لبنان: صعوبات تعترض توحيد المعارضة في انتخابات الرئاسة

TT

لبنان: صعوبات تعترض توحيد المعارضة في انتخابات الرئاسة

لا يبدو أن قوى المعارضة اللبنانية ستتمكن بسهولة من توحيد صفوفها في مقاربة الملف الرئاسي؛ إذ يبدو أن الانقسام الذي سيطر على مواقفها في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية التي عقدت يوم الخميس الماضي، سيبقى في جلسات مقبلة نظراً للهوة الآخذة للاتساع بينها.
وينقسم المعارضون بين من يرى أن الضروري في هذه المرحلة هو الالتفاف حول ترشيح رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض وبين نواب «التغيير» الذين يرفضون هذا الترشيح ويدفعون باتجاه اعتماد مرشح «توافقي» لا يعتبرون أن معوض يمثله.
وانقسمت قوى المعارضة في جلسة الخميس إلى 3 أقسام، القسم الأول يضم «القوات» و«الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي» وعدد من المستقلين الذين صوتوا لمعوض الذي حاز على 36 صوتاً، والقسم الثاني نواب «التغيير»، وهم 11 نائباً صوتوا لرجل الأعمال سليم أدة و12 من النواب السُّنة صوتوا بأوراق اعتبرت ملغاة. ورد عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير عدم التصويت لمعوض كونه «غير توافقي ولا قدرة على إيصاله». وبحسب معلومات «الشرق الأوسط» بدأ معوض مساعي جدية لإقناع كل مكونات المعارضة باعتماد ترشيحه، وتركز المساعي حالياً على النواب السُّنة في تكتل «الاعتدال الوطني» وباقي النواب، فيما لا يبدو أن القنوات فتحت مجدداً مع نواب «التغيير». ويضع معوض اللمسات الأخيرة على برنامجه «الرئاسي».
ويقول النائب في تكتل «التغييريين» إبراهيم منيمنة إنهم لم يجتمعوا بعد جلسة الخميس لتقييم نتائج الجلسة والعمل على البناء عليها للمرحلة المقبلة، «لكن ما هو محسوم أنه لا يمكن السير بمرشح يتعارض مع معايير مبادرتنا الرئاسية وخصوصاً في الموضوع الاقتصادي»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لدى معوض رؤية اقتصادية تتعارض مع رؤيتنا وخصوصاً بما يتعلق بموضوع المصارف». ويضيف: «نفهم أن قوى معارضة أخرى بطرحها بعض الأسماء تسعى لرفع السقف للوصول إلى تسوية معينة أما نحن فمبادرتنا واضحة وما نسعى إليه أن نكون شفافين مع الناس خصوصاً أن المرحلة لا تحتمل المناورة في ظل الانهيار الحاصل، وما نعمل له أن يكون أي مرشح قادراً أن يحصد الأصوات اللازمة للفوز وأن يؤمن النصاب المطلوب».
ويعتبر رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «مجلس النواب اليوم شقان؛ الأول مع «محور الممانعة» أي السلطة الموجودة وهو يضم 61 نائباً، وهناك الشق الثاني المكون من النواب الـ67 الآخرين».
ويحتاج انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان إلى حضور ثلثي أعضاء البرلمان جلسة انتخابه أي 86 نائباً من أصل 128، كما يحتاج انتخابه دستورياً في الدورة الأولى إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس ويتم الاكتفاء بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. ويستطيع 43 نائباً أن يعطلوا نصاب جلسة الانتخاب.
وتمتلك القوى المؤيدة لـ«حزب الله» كما تلك المعارضة في حال تكتلت ونسقت مع بعضها 43 نائباً يستطيعون أن يعطلوا النصاب، لكن لا «حزب الله» وحلفاؤه ولا المعارضة تمتلك 86 صوتاً لتأمين فوز مرشح لا يوافق عليه الفريق الآخر. ورغم ذلك، يتمسك فريق «القوات» - «الكتائب» - «التقدمي الاشتراكي» بترشيح معوض. وفي هذا المجال تشير مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «تمت إعادة فتح قنوات التواصل مع باقي مكونات المعارضة مباشرة بعد جلسة الانتخاب الأولى دعماً للمرشح الذي استحوذ على أكثرية أصوات المعارضة، والذي نعتبره الخيار الأنسب باعتباره يحوذ على صفتين أساسيتين هما السيادة والإصلاح»، مشددة على أن «الكلام عن أن معوض استفزازي مرفوض، فهو نائب له مواقفه وتاريخه في العمل الوطني والسياسي ومقارباته المبدئية، إلا إذا كانوا يعتبرون أن كل من هو مبدئي هو استفزازي». وتضيف المصادر: «الأولوية لدينا في هذه المرحلة حصول معوض على مزيد من التأييد والدعم وتوحيد صفوف المعارضة حوله، لأننا نعتبر من الخطأ العودة إلى نقطة الصفر والوجوب الانطلاق من الـ40 صوتاً المؤمنة لمعوض»، معتبرة أن «المدخل للبحث بأي استحقاق آخر هو رئاسة الجمهورية لأنه في حال وصول رئيس من 8 آذار فإن ذلك يعني تلقائياً تشكيل حكومة من هذه القوى». وكان النائب عن «التغيير» مارك ضو قد أوضح أن المفاوضات «المعقدة» القائمة بين القوى السياسية تتمحور حول سلة متكاملة تتخطى الاستحقاق الرئاسي، إلى رئاستي الجمهورية والحكومة، كما الحكومة القادمة وصولاً إلى حاكمية مصرف لبنان.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.