قنبلة قذرة في الحرب القذرة!

عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون بمنطقة شهدت قتالاً ضد الروس في كييف (أ.ف.ب)
عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون بمنطقة شهدت قتالاً ضد الروس في كييف (أ.ف.ب)
TT

قنبلة قذرة في الحرب القذرة!

عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون بمنطقة شهدت قتالاً ضد الروس في كييف (أ.ف.ب)
عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون بمنطقة شهدت قتالاً ضد الروس في كييف (أ.ف.ب)

لماذا يطلق على «القنبلة القذرة» هذا الاسم؟ أليست كل القنابل تقتل وتدمّر، وهي قذرة؟ على كلٍّ؛ تعدّ الحرب الأوكرانيّة حرباً فريدة من نوعها... هي حرب وجود لأوكرانيا، وهي عملية عسكريّة خاصة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هي عملية عسكريّة خاصة؛ لكن يُحشد لها عظيم ونخبة العسكر الروسي، وأهم الأسلحة الموجودة في الترسانة الروسيّة، ومن كل الأنواع.
هي عملية خاصة؛ لكن روسيا تستورد من الخارج الأسلحة، خصوصاً المسيّرات الإيرانيّة «شاهد 136»؛ فالمسيّرات هي الأرخص، والأكثر توافراً... لا تزيد تكلفة الواحدة على 20 ألف دولار، في حين يبلغ سعر صاروخ «كروز» الروسي أكثر من مليون دولار.
تسعى روسيا في هذه المرحلة إلى تدمير كلّ البنى التحتيّة الأوكرانيّة، خصوصاً المتعلّقة بالتدفئة، لكن كيف؟ تعتمد أوكرانيا على التدفئة بواسطة المياه الساخنة، التي تستعمل الغاز الطبيعيّ للتسخين. هذه المياه الساخنة تسلك شبكة كبيرة من الأنابيب قبل وصولها إلى المنازل... على سبيل المثال، هناك شبكة في العاصمة كييف يبلغ طولها أكثر من 2500 كيلومتر من الأنابيب، تحاول روسيا تدميرها، خصوصاً قبل حلول فصل الشتاء. تحتاج كييف أكثر من 140 يوم تدفئة في العام. فلنتأمل غياب التدفئة فيها.
حسب المعلومات الواردة من جنوب أوكرانيا، خصوصاً من مدينة خيرسون، وحسب التصريحات الروسية؛ إن كانت من القائد الجديد المُعيّن سيرغي سيروفيكين، أو من المصادر الأخرى؛ يبدو أن هناك انسحاباً تكتيكياً من المدينة التي تقع على الضفة الغربيّة لنهر الدنيبر، إلى الضفة الشرقيّة للنهر، وإلا فما معنى إجبار السكان على المغادرة؟ وما معنى تفخيخ المعمل الكهرومائي في مدينة نوفا كاكوفكا، والتهديد بتفجير السدّ المائي هناك؟
يحوي السدّ نحو 15 مليون متر مكعب من المياه؛ كلّ متر مكعب يزن طناً... إذن لدينا 15 مليون طن من المياه. فلنتأمل السيناريو السيئ؛ أي تدمير السدّ. ونتخيّل تسارع المياه (Acceleration) بفعل الجاذبيّة نحو البحر الأسود. فكم من المناطق ستدمر؟ وكم من القرى ستغمرها المياه؟ وكم من قتيل يُرتقب؟ وكم المساحة التي ستغمرها المياه؟ يعدّ البعض أن تفجير السدّ بمثابة تفجير قنبلة نووية، لكن من دون الإشعاعات. لكن يجب ألا نتفاجأ؛ لأن الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين كان قد فجّر السد عام 1941، لمنع وتأخير الجيش الألماني - النازي آنذاك - من التقدّم.
* البُعد النووي الإشعاعي!
بعد التهديد المتكرر باستعمال السلاح النووي التكتيكي، قد يمكن القول إن تكلفة استعمال هذا السلاح تفوق الأرباح الممكن تحقيقها. فهل يضمن بوتين اتجاه الريح أن يأخذ الإشعاعات إلى أوروبا بدل حملها إلى بيلاروسيا أو روسيا؟ في كارثة تشيرنوبل عام 1986، تضررت كل من روسيا وبيلاروسيا من الإشعاعات أكثر من أوروبا الغربيّة. هل جيش بوتين مجهّز لحرب نوويّة وهو يعاني من نقص لوجيستي حتى في الطعام؟ هل يضمن بوتين كيف سيردّ الغرب على استعماله للنوويّ؟ لكن في كلّ مرحلة مفصلية للحرب الأوكرانيّة، تظهر تهديدات غير تقليديّة؛ فماذا عن «القنبلة القذرة (Dirty Bomb)»؟.
القنبلة القذرة تركيبة من المواد المُشعّة، التي تُفجّر بواسطة متفجرات تقليديّة، مثل «سي4» و«تي إن تي». لا تنتج هذه القنبلة مفاعيل القنبلة النووية، كالعصف والحرارة المرتفعة، لكنها تنشر فقط المواد المُشعّة في محيطها. لذلك يبقى تأثيرها محدوداً، ومدى انتشارها يتعلّق بسرعة واتجاه الرياح، وحتى الرطوبة في الجوّ.
كي تُنفّذ، يجب تأمين المواد المشعة، التي قد تكون بقايا نووية مما استعمل في أي مفاعل نووي مدنيّ. هذا الأمر متوفر في مفاعل «زاباروجيا»؛ إذ يقال إن هناك أطناناً من هذه المواد. هل ستعمد أوكرانيا لتفجير قنبلة قذرة؟ وهل هي قادرة على ذلك؟ وهل تربح من هذا الاستعمال وهي تحقق مكاسب على الأرض؟ وهل تسمح لها أميركا بهذا السلوك؟
إذن؛ هل نحن في مرحلة تهديد جديد من الرئيس بوتين للغرب؟ وهل يمكن ربط التراجع الروسي على الأرض بهذا التهديد؟ كل الأمور ممكنة مع الرئيس بوتين، الذي لم تتطابق حسابات حقله مع حسابات بيدره.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.