برلمان لبنان «يودّع» عون بإسقاط طلبه سحب التكليف من ميقاتي

لأنه يتطلب تعديلاً دستورياً أو اعتذاراً عن التأليف

مجلس النواب اللبناني منعقداً في 24 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
مجلس النواب اللبناني منعقداً في 24 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
TT

برلمان لبنان «يودّع» عون بإسقاط طلبه سحب التكليف من ميقاتي

مجلس النواب اللبناني منعقداً في 24 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)
مجلس النواب اللبناني منعقداً في 24 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

يستعد المجلس النيابي، ولو متأخراً، لوداع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، إنما على طريقته في جلسته التي يعقدها اليوم والمخصصة لتلاوة رسالته إلى البرلمان التي بعث بها قبل يومين من انتهاء ولايته الرئاسية، طالب فيها بسحب التكليف من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، والتي ستنتهي حكماً إلى إسقاط مفاعيلها السياسية والدستورية؛ لأن لسحب التكليف أصولاً تستدعي أولاً تعديل الدستور بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، إلا إذا بادر إلى الاعتذار وبملء إرادته عن التكليف.
فالجلسة النيابية التي ستُخصص أيضاً لتلاوة رسالة ميقاتي في ردّه على رسالة عون، ستشهد حشر «التيار الوطني الحر» في الزاوية، لأنه ليس لديه ما يقوله دفاعاً عن رسالة مؤسسه الرئيس عون، وسيجد نفسه وحيداً يغرّد في كوكب سياسي آخر في تصدّيه لردود الفعل النيابية المعترضة في الأساس على مضامين الرسالة. وهذا ما سجّله الاجتماع النيابي الموسّع الذي جاء استباقاً لموعد انعقاد الجلسة، وشارك فيه 27 نائباً بدعوة من رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل بإعلانهم رفضهم القاطع لها، كما ورد في الوثيقة التي وقّعوا عليها والتي يُفترض تلاوتها في مستهل الجلسة أو في الباحة الرئيسة للبرلمان إذا ما تعذّر عليهم تلاوتها لدى افتتاحها.
وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عون كان في غنى عن توجيه الرسالة لأنها أساءت إليه وإلى الفريق الاستشاري الذي نصحه بإرسالها، وأيضاً للدستور. ويؤكد أن صاحب الرسالة لم يكن مضطراً لوداعه من قبل غالبية النواب بهذه الطريقة في تعاطيهم معها وكأنها لم تكن، لأنها تشكل مخالفة مكشوفة للدستور وسترتد عليه.
ويلفت المصدر النيابي إلى أن الرسالة تستهدف الالتفاف على اتفاق الطائف وتجويفه من مضامينه، وهذا ما أملى على الأكثرية النيابية التمعّن في قراءتها التي يراد منها تعديل الدستور. ويقول إن عون لو تمعّن من خلال فريقه السياسي والاستشاري في تداعياتها السلبية عليه لما أقدم على تسطيرها وإيداعها البرلمان لتلاوتها في جلسة اليوم.
ويسأل المصدر نفسه: هل تأتي الرسالة استجابةً لما بشّرنا به رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل بإقحام البلد في فوضى دستورية واجتماعية، كرد فعل على عدم تشكيل حكومة جديدة تأتي على قياس طموحاته وهو يستعد لخوض المعركة التي تبقيه على قيد الحياة بالمفهوم السياسي للكلمة؟ خصوصاً وأن توقيع عون لمرسوم قبول استقالة الحكومة الحالية لن يكون له من مفاعيل لأنها تُعتبر مستقيلة حكماً بانتخاب مجلس نيابي جديد.
ويضيف أن عون ووريثه السياسي باسيل يستخفّان بعقول اللبنانيين بقولهما إنهما يؤيدان اتفاق الطائف، فيما بادر عون أثناء تولّيه للحكومة العسكرية إلى إصدار مرسوم بحل البرلمان وبمنع النواب الذين شاركوا فيه من العودة إلى منازلهم الواقعة في المنطقة التي كانت خاضعة لسيطرته.
ويؤكد أن عون راهن على أن رسالته ستؤدي إلى تعبئة الشارع المسيحي وإحراج القيادات المناوئة له بذريعة أن رئيس الحكومة يضع يده على البلد ويصادر صلاحيات رئيس الجمهورية. لكنه أخطأ في التقدير بانصياعه لنصائح باسيل؛ لأن القيادات المسيحية ليست في وارد التناغم معه أو افتعال صدام لا مبرر له مع الطائفة السنية، ولأن القيادات تعطي الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية كممر إجباري لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية بدلاً من افتعال اشتباكات سياسية يراد منها التحريض على المكوّن السنّي وميقاتي الذي يشغل المنصب الأول لطائفته في التركيبة السياسية.
ويرى أن النواب الذين اجتمعوا بدعوة من الجميّل وجّهوا لعون ضربة سياسية لم يكن مضطراً لإقحام نفسه في إشعال التجاذبات الطائفية؛ لأن النواب سيتعاطون مع رسالته على أنها مسمومة وما هي إلا ملهاة لصرف الأنظار عن دور باسيل في تعطيله جلسات انتخاب الرئيس من جهة، وفي إغراق النواب في خلاف حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال في إدارة الشغور في رئاسة الجمهورية من جهة ثانية. وبالتالي، بلجوئه إلى مجموعة من المستشارين أوقعه في فخ تأزيم الوضع مع أنه لن يجد من يقف إلى جانبه.
ويؤكد المصدر أن عون لو كلّف خاطره وراجع أبرز ما دار من مداولات أثناء اجتماع النواب في الطائف حول الصلاحيات التي يجب أن تناط برئيس الحكومة لاكتشف أن الدستور الذي انبثق عن وثيقة الوفاق الوطني لا يلحظ أبداً سحب التكليف من رئيس الحكومة أو تحديد مهلة زمنية لتشكيل الحكومة فور تكليفه بتشكيلها.
ويتابع بأن معظم النواب الذين شاركوا في الطائف، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الأسبق المرحوم صائب سلام، اعترضوا على تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بذريعة أن رئيس الجمهورية أياً يكن قد يلجأ في ظل عدم الانسجام معه إلى رفض التشكيلة الوزارية تلو الأخرى التي يقدّمها له لدفعه للاعتذار عن تأليفها، وبالتالي فإنه يتذرّع بتحديد مهلة زمنية له لإلغاء تكليفه برئاسة الحكومة.
كما أن مجرد تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف يعني الإبقاء عليه في حالة من عدم الاستقرار بخلاف رئيس الجمهورية الذي يُنتخب لولاية رئاسية مدتها 6 سنوات، ولا يمكن تقصيرها إلا في حال ثبوت ارتكابه الخيانة العظمى، وأيضاً لرئيس المجلس النيابي الذي يُنتخب لولاية نيابية مدتها 4 سنوات، ولا يمكن تقصير ولايته إلا في حال تقدم 10 نواب بعريضة يطالبون فيها بتقصير ولايته بعد انقضاء عامين على انتخابه شرط أن يوافق ثلثا أعضاء البرلمان على تقصيرها.
لذلك، فإن إلزام الرئيس المكلف بمهلة زمنية لتشكيل الحكومة يعني الإبقاء عليه في حال من عدم الاستقرار لأن رئيس الجمهورية هو من يتحكّم به استناداً إلى المهلة المحددة له.
وعليه، فإن جلسة اليوم ستؤدي إلى إلحاق ضربة سياسية بعون؛ لأنه ليس مضطراً لشراء مشكلة مجانية يعرف سلفاً بأنه وحده الذي سيدفع الثمن السياسي الذي يلاحقه مع انتقاله إلى منزله في الرابية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
TT

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، اليوم (السبت) أن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية، جعله يستمر في عدوانه ضد شعبنا وأرضنا، وآخرها المجزرة البشعة التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى من أبناء شعبنا، جرَّاء استهداف جيش الاحتلال مدرسة تؤوي آلاف النازحين في مدينة دير البلح، ومستشفى ميدانياً».

ونقلت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) عن أبو ردينة قوله إن «هذه المجازر الوحشية تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية والكونغرس اللذين صفَّقا وأعطيا الدعم السياسي والمالي والسلاح لهذا الاحتلال، ليستمر في قصف الأطفال والنساء والشيوخ؛ لأنه يعلم مسبقاً أنه محمي من العقاب، جراء الدعم الأعمى والمنحاز من قبل الجانب الأميركي؛ خصوصاً لقاءاته الأخيرة في الكونغرس».

وأشار أبو ردينة إلى أن «الاحتلال انتهك كل المحرمات التي أقرها القانون الدولي، بقصف مدرسة تؤوي مدنيين عزلاً يبحثون على ملاذ آمن، غير موجود بالأساس في قطاع غزة، بعد نحو 10 أشهر من العدوان المتواصل، وفي كل مرة يقصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين لا نرى سوى بعض الإدانات والاستنكار الذي لن يجبر إسرائيل على وقف عدوانها الدموي».

وطالب أبو ردينة الإدارة الأميركية بـ«إجبار إسرائيل على وقف عدوانها، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية وقرارات المحاكم الدولية، وعدم إعطائها الدعم للاستمرار في الجرائم الوحشية، وهي تتحمل مسؤولية كل ما يجري من عدوان على غزة والضفة والقدس».