«كوب 27» يشحذ الطاقات الإبداعية لـ75 فناناً مصرياً

أعمالهم حملت دعوة لإنقاذ كوكب الأرض من التغيرات المناخية

عمل الفنان طارق زايد الفائز بالمركز الأول (الشرق الأوسط)
عمل الفنان طارق زايد الفائز بالمركز الأول (الشرق الأوسط)
TT

«كوب 27» يشحذ الطاقات الإبداعية لـ75 فناناً مصرياً

عمل الفنان طارق زايد الفائز بالمركز الأول (الشرق الأوسط)
عمل الفنان طارق زايد الفائز بالمركز الأول (الشرق الأوسط)

تأكيداً على أن الفن التشكيلي يلعب دوراً مهماً في التفاعل مع قضايا المجتمع ولا ينفصل عنها؛ عكف عدد من الفنانين المصريين للتعبير عن قضايا المناخ من خلال أدواتهم الفنية، شاحذين طاقاتهم الإبداعية، وتاركين العنان لخيالهم بما يعبر عن التغيرات المناخية، وخلق فكر إبداعي مؤثر لمواجهة تلك القضايا.
وفي بهو المجلس الأعلى الثقافة في دار الأوبرا المصرية، تجتمع في الوقت الحالي أعمال وإبداعات هؤلاء الفنانين، بالتزامن مع استعداد مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ (Cop27)، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

يضم المعرض أعمالاً تشترك في موضوعها وتختلف في الأفكار والرؤى والأساليب الفنية والتي نُفذت بها، وبحسب الدكتورة سهير عثمان، مقررة لجنة الفنون التشكيلية والعمارة بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن أعمال المعرض هي نتاج مسابقة تشكيلية ومعمارية نظمتها اللجنة بعنوان «التغيرات المناخية ومدى مخاطر تأثيراتها على المناحي المختلفة»، وشملت التعبير عن تأثير التغيرات المناخية على البيئة المحلية ومجالات التنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة المتجددة، إلى جانب أهمية التوعية البيئية والسياحة البيئية.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ما دعانا للمسابقة هو أن التغيرات المناخية أصبحت من أبرز القضايا الحاسمة، وتمثل أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، إلى جانب استضافة مؤتمر (Cop27)»، لافتة إلى أن «تناول هذه القضية تشكيلياً يعد صعباً للغاية لكونها موضوعاً غير نمطي يتعامل معه الفنانون، فليس هناك مادة أو مصدر للإلهام، مقارنة بغيره من الموضوعات المعتادة، وهو ما جعلنا نبادر بفتح المسابقة أمام كل الشرائح العمرية، للتعاطي مع هذه القضية»، موضحة، أنه رغم تلك الصعوبة، فإن القضية جذبت أجيال الرواد والوسط والشباب للتعامل معها فنياً، وبلغ عدد المشاركين نحو 75 فناناً.

توقفت «الشرق الأوسط» خلال زيارتها للمعرض أمام اللوحة الفائزة بالمركز الأول، للفنان طارق زايد، الذي يقول «لأن موضوع التغيرات المناخية ليس سهلاً في التناول الفني، فقد لجأت إلى القراءة فيه ومتابعة وسائل الإعلام، بمعنى أنني شحنت طاقتي ونفسي كي أتهيأ للرسم، حيث كان ذلك تحدياً فنياً، ثم كان التعامل التلقائي مع اللوحة دون اسكتش أولي، وهو ما اعتدت عليه في أعمالي التجريدية، حيث اخترت التفاعل فنياً مع قضية التغير المناخي عبر الخروج خارج كوكب الأرض، حيث جذبتني فكرة اللاكونية، بمعنى رؤية الأرض من نظرة الطائر المعروفة تشكيلياً، وهي الفكرة التي تقترب كثيراً من أسلوبي الفني، ونالت ثناء المسؤولين عن المسابقة والجمهور الزائر للمعرض».
ويلفت زايد إلى أن الجائزة حفّزته للتعامل الفني مجدداً مع فكرة التغيرات المناخية، ودفعته للتفكير في مواصلة الإبداع حولها، وإقامة معرض كامل لها.

من بين المُشتركات بالمعرض، تقول الفنانة أميمة السيسي «أشارك بلوحة حول الآثار المترتبة على التغيرات المناخية، حيث أعرض فيها لتأثير التلوث المتجسد في الانبعاثات الضارة والأدخنة الصادرة من المصانع، والتي أدت إلى نتائج سلبية على الأرض، مثل التصحر في المناطق الزراعية، كما تحمل اللوحة رسالة تفاؤل بتوجيه دعوة إلى جيل الشباب لكي نحثهم على العمل جاهدين لإنقاذ الطبيعة بعناصرها المتمثلة كافة في الماء والهواء والطيور والأسماك والحيوانات، وهي دعوة لإنقاذ كوكب الأرض من تأثيرات التغيرات المناخية».

استخدمت الفنانة ألواناً زيتية على كانڤاس باستخدام الفرشاة والسكينة لإعطاء الإحساس بالملامس المختلفة على سطح اللوحة، كما لجأت إلى اللون الأصفر والبني لإظهار التصحر في الأرض، في حين حرصت أن تكون ملابس الشباب بألوان زاهية تحاكي ألون الطبيعة، بما يخدم فكرة إعطاء الشعور بالتفاؤل، كما جاءت حركتهم إلى الأمام، للتركيز على الاتجاه إلى المستقبل بفكر جديد يحمي الطبيعة من التغيرات المناخية.

بين اللونين الأخضر والأزرق، جاءت لوحة الفنانة وهاد سمير، الأستاذ بالمعهد العالي للفنون التطبيقية، فرغم أن عملها الأساسي هو الحلي، فإنها لم تُرد تفويت فرصة التواجد في المعرض والمشاركة في رسالته الهادفة إلى لفت الأنظار إلى أثر التغيرات المناخية. تقول «لوحتي قسمتها إلى نصفين، حيث يظهر اللون الأخضر في أسفل اللوحة لكي يرمز إلى الأرض والزرع، وهو النصف الذي لجأت فيه إلى الاستعانة ببعض الأوراق بما يوحي بأهمية إعادة التدوير، حيث إنني أتبنى مشروعاً لإعادة تدوير كافة الخامات المتاحة، ولم أقم بتلوين الأوراق لإظهارها على سطح اللوحة».
النصف الأعلى من اللوحة يعبّر عن السماء؛ لذا جاء باللون الأزرق، مع استعانة الفنانة بقطع من القماش الأبيض وطباعته بدرجات مختلفة أولاً، ثم تركيبه على اللوحة، وتوظيفه بما يبعث برسالة للمتلقي، تقول له إن القماش يعيش أكثر، كما أنه أفضل بيئياً.



السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».