وزير الخارجية العراقي لـ«الشرق الأوسط»: نقوم بوساطة بين واشنطن وطهران والاتفاق النووي أنجز... ولكن

السعودية تلعب دوراً مهماً خليجياً وعربياً وإقليمياً ودولياً... ونتمنى انتقال حوارها مع إيران إلى المستوى الدبلوماسي

وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
TT

وزير الخارجية العراقي لـ«الشرق الأوسط»: نقوم بوساطة بين واشنطن وطهران والاتفاق النووي أنجز... ولكن

وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة (الشرق الأوسط)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن الحكومة العراقية تلعب دوراً في «جمع الأضداد وإيجاد حال حوارية» بين دول الجوار، ولا سيما دول الخليج العربي، بالإضافة إلى كل من تركيا وإيران. وشدد على أن المملكة العربية السعودية «تلعب دوراً مهماً» خليجياً وإقليمياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، معبراً عن اعتقاده أنه إذا تحسنت علاقتها مع إيران، فإن هذا الدور «سيكون أكبر وأقوى». وتمنى أن ينتقل الحوار بين الطرفين من المستوى الأمني إلى المستوى الدبلوماسي.
وكشف أن بغداد تلعب دور وساطة بين الولايات المتحدة وإيران، لأنه «من المصلحة العراقية أن نساعد» الطرفين اللذين «توصلا إلى اتفاق» على المواد الخاصة بالعودة إلى الاتفاق النووي، مستدركاً أن الخلاف بقي على مسائل تخص «الترابط بين الاتفاق، وحل بعض المشكلات خارج الاتفاق». لكنه لم يشأ الدخول في التفاصيل، وإن أشار إلى الآثار المرتبطة بحرب أوكرانيا والتجاذبات بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى. وشدد على أن «مجموعة 6+4» التي تضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر وعمان، بالإضافة إلى الأردن والعراق ومصر واليمن، ليست ضد إيران، بل هي «مجموعة تعاون»، وبخاصة في المجال الاقتصادي والأمني، بالإضافة إلى أمن الطاقة، علماً بأن الربط الكهربائي بين العراق والخليج حتى مصر وصل الآن إلى مرحلة متقدمة.
وأجري الحديث مع وزير الخارجية العراقي على هامش الدورة السنوية السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهنا نصه...

> سأبدأ من موضوع فلسطين والرئيس محمود عباس الذي طلب من الأمانة العامة للأمم المتحدة الشروع في عملية جدية لتحقيق حل الدولتين انطلاقاً من العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية. هل يوجد إجماع عربي على هذه الخطوة؟
- هناك إجماع عربي على موقف القيادة الفلسطينية الذي ينبع من الواقع الفلسطيني ومن خلفيات المسألة الفلسطينية. هناك إجماع عربي لدعم القضية الفلسطينية. بالنسبة إلى العراق، هذه قضية مجتمعية، فهي جزء من الثقافة الفردية والجماعية. هذا الموضوع حساس جداً. ولهذا جرى طرح مشروع وتبنيه في البرلمان العراقي.
> القضية الفلسطينية نشأت مع نشوء الأمم المتحدة ولكن حتى الآن لم تتمكن المنظمة الدولية من تحقيق شيء. هل الأمم المتحدة مؤسسة عاجزة أم أنها تنجح في مكان ولا تنجح في مكان آخر؟
- المسألة الفلسطينية لا تتعلق فقط بأروقة الأمم المتحدة وطرح المسألة فيها. القضية الفلسطينية تتعلق بالوضع السياسي في المنطقة ولها أبعاد عالمية، ولها علاقة أيضاً بتوازن القوى. مع البدايات في الواقع، تم طرح القضية الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة. إذا لم تخن الذاكرة، طرحت المسألة عام 1947 على أن تكون هناك دولتان. حل الدولتين ليس طرحاً جديداً. يعود إلى بدايات العمل في الأمم المتحدة. ولكن عندئذ، كانت الدول العربية تعارض هذه المسألة. ولكن مع هذا، فإن القضية الفلسطينية قضية حقة وقضية مهمة، ولكن حل المشكلة وتبني هذه المسألة من صلاحية القيادة الفلسطينية نفسها.
> أدخل من هنا إلى ما ينشأ من طرق مختلفة بين الدول العربية في التعامل مع إسرائيل حالياً. هناك من يرى أن مقاربة العلاقة مع إسرائيل يمكن أن تساعد فعلاً في إيجاد تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين. وهناك دول عربية أخرى تقف تماماً مع وجهة النظر الأخرى التي تقول إنه لا حل قبل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم. أين يقف العراق؟
- العراق يحترم إرادات الدول العربية لأن هذا القرار مسألة سيادية. لكن للعراق قراراً واضحاً شعبياً وبرلمانياً. نحن نساند القضية الفلسطينية ونساند الشعب الفلسطيني. طروحات الشعب الفلسطيني هي الأساسية في السياسة الخارجية العراقية. القيادة الفلسطينية هي المسؤولة عن الشعب الفلسطيني. ولكن استناداً إلى الموقف الشعبي العراقي وموقف البرلمان العراقي، فإن الحكومة ملتزمة القوانين العراقية في هذا المجال.

نجمع الأضداد عبر الحوار

> أنتقل إلى مسألة مختلفة، ولكن ذات صلة، لأن العراق يلعب دوراً رئيسياً في الوقت الراهن لتقريب وجهات النظر بين مختلف الدول العربية، أو بين دول عربية ودول أخرى. هل يمكن أن توضح أين تقفون تماماً، سواء أكان في هذه المسألة أم في مسائل أخرى؟
- إذا كنت تسأل في أي خانة نقف، فهذا واضح. الموقف العراقي تعبر عنه أحياناً السياسة الخارجية، وأحياناً القوانين العراقية. في هذه المسألة، نعتمد القوانين العراقية. نحن نلعب دوراً ريادياً بالمنطقة في جمع الأضداد وفي خلق حال حوارية في الواقع بدلاً من الذهاب إلى الصراعات. نحن مع الحوار.
ولكن حين نتحدث عن خلق حال حوارية، يجب أن تكون الظروف أيضاً مهيأة، ويجب أن يكون هناك اعتراف متبادل بين الأطراف. ركزنا على دول الجوار لأن السياسة الخارجية العراقية تعطي الأولوية للجوار...
> ولذلك ربما عدتم بعد سنوات العراق الصعبة إلى الحاضنة العربية، وأعدتم ترتيب أوضاعكم...
- نحن في الحاضنة العراقية. علاقاتنا لا تنبع من قرارات الآخرين مع احترامي لدول الجوار أيضاً. قراراتنا تنبع من الوضع العراقي. ولكن بنينا علاقات قوية مع دول الجوار، ومنها الدول الخليجية ومجلس التعاون الخليجي. ولكن أيضاً علاقاتنا قوية مع إيران ومع تركيا والدول الأخرى. ولذلك، المسألة ليست عودة العراق إلى الحاضنة. العراق موجود. جغرافياً موجود. وسياسياً موجود. ولكن ظروف التغييرات التي حصلت في العراق والمشكلات الداخلية، عزلت العراق عن بعض المسائل الأخرى، وبصورة عامة عن التفاعل أو أخذ المبادرة في السياسة الخارجية. في هذه الفترة أخذنا المبادرة في السياسة الخارجية العراقية، وبدأنا نعتمد على اتخاذ المبادرة بدل أن نكون في موقع رد الفعل... بدأنا في إدارة الأزمة، حتى إدارة الأزمات الإقليمية. ومن هذا المنطلق بدأنا التفاهمات، أولاً بين العراق وهذه الدول، وبعد ذلك بين هذه الدول ودول أخرى بوساطة عراقية وبعمل عراقي.

السعودية عربياً وإسلامياً ودولياً

> لاحظت العلاقة الشخصية لك مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى في الأمم المتحدة...
- جزء من دبلوماسيتنا يعتمد على اللقاءات الشخصية. بالنتيجة، السياسة صنع الإنسان. ولذلك لدينا علاقات شخصية جيدة مع جميع وزراء الدول الخليجية، وأيضاً مع وزراء خارجية دول محيطة كإيران وتركيا. علاقاتنا، والحمد لله، قوية ونستطيع أن نتواصل في أي وقت مع أي وزير. وهم يتواصلون معنا. وأكثر الوزراء يتواصلون معنا حين تكون هناك بعض المشكلات مع بعض هذه الدول. نحن نقوم بالواجب ولا نعلنه.
> تلعب دور الدينامو في تحسين هذه العلاقة مع دول عدة، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية. هل يمكن أن تشرح لنا كيف ترى مستقبل هذه العلاقة مع السعودية وبقية الدول العربية؟
- المملكة تلعب دوراً مهماً في المحيط الخليجي، والمحيط الإقليمي، والمحيط العربي، والمحيط الإسلامي والمحيط الدولي. المملكة العربية السعودية دولة مهمة. وإذا تحسنت العلاقة بين المملكة والجارة إيران، أعتقد أن هذا الدور سيكون أكبر وأقوى.
> ربما من هذا المنطلق تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وإيران...
- نحن نسعى من هذا المنطلق، وأيضاً من منطلق عراقي، لأنه كلما كانت هناك حال توتر بين الدول المحيطة بالعراق، يؤثر ذلك سلباً على الوضع العراقي. وكلما كانت هناك حال جيدة وعلاقات طبيعية بين هذه الدول يؤثر ذلك إيجاباً على الوضع الداخلي العراقي. إذاً، المنطلقات وطنية، والمنطلقات إقليمية، ولهذه المنطلقات أبعاد دولية.
> إلى أين وصلتم في جهودكم لتقريب وجهات النظر؟
- الدول المعنية يجب أن تتحدث عن هذه المسألة، لأنها بالنتيجة تخص العلاقات الثنائية بين البلدين. هناك بعض الأمور - الحقائق، أولاً بدأت الحوارات، ثانياً وصلوا إلى 5 «جلسات» من الحوار، ثالثاً الحوارات تجري على مستوى أمني، ولكن العالم كله يعرف أن هناك حوارات. وصلنا إلى نقاش في الرياض وطهران وبغداد حول كيفية رفع مستوى الحوار من مستوى أمني إلى مستوى دبلوماسي. وأيضاً هناك حوار في إطار مضمون العلاقة. لو تم الاتفاق على هذه الأمور، فمعنى ذلك أنه سيخرج الحوار السعودي - الإيراني في بغداد إلى العلن، بدلاً من كونه حواراً سرياً. نتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة. ونحن نعمل في هذا الاتجاه.

الشكوى من إيران

> لكن من أهم الأمور أن هناك شكوى، حتى داخل العراق نفسه، من أن إيران تتدخل كثيراً في شؤون العراق والدول العربية الأخرى. كيف تنظرون إلى ذلك؟
- هذه مسألة ثنائية بين العراق وإيران. صحيح أن الوضع العراقي يخص المنطقة والمحيط الإقليمي والعالمي أيضاً. (لكن انظر) الظروف التي مرّ بها العراق بعد التغيير في عام 2003، كما التدخلات الدولية في العراق. هذه التدخلات كانت تحت المظلة الأممية وبقرار أممي. فمنذ عام 1991 صارت السيادة العراقية تحت مظلة القرار الأممي، السيادة العراقية أخذت عام 1991 حين جرى فرض العقوبات والحصار. الفريق الأممي كان يفتش غرفة نوم الرئيس العراقي السابق. لم تكن هناك سيادة عراقية في زمن صدام حسين.
> هل استعدتم الآن السيادة العراقية؟
- نحن نتعامل مع الواقع. كانت هناك جيوش من بلدان عدة، بينها الولايات المتحدة، في العراق. الولايات المتحدة حوّلت نفسها من دولة قامت بتدخل عسكري إلى دولة محتلة. إذاً، حين يكون هناك قرار أممي، وهذا القرار يتحدث عن الاحتلال، فهذا يعني أنه لم تكن هناك سيادة عراقية. هذا هو الواقع العراقي. وحين خرجنا من وضع الاحتلال، وحين خرجت الجيوش الغربية خاصة من العراق، بدأ العراق يستعيد سيادته خطوة خطوة. ولكن ذلك ترك آثاراً. أولاً التدخل من دول كثيرة في الإقليم كان واضحاً، سياسياً وعسكرياً وغير ذلك. هذه التدخلات أصبحت جزءاً من الواقع السياسي العراقي. إذاً العمل للوصول أولاً إلى استقلالية القرار، وثانياً حال السيادة الكاملة تتطلب عملاً كبيراً ومتواصلاً.
أعتقد أن هذه المسيرة بدأت للوصول إلى الحالة النهائية. السيادة المطلقة لا توجد في العالم. هناك حالات تفاعلية بين كل مسألة، سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية مع الدول المحيطة ومع الدول الأخرى. لكن صنع القرار واتخاذ القرار يجب أن يكون بيد أهل الدار. يجب أن يكون صنع القرار العراقي واتخاذ القرار العراقي في بغداد وليس في عاصمة أخرى. المسيرة بدأت، ولكن تأثيرات الدول الأخرى، ومنها الدول المحيطة والدول الإقليمية، لا تزال باقية، وبعض الدول يتدخل في الشؤون العراقية على أسس أخرى. هذا هو الواقع العراقي. نحن لا نقفز على الواقع ونقول إن السيادة العراقية كاملة. هذا غير صحيح.

وساطة بين أميركا وإيران

> جزء من المخاوف في المنطقة يتعلق أيضاً بالبرنامج النووي الإيراني الذي بات نقطة سجال ساخنة للغاية، ليس فقط في منطقتنا، بل في كل أنحاء العالم. ما هو موقف العراق؟
- موقف العراق واضح. نحن مع الوصول إلى اتفاق حول المشروع النووي. وندعم محادثات فيينا. وفي الواقع، في كثير من المرات خلال السنتين الأخيرتين، كنا في تواصل مستمر بين واشنطن وطهران، حتى أثناء الانتخابات وفوز الديمقراطيين، وقبل الانتخابات وبعد الانتخابات، وأحياناً نساعد الطرفين. غاية السياسة العراقية في هذا المجال هي الوصول إلى اتفاق بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة. لماذا؟ أولاً لأن لهذه المسألة بعداً عربياً. وخلق أزمة أخرى فيما لدينا كثير من الأزمات يؤثر مباشرة على المنطقة. ثانياً، نتيجة العلاقات القوية بين بغداد وواشنطن، والعلاقات القوية مع الجارة إيران، يؤثر أي توتر بين الطرفين على الواقع السياسي العراقي. فمن المصلحة العراقية أن نساعد الطرفين للوصول إلى نتيجة.
> كان الاتفاق قاب قوسين أو أدنى أخيراً، ولكن حصل أمر ما حال دون التوصل إليه. هل قمتم في الآونة الأخيرة بأي جهد للتغلب على ما بقي من خلافات أو صعوبات أمام العودة إلى الاتفاق النووي؟
- قمنا، ولا نزال نقوم بذلك. كان لديّ اجتماع (الأسبوع الماضي) مع وزير الخارجية الإيراني (حسين أمير) عبد اللهيان وقبله مع بعض المسؤولين الأميركيين حول هذه المسألة. لا نزال نحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين. ولكن هناك مشكلات في الواقع. المشكلة لا تتعلق بالاتفاق النووي، والمشكلة لا تتعلق بالمفاوضات بين إيران و«مجموعة 5+1» (للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن؛ الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين، بالإضافة إلى ألمانيا). هناك بعض المشكلات الأساسية بين طهران وواشنطن خارج الاتفاق النووي، ولكنها أصبحت جزءاً من الاتفاق. عندما أتحدث عن خارج الاتفاق النووي، أعني مواد الاتفاق. مواد الاتفاق جرى التوصل إليها. المسألة أن هناك ترابطاً بين الاتفاق وحل بعض المشكلات خارج الاتفاق. هذه المشكلات بدأت تنبع حديثاً، ولكن لا نزال في حوار مع الطرفين وسنرى. الحمد لله الطرفان يثقان بنا.

أثر حرب أوكرانيا

> هل حمّلك الجانب الأميركي أي رسالة غير ما سبق؟
- نحن لا نحمل الرسائل. ولكن نتباحث مع الجانب الأميركي ونتباحث مع الجانب الإيراني. نناقش الموقف الإيراني مع الجانب الأميركي، ونناقش الموقف الأميركي مع الجانب الإيراني، ونحاول أن نجد طرقاً للوصول إلى تفاهمات. ولكن هذه القضية ليست أميركية - إيرانية فقط. إنها قضية لها تأثيرات في المحيط، وكذلك الحرب الروسية - الأوكرانية لها تأثيرات. المواقف من هذه الحرب لها تأثيرات، فروسيا جزء من «مجموعة 5+1» والصين كذلك. إذاً هناك صراعات أخرى تتداخل في مسألة الاتفاق النووي الإيراني - الأميركي.
> بتقديرك هل سيحصل هذا الاتفاق؟
- لا أستطيع أن أقول. أنا أتمنى أن يحصل.
> يعني لديك شكوك.
- ليست لديّ شكوك. ولكن أنا أقرأ أيضاً الوضع السياسي الداخلي الأميركي والانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة. أقرأ الوضع السياسي والداخلي الإيراني والمشكلات الموجودة الآن في إيران. أقرأ خريطة الصراعات بين روسيا وأوكرانيا، وبين روسيا والولايات المتحدة، وبين الصين والولايات المتحدة. أقرأ خريطة التحالفات بين روسيا وإيران والصين وإيران. كل هذه الأمور تلعب دوراً.

حال فوضى

> هل نحن عائدون إلى ما يشبه زمن حلف بغداد في المنطقة والعالم؟
- لا، حلف بغداد كان في مرحلة معينة. العالم كان في مرحلة أخرى. نحن إذا صح التعبير في حالة فوضى في كل مكان. تحالفات جديدة وتناقضات جديدة. رجعنا إلى هذه المرحلة.
> ما أخشى ما تخشاه على العراق والمنطقة؟
- أخشى على العالم، في الواقع. هناك تهديدات خطرة الآن. العالم دخل في تحديات خطرة. لو تم تحويل هذه التهديدات إلى فعل، فإن عالمنا في خطر. عالمنا في خطر من الكوارث الطبيعية ذات الصلة بالتغيرات المناخية. والأخطر على العالم هو الكوارث التي يصنعها الإنسان...
> مثل.
- الحرب الأوكرانية - الروسية. فهذه الحرب لها أبعاد دولية. هذه الحرب ليست بين طرفين، بل التأثيرات الاقتصادية لأمن الطاقة، والأمن الغذائي، والأمن الدوائي، على شعوب العالم. هذا واقع. وإذا تطورت أساليب الحرب - لا سمح الله - فهذا تهديد للعالم. والآن العالم بدأ ينقسم إلى طرفين، أو أطراف مختلفة. لهذا أقول؛ أصبحت فوضى مسلحة على مستوى العالم، والفوضى المسلحة على المستوى العالمي تؤدي إلى تناقضات جديدة وصراعات جديدة وتحالفات جديدة. لكن هذه التحالفات أو التناقضات أو الصراعات ليست من مصلحة البشرية. نحن في خطر تعدي الإنسان على الطبيعة، وبالنتيجة زادت التغييرات المناخية التي هي أيضاً من صنع الإنسان. الأخطر أننا بدأنا في إنتاج صراعات لا يمكن أن نقارنها مع الحرب العالمية الثانية ولا الحرب العالمية الأولى. الأسلحة الموجودة الآن تختلف عن أسلحة الحرب العالمية الأولى. يجب التفكير في هذا المجال، والعراق جزء من هذا الكوكب، والعراق جزء من المناطق الإقليمية. إقليمياً، إذا لم نصل إلى اتفاقات فسيكون الأمن الإقليمي أيضاً في خطر. نحتاج إلى تفاهمات، ويجب أن نبتعد عن الصراعات المسلحة. من هذا المنطلق، وخاصة أن المجتمع العراقي عانى الحروب والقتال الداخلي 50 عاماً، نحتاج إلى حالة هدوء، وأنا لا أتحدث عن حالة سلم، لأن هذه بعيدة المنال. نحتاج إلى وقف للنار على الأقل حتى ندير الأمور بشكل آخر. هناك تحديات خطرة في عالمنا. وهنا خوفي في الواقع.

مجموعة 6+4

> تتحدث عن عالمنا الذي يعيش مرحلة خطر تهدد المنطقة وتهدد المجتمع الدولي، لكن هل يمكن لـ«مجموعة 6+4» لدول الخليج مع الأردن والعراق ومصر واليمن أن تعتبر نواة...؟
- نتيجة لهذه الصراعات، نرى الدول التي تفكر بنفس الاتجاهات تتقارب، لحماية النفس والمنطقة. الآن، هناك محاور سياسية، وأمنية، واقتصادية، وثقافية مختلفة. لكن اجتماع «6+4» (وكان قبل ذلك «6+3») يجب أن يكون لمصلحة المنطقة. أولاً لمصلحة المنطقة أمنياً، ثانياً لمصلحة المنطقة اقتصادياً ومجتمعياً، وأيضاً لحماية الطاقة. نحن رأينا أن أسعار الطاقة ارتفعت نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية. لكن جزءاً كبيراً من مصادر الطاقة ينبع من هذه الدول. فإذا كانت هناك مشكلات بين هذه الدول، فإنها ستؤثر مباشرة على الوضع الاقتصادي العالمي. ولهذا، فإن التعاون في هذا المجال مهم. لكن هذه المجموعة مجموعة صداقة، وليست للعداء للآخر، ويجب أن نكون صريحين؛ هذه المجموعة ليست مجموعة عداء للجارة إيران. هناك مباحثات مكثفة بين السعودية وإيران لإعادة بناء العلاقات. هناك علاقات الآن جيدة بين الإمارات وإيران، وعلاقات جيدة بين الكويت وإيران، وعلاقات جيدة بين كل من قطر وسلطنة عمان مع إيران، وطبعاً العلاقات جيدة بين العراق وإيران. إذاً، هذه المجموعة ليست ضد إيران. يجب ألا تؤخذ من الجانب الإيراني باعتبارها ضد إيران. بل هذه مجموعة تعاون، وبخاصة في المجال الاقتصادي والأمني، ولكن أيضاً تلعب دوراً، لأن كل دولة عندها سياستها.
> هل لمستم من الجانب الإيراني أنه يراها ضد إيران، على رغم أنه لم يصرح؟
- عُقدت الجلسة الثانية في نيويورك، علماً بأن الجلسة الأولى عُقدت في السعودية أثناء زيارة الرئيس بايدن. كان هناك هاجس إيراني. ولكن بعد الجلسة شكرنا الإيرانيون على مواقفنا الواضحة. والآن أيضاً، عندما اجتمعنا لم نطرح المسألة. صحيح أننا ناقشنا الجانب الإيراني، لكننا ناقشنا المسألة الإيرانية، وبخاصة المشروع النووي ومفاوضات فيينا. هذه مسألة عالمية، والجميع يناقشونها.
> أين وصلتم في مشروع الربط الكهربائي بين العراق والخليج حتى مصر؟
- تقدمنا كثيراً في هذا المجال. وصلنا إلى المسائل الفنية والعملية. أيضاً الربط الكهربائي مع الأردن، وبالتالي مع مصر، حصل. والربط الكهربائي مع دول الخليج عبر الكويت تم بالفعل. مسألة الكهرباء بالنسبة إلى العراق مسألة حياتية، ولدينا مشكلات كبيرة في الصراع مع الكهرباء، ونتمنى أنه من خلال ربط الشبكات العراقية مع الأردنية، وبالتالي المصرية، والشبكة الكويتية، وبالتالي الخليجية، نحل بعض مشكلاتنا. لكن في المستقبل نريد أن ننتج الكهرباء ونصدرها. لدينا الآن معاناة، والبنية التحتية للصناعة الكهربائية قديمة ومدمرة نتيجة الحروب الصراعات الداخلية والقتال الداخلي. تأخرنا في هذا المجال، ولكن بنتيجة الفساد المالي في الواقع. إذاً نتطلع إلى ربط الشبكة العراقية بشبكات أخرى، ما سيساعدنا في الوقت الراهن، بانتظار أن نعود إلى الإنتاج الكهربائي في العراق.

 


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

طهران تنفي تدخلها في الشأن اللبناني وبيروت تؤكد بالأدلة والقرائن

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)
TT

طهران تنفي تدخلها في الشأن اللبناني وبيروت تؤكد بالأدلة والقرائن

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)

تدخل العلاقات اللبنانية - الإيرانية في مرحلة دقيقة للغاية، وتقف الآن في منتصف الطريق بين تنقيتها من الشوائب وتفلتها من الضوابط، وما يترتب عليها من انعكاسات سلبية لا يمكن تطويقها بتبادل الزيارات بين وزير الخارجية اللبنانية يوسف رجي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي، لأنها لن تقدّم أو تؤخّر، كما قال مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط»، ما لم تحسم القيادة الإيرانية أمرها وتقرر فعلاً وقف تدخلها في الشأن اللبناني، رغم أن موفديها إلى بيروت ينفون تدخلها، في مقابل تأكيد جهات رسمية بأن لديها من الأدلة والقرائن ما يثبت عكس ما يدّعيه موفدو طهران.

عينة من التدخل

ولم يكن أمام المصدر السياسي سوى تعداد عينات من التدخل الإيراني؛ أولاها زيارات الموفدين، ومعظمهم يحضرون من دون توجيه دعوات رسمية لهم، ويكتفون بإعلام الجانب اللبناني بموعد وصولهم إلى مطار رفيق الحريري الدولي، أو بقدومهم براً من دمشق قبل سقوط نظام بشار الأسد، مؤكداً أن معظم لقاءاتهم الرسمية تبقى في سياق توفير الغطاء السياسي لتبرير اجتماعاتهم بقيادة «حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وعدد من القوى السياسية والنواب المنتمين إلى محور الممانعة، قبل أن تقرر غالبيتهم التخلف عن تلبية دعواتهم تأكيداً لمعارضتهم إسناده لغزة، وتأييداً لحصرية السلاح.

وسأل المصدر: من يحمل من الموفدين الإيرانيين إلى لبنان كلمة السر مع تعدد الوفود، وبالأخص تلك التي ترأسها تباعاً أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، ووزير الخارجية عراقجي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف الذي أقحم نفسه في اشتباك سياسي بدعوته للتواصل مع باريس لتطبيق الـ1701، كاشفاً عن موافقتهم إعلامياً على عدم التدخل في الشأن اللبناني، لكن بعضهم سرعان ما يتراجع عن التزاماته؟

علي أكبر ولايتي (أرشيفية - رويترز)

كما سأل: كيف يسمح هؤلاء بلقاء «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، فيما لا تبديان تجاوباً مع إصرار الحكومة على جمع السلاح الفلسطيني بداخل المخيمات تطبيقاً لحصريته بيد الدولة؟ وأين يقف الموفدون الإيرانيون من تحريضهم للحزب بعدم التجاوب مع خطة الحكومة لجمع السلاح؟

وتوقف المصدر أمام قول مستشار المرشد الإيراني الوزير السابق علي أكبر ولايتي، إن «(حزب الله) بالنسبة للبنانيين أهم من الخبز والماء»، وإن سلاحه هو حاجة لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. وقال إن تعهدهم أمام الرؤساء بعدم التدخل سرعان ما يتهاوى، وإلا ما التفسير الإيراني لمقتل هذا العدد من الخبراء العسكريين أثناء وجودهم إلى جانب معظم أبرز قيادات الحزب الذين اغتالتهم إسرائيل؟ وهل وجودهم ما هو إلا وليد صدفة؟ ولماذا تمتنع طهران عن تأييدها لخطة الحكومة الخاصة بحصرية السلاح، فيما كانت وراء تزويده بأسلحة ثقيلة منها الصواريخ الباليستية؟

أزمة صامتة

وبصرف النظر عن الرد الذي اعتمده الوزير رجي حيال الدعوة التي تلقاها من الوزير عراقجي لزيارة طهران، للبحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفضيله بأن يُعقد اللقاء في دولة محايدة، فإن رده، كما قال المصدر السياسي، لا يحد من الأزمة الصامتة التي تطغى على المسار العام للعلاقة من جراء إصرار القيادة الإيرانية على التدخل في الشأن اللبناني، أكان مباشرة أو من خلال حليفها «حزب الله» الذي يتعاطى مع المفاوضات الجارية عبر لجنة «الميكانيزم» لوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل برعاية خاصة من الولايات المتحدة الأميركية، من زاوية ربطها بإعادة التواصل بين واشنطن وطهران.

أرشيفية لوزير الخارجية اللبناني يوسف رجي وهو يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي ببيروت في يونيو 2025 (إرنا)

وبكلام آخر، فإن الحزب يضع موقفه النهائي من المفاوضات، تسهيلاً أو اعتراضاً، بتصرف القيادة الإيرانية لتحسين شروطها في مفاوضاتها مع الإدارة الأميركية، في حال أبدت تجاوباً حيال إلحاح طهران على استئنافها، رغم أنها ما زالت متعثرة بعدم تجاوبها مع الوسطاء، وإصرارها على تقليص النفوذ الإيراني في لبنان.

فإيران تصر على استخدام لبنان، وبحسب المصدر السياسي، منصة لتوجيه الرسائل، تحديداً للولايات المتحدة لتأكيد حضورها في الإقليم، تعويضاً عن الضربات القاسية التي أُلحقت بمحور الممانعة بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وإخفاق الحزب في إسناده لغزة، وبينهما الضربات التي وجّهت لجماعة الحوثي في اليمن وصولاً إلى العمق الإيراني.

وفي هذا السياق، لفت المصدر إلى أن التوتر السياسي هو الغالب حتى الساعة، على أداء القيادة الإيرانية في المنطقة؛ ومنها لبنان، وهذا ما انعكس على الخطاب الأخير لأمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، بدعوته لوقف المفاوضات التي تتولاها «الميكانيزم»، بذريعة أن لا جدوى منها من جهة، وإصراره من جهة ثانية على التمسك بسلاحه ورفضه كل الدعوات لنزعه تحقيقاً لهدف إسرائيل والولايات المتحدة.

وأكد المصدر أن قاسم برفع سقوفه السياسية، يعكس حالة من القلق والتوتر الإيراني حيال ما يمكن أن تؤول إليه التطورات المتسارعة في المنطقة بغياب التفاوض مع واشنطن، وقال إن تصعيده يبقى محصوراً بإطلاق مواقف من العيار الثقيل من دون أن تصرف ميدانياً على الأرض، التزاماً منه بوقف النار، بعد أن أدى إسناد الحزب لغزة لإحداث خلل في ميزان القوى بافتقاده لتوازن الردع وقواعد الاشتباك مع إسرائيل، وإصراره لمراعاة المزاج الشيعي العام.

أين التزام الحزب؟

وتوقف المصدر نفسه أمام إصرار قاسم على ربط مصير سلاحه بالتوافق على الاستراتيجية الدفاعية للبنان، مع أن دعوته لوقف المفاوضات تشكل، من وجهة نظر الحكومة، انقلاباً على موقفه بتأييده للبنود الواردة في اتفاق وقف الأعمال العدائية.

وسأل عن مصير الحوار الذي بدأ بين الرئيس عون و«حزب الله» ممثلاً برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد. وأين يقف الحزب في ضوء رد عون على قول مجموعة من نوابه إنه أعطى التزاماً قبل جلسة انتخابه رئيساً بموضوع الاستراتيجية الدفاعية، ولا يتضمن إشارة إلى سحب سلاحه؟ كما سأل: لماذا لم ينشر الحزب هذا الالتزام في الوقت المناسب إذا كان موجوداً، وبحسب عون، وموقّعاً منه؟ «فلينشروه الآن».

فقاسم تحاشى في خطابه الأخير الرد على عون، وعلى الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، على خلفية قوله «إنه ممثل إيران في لبنان». وربما يكمن السبب في أنه لا يود الدخول في سجال، مع أن الرد الرئاسي يطرح سؤالاً حول مصير الحوار، وهل كان نواب الحزب مضطرين لفتح سجال مع الرئيس عون؟ وما المانع من حصر طرحه في حوار عون - رعد، إلا إذا كان يمر حالياً ببرودة ناجمة عن تباين في مقاربتهما للمفاوضات، رغم أن عون كان ولا يزال يصر على طمأنة الحزب واستيعابه ورفضه الصدام معه، رغم أن ذلك شكل إحراجاً له أمام حزب «القوات اللبنانية» وآخرين.

فرصة إعادة النظر

لذلك لم يبدّل عون، كما يقول المصدر، موقفه بمنح الحزب فرصة ليعيد النظر في قراءته للوضع اللبناني من زاوية ما ترتب عليه من أكلاف ناجمة عن تفرّده بإسناده لغزة، انسجاماً مع موافقته على البيان الوزاري الذي نص على حصرية السلاح ودخوله على هذا الأساس في حكومة الرئيس نواف سلام ومشاركته فيها بوزيرين، بدلاً من أن يبقى موقفه عالقاً باعتماده التوقيت الإيراني لحسمه، لا اللبناني، الذي يتطلب منه وضع سلاحه بعهدة الدولة لاستقدام الضغوط الدولية على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، واضعاً واشنطن أمام مسؤوليتها بإلزامها بوقف الأعمال العدائية، بعد أن أُسقطت ذرائعها للتفلت من التزاماتها.


الجيش اللبناني يدعو للتضامن الجامع معه

الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الجيش اللبناني يدعو للتضامن الجامع معه

الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)

استأنفت إسرائيل الاغتيالات إلى جنوب لبنان بعد أسبوعين من اقتصار انتهاكات على القصف المتنقل في الجنوب والبقاع، في وقت استمر فيه استنفار الجيش اللبناني في بلدة يانوح بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه علق في شكل موقت ضربة كان قد هدد بها على ما اعتبره بنية تحتية عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في البلدة، فيما يتوقع أن يعقد اجتماع الجمعة المقبل للجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم) في الناقورة.

مقتل شخصين في غارات إسرائيلية

واستهدفت غارات إسرائيلية الأحد سيارتين ودراجة نارية في الجنوب، ما أدى إلى مقتل شخصين وجرح ثالث، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف ثلاثة عناصر من «حزب الله» في مناطق في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن المستهدفين «شاركوا في محاولات لإعادة بناء البنية التحتية» للحزب، وكانت أنشطتهم تشكل «انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان» المبرمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص وإصابة آخر في غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة ياطر قضاء بنت جبيل. كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بمقتل شخص في الغارة الإسرائيلية على سيارة بين بلدة صفد البطيخ وبلدة برعشيت. وهذا ما أكدته وزارة الصحة في وقت لاحق، فيما لم يعلن عن وقوع إصابات في غارة استهدفت سيارة في بلدة جويا.

استنفار في يانوح

في غضون ذلك، نفذ الطيران الإسرائيلي منذ صباح الأحد، غارات وهمية في أجواء منطقتي النبطية وإقليم التفاح وعلى علو متوسط، فيما سجل في الساعات الماضية تحليق مكثف للطيران فوق عدد من بلدات الجنوب، لا سيما بلدة يانوح حيث تتمركز قوة من الجيش اللبناني في محيط منزل كان قد تعرّض لتهديد من قبل الجيش الإسرائيلي يوم السبت، فيما تقيم القوى الأمنية نقاط تفتيش عند مداخل البلدة.

الالتزام بالقرار 1701

وبينما يسود التوتر والقلق بلدة يانوح، أوضحت قيادة الجيش ما حصل يوم السبت، داعية إلى التضامن الوطني الجامع مع المؤسسة العسكرية. وقالت في بيان: «في 13 الجاري، وفي إطار التنسيق بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، أجرى الجيش تفتيشاً دقيقاً لأحد المباني في بلدة يانوح بموافقة مالكه، فتبين عدم وجود أي أسلحة أو ذخائر داخل المبنى».

وأضافت: «بعدما غادر الجيش المكان، وفي سياق الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وَرَد تهديد بقصف المنزل نفسه، فحضرت على الفور دورية من الجيش

وأعادت تفتيشه من دون العثور على أي أسلحة أو ذخائر، فيما بقيت الدورية متمركزة في محيط المنزل منعاً لاستهدافه».

وعبّرت قيادة الجيش عن تقديرها لـ«ثقة الأهالي بالمؤسسة العسكرية، ووقوفهم إلى جانبه وتعاونهم أثناء أدائه لواجبه الوطني»، معربة «عن شكرها العميق للجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية التي قامت بالاتصالات اللازمة بالتنسيق مع قيادة الجيش، وأدت دوراً أساسياً من أجل وقف تنفيذ التهديد».

وثمّنت القيادة «الجهود الجبارة والتضحيات التي يبذلها العسكريون في مواجهة ظروف استثنائية في صعوبتها ودقتها»، مشيرة إلى «إلغاء التهديد في الوقت الحالي، في حين لا يزال عناصر الجيش متمركزين في محيط المنزل حتى الساعة».

وشددت القيادة «أن هذه الحادثة تثبت أكثر من أي وقت مضى أن السبيل الوحيد لصون الاستقرار هو توحيد الجهود والتضامن الوطني الجامع مع الجيش، والالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف الأعمال العدائية، بالتنسيق مع الـ(ميكانيزم) والـ(يونيفيل) في مرحلة صعبة تستلزم أقصى درجات الوعي والمسؤولية».


تقارير: عملية أمنية سورية ضد خلايا «داعش» رداً على هجوم تدمر

عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
TT

تقارير: عملية أمنية سورية ضد خلايا «داعش» رداً على هجوم تدمر

عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)

أفاد تلفزيون «الإخبارية» السوري، الأحد، بأن القوات الأمنية نفذت عملية ضد خلايا تنظيم «داعش» في ريف حمص رداً على هجوم تدمر.

وأوضح التلفزيون أن العملية الأمنية ضد خلايا تنظيم «داعش» نفذت في مناطق الفرقلس والقريتين والبادية بريف حمص.

وتعرضت قوات الأمن السورية وقوات أميركية، السبت، لإطلاق نار قرب مدينة تدمر ما أدى لإصابة عنصرين من قوات الأمن السورية ومقتل عنصرين من القوات الأميركية ومترجم مدني، فيما قُتل مطلق النار، وفقاً لما نشرته وكالة «سانا» الرسمية السورية.