كشفت مصادر سياسية وأمنية في تل أبيب، أن الجيش وغيره من قوى الأمن يحاولان التخفيف من العمليات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لكن نشاط المستوطنين، (تقصد اعتداءاتهم على الفلسطينيين)، يستمر ويتصاعد، وهذا يؤدي إلى التهاب الأوضاع في الطرف الآخر وزيادة التوتر والتصعيد.
وقالت هذه المصادر إن عدداً من كبار المسؤولين في جهاز الأمن العام (الشاباك)، وفي الجيش، التقوا مؤخراً مع حاخامات في «حركة الصهيونية الدينية» وأشخاص مؤثرين في المستوطنات، وطلبوا منهم العمل من أجل وقف اعتداءات المستوطنين التي وصفوها بأنها «عمليات انتقامية» ضد الفلسطينيين، وحذروا من أن «هذه العمليات تؤدي إلى تصعيد الوضع الأمني، وتمس بجهود قوات الأمن في إحباط الإرهاب».
وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، الأحد، أن مسؤولي «الشاباك» التقوا، الأربعاء الماضي، مع الحاخام حاييم دروكمان، وهو أحد أبرز حاخامات المستوطنين والأكثر تأثيراً عليهم، وأن هذا الحاخام توجه بدوره إلى حاخامات المعاهد الدينية، وطلب منهم العمل من أجل وقف اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في القرى القريبة من المستوطنات. ونقلت «كان» عن مصادر أمنية، قولها إنها «راضية» من استجابة الحاخامات لطلبها، لكنها مزعوجة من أنه على أرض الواقع، لم يتغير شيء، والمستوطنون المتطرفون يواصلون اعتداءاتهم.
وأعربت هذه المصادر عن اعتقادها أن هؤلاء المستوطنين لن يوقفوا اعتداءاتهم حتى الانتخابات العامة التي ستجري بإسرائيل في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. فهم يستفيدون منها للتحريض على الحكومة برئاسة يائير لبيد لتعزيز الانطباع بأنها ضعيفة، وبأن إسرائيل تحتاج إلى حكومة يمينية قوية برئاسة شخصية قوية مثل بنيامين نتنياهو.
يذكر أن ممارسات إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة، والتصعيد الذي تقوم به منذ عدة أسابيع، بدأ يثير موجة انتقادات سياسية وإعلامية داخل إسرائيل نفسها. ويظهر كثير من المقالات والتصريحات اليومية التي تعدها «محاولات فاشلة قد تتسبب في انفجار كبير وانتفاضة ثالثة». كذلك هناك تقارير ناقدة صادرة حتى عن مسؤولين في الجيش نفسه. وقد نقلت وسائل الإعلام العبرية، مساء السبت، عن مصادر عسكرية، قولها إن «هناك قوات خاصة تابعة لحرس الحدود تم إرسالها إلى منطقة جنين لتهدئة الأوضاع، ولكن أفرادها يرتكبون فظائع ضد السكان ويتصرفون بانفلات تام وينفذون اعتداءات من دون مبرر أمني».
وقد حاول وزير الدفاع، بيني غانتس، صد الانتقادات من الجانبين، ورد على المستوطنين الذين يتهمون حكومته بالضعف وبتكبيل أيدي الجنود في مواجهة الإرهاب الفلسطيني، كما رد على المنتقدين في الطرف الآخر، الذين يتهمون جيشه بالمبالغة في اعتداءاته، خصوصاً تصريحات رئيسة حزب «ميرتس» اليساري، زهافا غلؤون، التي دعت إلى كبح جماح الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدة أن عدد القتلى الفلسطينيين وصل إلى حد غير معقول. وقال غانتس في منشور على حسابه بـ«تويتر»، مساء السبت: «نحن في وضع أمني حساس، يتطلب أيضاً مسؤولية من المسؤولين المنتخبين في تصريحاتهم. وهذا هو الحال مع إجراءات إطلاق النار، التي يحددها فقط رئيس الأركان والقادة ومن دون أي تدخل سياسي. لا أحد يكبل أيدي المقاتلين (الإسرائيليين)، ولا أحد يأذن بإطلاق النار بما يخالف طهارة السلاح».
وكانت غلؤون قد توجهت إلى غانتس برسالة، قالت فيها إن هناك ضرورة ملحة لكبح جماح جنود الجيش الإسرائيلي وضبطهم، فهناك «زيادة مجنونة في عدد القتلى الفلسطينيين». وأضافت في تصريحات نقلتها القناة «12» الإسرائيلية، أن «التسهيلات الجديدة التي أعطيت في تعليمات إطلاق النار الصادرة للجنود أسهمت في تفاقم الأمر». وتابعت: «المستوطنون يقومون بأعمال شغب ضد الفلسطينيين وهذا يسبب تصعيداً. الجيش يؤمن قوافل من المستوطنين في مختلف المسيرات وهذا يشكل استفزازاً. كل من يقترح إدخال مزيد من القوات إلى المناطق الفلسطينية، عليه أن يعرف أن هذه المنطقة ستدخل في تصعيد لا داعي له. يجب أن تكون هناك يد أكثر حزماً تجاه المستوطنين».
وبحسب موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني، الأحد، عبر مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون، في نهاية الأسبوع، عن «تفاؤل حذر» حيال الوضع الأمني في الضفة الغربية ومنطقة القدس المحتلة. ونقل عن مصدر أمني قوله إنه «لوحظ في الأيام الأخيرة تراجع كبير في حجم محاولات استهداف إسرائيليين». واعتبرت مصادر أمنية إسرائيلية، حسب الصحيفة، أنه لا توجد في هذه المرحلة مؤشرات على انتقال المواجهات من نابلس وجنين إلى مناطق أخرى في الضفة، لكن «هناك قلق حيال تصاعد وتيرة استهداف المستوطنين للفلسطينيين».
الجيش الإسرائيلي لتخفيف عملياته في الضفة... والمستوطنون لتصعيد انتخابي
الجيش الإسرائيلي لتخفيف عملياته في الضفة... والمستوطنون لتصعيد انتخابي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة