مظاهرات متواضعة وسط بغداد لإحياء ذكرى «احتجاجات تشرين»

حكم بإعدام ضد قاتل ناشط مدني... وفصائل تسعى لإطلاق معتقلين آخرين

تجمع لمتظاهرين في بغداد لإحياء الذكرى الثالثة للاحتجاجات المناهضة للحكومة محاطٌ بقوات الأمن (أ.ب)  -  الناشط المدني ثائر الطيب اغتيل في ديسمبر 2019
تجمع لمتظاهرين في بغداد لإحياء الذكرى الثالثة للاحتجاجات المناهضة للحكومة محاطٌ بقوات الأمن (أ.ب) - الناشط المدني ثائر الطيب اغتيل في ديسمبر 2019
TT

مظاهرات متواضعة وسط بغداد لإحياء ذكرى «احتجاجات تشرين»

تجمع لمتظاهرين في بغداد لإحياء الذكرى الثالثة للاحتجاجات المناهضة للحكومة محاطٌ بقوات الأمن (أ.ب)  -  الناشط المدني ثائر الطيب اغتيل في ديسمبر 2019
تجمع لمتظاهرين في بغداد لإحياء الذكرى الثالثة للاحتجاجات المناهضة للحكومة محاطٌ بقوات الأمن (أ.ب) - الناشط المدني ثائر الطيب اغتيل في ديسمبر 2019

وسط إجراءات أمنية مشددة، أحيا المئات من الناشطين في بغداد ومحافظات أخرى وسط وجنوب البلاد، أمس (الثلاثاء)، الذكرى الثالثة لاحتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وعمدت القوات الأمنية إلى قطع معظم الجسور الرابطة بين جانبي الكرخ والرصافة، خاصة القريبة من ساحة التحرير التي تواجد فيها المتظاهرون.
وشهدت الساحة أيضاً تواجداً كثيفاً للقوات الأمنية للحيلولة دون عبورهم إلى المنطقة الرئاسية (الخضراء) عبر جسر الجمهورية القريب. واشتكى معظم البغداديين من الزحامات الخانقة التي تسببت بها عملية قطع جسور وشوارع العاصمة. ومثلما كان متوقعاً، لم تشهد أحياء الذكرى حضور أعداد كبيرة من المتظاهرين نتيجة الانقسام الحاصلة بين جماعات الحراك.
من جانبه، انتقد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، تقطيع أوصال العاصمة بغداد وغلق جسورها، وتساءل في «تدوينة» قائلاً «ما مبرر منع القوات الأمنية للصحافة من الوصول إلى ساحة التحرير لتغطية مظاهرة اليوم؟». وأضاف، أن «هذا الإجراء، إضافة إلى قطوعات الطرق والجسور ونصب الكتل الإسمنتية وكثافة التواجد الأمني المبالغ بها، تؤدي عملياً إلى التضييق على حرية التظاهر».
وكانت الاحتجاجات، استمرت لأكثر من عام وسقط خلالها أكثر من 600 وإصابة نحو 20 ألف متظاهر نتيجة القوة المفرطة التي استخدمها القوات الأمنية وقتذاك لتفريق المتظاهرين.
وتمكن الحراك وقتذاك من إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وفرض على القوى السياسية الإتيان بحكومة جديدة وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
وبالتزامن مع الذكرى، أصدر القضاء حكماً بالإعدام على قاتل الناشط المدني ثائر الطيب. وقال المركز الإعلامي للقضاء في بيان، إن «محكمة جنايات القادسية أصدرت حكماً بالإعدام بحق المجرم (كفاح الكريطي) على خلفية عمليات اغتياله للناشط (ثائر الطيب)». واستند الحكم بحسب البيان إلى «أحكام المادة الرابعة - 1 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005».
ولم يتطرق بيان القضاء إلى دوافع الجريمة وأسبابها، لكن ناشطين يتحدثون عن انتماء القاتل إلى فصيل مسلح يناصب العداء للحراك والناشطين البارزين فيه. كان المدان الكريطي زرع عبوة لاصقة أسفل سيارة الناشط ثائر الطيب في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2019، في مدينة الديوانية الجنوبية ألحقت إصابات خطيرة بالطيب وزميل آخر مرافق له، أدت إلى وفاته لاحقاً ونجاة زميله. وما زال ملف المقتولين والمختطفين من الناشطين والكشف عن خاطفيهم وقاتليهم يتصدر قائمة مطالب جماعات الحراك، في مقابل عجز السلطات عن الإيفاء بوعودها في تحقق هذا المطلب. ويتحدث عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي، الذي كان مواكباً لاحتجاجات تشرين ومنتقداً استعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين عن قتل «600، منهم 32 بعمليات اغتيال مباشرة وخطف أكثر من 30 ناشطاً ما زال مصير 20 منهم غير معروف حتى الآن». ويقول البياتي، إن «لجان التحقيق العديدة التي تشكلت بعد تشرين 2019 تسلمت 8160 شكوى حول قضايا تتعلق بعنف داخل المظاهرات أو المرتبطة بها من قتل واختطاف واغتيال» ويؤكد، أن اللجان الحكومية «اكتفت ببيانات الاستنكار والإقالات، ولم تتم إدانة الجناة، إلا في حالتين فقط، وعلى مستوى منتسبين برتب عسكرية متدنية».
إلى ذلك، تحدثت مصادر سياسية عراقية عن «محاولات جادة» من فصائل شيعية ضمن الإطار التنسيقي لإعادة محاكمة معتقلين متهمين باغتيال وخطف ناشطين في الحراك الاحتجاجي مع تشكيل الحكومة الجديدة، لكن مسؤول قضائي رفيع أكد لـ«الشرق الأوسط»، «استحالة الإفراج عن المتورطين بهذا النوع من الجرائم».
وقال مصدر مطلع على أجواء تشكيل الحكومة الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»، «إن قادة أحزاب تلقوا من كوادرهم المتقدمة طلبات لاستثمار الوضع السياسي الراهن لإطلاق سراح عناصر في الفصائل المسلحة اعتقلتهم الأجهزة الأمنية بتهم تتعلق بقمع الحراك الاحتجاجي».
وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن «محامين تابعين للفصائل المسلحة يعملون منذ أشهر على صياغة مرافعات قانونية لإعادة محاكمة المتهمين، في حين تدفع مجموعات نافذة لإطلاق سراحهم بعد إعلان براءتهم».
وبحسب ثلاثة عناصر من «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«كتائب سيد الشهداء»، فإنهم «متأكدون من أن ملف قضايا المعتقلين المتهمين بجرائم القتل السياسية ستغلق خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وحذر ناشطون، ومنظمات محلية ودولية، من استمرار حالة «الإفلات من العقاب» بالنسبة لعشرات المتورطين باغتيال متظاهرين عراقيين خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين يتأخر حسم قضاياهم التي تنظر فيها محاكم عراقية منذ تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة المنتهية ولايتها.
إلى جانب ذلك، أكد مصدر قضائي عراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إطلاق المتهمين بارتكاب جرائم قتل دون أن تأخذ العدالة مجراها وفق القوانين العراقية محض ادعاء سياسي»، مشيراً إلى أن «المحاكم العراقية لا تزال تنظر في قضايا تتعلق بقتل مدنيين شاركوا في أنشطة سلمية خلال الحراك الاحتجاجي».
وقال مسؤول عراقي سابق في مكتب رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمي، إن الأخير «شكّل لجنة خاصة لمتابعة ملف المتهمين بتلك الجرائم، ولاحق الكثير منهم لاعتقالهم وإيداعهم السجن، لكن مرحلة ما بعد التحقيق القضائي، غالباً ما تتعطل لأسباب الروتين المتعمد أو التسويف».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

انتشال 14 جثماناً من أنقاض منزل في مدينة غزة

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثامين عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال بمدينة غزة 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثامين عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال بمدينة غزة 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

انتشال 14 جثماناً من أنقاض منزل في مدينة غزة

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثامين عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال بمدينة غزة 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثامين عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال بمدينة غزة 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

تمكّنت طواقم الدفاع المدني في مدينة غزة من انتشال 14 جثماناً من تحت أنقاض منزل دمرته القوات الإسرائيلية خلال قصفها المدينة.

وقالت طواقم الإنقاذ، في بيان صحافي أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، اليوم (الاثنين)، إن «عمليات البحث والانتشال جرت في ظروف بالغة الصعوبة، وفي ظل إمكانات محدودة، ضمن الجهود الإنسانية المتواصلة لانتشال جثامين الشهداء العالقين تحت الركام، تمهيداً لدفنهم بما يليق بكرامتهم».

ووفق الوكالة، «شنّت الطائرات الإسرائيلية، اليوم، سلسلة غارات جوية استهدفت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف من الآليات العسكرية المتمركزة شمال المدينة، مما أدى إلى حالة من التوتر الشديد في المنطقة».

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثامين عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال بمدينة غزة 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وحسب مصادر محلية، «قصفت مدفعية الاحتلال شرق مخيم البريج وسط القطاع، فيما أطلقت آلياته العسكرية النار بكثافة باتجاه مبنى الاتصالات قرب دوار أبو حميد وسط مدينة خان يونس جنوباً»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وتنتشر الأمراض المعدية، لا سيما أمراض الجهازَين التنفسي والهضمي، على نطاق واسع بين الأطفال، ما أدى إلى تضاعف الضغط على المرافق الصحية في القطاع. وأشارت الجهات المختصة إلى أن أعداد المراجعين تفوق القدرة السريرية للمستشفيات بنحو أربعة أضعاف عدد الأسرّة المتوفرة.

وأكدت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن سكان قطاع غزة بحاجة ماسة إلى تدخل عاجل، خصوصاً مع استمرار هطول الأمطار، لمواجهة الأوضاع الإنسانية المتدهورة والحد من تداعيات الأزمة على حياة النازحين.


الرئيس اللبناني يؤكد مجدداً: التفاوض بديل الحرب

 الرئيس عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
TT

الرئيس اللبناني يؤكد مجدداً: التفاوض بديل الحرب

 الرئيس عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، أن الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج من أجل تثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة «الميكانيزم» التي ستعقد اجتماعاً لها يوم الجمعة المقبل، والتي يحظى عملها بدعم لبناني وعربي ودولي، لا سيما بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني فيها، مشيراً إلى «أن خيار التفاوض هو البديل عن الحرب التي لن تعطي أي نتيجة، بل ستلحق مزيداً من الأذى والخراب بلبنان واللبنانيين من دون استثناء».

وتحدّث الرئيس عون خلال استقباله وفداً من حزب «الطاشناق» برئاسة الأمين العام للحزب ألبير بالابانيان، عن «دور اللبنانيين الأرمن في النهضة الاقتصادية في لبنان»، مشيراً إلى «ضرورة أن يتمتع الجميع بالحس الوطني، والمسؤولية في هذا الظرف بالذات، حيث للوحدة الوطنية أهمية كبيرة في تعزيز الموقف اللبناني، خصوصاً خلال المفاوضات».

إنجازات أساسية

وقال الرئيس عون إن «الإنجازات التي تحققت خلال الأشهر العشرة الأولى من عهده كانت أساسية، وشملت مختلف المجالات، لكن ثمة من لا يرى هذا الأمر، ويصوب، مع الأسف، على الدولة ومؤسساتها، ويشوه الواقع، ويبث شائعات مؤذية لأسباب سياسية وشخصية»، مضيفاً أن «تجاهل الإيجابيات التي تحققت، والتركيز على السلبيات، يظهر ما يضمر له هؤلاء الذين يسببون الأذى لبلدهم وأهلهم. إلا أن هذه المحاولات لن تعطي أي نتيجة؛ لأن رهان اللبنانيين على دولتهم ومؤسساتهم رهان ثابت، ولأن الثقة بلبنان عادت، وهذا ما يوفر فرصاً عدة أمامنا للعمل والإنتاج».

«الطاشناق» يدعم عون

وكان ألبير بالابانيان تحدّث في مستهل اللقاء مؤكداً «دعم حزب (الطاشناق) لرئيس الجمهورية، وللمواقف التي يتخذها في سبيل تثبيت الأمن والاستقرار في البلاد».

وتحدّث عن حزب «الطاشناق» الذي «وضع في أساس سياسته اللبنانية، مبادئ لم يحد عنها في كل الظروف والأوقات، منها التزام الحوار بوصفه سبيلاً وحيداً لحل المسائل الخلافية بين أبناء الوطن الواحد مهما تباينت آراؤهم، وقد أثبتت التجارب المتتالية أن كل محاولة لاعتماد سبيل آخر، أو لفرض وتغليب رأي على آخر، لم تعد على البلاد والعباد إلا بالويلات».

وتوجه إلى الرئيس عون قائلاً: «إزاء التحديات الكثيرة التي تواجهها الدولة اللبنانية وشعبها، من المخاطر الحربية إلى الأزمات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نؤكد لكم التزامنا الراسخ بمؤازرة كل جهد يرمي إلى تجنيب الوطن المآسي، وترسيخ وحدته ومؤسساته».

العلاقات مع دمشق

وكانت العلاقات اللبنانية - السورية محور اللقاء الذي جمع عون مع نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، الذي أطلعه على الاتصالات الجارية مع الجانب السوري في المسائل التي يتم معالجتها بين البلدين.

كذلك استقبل الرئيس عون وفداً من «جمعية المعتقلين اللبنانيين المحررين من السجون السورية» في القصر الرئاسي، حيث عرض واقع المحررين من السجون السورية، مطالباً بإنصافهم ومعاملتهم «على قدم المساواة مع المحررين من السجون الإسرائيلية، الذين يتقاضون تعويضات مالية، رغم أننا نشكل فئة موثقة لدى السلطات اللبنانية، يبلغ عدد أفرادها 225 معتقلاً محرراً».

وأبلغ الرئيس عون الوفد، أنه سيتابع مطالبه مع الجهات المعنية، مقدراً «حجم الألم الذي أصاب هؤلاء المعتقلين، والظروف الصعبة التي عاشوها مع أفراد عائلاتهم».


طروحات خارجية عن سلاح «حزب الله» تثير مخاوف داخلية

بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي من الحدود (إ.ب.أ)
بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي من الحدود (إ.ب.أ)
TT

طروحات خارجية عن سلاح «حزب الله» تثير مخاوف داخلية

بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي من الحدود (إ.ب.أ)
بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي من الحدود (إ.ب.أ)

تثير طروحات يتم التداول بها بالعلن وأخرى خلف الأبواب المغلقة لحل أزمة سلاح «حزب الله» شمال نهر الليطاني، مخاوف قوى لبنانية؛ خشية إبقاء السلاح المتوسط والخفيف الذي لا يهدد أمن إسرائيل بيد عناصره، كما إعطاؤه مكاسب سياسية على حساب القوى والطوائف المتعددة، مقابل موافقته على التسليم، وتجنيب البلد جولة جديدة من حرب مدمرة.

وأثار خروج المبعوث الأميركي توم برّاك، في الآونة ليقول إنه «ليس من الضَّروري نزعُ سلاح (حزب الله)، إنما الهدف هو منعه من استعماله»، علامات استفهام حول قابلية طرح كهذا للتطبيق، وما إذا كانت إسرائيل قد توافق على حل مماثل وهي التي تلوح يومياً بمعاودة القتال للتصدي لما تقول إنها محاولات للحزب لإعادة بناء قدراته العسكرية.

وكان قد سبق حديث براك هذا، التداول بطرح مصري في إطار مبادرة لتفادي جولة جديدة من الحرب الإسرائيلية على لبنان، تتحدث عن «الخمول الاستراتيجي» للتعامل مع سلاح «حزب الله» شمال نهر الليطاني بعد سحبه من جنوب النهر، وقد بدا الطرح يتيماً ولم يتجاوب معه الحزب.

ويتعارض هذا الطرح أصلاً، مع القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في أغسطس (آب) الماضي الذي ينص على السلاح على كامل الأراضي اللبنانية، أي استحواذ أجهزة الدولة على أسلحة كل الميليشيات والمجموعات لبنانية كانت أو غيره.

فتنة داخلية نائمة

ويؤكد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» الدكتور سليم الصايغ، على أن الطرح الذي يتم التداول به حول سلاح «حزب الله»، «مرفوض كلياً، ويضع الفتنة في الثلاجة، ويعطي الوقت الكافي للحزب لإعادة بناء بنيته الكاملة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المشكلة ليست بطبيعة السلاح إنما باليد التي تضغط على الزناد، وما يحرك تلك اليد».

ويضيف: «قد تقبل إسرائيل بنزع حد معين من السلاح، وإنما كيف سيعيش بقية اللبنانيين مع السلاح الفردي والمتوسط الذي تم استخدامه في انقلاب القمصان السود في 7 مايو (أيار) 2007؟».

ويقول الصايغ: «ليس المطلوب إراحة إسرائيل، وأن يعيش لبنان تحت خطر الفتنة الداخلية الدائمة. كما أن التنظيم العسكري - الأمني حتى ولو كان أعزل، مرفوض لأنه قادر على التحول تنظيماً بكامل العدة والعتاد في ساعات معدودة».

صور لمحتجزين لبنانيين لدى إسرائيل مرفوعة أمام مبنى «إسكوا» في وسط بيروت (إ.ب.أ)

ويلفت الصايغ، إلى أن «المقاومة ليست حكراً على حزب، فهي بالنهاية عقيدة قتالية للدولة اللبنانية... وعند اللزوم يتحول كل الشعب اللبناني شعباً مقاتلاً ضمن قوى الاحتياط في الجيش، دون تنظيم مرادف ومواز له، تماماً كما هو حاصل في سويسرا».

قرار أميركي حاسم

وتشدد كبيرة الباحثين في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» حنين غدار، على أن «كل ما يقوله ويعلنه توم براك بخصوص الملف اللبناني، يمثل شخصه حصراً، ولا يمثل الموقف الرسمي للإدارة الأميركية على الإطلاق، ولا يعكس السياسة الأميركية تجاه لبنان»، لافتة قي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المواقف التي تمثل موقف الإدارة في واشنطن، يعبر عنها حصراً السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس؛ فالإدارة الأميركية مستحيل أن توافق على ما تحدث عنه براك عن منع استخدام سلاح (حزب الله) عوض نزعه».

عناصر من الجيش يقفون على آليتهم مقابل موقع حانيتا الإسرائيلي المواجه لبلدة علما الشعب بجنوب لبنان نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

وتؤكد غدار، أن «قرار نزع السلاح شمال الليطاني قرار نهائي، فلا مجال لأن ينزع السلاح جنوب الليطاني، وتتم المماطلة فيما يتعلق به، شمال النهر»، مشيرة إلى أن «الكونغرس الأميركي كان واضحاً لجهة إعادة النظر بالمساعدات الأميركية للجيش اللبناني في حال لم ينفذ ما هو مطلوب منه في هذا المجال».

موقف «حزب الله»

وفي خطابه الأخير، جدَّد أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم التمسك بموقف حزبه لجهة رفض تسليم السلاح شمال الليطاني، عادَّاً أن اتفاق وقف النار «لحظ جنوب النهر حصراً».

الأمين العام لـ«​حزب الله» نعيم قاسم (أرشيفية - رويترز)

ويفترض أن ينتهي الجيش اللبناني، وفق خطته الموضوعة لحصرية السلاح، من تمشيط منطقة جنوب الليطاني الحدودية المتاخمة لإسرائيل، نهاية العام الحالي، على أن ينتقل بعدها لمعالجة حصر السلاح في باقي المناطق اللبنانية.

نزع السلاح الثقيل

ويؤكد الباحث والكاتب في شؤون الأمن والدفاع رياض قهوجي، أن «موقف واشنطن لم يتغير لجهة الإصرار على نزع سلاح (حزب الله)»، لافتاً إلى أن السلاح الذي يتحدث عنه الأميركيون والإسرائيليون هو «السلاح الثقيل وبخاصة الصواريخ البعيدة المدى والمسيَّرات التي تستطيع أن تصل إلى عمق إسرائيل، أما باقي السلاح كالكلاشينكوف والـB7 وغيرها فلا تعنيهما، وهذا هو السلاح الذي كان يتحدث عنه براك، بحيث إذا أراد اللبنانيون الاستمرار بالتعايش مع هذا السلاح، فهذا أمر يعنيهم».