وسط حضور دولي وأجواء فنية تربط الماضي بالحاضر، والحضارة بالموسيقى، تحتفي مصر (الخميس)، بمرور 150 عاماً على العرض الأول لـ«أوبرا عايدة» في مدينة الجونة (على ساحل البحر الأحمر)، في تجسيد مطلق للخلود الفني، للعرض الأوبرالي الذي يعد أيقونة موسيقية وتاريخية.
وهذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها «أوبرا عايدة» في الجونة، وكان العرض الأول في مصر عام 1871 على مسرح «الأوبرا الخديوية» وسط القاهرة، (المقر القديم لدار الأوبرا المصرية، الذي راح ضحية حريق نهاية 1971)، وحقق نجاحاً لافتاً في حينه، لتنتقل إلى إيطاليا في العام التالي.
وطوال السنوات الماضية، اعتادت مصر تقديم «أوبرا عايدة»، سواء على مسرح دار الأوبرا المصرية، أو في مناطق أثرية، ويعد العرض الذي قُدم أمام الأهرامات عام 1987 واحداً من أبرز العروض، وشارك فيه نحو 1600 فنان من دول كثيرة، كما قُدمت عدة مرات في ساحة معبد حتشبسوت في الأقصر، كان آخرها عام 1997 بمناسبة مرور 75 عاماً على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وحضرها الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعدد من الرؤساء وممثلي الدول الأجانب، والشخصيات العامة. لتتوقف العروض 22 عاماً عقب حادث الدير البحري الإرهابي الذي أودى بحياة 58 سائحاً، في المعبد الأثري. وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 عاد المعبد مرة ثانية كساحة لعرض الأوبرا الشهيرة.
وتجسد «أوبرا عايدة» الصراع بين الواجب والعاطفة، وتروي قصة أميرة حبشية أسيرة في مصر، تصبح وصيفة لـ«آمنيريس»، ابنة الملك الفرعون. وتقع الفتاتان في حب رجل واحد يدعى «راداميس»، القائد الحربي المصري، الذي يبادل عايدة حباً كبيراً.
ويستمر القالب الدرامي في سرد الأحداث بعد أن تفسد الأمور نتيجة اندلاع حرب بين مصر والحبشة، وتنتصر مصر، ويطلب من راداميس الزواج من ابنة الفرعون مكافأة له على الانتصار، فيسعى إلى الهرب مع حبيبته عايدة، ويفشي بعض الأسرار العسكرية لها دون قصد، فيعتبر خائناً لواجبه العسكري ويحكم عليه بالدفن حياً، وتلحق به عايدة وتموت بين ذراعيه.
كتب «أوبرا عايدة» عالم المصريات الفرنسي أوغست مارييت، ولحنها الموسيقار الإيطالي فيردي، بناء على تكليف من الخديوي إسماعيل، لتعرض في حفل افتتاح قناة السويس بدار الأوبرا الخديوية، عام 1869، لكنها لم تعرض في الافتتاح لعدم الانتهاء منها، لتعرض الأوبرا للمرة الأولى على مسرح الأوبرا الخديوية بالقاهرة في 24 ديسمبر (كانون الأول) عام 1871. واستمر تقديمها سنوياً 100 عام حتى احترقت الأوبرا عام 1971.
وتعتبر «أوبرا عايدة» نموذجاً فريداً للخلود الفني، وفقاً للدكتورة سحر حلمي، المدرس بالمعهد العالي للباليه، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «(أوبرا عايدة) ليست مجرد عمل فني، بل حالة خلود فريدة، فبينما تشاهدها تجد نفسك كأنك تدخل في عمق التاريخ لتعايشه بنفسك، وتشم رائحة الحضارة في كل نغمة موسيقية، وعندما تعرض في محيط منطقة أثرية يحدث ذلك التداخل بين الماضي والحاضر، فلا تعرف في أي عصر أنت».
ويقام عرض «أوبرا عايدة» في مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة باستخدام وسائط الصوت والضوء الحديثة، بمشاركة فنانين أجانب، وبرعاية محافظة البحر الأحمر، وكانت دار الأوبرا المصرية قد شهدت عرض «أوبرا عايدة» لمدة 4 أيام متتالية، اختتمت في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتشير حلمي إلى أن «درامية القصة والأجواء الفرعونية ساهمت كثيراً في حالة التفرد الفني الذي تتمتع به أوبرا عايدة، كما أنها منذ عرضها للمرة الأولى غذّت فضول العالم حول الحضارة المصرية وشكل الحياة في العصر الفرعوني وما يحيط به من غموض وإبهار».
«أوبرا عايدة»... احتفالات متجددة بأيقونة موسيقية وتاريخية
عرض بالجونة في ذكرى مرور 150 عاماً على البداية
«أوبرا عايدة»... احتفالات متجددة بأيقونة موسيقية وتاريخية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة