ولد الشيخ في صنعاء اليوم.. وغموض حول «هدنة رمضان»

طيران التحالف يدمر مصنعًا للصواريخ قرب صعدة ومخزنًا للسلاح في العاصمة اليمنية

تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة نفذتها قوات التحالف على أكبر مخزن للسلاح في ضواحي صنعاء أمس (أ.ب)
تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة نفذتها قوات التحالف على أكبر مخزن للسلاح في ضواحي صنعاء أمس (أ.ب)
TT

ولد الشيخ في صنعاء اليوم.. وغموض حول «هدنة رمضان»

تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة نفذتها قوات التحالف على أكبر مخزن للسلاح في ضواحي صنعاء أمس (أ.ب)
تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة نفذتها قوات التحالف على أكبر مخزن للسلاح في ضواحي صنعاء أمس (أ.ب)

من المنتظر أن يصل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى العاصمة صنعاء اليوم لإجراء محادثات مع الحوثيين وبعض المكونات السياسية الأخرى، في مقدمتها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بشأن المساعي الرامية إلى التوصل إلى تسوية للنزاع الدائر في البلاد، منذ انقلاب تحالف الحوثيين – صالح على الشرعية الدستورية أواخر العام الماضي.
وظلت مصادر سياسية في صنعاء تقول على مدى الأيام الماضية إن الحوثيين يعتزمون التركيز خلال محادثاتهم مع ولد الشيخ على موضوعي إبرام هدنة خلال شهر رمضان وفكرة تشكيل حكومة شراكة انتقالية، كما يصفونها. وفي هذا الصدد، قالت جماعة الحوثيين أمس إن نقاشا يجري مع الأمم المتحدة بشأن وقف القتال حتى نهاية شهر رمضان للسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية. وذكر المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في رسالة على صفحته على «فيسبوك» إنه التقى بمبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد (أول من أمس) لمناقشة الأمر. ولم يحدد المكان الذي تم فيه اللقاء.
بدوره، أشار أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى أن تفاصيل الهدنة المقترحة لا تزال غامضة. وقال فوزي: «لا تزال التفاصيل غير واضحة في ما يتعلق بتاريخ البدء ومدة الوقف لأغراض إنسانية، لكن المبعوث الخاص يرى أن هناك ما يدعو للتفاؤل بأن الأطراف ستتفق خلال الأيام المقبلة».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية دعت الخميس الماضي إلى «وقف إنساني» للصراع خلال رمضان للسماح لجماعات المساعدات الدولية بتوصيل مساعدات غذاء ودواء ووقود مطلوبة بشدة. كما قال الاتحاد الأوروبي الجمعة إنه يدعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار لأغراض إنسانية. يذكر أن الجانبين (الحكومة الشرعية من جهة، وتحالف «الحوثي – صالح» من جهة أخرى) كانا التزما بوقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام توسطت فيه الأمم المتحدة في مايو (أيار) بهدف السماح بتوصيل الوقود والدواء إلى مدنيين محاصرين في مناطق الصراع، لكن الحكومة الشرعية اتهمت الحوثيين بانتهاك تلك الهدنة في الأخير.
وبخصوص الفكرة الأخرى التي يتوقع أن يركز عليها الحوثيون خلال محادثاتهم مع ولد الشيخ اليوم، قالت مصادر سياسية في الآونة الأخيرة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين «سيطرحون على المبعوث الأممي مقترحا شبه جاهز بتشكيل حكومة شراكة، تشارك فيها أطراف متحالفة مع الحوثيين في الحراك الجنوبي». ومضت المصادر في القول إن الحوثيين سيقدمون طمأنة للمبعوث الأممي بشأن هذه الحكومة وبأنها ستشمل كل المكونات السياسية وألوان الطيف السياسي، بحسب اعتقادهم.
في غضون ذلك، أفادت مصادر قبلية أمس بأن طيران التحالف العربي الذي يشن غارات في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية قصف مصنعا للصواريخ والذخائر قرب صعدة الليلة قبل الماضية. وأضافت المصادر أن المصنع يقع في منطقة ساقين القريبة من صعدة، معقل المتمردين الحوثيين في شمال اليمن. وفي العاصمة صنعاء، شنت طائرات التحالف فجر أمس أربع غارات على مخزن للأسلحة مما أدى إلى انفجارات، وخمس غارات على مقر قيادة الدفاع الجوي، بحسب شهود عيان. واستهدفت غارة جوية أخرى للتحالف في صنعاء منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما ذكرت مصادر قريبة من المتمردين، مما أدى إلى سقوط قتلى بين المتمردين الموجودين فيه. ويسيطر الحوثيون على منزل الرئيس اليمني منذ احتلوا العاصمة في مارس (آذار) الماضي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.