الأبراج الشاهقة في «كافد» تعانق وهج الفنون ليلاً

مشهد سوريالي يضيء مساءات الرياض بمشاركة فنانين عالميين

عمل الفرنسي جان ميشال أوثونيل «الياردانغ»
عمل الفرنسي جان ميشال أوثونيل «الياردانغ»
TT

الأبراج الشاهقة في «كافد» تعانق وهج الفنون ليلاً

عمل الفرنسي جان ميشال أوثونيل «الياردانغ»
عمل الفرنسي جان ميشال أوثونيل «الياردانغ»

للفن قدرة هائلة على التوغّل في القطاعات كافة، وهو ما يبدو جلياً لزوار مركز الملك عبد الله المالي «كافد» في الرياض، فمنذ أن تغيب الشمس ويعم الليل؛ تعانق مبانيه وأبراجه الشاهقة التراكيب الفنية المشاركة في احتفالية «نور الرياض 2022»، المقامة حالياً في العاصمة السعودية، بما يجعل الزائر يشعر بحالة وجدانية كثيفة في أثناء تجوّله بين أروقة وممرات المركز المالي، حيث يرفع رأسه تارة لرؤية ناطحات السحاب، ويخفضه تارة أخرى ليتأمل الأعمال الفنية الموزّعة على الأرض، والتي تجعل ليل «كافد» نهاراً مشرقاً بالبهجة والحيوية.
وحيثما يولي الزائر وجهه يجد فناً يستوقفه، في المكان الذي يعد من أبرز الوجهات الرائدة للأعمال وأساليب الحياة الحديثة، فهو مجتمع نابض بالحياة في قلب العاصمة، يمثّل بذلك مدينة داخل مدينة تضم الكثير من المباني الاستثنائية المستوحاة من مزايا الطبيعية المحلية، والتي تعيد صياغة الأفق العمراني للرياض، ليبدو اليوم بحلّة فنية باهية، بالنظر لاختيار «كافد» كأحد المواقع الـ40 لمواقع «نور الرياض».

عمل الياباني تاداشي كواماتا «أعشاش في الرياض»

أفق لا ينتهي
البداية مع عمل فني بأحرف مضيئة، عنوانه «أفق لا ينتهي، حنين إلى المستقبل للحفاظ على الحاضر حياً»، صنعه الفنان جويل أندريانوميريسوا، المولود بمدغشقر عام 1977، خصيصاً لاحتفالية «نور الرياض 2022» باستخدام مصابيح النيون والمعدن، ويتحدث فيه عن الحب والأمل والأحلام، مستخدماً كلماته: علامة، ونور، وقصيدة.
وتستند فلسفة الفنان في هذا العمل إلى أن «الأفق دائماً نصب أعيننا، ولكن الأهم من ذلك أحلامنا، وهنا يكمن مسرح عواطفنا والأهم من ذلك كله، آمالنا”. كما يبدو الضوء هو العنصر الأساسي في هذا العمل ذي الحجم الكبير، بما يسمح للمتلقي بأن يحلم بعوالم أخرى، في أوقات أخرى، حيث يدعو أندريانوميريسوا للتساؤل عبر عمله، حول الزمن، والعواطف والرغبات.


«تحضر الشمس مؤتمر الضوء» لأسعد بدوي

أعشاش في الرياض
الفنان الياباني تاداشي كاواماتا تمكّن هو أيضاً من إثارة فضول المتجولين في «كافد» عبر عمله «أعشاش في الرياض»، الذي يلفت أنظار المارة من الأرض، لتتجه أعينهم نحو مكان مرتفع قام بتعليق الأعشاش فيه بتوظيف الأعمدة الإسمنتية، وتكمن قصة العمل في حالة التناقض ما بين المساكن الصغيرة المصنوعة من ألواح خشب الصنوبر المُجمَّعة وناطحات السحاب المدهشة في الرياض والهندسة المعمارية الحديثة.
ووفق هذه المفارقة يستند كاواماتا في إيجاده للمواد الطبيعية بين المباني التي صنعها الإنسان، ليبدو عمله «أعشاش في الرياض» أشبه بتذكير بالحاجة إلى التفكير والسكن في المدن الحديثة بطريقة جماعية وبيئية. الأمر الذي ينسجم مع نهج الفنان الذي يشتهر بأعماله التي يصممها في الموقع، ويعمل على تجميعها من بين عدة أشياء من الألواح الخشبية والكراسي والبراميل، ليقدم من خلالها نظرة أخرى مختلفة عن الأشياء، في إطار ذهني يدعو الجمهور إلى إعادة النظر حول ما يحيط به.

الياردانغ
تُعرف «الياردانغ» بأنها كتل صخرية تكونت وتشكلت بسبب عوامل التعرية بفعل الرياح في البيئة الصحراوية، وهو ما بدا عليه شكل العمل الفني الذي حمل ذات الاسم، ويتوسط موقعاً مهماً في «كافد»، بوزن يقدَّر بـ3 أطنان، وهذا العمل عبارة عن نحت تجريدي مكون من قوالب عاكسة للمناظر من حوله تظهر كأنها صورة داخل صورة، بتكرار لامتناهٍ من الانعكاسات.
استلهم الفنان الفرنسي جان ميشيل أوتونيل فكرة عمله هذا من الأشكال العشوائية المتفرقة الموجودة في الصحراء. والعمل الذي شد الكثير من الزوار لالتقاط الصور معه؛ لا يبرز فقط اهتمام الفنان بالهندسة المعمارية، بل أيضاً يُشكل مناظر بلورية كالمرآة عملاقة الحجم التي تعكس المباني من حولها مئات المرات وتعيد بناء هذه المناظر بأشكال متعددة.

تحضر الشمس
عندما نعرف تفسير ظاهرة اختفاء الشمس في الأفق كل يوم وأن الأرض تتحرك حول الشمس، يختفي فينا شعور الدهشة والذهول، فيصبح الأمر مسلَّماً به وننسى كيف أن هذا المشهد يعد لغزاً كبيراً بالنسبة للطفل، الذي لا يسعه إلا أن يفترض أنها قد غرقت في البحر. ووفق هذه الرؤية يستند الفنان أسعد بدوي في عمله «تحضر الشمس مؤتمر الضوء»، الذي يتوسط مساحة عشبية في «كافد».
يقدم هذا العمل ذو الشكل الكروي قراءة لنظرة الطفل تجاه الحركة الكوكبية، باستخدام أشكال من الألياف الزجاجية ذات الألوان الزاهية. ويمثل العمل الأرض كقبة زرقاء مدرجة اللون، والشمس ككرة صفراء مضيئة. كما يخلق العمل محاكاة ساكنة لرحلة الشمس إلى جانب مواقعها «الظاهرة» و«الحقيقية».
وكلما اقترب الزوار من المنحوتة للنظر من خلال فتحة برتقالية موجودة على الجانب، وأصبحوا قادرين على التحديق من خلال الفتحة، تعكس لهم مرآة بالداخل شكل الكرة الصفراء، فيرون الشمس من أعماق هذه الفتحة. وهذا المشهد غير المتوقَّع للشمس هو تجربة حسّية تتحدى حقائق مرحلة البلوغ، وتثير ذكريات الطفولة وتجلبها لدى المتلقي بشكل عميق.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تباين إيراني حول تقديرات تأثير غياب الأسد

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
TT

تباين إيراني حول تقديرات تأثير غياب الأسد

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)

تباين مسؤولون وقادة عسكريون إيرانيون حول تقديرات تأثير سقوط نظام بشار الأسد على الجماعات المتحالفة مع طهران في المنطقة.

وقال رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إنَّ سقوط الأسد «سيتسبب في اختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، لكنَّه أشار إلى أنَّ «(حزب الله) في لبنان سيتمكّن سريعاً من التكيف مع الظروف الجديدة».

في المقابل، قلَّل قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، مرة أخرى، من تأثير سقوط الأسد على نفوذ إيران الإقليمي خصوصاً صلاتها بجماعات «محور المقاومة». وقال سلامي لمجموعة من قادة قواته: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».