مع ارتفاع أسعار البيض في مصر، لجأ السائق علي عابدين (58 عاما) إلى شراء «كَسر البيض» (المكسور)، في محاولة لتلبية حاجته وأفراد أسرته من البيض، وللهروب من ارتفاع ثمنه.
ويقول عابدين لـ«الشرق الأوسط» إن «سعر الكرتونة تخطى 80 جنيها، لذا كان الحل في البيض الكسر، الذي اشتريته بـ50 جنيها فقط». كما لجأ الرجل الذي يقطن بإحدى قرى محافظة المنوفية، إلى حيلة أخرى بديلة لأعلاف الدواجن، حيث اتجه إلى خلط الخبز «الناشف» بالماء وتقديمه إلى الدواجن، التي تقوم زوجته بتربيتها في منزلهما، «بعد أن ارتفع سعر الأعلاف إلى 4 أضعاف في فترة قصيرة، ولم نعد نشتريها»، وفق قوله.
تعكس كلمات المصري الخمسيني محاولات المصريين للبحث عن البدائل في الغذاء، والتعايش مع أزمة ذات ظل دولي ارتفع بسببها سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المحلي.
وتواجه مصر نقصا في «أعلاف الدواجن»، ما أثار «قلقاً» ظهرت ذروته قبل يومين مع انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، لعمليات إعدام لصغار الدواجن «الكتاكيت» بسبب عدم وجود أعلاف كافية، مما دفع أصحاب المزارع (المربين) إلى التخلص منها.
الواقعة السابقة وصلت إلى البرلمان المصري، حيث دعا رئيس مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى من البرلمان) المستشار الدكتور حنفي الجبالي، اليوم (الاثنين)، الحكومة إلى «سرعة اتخاذ اللازم نحو حل مشكلة الإنتاج الداجني، وتكليف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي والمسؤولين في الوزارات المعنية والبنك المركزي بسرعة اتخاذ اللازم في هذا الشأن».
وشدد «الجبالي» - خلال جلسة مجلس النواب وعقب البيان الذي ألقاه رئيس لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية النائب هشام الحصري، بهذا الخصوص - على ضرورة حضور اجتماع لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية المقرر انعقاده بعد ظهر غد لمناقشة هذا الموضوع والوقوف على إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة.
ومع أول رد فعل تجاه الأزمة، أكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، أمس، أن هذه الأزمة هي «نتاج التداعيات السلبية للأزمة العالمية، والتي طالت العديد من السلع والمنتجات الأخرى وليس فقط الأعلاف المخصصة لهذه الصناعة، ولا يعلم أحد إلى أي مدى زمني سيطول أمد هذه الحرب الراهنة».
واستدرك: «الجميع يعلم أن الدولة تتحرك لتقليل حدة تلك التداعيات السلبية التي ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، ولذا فالدولة تسعى لتوفير العملة الصعبة وفقا لفقه الأولويات، ولا سيما ما يتعلق منها بتوفير الغذاء، والوقود، ومستلزمات الإنتاج، وبالطبع فنحن نضع الأعلاف ضمن مستلزمات الإنتاج، ولذا نبذل جهودا كبيرة من أجل التغلب على هذه المشكلة».
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه منذ اندلاع هذه المشكلة، تم التواصل مع البنك المركزي ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ بهدف إيجاد آلية عاجلة للتحرك السريع لاحتواء هذه المشكلة وفق الإمكانات المتاحة، مؤكدا أن الحكومة تعمل، بتوجيهات رئيس الجمهورية، على دفع جميع الصناعات ومنها صناعة الدواجن، لافتا إلى أنه تم التنسيق مع البنك المركزي على سرعة الإفراج عن أكبر قدر ممكن من الأعلاف؛ من أجل دعم صناعة الدواجن.
وتنتج حلقات الدواجن في مصر يوميا 40 مليون بيضة، ومليوناً ونصف المليون دجاجة يوميا، بحسب الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، في تصريحات تلفزيونية، أمس، متابعاً أن رئيس الوزراء لديه إلمام كامل بنقص الأعلاف، وتم تدبير 44 مليون دولار للإفراج عن أكثر من 65 ألف طن من فول الصويا، وسيتم ضخها لمصانع الأعلاف خلال ساعات، كما أن هناك تواصلاً مع وزارة الزراعة والبنك المركزى عن الكميات المطلوبة من الأعلاف، حيث نحتاج 250 ألف بذرة من فول الصويا.
وقبل أيام شهد البرلمان المصري أيضاً طلب إحاطة موجهاً لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن وجود أزمة في محصول الأرز بالأسواق، ما أدى إلى ارتفاع سعره بسبب نقص المعروض رغم تحديد سعره من جانب وزارة التموين، وبين الطلب أن السبب يرجع إلى أن بعض مضارب الأرز توقفت عن العمل خوفاً من التعرض لحملات التفتيش من وزارة التموين ومواجهة تهمة «الاحتكار».
تزامن مع ذلك إعلان وزير التموين، انفراج أزمة مضارب الأرز، وأنه سيتم فتح الباب اليوم لكل المضارب الخاصة المعتمدة والمرخصة لتسلم الأرز من المزارعين.
وكانت الحكومة قد لجأت إلى تسعير الأرز «السائب» بـ12 جنيها، والأرز المعبأ بـ15 جنيها بحد أقصى، وبحسب الدرجة.
وقال الدكتور أحمد خورشيد مؤسس معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأزمات التي نشهدها يجب أن تتغير الثقافة الغذائية لدى المصريين، فيجب أولا أن نحافظ على ما هو موجود لدينا، مع منع الفاقد، ورغم كل هذه الظروف فإننا نجد فاقدا كبيرا تعكسه سلال القمامة، وبالتالي هو مظهر من مظاهر عدم الحفاظ على الغذاء، كما أننا لا ننشر التثقيف الغذائي والصحي».
ويشرح خورشيد أنه «مع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بشكل كبير، فإن المواطن سيبحث عن أطعمة أخرى لها نفس القيمة، وقد يدفع فيها نصف أو ربع سعر اللحوم والدواجن».
ويتابع: «الأزمات العالمية ستدفع بلا شك في اتجاه تغيير الثقافة الغذائية»، لافتاً إلى أن «المزارع المصري يجب أن يستثمر ما لديه من إمكانيات، عبر العودة إلى التوسع في تربية الدواجن التي تنتج البيض منزلياً مع مراعاة الأساليب العلمية الحديثة».
ويوضح خبير تكنولوجيا الأغذية أنه «بالتوازي مع مطالبة المواطن بتغيير أنماطه الغذائية، يتوجب أيضا على الحكومة أن تنتقي الأصناف الغذائية عالية الإنتاجية ورفع إنتاجية الأرض، والبحث العلمي يجب أن يلعب دورا كبيرا في ذلك، عبر الاتجاه إلى الأساليب الجديدة في الزراعة والتكنولوجيات الحديثة».
بعد أزمتي الأرز والدواجن... هل يغير الدولار مائدة المصريين؟
تحركات برلمانية وحكومية لتوفير الأعلاف
بعد أزمتي الأرز والدواجن... هل يغير الدولار مائدة المصريين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة