فيروس شبيه بـ«كوفيد - 19» يمكنه إصابة البشر ومقاومة اللقاحات

دراسة تتحدث عن اكتشاف «خوستا 2» في خفاش روسي

الفيروس الجديد تم عزله من الخفاش الروسي (ويكيميديا)
الفيروس الجديد تم عزله من الخفاش الروسي (ويكيميديا)
TT

فيروس شبيه بـ«كوفيد - 19» يمكنه إصابة البشر ومقاومة اللقاحات

الفيروس الجديد تم عزله من الخفاش الروسي (ويكيميديا)
الفيروس الجديد تم عزله من الخفاش الروسي (ويكيميديا)

من المحتمل أن يكون فيروس جديد مشابه لفيروس «كورونا المستجد»، المسبب لمرض «كوفيد - 19»، قادرا على إصابة البشر، وإذا انتشر، سيكون مقاوما للقاحات الحالية، وذلك وفق دراسة جديدة حذرت من خطورته، وتم نشرها (الخميس) بدورية «بلوس باثوجين».
ووجد الفريق البحثي بقيادة باحثين من مدرسة «بول ألن» للصحة العالمية، التابعة لجامعة ولاية واشنطن الأميركية، أن البروتينات المرتفعة بهذا الفيروس المعزول من خفاش روسي، والمسمى (خوستا 2) يمكن أن تصيب الخلايا البشرية، وهي مقاومة للأجسام المضادة وحيدة النسيلة والمصل من الأفراد الذين تم تطعيمهم ضد كورونا المستجد، وينتمي هذا الفيروس إلى نفس الفئة الفرعية من فيروسات «كورونا» المعروفة باسم فيروسات (ساربيك)، والتي تضم فيروس «كورونا المستجد»، المسبب للوباء الحالي.
ويقول مايكل ليتكو، عالم الفيروسات بجامعة ولاية واشنطن، الباحث الرئيسي بالدراسة، «يوضح بحثنا أن فيروسات (الساربيك) المنتشرة في الحياة البرية خارج آسيا، حتى في أماكن مثل غرب روسيا، حيث تم العثور على فيروس (خوستا 2)، تشكل أيضاً تهديدا للصحة العالمية وحملات اللقاح المستمرة ضد «كورونا المستجد»، المسبب لـ(كوفيد - 19)». ويضيف أن «اكتشاف (خوستا) يسلط الضوء على الحاجة إلى تطوير لقاحات عالمية للحماية من فيروسات (الساربيك) بشكل عام، وليس فقط ضد المتغيرات المعروفة لـ(كورونا المستجد)».
وفي الوقت الحالي، هناك مجموعات بحثية تحاول ابتكار لقاح لا يقي فقط من النوع التالي من «كورونا المستجد»، ولكنه في الواقع يحمينا من فيروسات «الساربيك» بشكل عام، ولسوء الحظ، تم تصميم العديد من لقاحاتنا الحالية لفيروسات معينة نعرف أنها تصيب الخلايا البشرية أو تلك التي يبدو أنها تشكل أكبر خطر لإصابتنا، لكن هذه قائمة تتغير باستمرار، ونحتاج إلى توسيع تصميم هذه اللقاحات للحماية ضد جميع فيروسات «الساربيك».
وفي حين تم اكتشاف المئات من فيروسات «الساربيك» في السنوات الأخيرة، وكان أغلبها مصدره الخفافيش في آسيا، فإن الغالبية منها غير قادرة على إصابة الخلايا البشرية، وتم اكتشاف فيروسات (خوستا) و(خوستا 2) في الخفافيش الروسية أواخر عام 2020، وظهر في البداية أنهما لا يشكلان تهديدا للبشر.
وأكد ليتكو «من الناحية الجينية، بدت هذه الفيروسات الروسية الغريبة مثل بعض الفيروسات الأخرى التي تم اكتشافها في أماكن أخرى حول العالم، ولم يعتقد أحد أنها كانت شيئا مثيرا للإثارة، ولكن عندما نظرنا إليها أكثر، فوجئنا حقا بإمكانية إصابة الخلايا البشرية، لا سيما (خوستا 2)، وهذا يغير قليلا من فهمنا لهذه الفيروسات، ومن أين أتوا وما هي المناطق التي تثير القلق».
ووجد الفريق البحثي أنه مثل «كورونا المستجد»، يمكن أن يستخدم «خوستا 2» بروتينه الشائك (سبايك) لإصابة الخلايا عن طريق الارتباط ببروتين مستقبل، يسمى «الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2ACE2))»، الموجود في جميع أنحاء الخلايا البشرية، وشرعوا بعد ذلك في تحديد ما إذا كانت اللقاحات الحالية تحمي من الفيروس الجديد.
باستخدام مصل مشتق من السكان الذين تم تطعيمهم ضد (كوفيد - 19). رأى الفريق البحثي أن فيروس «خوستا 2» لم يتم تحييده عن طريق الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات الحالية. واختبروا أيضاً مصلاً من الأشخاص الذين أصيبوا بمتغير «أوميكرون»، لكن الأجسام المضادة أيضاً كانت «غير فعالة».
ولحسن الحظ، يقول ليتكو إن «الفيروس الجديد يفتقر إلى بعض الجينات التي يعتقد أنها متورطة في التسبب في المرض لدى البشر، ومع ذلك، هناك خطر من إعادة اتحاد (خوستا 2) مع فيروس آخر مثل (كورونا المستجد)». ويضيف «عندما ترى أن (كورونا المستجد) لديه هذه القدرة على الانتقال مرة أخرى من البشر إلى الحياة البرية، ثم هناك فيروسات أخرى مثل (خوستا 2) تنتظر في تلك الحيوانات، فيمكن في هذه الحالة أن يجتمعوا لصنع فيروس يحتمل أن يكون أكثر خطورة».


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».