اندلعت ملاسنة كلامية «حادة وعلانية» بين عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، وخالد المشري، رئيس مجلس الدولة، على خلفية رفض الدبيبة الاتفاق المفاجئ الذي تم الإعلان عنه في المغرب بين المشري، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بشأن «المناصب السيادية، والاتفاق على تشكيل حكومة موحدة».
واعتبر الدبيبة أن «الحديث عن (مسارات موازية) مثل تقاسم المناصب السيادية، لم يعد مقبولاً». وكتب مساء أول أمس عبر «تويتر» قائلاً: «الليبيون يطالبون الجميع بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه الانتخابات».
وجدد مطالبته للمشري وصالح بـ«الإسراع في اعتماد قاعدة دستورية (عادلة)، تنهي (المشكل القانوني) الذي يمنع إجراء الانتخابات، كما حدث في ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
في المقابل، سارع المشري إلى مطالبة الدبيبة بـ«الكف عن ما وصفه بـ(بيع الأوهام) للشعب».
وأضاف مخاطباً الدبيبة أيضاً عبر «تويتر»، «عليك بتوفير العلاج لمرضى الأورام، والكتاب المدرسي لأبنائنا الطلبة، ولا علاقة لك بما هو ليس من اختصاصك ولا صلاحياتك. فقط قم بعملك».
ولم يصدر على الفور أي رد فعل من فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الموازية المكلفة من مجلس النواب، بينما نقلت وسائل إعلام محلية، عن مصادر بالمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، حثه صالح والمشري على «الإسراع في إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات قبل نهاية العام الحالي»، كما طالبهما بـ«الالتزام والتقيد الحرفي بنصوص خارطة الطريق باعتبارها المفسر للاتفاق السياسي، واستقلال القضاء ومؤسساته».
في السياق ذاته، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، إنه «أَخذَ عِلماً بنتائج اجتماع المغرب بين صالح والمشري».
ورحب، في بيان وزعته البعثة الأممية، بـ«استئناف الحوار بين الطرفين». وأعرب عن «استعداده لمناقشة التفاصيل والآليات والجداول الزمنية لتنفيذ التزاماتهما».
كما حث باتيلي جميع القادة الليبيين على «الانخراط في حوار شامل باعتباره السبيل الوحيد لتجاوز المأزق الحالي، وتلبية تطلعات الشعب الليبي».
واتفق صالح والمشري في الرباط على تنفيذ اتفاق «بوزنيقة» المتعلق بالمناصب السيادية قبل نهاية العام الحالي. وأعلنا، في بيان مشترك صدر عقب اجتماعهما، أنهما اتفقا على «تنفيذ مخرجات مسار بوزنيقة المتعلق بالمناصب السيادية في غضون الأسابيع المقبلة، على ألا يتعدى نهاية السنة في كل الأحوال».
ودعا البيان أيضاً إلى «استئناف الحوار من أجل القيام بما يلزم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق تشريعات واضحة، وذلك بالتوافق بين المجلسين».
ولفت البيان إلى الاتفاق على «مواصلة التشاور بين المجلسين بخصوص الملفات السالفة الذكر في المغرب».
وأبلغ يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وسائل إعلام محلية أمس، أن «الاتفاق ينص على أن يكون محافظ المصرف المركزي ورئيس هيئة الرقابة الإدارية من المنطقة الشرقية، بينما سيكون رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس مفوضية الانتخابات من المنطقة الغربية، بينما سيُختار رئيسا المحكمة العليا وهيئة مكافحة الفساد من المنطقة الجنوبية».
وكانت الأطراف المتنافسة في ليبيا قد اجتمعت في بوزنيقة، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً جنوبي الرباط، في سبتمبر (أيلول) 2020 للاتفاق على توزيع المناصب السيادية، وكذلك وقف إطلاق النار.
وكانت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، قد أعلنت مساء أول من أمس أنها بصدد الإعداد للنسخة الثانية من مؤتمر «دعم استقرار ليبيا» الذي عقد العام الماضي في العاصمة طرابلس، وكان اللبنة الأولى في طريق الازدهار والاستقرار لأول مرة بعد أكثر من 10 سنوات.
وادعت أن «الهدف هو تمهيد الطريق إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أصبحنا أقرب إليها اليوم أكثر من الوقت الذي مضى»، على حد قولها.
كما زعمت أن ليبيا أكدت، خلال ما وصفته بـ«النجاح العالمي» الذي حققه المؤتمر في نسخته الأولى، أنها تمتلك وتقود زمام أمورها في الأحداث التي تتعلق بأمنها واستقرارها وسيادتها.
وبعدما اتهمت بعض الأطراف، التي لم تحددها، بـ«محاولة عرقلة هذه الجهود»، أضافت: «لكننا لن نُولي أي اهتمام للمحاولات التي تهدم هذه الجهود، بل نراها دافعاً لاستكمال مسار الأمن والاستقرار لليبيا».
إلى ذلك، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، أنه اجتمع أمس في مدينة بنغازي بشرق البلاد مع كارولين هورندال سفيرة بريطانيا لدى ليبيا، من دون أن يكشف تفاصيل اللقاء.
وكانت هورندال قد أعربت خلال اجتماعها، مساء أول من أمس، مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية ورؤساء لجان مجلس النواب عن القلق بشأن «تقارير الفساد». وأشارت إلى أنها ناقشت التأثير الضار للانقسامات المستمرة في ليبيا، وحثت جميع الأطراف على العمل بشكل بناء وشامل للانتخابات.
كما أعلنت اتفاقها مع علي الحبري، محافظ مصرف ليبيا المركزي في الشرق، على أن «يكون المصرف باعتباره مؤسسة مهمة، غير حزبي، ويحقق الاستقرار الاقتصادي لليبيا بأكملها».
وأوضحت أنها أدركت لدى لقائها رئيس بلدية بنغازي هذا الأسبوع، تأثير عدم الاستقرار المستمر على البلديات، لافتة إلى مناقشة أهمية حماية الحقوق الأساسية، وتوسيع المجال المدني والديمقراطي. وأعربت عن شعورها بالفخر لما وصفته بـ«العلاقات التاريخية مع شرق ليبيا».
بينما كشفت وسائل إعلام محلية النقاب عن توجيه الدبيبة تعليمات إلى مسؤولي ووزراء حكومته، عبر وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة، عادل جمعة، بـ«عدم إجراء وزراء الحكومة أي مؤتمرات أو لقاءات صحافية، إلا بإذن رسمي منه».
وأشاد الدبيبة أمس، بانطلاق أكثر من 25 ألف ناخب نحو 42 مركز اقتراع ببلدية ترهونة، لانتخاب ممثليهم في مجلس البلدية، بإشراف من اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية التابعة للحكومة، من خلال 152 مراقباً، و305 وكلاء عن القوائم الانتخابية.
وحتى ظهر أمس، أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات المحلية أن نسبة المقترعين لم تتجاوز 5 في المائة. وحثت الناخبين على التحلي بالمسؤولية والتعاون مع موظفي مراكز الاقتراع، والابتعاد عن القبلية، وتغليب مصلحة البلدية بكافة مناطقها.