الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

أسوأ أعراض المرض لا يزال أكثرها غموضاً

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء
TT

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

«الضباب الدماغي» لا يشبه الصداع الكحولي أو الاكتئاب. إنه اضطراب في الوظيفة التنفيذية يجعل المهام الإدراكية الأساسية صعبة بصورة مزعجة.

ضباب مدمر
في 25 مارس (آذار) 2020، كانت هانا دافيس تراسل صديقتين عندما أدركت أنها لا تستطيع فهم إحدى رسائلهما. بعد الإدراك المتأخر، كانت هذه أول علامة على إصابتها بكوفيد - 19. كما كانت أيضاً تجربتها الأولى مع الظاهرة المعروفة باسم «الضباب الدماغي» «brain fog»، واللحظة التي انكمشت فيها حياتها القديمة بفعل الظاهرة الحالية. لقد كانت تعمل ذات يوم في مجال الذكاء الصناعي، وتحلل الأنظمة المعقدة من دون أي تردد، ولكنها الآن «تجد نفسها تصطدم بجدار عقلي» عندما تواجه مهام بسيطة مثل ملء النماذج. وذاكرتها، التي كانت حية ومتقدة ذات مرة، تشعر بأنها مهترئة وعابرة. أما الأمور المعتادة سابقا -من شراء الطعام، وصنع الوجبات، والتنظيف- فيمكن أن تكون صعبة على نحو مؤلم. وعالمها الداخلي -ما تدعوه «إضافات التفكير، كالاسترسال في أحلام اليقظة، ووضع الخطط، والتخيل»- قد ولى زمانها. وقالت لي: «الضباب شامل للغاية، ويؤثر في كل ناحية من حياتي». لأكثر من 900 يوم، مع أن أعراضا طويلة أخرى من كورونا قد تضاءلت وتلاشت، فإن ضبابها الدماغي لم يغادرها أبدا.
أخبرتني إيما لادز، اختصاصية الرعاية الأولية في جامعة أكسفورد قائلة: «من بين الأعراض الكثيرة المحتملة لفيروس كورونا، يعتبر الضباب الدماغي إلى حد بعيد أحد أكثر الأعراض المسببة للإعاقة والتدمير». كما أنه من بين أكثر الأعراض التي يساء فهمها. إذ أنها لم تكن حتى مدرجة في قائمة الأعراض المحتملة للفيروس مع بداية الوباء للمرة الأولى. لكن 20 إلى 30 في المائة من المرضى يبلغون عن وجود حالات من الضباب الدماغي بعد ثلاثة أشهر من إصابتهم بالعدوى، وكذلك 65 إلى 85 في المائة من الناقلين للعدوى المصابين لفترة طويلة. ويمكن أن يصيب الناس الذين لم يصابوا بدرجة كافية تستدعي الاستعانة بجهاز التنفس الصناعي -أو تلقي أي عناية في المستشفى. ويمكن أن يؤثر على الشباب في ريعان حياتهم العقلية.
يقول المصابون لفترة طويلة ممن يعانون من الضباب الدماغي إنه لا يشبه أيا من الأمور التي يقارنها الناس باستهزاء -بما في ذلك العديد من العاملين في المجال الطبي. إنه أعمق من التفكير الغائم الذي يصاحب الصداع الكحولي، أو الإجهاد، أو التعب.
بالنسبة للسيدة دافيس، كان الأمر مختلفا وأسوأ من تجربتها مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. وهو ليس مرضا نفسيا - جسديا psychosomatic، بل إنه يتضمن تغييرات حقيقية في بنية وكيميائية الدماغ. وهو ليس اضطرابا مزاجياً: كما قالت لي جوانا هيلموت، طبيبة الأعصاب بجامعة كاليفورنيا فرع سان فرانسيسكو: «إذا قال أي شخص إن هذا يرجع إلى الاكتئاب والقلق، فإنهم لا يمتلكون أي أساس لذلك، والبيانات تشير إلى أنه قد يكون من أساس آخر».

اضطراب الوظيفة التنفيذية
رغم اسمه الغامض، فإن الضباب الدماغي ليس مصطلحا شاملا لكل مشكلة عقلية ممكنة. تقول هيلموت إنه في جوهره دائما يعد اضطراب «الوظيفة التنفيذية» -أي مجموعة القدرات العقلية التي تشمل تركيز الانتباه، وحفظ المعلومات، والحيلولة دون الإلهاء. وهذه المهارات أساسية للغاية لدرجة أنه مع انهيارها، ينهار الكثير من البنيان الإدراكي للفرد. فأي شيء يتضمن التركيز، وتعدد المهام، والتخطيط -أي كل شيء مهم تقريبا- يصير شاقا على نحو غير معقول. «إنها ترفع العمليات اللاواعية لدى الأصحاء إلى مستوى صنع القرار الواعي»، كما قالت لي فيونا روبرتسون، الكاتبة من أبردين في أسكوتلندا.
تعاني الذاكرة أيضاً، وإنما بطريقة مختلفة عن الحالات التنكسية مثل الزهايمر. الذكريات موجودة هناك، ولكن مع سوء أداء الوظيفة التنفيذية، لا يختار الدماغ الأشياء المهمة لتخزين أو استرجاع تلك المعلومات بكفاءة.
معظم الناس الذين لديهم ضباب دماغي غير متأثرين بشدة، ويتحسنون تدريجياً مع الوقت. لكن حتى مع تعافي الناس بالقدر الكافي للعمل، فإنهم يأخذون في التعايش مع عقول أقل ذكاء من ذي قبل. قال فاسكيز: «كنا قد اعتدنا قيادة سيارة رياضية، والآن صرنا لا نتعامل إلا مع سيارة عتيقة الطراز». في بعض المهن، السيارة العتيقة لن تعين أحدا. وقالت لي مونيكا فيردوزكو - غوتيريز، اختصاصية إعادة التأهيل لدى (يو تي هيلث سان أنتونيو): «لدي جراحون لا يمكنهم العودة إلى الجراحة لأنهم يحتاجون إلى وظيفتهم التنفيذية».
توقعت روبرتسون أن يتسبب الوباء بموجة من الضعف الإدراكي في مارس (آذار) 2020 بدأ ضبابها الدماغي قبل عقدين من الزمن، على الأرجح بسبب مرض فيروسي مختلف، لكنها عانت من نفس الإعاقة الوظيفية التي عاناها المصابون لفترات طويلة، والتي تفاقمت عندما أصيبت بكوفيد العام الماضي.
هذه المجموعة من المشاكل تحديدا تصيب أيضاً الكثير من الناس الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية، والصرع بعد النوبات، ومرضى السرطان الذين يعانون مما يسمى بالدماغ الكيميائي، وكذلك الأشخاص الذين لديهم عدة أمراض مزمنة معقدة مثل الألم العضلي الليفي المتفشي أو «فيبرومالغيا». إنه جزء من المعايير التشخيصية لمتلازمة التعب المزمن، وتسمى أيضاً التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، وهي الحالة التي تعاني منها السيدة دافيس، والعديد من الأشخاص المصابين لفترات طويلة. كان الضباب الدماغي موجودا قبل تفشي فيروس كورونا بكثير، مما أثر على العديد من الأشخاص الذين وصمت حالتهم أو صرفت أو أهملت. قالت لي روبرتسون: طوال تلك السنوات، تعامل الناس مع الأمر وكأنه غير مستحق للبحث. وقيل للكثيرين منا: إنها مجرد حالة اكتئاب بسيطة».

إعاقة إدراكية
زعم العديد من الأطباء الإكلينيكيين الذين تحدثت معهم أن مصطلح «الضباب الدماغي» يجعل الحالة تبدو وكأنها إزعاج مؤقت، ويحرم المرضى من الشرعية التي قد تمنحها اللغة الطبية مثل الإعاقة الإدراكية. لكن أبارنا ناير، مؤرخة الإعاقة بجامعة أوكلاهوما، أشارت إلى أن مجتمعات الإعاقة استخدمت هذا المصطلح لعقود، وهناك العديد من الأسباب الأخرى وراء استبعاد الضباب الدماغي خارج المصطلحات. (وفرة المقاطع اللفظية لم تمنع الإقلال من أهمية «فيبرومالغيا» ومتلازمة التعب المزمن).
على سبيل المثال، لاحظت هيلموت أنه في مجال علم الأعصاب الإدراكي «كل البنى التحتية والتعليم تقريبا» يتركز على الأمراض التنكسية مثل الزهايمر، حيث البروتينات المارقة تصيب الأدمغة المسنة. وقليلون هم الباحثون الذين يعرفون أن الفيروسات يمكنها التسبب في الاضطرابات الإدراكية لدى الأشخاص الأصغر سنا، ومن ثم قليلون هم الذين يدرسون تأثيراتها. وأضافت تقول: «نتيجة لذلك، لا يتعلم بشأنها أحد في كلية الطب. ولأنه لا يوجد الكثير من التواضع في الطب، ينتهي الأمر بالناس إلى لوم المرضى بدلا من البحث عن إجابات».
كما أن الأشخاص الذين يعانون من الضباب الدماغي بارعون في إخفائه، كما قال لي ديفيد بوترينو، المشرف على عيادة إعادة تأهيل المصابين بفيروس كورونا لفترة طويلة في مستشفى ماونت سيناي: «سوف ينفذون المطلوب منهم عند اختبارهم، وسوف تقول نتائجك أنهم كانوا طبيعيين. وسوف تتأكد من أنك قد تسببت في تحطيمهم لمدة أسبوع عندما تعاود التحقق من نفس النتائج بعد يومين».
قال بوترينو: «ليس لدينا أيضاً الأدوات المناسبة لقياس الضباب الدماغي». ويستعمل الأطباء غالبا «تقييم مونتريال الإدراكي» Montreal Cognitive Assessment، الذي صمم للكشف عن المشاكل العقلية الشديدة لدى كبار السن المصابين بالخرف، وهو إجراء غير صالح لأي شخص دون سن الخامسة والخمسين، كما قالت لي هيلموت. حتى الشخص الذي لديه ضباب دماغي شديد يمكنه أن يتجاوزه. وهناك اختبارات أكثر تعقيدا وتطورا، لكنها لا تزال تقارن الناس بمتوسط عدد السكان وليس بالخط الأساسي السابق لديهم. تقول هيلموت: «الشخص الذي يؤدي وظيفة عالية مع تراجع في قدراته، والذي يقع ضمن النطاق الطبيعي، يقال له بأنه ليست لديه مشكلة».
في وقت سابق من هذا العام، تناول فريق من الباحثين البريطانيين الطبيعة الخفية للضباب الدماغي في صور واضحة بالأبيض والأسود للتصوير بالرنين المغناطيسي. وحللت جونايل داود من جامعة أكسفورد، وزملاؤها، البيانات المستقاة من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، والتي كانت تفحص أدمغة مئات المتطوعين بصفة منتظمة لسنوات قبل الوباء. عندما أصيب بعض هؤلاء المتطوعين بكوفيد، تمكن الفريق من مقارنة فحوصاتهم اللاحقة بتلك السابقة. ووجدوا أنه حتى حالات العدوى الخفيفة يمكنها تقليص الدماغ قليلا، وتقلل سمك المادة الرمادية الغنية بالعصبونات (الخلايا العصبية). وفي أسوأ حالاتها، كانت هذه التغيرات مماثلة لعشر سنوات من الشيخوخة. وكانت واضحة بصفة خاصةً في مناطق من الدماغ مثل التلفيف المجاور للحصين، الذي يعد مهما لترميز واسترجاع الذكريات، وكذلك القشرة الجبهية الحجاجية، المهمة في الوظيفة التنفيذية. كانت لا تزال واضحة لدى الناس الذين لم ينقلوا إلى المستشفى. وكانت تصاحبهم مشاكل إدراكية.
ورغم أن (سارس - كوف - 2)، الفيروس المسبب لكوفيد، يمكنه الدخول وإصابة الجهاز العصبي المركزي، إلا أنه لا يفعل ذلك بكفاءة، أو بثبات، أو بصفة متكررة، كما أخبرتني الدكتورة ميشيل مونجي، اختصاصية الأورام العصبية بجامعة ستانفورد. بدلا من ذلك، تعتقد أن الفيروس في معظم الحالات يؤذي الدماغ من دون إصابته مباشرة. وقد أظهرت رفقة زملائها مؤخراً أنه عندما تعاني الفئران نوبات خفيفة من فيروس كورونا، يمكن للمواد الكيميائية الالتهابية الانتقال من الرئتين إلى الدماغ، حيث تعطل «ميكروغليا: الخلايا الدبقية الصغيرة». في العادة، تعمل «ميكروغليا» كمثل البستاني، إذ تدعم الخلايا العصبية عن طريق تشذيب الوصلات غير الضرورية، وتنظيف الحطام غير المرغوب فيه. وعندما تشتد جهودها، تصبح شديدة المقاومة ومدمرة. وفي وجودها، ينتج الحصين - المنطقة المهمة للغاية بالذاكرة - عدداً أقل من العصبونات الجديدة، في حين أن الكثير من العصبونات الموجودة تفقد طبقاتها العازلة، لذلك تسير الإشارات الكهربائية الآن على طول هذه الخلايا ببطء أكثر. هذه هي نفس التغييرات التي تراها الدكتورة مونجي في مرضى السرطان الذين يعانون من «الضباب الكيميائي». وبرغم أنها وفريقها أجروا تجارب كوفيد - 19 على الفئران، إلا أنهم وجدوا مستويات عالية لنفس المواد الكيميائية الالتهابية لدى المصابين لفترات طويلة ممن يعانون من الضباب الدماغي.

تفسيرات الضباب
تظن الدكتورة مونجي أن الالتهاب العصبي هو «الطريقة الأكثر شيوعا» التي يؤدي بها كوفيد إلى الضباب الدماغي، لكن هناك على الأرجح العديد من مثل هذه الطرق. قد يتسبب فيروس كورونا بمشاكل في المناعة الذاتية حيث يهاجم الجهاز المناعي الجهاز العصبي بطريق الخطأ، أو يعيد تنشيط فيروسات ساكنة مثل فيروس إبشتاين - بار، الذي تم ربطه بحالات تشمل متلازمة التعب المزمن أو التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، والتصلب المتعدد. كما أنه من خلال إتلاف الأوعية الدموية وملئها بالجلطات الصغيرة، يخنق كوفيد إمدادات الدم في المخ، مما يحرم هذه الأعضاء الأكثر طلبا للأكسجين والطاقة. وقال لي بوترينو إن نقص الأكسجين ليس قويا بما يكفي لقتل الخلايا العصبية أو إدخال الناس إلى العناية المركزة، لكن «الدماغ لا يحصل على كامل احتياجاته لمواصلة العمل بكامل طاقته». (يتسبب النقص الحاد في الأكسجين، الذي يجبر بعض المصابين بكوفيد على تلقي رعاية حرجة، في مشاكل إدراكية مختلفة عن تلك التي يعاني منها معظم المصابين بكوفيد - 19).
ولكن أي من هذه التفسيرات ليس ثابتا على الدوام، لكنها يمكن أن تعكس معنى جماعياً لسمات الضباب الدماغي. قال بوترينو إن نقص الأكسجين من شأنه التأثير أولا على المهام الإدراكية المعقدة المعتمدة على الطاقة، وهو ما يفسر لماذا تعد الوظيفة التنفيذية واللغة «أول من يتأثر». وبدون الطبقات العازلة، تعمل العصبونات ببطء أكبر، وهو ما يفسر شعور العديد من المصابين لفترات طويلة بأن سرعة المعالجة قد تباطأت، كما تقول الدكتورة مونجي: «إنك تفقد الشيء الذي يسهل الاتصال العصبي السريع بين مناطق الدماغ». ويمكن لهذه المشاكل أن تتفاقم أو تخفف منها عوامل كالنوم والراحة، مما يفسر لماذا يمر الأشخاص المصابون بالضباب الدماغي بأيام جيدة وأخرى سيئة. وبرغم أن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى يمكنها التسبب في دمار التهابي في الدماغ، إلا أن فيروس (سارس - كوف - 2) يسبب ذلك بصورة أقوى من الإنفلونزا، على سبيل المثال، مما يفسر السبب في أن أشخاصاً مثل السيدة روبرتسون قد عانوا من الضباب الدماغي قبل فترة طويلة من الوباء الحالي، ولماذا تظهر الأعراض بشكل خاص بين المصابين لفترات طويلة بفيروس كوفيد.
قد يستغرق تحقيق التقدم في الطب الحيوي سنوات عديدة، لكن المرضى المصابين لفترات طويلة يحتاجون إلى المساعدة في علاج الضباب الدماغي الآن. وفي غياب العلاجات، فإن أغلب أساليب العلاج تتمحور حول مساعدة الناس في التعامل مع أعراضهم.
النوم السليم، والأكل الصحي، والتغييرات الأخرى في نمط الحياة يمكن أن تجعل الحالة أكثر تحملا. كما أن تقنيات التنفس والاسترخاء تساعد الأشخاص خلال فترات النوبات السيئة، وعلاج النطق يمكنه مساعدة الذين يعانون من مشاكل في العثور على الكلمات. ويمكن لبعض الأدوية التي لا تتطلب الوصفات الطبية، مثل مضادات الهستامين، التخفيف من أعراض الالتهاب، في حين أن المنبهات (المحفزات) يمكنها زيادة التركيز المتأخر.

• «ذي أتلانتيك»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اضطراب مفصل الفك: الأعراض والعلاج ودور الذكاء الاصطناعي

اضطراب مفصل الفك: الأعراض والعلاج ودور الذكاء الاصطناعي
TT

اضطراب مفصل الفك: الأعراض والعلاج ودور الذكاء الاصطناعي

اضطراب مفصل الفك: الأعراض والعلاج ودور الذكاء الاصطناعي

اضطراب مفصل الفك حالة طبية تؤثر في المفصل الذي يربط الفك السفلي بعظمة الجمجمة، ويمكن أن تسبب كثيراً من الأعراض المؤلمة والمزعجة.

أسباب اضطراب المفصل الصدغي الفكي

تصيب حالة «خلل المفصل الصدغي الفكي»، Temporomandibular joint dysfunction (TMJ)، نحو 25 في المائة من الأشخاص. ويعاني الرجال والنساء من هذه الأعراض بشكل متساوٍ، لكنَّ النساء هن الأكثر بحثاً عن العلاج بسبب التغيرات الهرمونية لديهن.

يُعزى أغلب هذه الحالات إلى الضغوط النفسية وصعوبة السيطرة على القلق، إذ يقوم الأفراد بطحن أسنانهم بقوة في أثناء النوم أو النهار مما يزيد من حدة الأعراض. ولكن في ملاحظاتي السريرية من خلال فحص مرضاي ما بين لندن والرياض وجدت أن 70 في المائة منهم كانوا يعانون من هذه المتلازمة ما بين عامي 2020 و2021. ولعل القلق النفسي المرتبط بجائحة كورونا كان له السبب الأكبر في الارتفاع عن المعدل المعروف عالمياً.

ما مفصل الفك؟

مفصل الفك هو المفصل الذي يربط الفك السفلي بعظمة الجمجمة، ويتيح هذا المفصل الحركة اللازمة لفتح وإغلاق الفم والمضغ. ويتكون من العظام، والعضلات والغضروف والألياف.

الأعراض الشائعة

- ألم في منطقة المفصل: يمتد ليشمل العضلات المحيطة بالمفصل وقد يغطي ثلث الوجه، مما يؤدي أحياناً إلى تشخيص خاطئ مثل ألم سن العقل أو التهاب عصب السن. وكان البروفسور مالكلوم هاريس، من جامعة لندن، قد وجد في بحثه المنشور في المجلة الطبية البريطانية عام 2010 أن 50 في المائة من حالات رفع سن العقل و60 في المائة من عمليات حشوات قنوات جذور الأسنان (المسماة حشو العصب) تكون بسبب التشخيص الخاطئ، وأن الآلام كانت بسبب هذه المتلازمة.

- صعوبة فتح الفم: نتيجة لتشنج العضلات المسؤولة عن حركة المفصل بحيث يعجز مَن يعاني من هذه المتلازمة من أكل ساندويتش.

- طقطقة عند فتح وإغلاق الفم: صوت طقطقة في المفصل عند الحركة. وقد يشكل هذا الصوت من الطقطقة إحراج صاحبه وإزعاج من حوله.

- أعراض مصاحبة: بسبب تزامن وتوافق هذه الحالة مع القلق والتوتر النفسي فقد تشمل أعراض القولون العصبي، والصداع أو الشقيقة، وآلام الظهر والرقبة، وحكّة في الجلد في بعض الحالات.

أسباب الإصابة

- إصابة مفصل الفك أو الفك في الحوادث أو خلع مفصل الفك.

- طحن (صرير أو صريف) الأسنان (Bruxism) المزمن.

- سوء الإطباق إما بسب عدم توافق الفك العلوي مع الفك السفلي وإما بسبب الفقدان المبكر للأسنان دون تعويضها.

- التهاب مفصل الفك المرضي.

- القلق النفسي.

تأثيرات ومشكلات عدم العلاج

- تلف الأسنان: بما فيه تآكل الأسنان، وكسر الحشوات والتيجان، وحركة الأسنان المستمرة.

- تفاقم أمراض اللثة: تحرك الأسنان وانحسار اللثة.

- آلام المفصل: أصوات فرقعة في المفصل، وطنين الأذن، وصعوبة في فتح أو إغلاق الفم.

- إرهاق العضلات: شد أو تشنج عضلي، وصداع مستمر، وألم خلف العينين، وآلام في الجيوب الأنفية، وآلام الرقبة والكتف.

التأثيرات التدميرية لطحن الأسنان

- تآكل المينا: يؤدي الطحن المستمر إلى تآكل المينا، الطبقة الخارجية الواقية للأسنان، مما يؤدي إلى زيادة الحساسية، وتسوس الأسنان، وحتى فقدان الأسنان. وقد يؤدي طحن الأسنان إلى كشف لُبّ وأعصاب السن مما يستدعي إجراء حشوات قنوات جذور السن (أو ما تسمى حشوات العصب).

- تشقق أو كسر الأسنان: يمكن أن تسبب القوة الزائدة تشقق الأسنان أو كسرها، مما قد يتطلب تدخلاً علاجياً باستخدام التيجان أو الجسور أو حتى قلع هذه الأسنان المكورة وزرع أسنان مكانها وهي مكلفة حالياً.

- اضطرابات مفصل الفك (TMJ): يمكن أن يؤدي الضغط على عضلات ومفاصل الفك إلى الألم واضطراب الوظيفة. وقد تم تسجيل حالات التهاب مفصل الفك المؤلم بسبب هذه الحالة أو التلف الدائم لهذا المفصل مما يؤدي إلى التدخل الجراحي لوضع مفصل صناعي.

- انحسار اللثة: يسهم طحن الأسنان في انحسار اللثة، مما يُعرِّض جذور الأسنان للتسوس والحساسية، كما أن انحسار اللثة يجعلها أكثر عُرضة للالتهاب وتدمير الأنسجة التي تربط الأسنان بعظم الفك، مما يجعلها تتخلخل ويصاب صاحبها بمرض اللثة الذي يرتبط بعدد كبير من أمراض الجسم الخطيرة.

قُرح الفم

- الإصابة بالقرحة في الشفاه واللسان: من أخطر أعراض هذه المتلازمة هو التسبب بالتقرحات، وقد تكون هذه التقرحات على شكل القروح الصغيرة والمؤلمة التي تظهر على الشفاه أو اللسان أو داخل الفم.

وهي عادةً ما تشفى تلقائياً في غضون أسابيع قليلة. لكن الخطورة أن تستمر هذه التقرحات إلى أكثر من أسابيع لعدم معالجة المتلازمة وطحن الأسنان مما يؤدي إلى ما تشبه تقرحات سرطان الفم.

- آفات تشبه السرطان: يمكن أن تسبب الإصابات بالقرحة نتيجة طحن الأسنان إلى آفات تبدو مشابهة لسرطان الفم مثل البقع البيضاء والبقع الحمراء التي قد تستمر لأسابيع، مما يستدعي فحصها لتجنب المخاطر الصحية.

هل تعاني من المتلازمة؟

تعرَّف على عوامل وجود هذه الحالة:

- مراقبة الأعراض: مثل تسطح وتآكل الأسنان، وكسر الأسنان، وحساسية مستمرة للأسنان، وآلام الأسنان دون سبب واضح.

- الكزّ والطحن: يمكن أن يكون الكزّ على الأسنان في أثناء النوم أو النهار سبباً رئيسياً للأعراض. ويمكن للشخص أن يسأل الشريك أو الأهل إذا كانوا يسمعون صوت صرير الأسنان خلال النوم.

ولكن حسب آخِر الإحصائيات فإن 67 في المائة من حالات طحن الأسنان تكون من دون صوت لصرير الأسنان.

الذكاء الاصطناعي في علاج اضطراب مفصل الفك

مع تطور التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في مجال طب الأسنان وتشخيص وعلاج متلازمة اضطراب مفصل الفك. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في:

- التشخيص الدقيق: استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأشعة السينية والماسحات الضوئية لتحديد مشكلات المفصل بدقة وسرعة.

- تتبع التقدم العلاجي: تتبع التقدم في علاج المرضى من خلال تحليل بيانات المتابعة والتأكد من فعالية العلاجات الموصوفة.

- تخصيص خطط العلاج: بناء خطط علاج مخصصة لكل مريض بناءً على بياناته الصحية والنفسية، مما يزيد من فرص النجاح وتقليل المخاطر.

- التنبؤ بالمضاعفات: استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمضاعفات المحتملة وتقديم الإرشادات اللازمة للتعامل معها بشكل استباقي.

- تعليم المرضى: تطوير تطبيقات وأدوات تعليمية للمرضى لمساعدتهم في فهم حالتهم وكيفية التعامل معها بشكل أفضل.

نصائح إضافية للتعامل مع المتلازمة

- تمارين الفك: يمكن أن تساعد تمارين الاسترخاء وتمارين الفك البسيطة على تقليل التوتر والشد العضلي.

- تجنُّب الأطعمة الصلبة: يفضَّل تناول الأطعمة اللينة التي لا تتطلب مضغاً قوياً لتجنب زيادة الضغط على مفصل الفك.

- التدفئة والتبريد: يمكن استخدام الحرارة أو البرودة لتخفيف الألم والتورم في منطقة المفصل.

- التدليك: تدليك العضلات المحيطة بالفك يمكن أن يساعد على تخفيف التشنج وتحسين الدورة الدموية.

- تقنيات التنفس: تعلم تقنيات التنفس العميق والاسترخاء يمكن أن يساعد في تقليل القلق والتوتر.

- لبس «الحارس الليلي» الذي يوفره طبيب الأسنان (أو المسمى العضّات) يوفر وقاية مهمة من التأثيرات المدمرة لهذه المتلازمة.

أبحاث ودراسات حديثة

أظهرت الأبحاث الحديثة أن الضغوط النفسية والصراعات العاطفية من العوامل الرئيسية التي تزيد من حدة أعراض متلازمة اضطراب مفصل الفك.

وأظهرت الدراسات أيضاً أن العلاج السلوكي المعرفي من خلال جلسات مع الإخصائية النفسية (CBT) يمكن أن يكون فعالاً في إدارة هذه الأعراض.

كيف يسهم طبيب الأسنان في العلاج؟

- تقييم شامل: يبدأ العلاج بتقييم شامل لتحديد السبب الرئيسي للمشكلة.

- في حال وجود سوء الإطباق أو فقدان عدد من الأسنان يقوِّم الطبيب سوء الإطباق ويعوِّض الأسنان المفقودة لتحقيق التوازن المريح للإطباق مما يريح مفصل الفك.

- التحويل إلى إخصائيين: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري تحويل المريض إلى إخصائيين في جراحة الفم والفكين لإجراء عملية منظار المفصل أو التدخل الجراحي أو العلاج الطبيعي. أو الإخصائية النفسية، وفي بعض الحالات الصعبة إلى الطبيب النفسي.

- الأجهزة الفموية: يمكن استخدام أجهزة فموية مصممة خصيصاً لتخفيف الضغط عن المفصل وتحسين وظيفة الفك التي ذكرتها سابقاً مثل أجهزة «الحارس الليلي».

- في السنوات الخمس الأخيرة تم إدخال العلاج بإبر البوتكس في عضلة المضغ الرئيسية في الوجه والمسؤولة عن رفع الفك السفلي ليطبق مع الفك العلوي ويجعله أكثر ارتخاء ويمنع طحن الأسنان.