(تقرير إخباري)
على الرغم من النشاط الذي تبديه حكومة «الاستقرار»، برئاسة فتحي باشاغا، للتفاعل مع مطالب الليبيين، عبر قيام وزرائها بزيارات تفقدية لبعض المشروعات في المنطقة الشرقية، والتقائهم مشايخ ووجهاء بعض المدن، فإن عدداً كبيراً من المواطنين يستشعرون بأن هناك تراجعاً واضحاً في أسهم تلك الحكومة خلال الفترة الأخيرة، ما قد يجعلها «خارج الحسابات السياسية».
ويستند المؤيدون لهذا الطرح إلى جملة من الأسباب، وفي مقدمتها فشل باشاغا في دخول طرابلس ثلاث مرات، واستمرار الاعتراف الدولي بغريمه عبد الحميد الدبيبة رئيساً لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وأخيراً تفاهمات رئيسي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بضرورة إيجاد حكومة «موحدة» جديدة لقيادة البلاد نحو الانتخابات.
بداية، رأى عضو مجلس النواب صلاح أبو شلبي، أن «الأزمة لم تتوقف عند استمرار اعتراف المجتمع الدولي بحكومة الدبيبة، أو تعثر دخول حكومة باشاغا العاصمة، وانحسار نطاق سيطرتها وتحركاتها الميدانية ببعض المناطق، بل امتد الأمر أيضاً لضعف قدرة هذه الحكومة على التأثير في أهالي تلك المناطق؛ بسبب عدم امتلاكها التمويل الكافي، الذي يؤهلها لتأمين ما يحتاجونه من خدمات وتحسين أوضاعهم المعيشة كافة».
وأوضح أبو شلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المصرف المركزي في طرابلس «لم يوفر ما اعتُمد لها من ميزانية، وما تحصلت عليه من فرع المصرف في بنغازي يعد مبلغاً بسيطاً مقارنة باتساع نطاق عملها بكامل الشرق والجنوب الليبيين».
وأرجع أبو شلبي عدم الاعتراف الدولي بحكومة باشاغا «لتعاظم نفوذ الدول المتدخلة في الشأن الليبي، وتأثيرها في غالبية القرارات المهمة في الساحة»، موضحاً أن «الجميع يبحث عن مصالحه، كما اختار البعض عقد تحالفات مع حكومة الدبيبة، وربما هذا ما جعل هذه الأخيرة قادرة على الصمود، والتصدي لحكومة باشاغا».
كما أبرز أبو شلبي أنه «في ظل الصراع على السلطة التنفيذية لم يتردد بعض الدول، مع الأسف، في الاستفادة من وجود حكومة الدبيبة في مركز الحكم بالعاصمة، وذلك بعقد تحالفات تعلو فيها مصالحها على مصلحة الدولة الليبية»، مرجحاً أن يكون المسار المقبل «هو اختيار حكومة جديدة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات».
من جانبه، أكد عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي، أن حكومة الدبيبة تحظى بوضعية أفضل لتواجدها بالعاصمة، مركز القرار والمال بالبلاد.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «من يحكم طرابلس يحكم ليبيا، وهذه حقيقة معروفة للجميع. وحكومة باشاغا صممت على حكم طرابلس، وتم التوافق على اختيار باشاغا لرئاستها بصفته الرجل القوي، الذي ينتمي لأهم مدن المنطقة الغربية (مصراتة)، ويحظى بالشعبية أيضاً بالعاصمة... لكن للأسف لم تتمكن حكومته من دخول طرابلس، وبالتالي بات هناك اهتزاز لشرعيتها، وأصبح وضعها حرجاً».
ووفقاً للشركسي، وهو أحد المناوئين لحكومة الدبيبة، فإن الأتراك «هم المسؤولون عن عرقلة دخول حكومة باشاغا العاصمة؛ لأنهم اختاروا الاصطفاف مع الدبيبة، ورأوا فيه الشخصية الأنفع لهم، فدعموه بالطائرات المسيرة، وهذا كان العامل الرئيسي في إجهاض ثالث وآخر محاولة قام بها باشاغا لدخول طرابلس»، مبرزاً أن إشكاليات حكومة باشاغا «تتمثل في غياب الاستراتيجية الواضحة لها، بالنظر لعدم كفاءة بعض وزرائها، ومستشاري رئيسها».
أما بخصوص مصير حكومة باشاغا، فرجح الشركسي استمرارها «كعامل ضغط لدفع حكومة الدبيبة على الرحيل، حيث يتطلع الجميع لتشكيل حكومة جديدة موحدة تسيطر على عموم البلاد».
وأشار في هذا السياق إلى أن «حظوظ الدبيبة وباشاغا في رئاسة الحكومة (الموحدة) لا تزال موجودة، خصوصاً أن تشكيلها لن يكون بناء على اختيار الشارع، وإنما في الأغلب بناء على انتخاب ملتقى حوار سياسي جديد، أو تفاهمات مجلسي النواب والأعلى للدولة حولها».
ولم يبتعد عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، عن الرأيين السابقين، بتأكيد أن الحديث الآن يتركز حول حكومة جديدة «موحدة».
ولفت إلى أهم النقاط التي أسهمت ربما في عدم تفعيل حكومة باشاغا، وهي وجود وزراء بها يُعرف عنهم قربهم من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر؛ ما عزز المخاوف من أنها لن تكون متوازنة في علاقاتها بالقوى كافة داخل البلاد، مشيراً إلى أن بعض المواطنين بالمنطقة الغربية والعاصمة اعتبروها بمثابة «غزو جديد يقوده حفتر على طرابلس، ولكن بشكل سلمي عبر باشاغا».
ورأى معزب أن باشاغا «لم يلتفت للنصائح التي وُجهت له بشأن إعادة هيكلة حكومته، ليدعم فرص بسط سيطرته على البلاد، وبالتالي أخفق وصار محجماً في دائرة معينة».
في المقابل، عبر عضو مجلس النواب، ميلود الأسود، عن ثقته بأن حكومة باشاغا «سيكون لها دور واضح في المرحلة المقبلة».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حكومة باشاغا هي الحكومة الشرعية، وإذا كانت هناك مطالب لأي أطراف وطنية من أجل الحوار من أي نوع، سواء بتسوية أو إعادة تشكيلها بناء على مبررات منطقية، فقد ينظر فيها».
ورأى الأسود أن ما أضعف حكومة باشاغا هو الموقف الدولي، الذي وصفه بـ«المتخاذل»، ورأى أن المستشارة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز مثلته «برفض الاعتراف بما أقره مجلس النواب».
هل باتت حكومة باشاغا خارج «الحسابات السياسية»؟
ليبيون فسروا تراجع أسهمها بفشلها في دخول العاصمة... واستمرار الاعتراف الدولي بالدبيبة
هل باتت حكومة باشاغا خارج «الحسابات السياسية»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة