طبعة عربية جديدة لـ«جسور ماديسون»

ترجمت لأكثر من 20 لغة وتحولت لفيلم سينمائي

طبعة عربية جديدة لـ«جسور ماديسون»
TT

طبعة عربية جديدة لـ«جسور ماديسون»

طبعة عربية جديدة لـ«جسور ماديسون»

عوامل عديدة تجمعت لتجعل من «جسور مقاطعة ماديسون» تتحول من مجرد رواية قصيرة، سريعة الإيقاع، إلى واحدة من أهم الظواهر الأدبية في أواخر القرن العشرين على مستوى العالم، فقد صدرت في العام 1992 باعتبارها العمل الروائي الأول لمؤلفها «روبرت جيمس والر» الذي حصل على الدكتوراه في مجال بعيد عن الكتابة وهو البيزنس والاقتصاد كما تولى منصب عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة أيوا الجنوبية، وبلغ عمره وقت صدور العمل 53 عاماً على عكس المتعارف عليه عادة بأن يصدر العمل الأدبي الأول للمرء وهو في العشرين أو الثلاثين. وبمجرد نشر الرواية تخطفها القراء وباعت حتى الآن، أكثر من ستين مليون نسخة كما ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة حول العالم. واللافت هنا أن أننا لا نتحدث عن عمل ينتمي إلى قالب تجاري نمطي مثل القصص البوليسية والتشويق أو حتى أجواء الرعب والسحر والألغاز.
تحكي الرواية التي صدرت طبعة جديدة منها عن دار «الكرمة» بالقاهرة، من ترجمة محمد عبد النبي، قصة حب شديدة الرهافة والخصوصية، من النوع الذي ينتمي للأساطير، أو يبدو مشوبا بالسحر رغم واقعيته الشديدة. الطرف الأول هو «روبرت كينكيد»، رجل في منتصف العمر، يعمل مصورا فوتوغرافيا لدى مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» الشهيرة. شخصية تتمتع بروح حرة، يرتحل طوال الوقت بحسب مقتضيات عمله. عرف العديد من النساء لكنه مع ذلك يعاني من الوحدة الشديدة. يصف المؤلف البطل على هذا النحو: «كان روبرت وحيدا بأشد ما تكون عليه الوحدة، توفي الوالدان، أقارب بعيدون فقد صلته بهم، وما من أصدقاء مقربين. كان يعرف أسماء بعض الأشخاص، مثل صاحب البقالة الذي على الناصية وصاحب محل التصوير الذي يشتري منه لوازمه، كما تربطه علاقات رسمية ببعض محرري الصحف والمجلات، ما عدا ذلك فلا يعرف أحدا ولا أحد يعرفه. يصعب على الغجر الرحل إقامة صلات مع الناس العاديين، وقد كان غجريا بمعنى ما».
في المقابل، هناك «فرانشيسكا» الزوجة الأميركية ذات الأصول الإيطالية التي تعيش حياة الريف بإحدى بلدات مقاطعة «ماديسون» بولاية «أيوا»، حيث تعاني من النمطية والتكرار وسط المزارع والحيوانات. يلتقيان حين تكون بمفردها لعدة أيام بينما يبحث هو عن جسر ما في المقاطعة فتنفجر الشرارة المفقودة، أي الشغف والهروب من الابتذال والعثور على معنى لحياة تتسرب سريعا من بين أيدينا كماء بين الأصابع. رغم أن «روبرت» لم يكن وسيما بل صاحب ملامح عادية إلا أنه أيقظ حلم الأمير الوسيم داخل فرانشيسكا الذي رأته على هذا النحو في انطباعها الأول: «كان طويلا ونحيلا وصلبا، وكان يتحرك كأنه العشب نفسه، بلا أدنى جهد وفي رشاقة. ينسدل شعره الرمادي/ الفضي إلى ما دون أذنيه ويبدو مشعثا طيلة الوقت، كما لو كان قد عاد لتوه من رحلة بحرية طويلة خلال ريح قاسية».
يكمن سر الرواية في قدرتها على تفتيت الواقع المبتذل بتكراره الأبدي والكشف عن شيء من السحر خلف الطقوس اليومية المملة. وهذا ما حافظ عليه الفيلم المأخوذ عنها وبنفس الاسم، بطولة وإخراج كلينت إستوود وميريل استريب، بل إن السينما منحت العمل بعدا بصريا مدهشا، فضلا عن قدرة النجمين المخضرمين على التقاط روح الشخصية برهافة ودهشة.
ولد «روبرت جيمس والر» 1939، وتعكس الرواية شغفه بالتصوير الفوتوغرافي الذي ظل يمثل بالنسبة له مزيجا من الهواية والاحتراف قبل أن يتوفى في 2017.
أما محمد عبد النبي، فهو كاتب ومترجم مصري. له كثير من المؤلفات بين القصة والرواية مثل «في غرفة العنكبوت» التي فازت بجوائز مختلفة ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر العربية عام 2017، كما فازت أيضاً ترجمتها الفرنسية بجائزة معهد العالم العربي في باريس عام 2019. ترجم كثيراً من العناوين المهمة مثل رواية «تمبكتو» لـ«بول أوستر»، و«ضوء الحرب» لـ«مايكل أونداتجي»، وكتاب «قلق السعي إلى المكانة» لـ«آلان دو بوتون». وصدرت له عن دار «الكرمة» ترجمة روايتي» مليون نافذة» لـ«جيرالد مرنين»، و«النورس جوناثان ليفنجستون» لـ«ريتشارد باخ».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».