من مصر وسوريا إلى ليبيا... أطفال على «طريق الهجرة»

السلطات الأمنية تضبط العشرات في مخازن بشرق البلاد

مهاجرون مصريون وسوريون تم ضبطهم في مخزن بطبرق شرق ليبيا (مديرية أمن طبرق)
مهاجرون مصريون وسوريون تم ضبطهم في مخزن بطبرق شرق ليبيا (مديرية أمن طبرق)
TT

من مصر وسوريا إلى ليبيا... أطفال على «طريق الهجرة»

مهاجرون مصريون وسوريون تم ضبطهم في مخزن بطبرق شرق ليبيا (مديرية أمن طبرق)
مهاجرون مصريون وسوريون تم ضبطهم في مخزن بطبرق شرق ليبيا (مديرية أمن طبرق)

قبل نحو 5 أعوام، مات 200 طفل غرقاً في البحر المتوسط، خلال عمليات هجرة غير نظامية من شمال أفريقيا إلى إيطاليا، ومذاك التاريخ تتزايد محاولات مافيا الاتجار بالبشر في الدفع بصغار السن إلى «المجهول» سعياً للحاق بـ«الفردوس الأوروبي».
وتحذر السلطات الأمنية في ليبيا من تصاعد موجات المهاجرين، خصوصاً بين الأطفال بشكل ملحوظ، خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك باستغلال أوضاعهم المعيشية في بلدانهم من قبل عصابات، تعمل على التغرير بهم وتعريضهم للموت مقابل الحصول على الأموال.
ولم يكن الـ200 طفل الذين غرقوا، وفقاً لإحصائية سابقة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة: «يونيسف»، آخر المفقودين تحت طيات موج «المتوسط»، فقد قضي مئات خلال الأشهر الماضية، بحسب منظمات دولية.
وخلال الأسبوعين الماضيين، كشفت مديرية الأمن بمدينة طبرق (أقصى شرق ليبيا) عن وقائع كثيرة تتعلق بضبط مهاجرين مصريين وسوريين قُصّر، قبل تهريبهم إلى الشواطئ الأوروبية.
وأوضحت المديرية أنها تلقت معلومات تفيد بوجود «مزرعة» تقع بضواحي المدينة يشتبه بكونها «مخزناً» يقبع فيه عشرات المهاجرين غير النظاميين، مشيرة إلى أن قسم النجدة بالمديرية داهم المخبأ، الذي يقع بحي السقيفة، وعثر داخله على 32 مهاجراً، من بينهم أطفال ينتمون إلى الجنسيتين المصرية والسورية «كانوا ينتظرون (العصابات الإجرامية) لنقلهم عبر البحر بزوارق إلى الشواطئ الأوروبية».
تنطوي عمليات تهريب المهاجرين وإدخالهم إلى ليبيا عبر الدروب الصحراوية على مخاطر جمّة بحسب السلطات الأمنية في البلاد، إلى حين ينتهي بهم المطاف في قبضة المهرّبين في «مخابئ سرية»، وهو ما عبرت عنه مديرة الأمن بأنها عثرت على بعض المهاجرين جرحى بسبب تعرضهم لسوء المعاملة، وأكدت أنها بصدد مطاردة المتورطين في ذلك لإخضاعهم للعدالة.
ورصدت الشرطة السياحية وحماية الآثار بمدينة الخمس 13 شخصاً من جنسيات عربية كانوا على متن قارب من مدينة لبدة السياحية (المطلة على المتوسط) بقصد الهجرة غير المشروعة، وقالت وزارة الداخلية بطرابلس إنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، وإحالتهم إلى الجهات ذات الاختصاص.
وتتكرر عمليات إنقاذ المهاجرين غير النظاميين من وقت لآخر قبالة السواحل الليبية؛ حيث يتم إعادة المهاجرين، واحتجازهم في مراكز للإيواء لحين تسهيل عملية عودتهم لبلدانهم، أو إلى بلد ثالث مستضيف، وفقاً لبرنامج العودة الطوعية الذي ترعاه منظمة الهجرة.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن قوات خفر السواحل الليبية أعادت 1062 مهاجراً إلى الشواطئ المحلية، خلال الفترة من 11 إلى 17 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وتتعدد مسارات الهجرة إلى ليبيا عبر حدودها المترامية، ما يسمح بنشاط واسع للعصابات المتاجرة بالبشر في مناطق كثيرة بالبلاد بقصد خطف المهاجرين وإعادة بيعهم، أو تسهيل عملية نقلهم سراً إلى السواحل الليبية بقصد التمهيد لفرارهم عبر قوارب إلى الشواطئ الأوروبية.
وأمام تكرار عمليات تدفق المهاجرين إلى ليبيا، كانت طبرق محطة لافتة لكثير من المهاجرين المصريين والسوريين، وخصوصاً صغار السن، إذ انتشرت مقاطع فيديو سربتها الجهات الأمنية لمئات منهم وهم يفرون في حماية الشرطة من «مخازن سرية» تابعة لعصابات تتاجر بالبشر، وقد بدا على بعضهم الإعياء الشديد.
وقالت مديرية أمن طبرق، مساء أمس، إن قوة أمنية داهمت منزلاً بحي الزهور استخدمته العصابة مخزناً للراغبين من العمالة المصرية والسورية بالهجرة غير المشروعة، مشيرة إلى أنها ضبطت 60 مهاجراً دخلوا الأراضي الليبية بطريقة غير مشروعة، من ضمنهم أطفال صغار السن من الجنسيتين المصرية والسورية، قبل نقلهم ليلاً من قبل عصابات الهجرة عبر الزوارق إلى أوروبا.
وقضى 17 مصرياً، من بينهم 5 أطفال، من محافظتي أسيوط والفيوم، في حادثين على مدار الأيام الماضية، خلال محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا. ووضعت مصر خطة لمكافحة الهجرة غير المشروعة عبر إطلاق أول استراتيجية وطنية لمكافحة هذه الظاهرة.
ووقّعت مذكرة تفاهم بين اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التي سبق أن حذرت من تصاعد هذه العمليات.
وتستهدف مذكرة التفاهم، التي اعتمدت في 11 سبتمبر الحالي، وفقاً للسفيرة نائلة جبر، رئيسة اللجنة، تأكيد مصر الاهتمام بحماية الأطفال، خاصة غير المصحوبين بذويهم، في ظل ما يشهده العالم من تنامي ظاهرة الهجرة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

راهن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وعي المصريين وتكاتفهم باعتبار ذلك «الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات». وشدد، خلال لقائه، مساء الأحد، قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على أن امتلاك بلاده «القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب».

وقال السيسي، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن «الدولة تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استناداً لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دولها».

وأضاف أن «الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة»، مشيراً إلى «استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب».

جانب من اجتماع السيسي مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

اجتماع الرئيس المصري مع قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، حضره رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي عبد المجيد صقر، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس أركان القوات المسلحة أحمد خليفة، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد.

وقال متحدث الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري»، فضلاً عن «استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث».

وشدد الرئيس المصري على «ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها»، مؤكداً «أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن، إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات»، بحسب الشناوي.

وفي سياق متصل، عقد الرئيس المصري اجتماعاً، الأحد، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، تناول «تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل»، بحسب متحدث الرئاسة المصرية.

الرئيس المصري خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين والصحافيين (الرئاسة المصرية)

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى «الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود»، وفق المتحدث الرئاسي.

وأكد السيسي خلال اللقاء «قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية»، مشدداً على أن «تماسك المصريين ووحدتهم العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة».

وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده «مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية». وقال: «نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى «حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة».

وأكد السيسي أن «الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «هناك بعض السلبيات التي نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصيّة أمام أي معتدٍ».