإنسانية العالية، وهو بهذا المعنى مقترن بالتواصل الإنساني الذي يُتَوقع له أن يبدأ من المبدعين والداعين إليه أولاً. لكن واقع العلاقة بين الشعراء، ليس في هذا الزمن فحسب، بل على امتداد حقب متواترة الأحداث، ينبئ عن حالة التباس مزمنة تشوب ما يربط الشعراء بما يكتبونه، فضلاً عن الروابط التي تجمعهم بعضهم ببعض.
ليس الأمر معقداً على هذا النحو، فالشعراء كثيراً ما اشتبكوا على أساس الرأي أو لتضارب المصالح، وكثيراً ما اختلفوا في رؤاهم الخاصة للشعر والكتابة، لكن الحال الآني لعلاقات الشعراء الملتبسة يبدو أقرب للّامعنى بتعبير حداثي حاسم. لنا أن نسأل عن السبب، لماذا لا يحب الشعراء بعضهم بعضاً إلا قليلاً؟ أو فلنقل بجرأة تناسب السياق؛ لماذا قد يكره بعضهم بعضاً؟ ولماذا لا يحتفلون بما يجمعهم من أواصر الفن؟ أليس الشعر طاقة للمحبة وقودها الجمال؟ فكيف إذن يمكن لاثنين أن يختصما في الجمال؟!
«إن الشعراء يُبيدون بعضهم بعضاً بالصمت». هكذا وصف الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار حال كثير من الشعراء، فالشاعر منهم يدرك أن تجربة الآخر مهمة، لكنه يتفادى أن يعبر له عن إعجابه، في حالات نادرة يثني شاعر عربي على صديقه بعد قراءته في أمسية، وفي الغالب الأعمّ نرى جدلاً حاداً في الحوارات الجانبية، ونلمس أكثر من قطيعة في اللقاء الواحد، إلى هذا الحد وصل الأمر بالشعراء، وهو ما يعني خروج الكاتب في هذه الحالة من صفة المبدع الفنان إلى مجرد مزاول للغة يصنع قصيدته كي يتفوق بها ويتوهج هو، لا هي، لذا، فهو يخاف طبعاً ممن يسرقون سطوة بريقه ويحجبون عنه الضوء بقصائدهم التي قد تبدو بالنسبة إليه أعلى قيمة وأكثر تأثيراً. هذا الخصام الصامت يعيد إلى الواجهة سؤالاً قديماً جديداً عن معنى التنافس في الإبداع، وفي الشعر الذي شكّل عبر التاريخ أساس الثقافة الإبداعية عند العرب. هل يمكن للشعراء أن يُخلصوا للجمال في أشعارهم، وهم مشغولون، بل مهمومون بجمال قصائد نظرائهم؟ وهل يتنافس الشعراء في شيء هش وهلامي الكينونة هو الشعر... رغبة في إدراكه أم سعياً للاستحواذ عليه، وربما احتكاره؟ لماذا لا يصبح الشعر قصيدة واحدة يكتبها كل شاعر من جانبه، فتصبح اللغة الشعرية من هذا المنطلق سماءً تتخلّلها نوافذُ الرؤى التي منها يطلُّ المبدعون على مجازاتهم؟!
إن أساس المشكل يكمن فيما يختزنه التراث من معانٍ نفسية تقليدية للكتابة الشعرية تختصم فيها الذائقة مع الحضور لمصلحة الصراع، لا الجمال! فالشعر لا يبدو شيئاً آخر سوى الادّعاء بإيقاع ولغة يميزها الحس طوعاً أو كُرهاً، وهو سواء أكان تجربة إنسانية عميقة أم محض تداعيات لتجارب ذهنية يطغى عليها التكلف، يبقى أقرب إلى الاشتباك الهادئ مع الآخر، رغبة في التفوق عليه، وربما طمس وجوده تماماً. ينمو هذا الإحساس المفرط بالذات الشعرية ويتبلور في منظور الكاتب نفسه على شكل نرجسية فجة غير مستندة على إطار فني مقنع، لكنها تحجب عن صاحبها أصوات الآخر ومساهمته الإنسانية في النص المشترك، أي نص القصيدة التي يكتبها الكل بأصابع منفردة هنا وهناك. إن الشاعر في فلكه الموهوم مشغول جداً بنفسه التي تكتب كي تتوهج ويسمع صوتها الآخر، ويكرسها الذوق الخاص والعام، وهي بهذا المسلك الضيق، تصبح عاجزة عن قراءة الشعر قراءة هامسة تتوخى الوصول إليه، وهي عاجزة أيضاً عن الإنصات للقصيدة شعراً وفناً، فهي مكتفية بأصواتها الداخلية الطاغية، وقد فقدت تماماً حاسة الاستمتاع بالشعر حالة إنسانية عميقة.
قديماً ساد نقاش حاد حول ثنائيات الكتابة والممارسة، فالشعر يُكتب بعد أن يعاش، والأقرب للصواب – تقديراً - أن الشعر يوجد في سياقات كثيرة، فهو الحاضر دوماً في الطبيعة والإنسان والحب، لكن اللغة تستضيفه كائناً زئبقياً هشّاً داخل وطن خاص هو القصيدة، إنها تقبض عليه بيُسر وتحتفي به في الإيقاع وتمجده بالإنشاد والقراءة الهامسة. أما الممارسة فهي تبتعد عن هذا المعنى كثيراً لتصبح رهينة المزاولة الوظيفية، إنها امتهان بكيفية ما لحرفة تجمع بين أدوات اللغة والاستعراض المسرحي، وقد تتجاوز ذلك إلى عالم العلاقات العامة، تكريساً لرغبة الشاعر المزاول أو الممارس في الحضور والوجود والبقاء داخل دائرة الضوء، دون أن يعني ذلك بالضرورة أنه يسعى للاستمتاع بالشعر كتابة أو مشاركة.
وبالعودة إلى العلاقة بين الشعراء، وما يجمعهم في الواقع، وبصرف النظر عن اختلاف الرؤى حول قضايا السياسة والدين وترسبات مرحلة الآيديولوجيا وما بعدها، لا يبدو أن الأمر عند الشعراء العرب المعاصرين أكبر من حاجز نفسي يفصل الشاعر عن شقيقه الشاعر. إنه حاجز بعوائق كثيرة، عائق زمني يباعد بين الأجيال، ويجعل التواصل بينهم مفقوداً، فسلفيّة الشعر تشبه ثنائية الشيخ والمريد، وفي أفضل الأحوال التلميذ النجيب وأستاذه، وهناك عائق آخر جوهري، تجسده المظلومية مفهوماً نفسياً واجتماعياً، قلّ أن ينجو منه شاعر عربي معاصر، إضافة إلى حدود الأشكال التي صنعتها أهواء الشعراء، ثم ما لبثت أن تحولت بعد ذلك إلى عقائد يعوض بها الأنصارُ، فراغاً في الروح، وآخر في اللغة.
إن الشعر العربي في صفحاته الحديثة أصبح بحكم الواقع أكثر نخبوية وأقل اتصالاً بالصّخب، وهذا ما خدم باطن النصّ لمصلحة رؤى ثقافية جديدة طارئة على الشعر، أبرزها الفلسفة التي ملأت بأسئلتها الدرامية فراغاً تركه الخطاب السياسي في عدد كبير من قصائد القرن العشرين! اليوم أصبح للشعر حواريّوه الأوفياء ممن أخلصوا بصمتٍ لإعجاز الشعر واعترفوا له بقدراتٍ خلّاقة على استشعار الحالة الكونية للعالم والإنسانية بكثير من الصدق والتأنّي... يقودنا هذا كله إلى إدراك نقطة فارقة، هي أن حدود الشعراء النفسية لم يعد بوسعها أن تمنع التواصل الإنساني للقصائد، ذلك أن الجماهيرية لم تعد مكسباً ولا مطمحاً مجدياً، بل لم تعد أمراً ممكناً أيضاً.
نرى اليوم، كما استشعرتُ ذلك شخصياً في اللقاء الشعري الثالث بموسم أصيلة قبل أيام، كيف تتواصل القصائد رغم القطائع التي يمكن أن تحاصر الشعراء، إنها قصائد تجسد بعمق حالة الاغتراب العميقة التي يعيشها الإنسان المعاصر وهو يحتفل برمزيات كلاسيكية كالمنفى والوطن المفقود والرغبة في العودة إلى ما رسمه المتخيل الخاص من قيم وطبيعة وإنسان داخل هذا الوطن... وانسجاماً مع هذا المناخ الشعري الخصب في قصائد فاضل السلطاني وجميلة الماجري وغيرهما، ارتفع منسوب الإنسانية عالياً في لغة شوقي بزيع، وهو ينتصر بحزنه لأصوات الغياب، غياب الشعراء ورحيلهم أجساداً... تخلُد بعدها الأفكار في ملكوتٍ أبدي من الشعر والأسئلة.

- شاعر وكاتب من المغرب


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«كمسري» حافلات النقل العام في مصر يغادر إلى محطته الأخيرة

حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
TT

«كمسري» حافلات النقل العام في مصر يغادر إلى محطته الأخيرة

حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)
حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)

يحمل بيده تذاكره المُلونة، يتجول بها بين ركاب الحافلة مرتدياً سترته الزرقاء، مردداً بصوت عال: «ورق ورق... تذاكر تذاكر»، وعند توقف الحافلة بين المحطات يُنادي قرب بابها على وجهتها النهائية، ليلتحق بها الركاب واحداً تلو الآخر، كما ينبّه مَنْ بالداخل أن محطته اقتربت، أو يطلق «صُفارته» عالياً لتنبيه السائق بالتوقف، أو لضبط مُتهرب من «قطع التذكرة».

وبعيداً عن مهامه الرسمية، يقوم بدور إنساني في رحلته... يبتسم للركاب، ويساعد العجائز، ويحمل الأمتعة عن المُسنّين، والرُضع عن أمهاتهم إن لزم الأمر، بينما يمازح الركاب ليخفف وطأة الزحام داخل الحافلة، والتكدس المروري خارجها.

في القاهرة الكبرى، حيث تشكّل حافلات النقل العام شريان الحياة اليومي، لم يكن «الكُمسري» أو محصل التذاكر، مجرد موظف يجمع الأجرة، بل كان جزءاً من النسيج الاجتماعي والحكايات اليومية على مدى عقود.

واليوم، يجد «الكمسارية» التابعين لهيئة النقل العام في مصر أنفسهم «خارج الخدمة»، بعدما بدأت هيئة النقل بالقاهرة التشغيل التجريبي لمنظومة الدفع الإلكتروني داخل الحافلات العامة بالقاهرة، تمهيداً لإلغاء التذكرة الورقية خلال عام 2026، وعدم التعامل مع المحصل، الذي وصل بدوره مع هذا القرار إلى «محطة النهاية».

وبحسب تصريحات لمحافظ القاهرة، إبراهيم صابر، الاثنين، سيتعامل المواطن إلكترونياً دون الحاجة إلى تدخل المحصل، وسيكون بحوزة الراكب «كارت إلكتروني» يسدد بواسطته ثمن الرحلة.

إحدى حافلات هيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)

وتعتمد منظومة الدفع الإلكتروني داخل حافلات النقل العام على «كارت ذكي مسبق الدفع» يكون متوافراً في المحطات النهائية للحافلة ومنافذ هيئة النقل العام، يشحنه المواطن ويستخدمه عبر ماكينات مخصصة مثبتة عند الباب الأمامي للحافلة؛ أما قيمة التذكرة فتتحدد وفق عدد المحطات والمسافة، بحيث لا يتساوى راكب مسافة قصيرة مع راكب لآخر الخط، ما يشجع المواطنين على استخدام حافلة أتوبيس النقل العام، ويقضي نهائياً على أزمة «الفكَّة» داخل المواصلات.

وتقوم هيئة النقل العام بنقل نحو مليون راكب يومياً عبر 173 خطاً، بها 150 محطة نهائية و2800 محطة عابرة، وذلك من خلال 2500 حافلة موزعة على 18 «جراجاً» على مستوى القاهرة الكبرى، بحسب بيانات سابقة للهيئة.

«البعد الإنساني»

يقول أستاذ الإدارة المحلية في مصر، حمدي عرفة، إن قرار هيئة النقل العام في القاهرة تطبيق منظومة الدفع الإلكتروني يأتي في إطار مواكبة التطورات التكنولوجية التي تشهدها العواصم العربية والعالمية، إلا أنه يحذر من تجاهل البعد الإنساني والاجتماعي للقرار، مشيراً إلى أن «المحصلين» يمثلون فئة عمرية تتراوح بين 45 و60 عاماً، ما يجعل إعادة تأهيلهم أو تحويلهم إلى وظائف بديلة أمراً بالغ الصعوبة.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة المحلية «قادرة على تحقيق توازن بين التحديث التكنولوجي والحفاظ على الوظائف التقليدية، من خلال تدريب المحصلين على استخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، بما يضمن دمجهم في المنظومة الجديدة وتلافي سيناريوهات الإقصاء أو التهميش».

وأكد رئيس هيئة النقل العام عصام الشيخ، الاثنين، أن المنظومة الجديدة ستُطبق على 1800 حافلة، وأن 300 حافلة ستدخل الخدمة فعلياً خلال الأيام المقبلة كمرحلة أولى.

وبينما تخطط الهيئة لعدم التعامل مع المحصل خلال عام 2026، فإنها تنوي أيضاً الاستفادة من المحصلين (الكمسارية) الحاليين ونقلهم لوظائف تتناسب مع طبيعة التشغيل الجديد، بحيث تستفيد منهم في العمل سائقين لمن يملك رخصة قيادة مهنية، أو تأهيل من لا يملكونها ليكونوا سائقين، أو نقل غير الراغبين في العمل سائقين إلى وظائف إدارية أو فنية.

مجموعة من حافلات هيئة النقل العام بمصر (محافظة القاهرة)

ويرى عرفة فكرة إعادة توظيف المحصلين سائقين «غير عملية»، موضحاً أن معظمهم لا يمتلكون رخص قيادة من الدرجة الأولى، ما يجعل توجيههم لهذا الدور قراراً محفوفاً بالمخاطر، وقد يهدد سلامة الركاب. ويؤكد أن الخيار الأكثر أماناً وواقعية هو توظيفهم في مهام إشرافية أو رقابية ضمن منظومة النقل الجديدة.

«طي صفحة من الذاكرة»

أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة، فايز الخولي، قال إن قرار إلغاء التذكرة الورقية في حافلات النقل العام لا يعني فقط نهاية وسيلة دفع تقليدية، بل يمثل أيضاً طي صفحة من الذاكرة الاجتماعية، حيث ستفقد الحافلات أحد وجوهها الإنسانية، حيث كان «الكمسري» يؤدي دوراً يتجاوز جمع الأجرة إلى كونه عنصراً فاعلاً في ضبط السلوك العام داخل الحافلة.

وأضاف متحدثاً لـ«الشرق الأوسط»: «في فترات سابقة، كانت المواصلات أكثر ازدحاماً وصعوبة مما هي عليه اليوم، ما كان يؤدي إلى احتكاكات ومشاكل بين الركاب، في تلك اللحظات كان للكمسري دور إنساني وتواصلي، وكان يتدخل كصوت أخلاقي، يذكّر الشباب باحترام كبار السن، ويحضهم على إخلاء مقاعدهم للنساء أو المسنين. هذا الدور كان جزءاً من ثقافة النقل العام، بما يعيد التوازن داخل الحافلة».

ويستعيد الخولي مشهداً عاصره قبل سنوات، حين كان المحصل يضفي على الرحلة طابعاً من البهجة، مستخدماً نقراته على صندوق التذاكر الخشبي ومردداً عباراته الشهيرة: «تذاكر يا حضرات، تذاكر يا شباب، تذاكر يا حلوين»، والتي كانت تحمل تخفيفاً من وطأة الزحام.

ويُعد «المحصل» في الحافلات العامة إحدى الشخصيات الأيقونية التي تناولتها السينما المصرية بتنوع كبير، وغالباً ما قدمته في قالب إنساني يعكس الطبقات البسيطة في المجتمع المصري.

ومن أبرز الأفلام التي قدمت هذه الشخصية «أقوى الرجال»، حيث قدم الفنان نور الشريف شخصية «زكي» المحصل الذي يعمل بهيئة النقل العام، كما أن فيلمه الشهير «سواق الأتوبيس» ظهرت فيه شخصية «المحصل» من خلال الفنان حمدي الوزير، وكذلك فيلم «فرحان ملازم آدم» الذي جسد فيه الفنان فتحي عبد الوهاب شخصية الشاب «فرحان» الذي كان يعمل محصلاً.


أحمد العوضي يُروج لمسلسله الرمضاني الجديد «علي كلاي»

أحمد العوضي ودرة من كواليس مسلسله الرمضاني القادم «علي كلاي» (حسابه على موقع فيسبوك)
أحمد العوضي ودرة من كواليس مسلسله الرمضاني القادم «علي كلاي» (حسابه على موقع فيسبوك)
TT

أحمد العوضي يُروج لمسلسله الرمضاني الجديد «علي كلاي»

أحمد العوضي ودرة من كواليس مسلسله الرمضاني القادم «علي كلاي» (حسابه على موقع فيسبوك)
أحمد العوضي ودرة من كواليس مسلسله الرمضاني القادم «علي كلاي» (حسابه على موقع فيسبوك)

بدأ الفنان المصري أحمد العوضي الترويج لمسلسله الرمضاني الجديد «علي كلاي»، الذي انطلق تصويره قبل عدة أسابيع، وذلك عبر مسابقة على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتاد العوضي على إطلاق المسابقات منذ عامين، وشهدت إقبالاً واسعاً من جمهوره ومتابعيه، حتى وصلت مسابقاته «السوشيالية» إلى 74 مسابقة، حسبما أعلن على حسابه بـ«فيسبوك».

وكتب العوضي سؤال المسابقة الجديدة، مؤكداً أن «30 شخصاً وصفهم بإخوته سيفوزون بمبلغ 10 آلاف جنيه». ورغم بساطة السؤال وهو «اسم مسلسله رمضان القادم الذي تم الإعلان عنه من قبل»، سأل العوضي السؤال نفسه: «ما اسم مسلسل رمضان القادم؟ وكانت الخيارات هي (علي كلاي... أم علي كلاي... أم علي كلاي)»، إلا أن بعض التعليقات أخذت المسابقة لجانب «كوميدي ساخر»، مؤكدين أنه سؤال صعب ولا يمكنهم الإجابة عليه، وغير ذلك من الردود التي اعتبرت سؤال العوضي تيسيراً على جمهوره من أجل الفوز، بينما أكد العوضي أن إعلان الأسماء الفائزة سيكون بالتزامن مع احتفاله بعيد ميلاده يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

وتعليقاً على المسابقات الترويجية «السوشيالية»، أكد الكاتب والناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن «من حق كل فنان اختيار الوسيلة التي يروج بها لأعماله، فكل ما هو متاح ولا يخرج عن القواعد والآداب العامة من حق كل شخص استغلاله وتجربته، وحدث من قبل في أعمال عدة قديمة وحديثة، طالما أن المسابقة لا تحمل في مضمونها أي تجاوز أو إسفاف».

أحمد العوضي (حسابه على موقع فيسبوك)

ويشارك في بطولة مسلسل «علي كلاي»، الذي ينتمي لنوعية الدراما الشعبية، الفنانة درة، ويارا السكري، وعصام السقا، بالإضافة لنخبة كبيرة من النجوم، إخراج محمد عبد السلام، وتأليف محمود حمدان الذي تعاون من قبل مع العوضي في مسلسلي «حق عرب» و«فهد البطل».

وبجانب مسابقات العوضي الشهيرة، أطلق فنانون آخرون مسابقات أيضاً على حساباتهم بمواقع التواصل بهدف الترويج لأعمالهم الفنية، من بينهم حسن أبو الروس الذي أعلن عن جائزة مليونية لمن يخمن اسم من سيشاركه في أغنيته الجديدة حينها، وكذلك محمد رمضان الذي أعلن عن مسابقات عدة على حساباته باعتبارها نوعاً من الدعاية لأغنياته.

وفي حوار سابق لـ«الشرق الأوسط»، تحدث أحمد العوضي عن علاقته بجمهوره وهدفه من إطلاق مسابقات فنية عبر حساباته بمواقع التواصل بين الحين والآخر، مؤكداً أن حرصه على ذلك يأتي من منطلق سعيه لأن تكون السعادة متبادلة مع جمهوره الذي يعتبره شريكاً أساسياً في ماله ونجوميته، وكان داعماً له وصنع اسمه منذ بدايته، وأن ما يفعله ينبع من قلبه وعقله تجاه جمهوره الذي يحب مساندته.

من جانبه، أبدى الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، رفضه لهذه الظاهرة التي تم اختراعها، وانتشرت بكثافة في عصر السوشيال ميديا، وفق قوله، مؤكداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنها «عنصر جذب بالإكراه، لأنها ستكون سبباً في زيادة عنصر المشاهدة أثناء البث لمتابعة مستجدات المسابقة ومحاولة الفوز».

وأضاف سعد الدين أن «العمل الجيد يفرض نفسه، ويجتذب الجمهور بعيداً عن هذا التوجه، فبرغم مساندة هذه المسابقات في تحقيق جزء من المشاهدات، فإنها لن تستمر في مهمتها حتى النهاية مهما اخترع الصناع من مسابقات، فما يستمر هو المحتوى الجيد».


فيلم «الست» يقدم عرضه الأول في الرياض بحضور أبرز أبطال العمل

حضور كبار النجوم افتتاح العرض الأول لفيلم «الست» في الرياض (موسم الرياض)
حضور كبار النجوم افتتاح العرض الأول لفيلم «الست» في الرياض (موسم الرياض)
TT

فيلم «الست» يقدم عرضه الأول في الرياض بحضور أبرز أبطال العمل

حضور كبار النجوم افتتاح العرض الأول لفيلم «الست» في الرياض (موسم الرياض)
حضور كبار النجوم افتتاح العرض الأول لفيلم «الست» في الرياض (موسم الرياض)

شهدت العاصمة السعودية العرض الأول لفيلم «الست»، الذي يتناول السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، وذلك خلال حدث فني رعته الهيئة العامة للترفيه (GEA)، و«موسم الرياض»، و«صندوق Big Time للأفلام»، وبحضور أبطال الفيلم وتفاعل ممثلي ووسائل الإعلام العربي، لتغطية العرض الخاص الذي يعد واحداً من أبرز الإنتاجات السينمائية العربية لعام 2025.

وأعرب مروان حامد مخرج العمل، عن رضاه الكبير لتفاعل الجمهور بعد عرض البرومو (المقطع الترويجي القصير)، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نحترم جميع ردود الأفعال بشكل كبير جداً بجميع الطرق، وجمهور الرياض كان متفاعلاً ومنفتحاً على التجربة، وهذا ما أسعدنا كثيراً».

وكشف المخرج عن أن العمل على فيلم السيرة الذاتية لكوكب الشرق، واجه تحديات استثنائية، مشيراً إلى أن الفيلم يجمع بين عدة عناصر صعبة التنفيذ، وأضاف: «التحديات بالطبع كانت كبيرة؛ فالفيلم يتناول سيرة سيدة ذكية امتدت تجربتها عبر عصور مختلفة، بالإضافة إلى الجانب الغنائي الذي تطلّب معالجة دقيقة، وكل هذه العناصر احتاجت إلى وقت طويل في التفكير والبحث».

المخرج مروان حامد خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

وأوضح حامد أن مراحل إنتاج الفيلم امتدت لأكثر من 3 سنوات، شملت التفكير والبحث العميق، وكتابة السيناريو، مروراً بمرحلة التحضير والتصوير، ثم مراحل ما بعد الإنتاج، وصولاً إلى النسخة النهائية للفيلم، وقال: «استغرقنا وقتاً كبيراً جداً لضمان تقديم عمل يحترم الشخصية، ويقدم للجمهور تجربة سينمائية متكاملة».

ويقدم فيلم «الست» سيرة حياة الفنانة أم كلثوم، والصعوبات التي واجهتها في دخول عالم الغناء، والصراعات الداخلية والتضحيات التي خاضتها، وصولاً إلى تحولها إلى أيقونة فنية عربية.

والفيلم من إخراج مروان حامد وسيناريو أحمد مراد، وتؤدي منى زكي دور أم كلثوم، بينما يجسد عمرو سعد شخصية جمال عبد الناصر، كما يشارك في العمل كل من حنان مطاوع في دور صديقة أم كلثوم المقربة، وأحمد داش في دور الملحن والموزع الموسيقي.

تؤدي الفنانة منى زكي دور أم كلثوم (موسم الرياض)

وفي الفيلم، يعيد المخرج مروان حامد تقديم رؤية بصرية غنية تجمع بين الدراما والغناء، مستعرضاً سيرة حياة أيقونة موسيقية عربية ومصرية وذلك منذ طفولتها حتى تحولها إلى رمز فني خالد.

ويجمع العمل بين الدراما والغناء، مع التركيز على الجانب الإنساني للفنانة، بما في ذلك طموحاتها، واختياراتها الصعبة، وعلاقاتها بمحيطها الفني والاجتماعي، ويروي الفيلم رحلة أم كلثوم من فتاة ريفية إلى صوتٍ خالد في العالم العربي.

ومن المتوقع أن يستمر عرض الفيلم في عدد من العواصم العربية بعد انطلاقته من الرياض، وسط توقعات بأن يحظى باهتمام نقدي وجماهيري واسع، بوصفه أحد أبرز الأعمال السينمائية العربية المعاصرة.