احتفاء مصري بحسين رياض «صاحب الألف وجه»

أمسية بالأوبرا استحضرت أدواره وكواليس حياته

فيلم «السبع بنات» (الشرق الأوسط)
فيلم «السبع بنات» (الشرق الأوسط)
TT

احتفاء مصري بحسين رياض «صاحب الألف وجه»

فيلم «السبع بنات» (الشرق الأوسط)
فيلم «السبع بنات» (الشرق الأوسط)

كيف يمكن للفنان أن يكون صاحب «ألف وجه»؟! لم تكن الإجابة عن هذا السؤال هي الشغف الوحيد للحاضرين، في صالون الأوبرا الثقافي الذي اختار «حسين رياض ذو الألف وجه» موضوعاً لأمسيته، مساء أول من أمس الثلاثاء. ومن قبل اختاره الناقد والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، ليكون عنواناً لأحد كتبه، إنما كان من الواضح تطلع الجميع للقاء فاطمة، ابنة الممثل الذي اشتهر أيضاً بلقب «أبو السينما العربية»، من فرط تكرار قيامه بدور الأب في أفلامه، فقد كان هناك شغف كذلك بمعرفة كيف كانت حياته الخاصة، وإلى أي مدى تشابهت أبوته الحقيقية مع صورته على الشاشة.
كانت الأمسية التي استمرت لما يزيد عن ساعتين، وأدارها الفنان أمين الصيرفي، مدير الصالون، بمثابة جسر انتقل عبره الحضور إلى الزمن الجميل. فالحديث عن حسين رياض المولود في عام 1897 ميلادية، انطوى على استدعاء للمشهد الفني خلال مرحلة مهمة من تاريخ بدايات مختلف الفنون في العصر الحديث بمصر، وهي العقود الأولى من القرن العشرين وحتى 1965؛ حيث توفي رياض، لا سيما أنه تم التطرق خلال الأمسية إلى بعض القضايا والظواهر الفنية الأخرى القديمة والمعاصرة، ومنها ضعف التوثيق، وافتقاده إلى الدقة، ووجود كثير من المعلومات المغلوطة عن الرواد على الإنترنت والموسوعات الإلكترونية.


الفنان حسين رياض مع زوجته وابنته فاطمة (أرشيفية)

وعلى الرغم من أن كثيراً من الفنانين المصريين الرواد قدموا عدداً ضخماً من الأدوار، فإن رياض تمتع بتنوع كبير ومختلف في الشخصيات التي قدمها خلال مسيرته الفنية، حتى لُقب بـ«صاحب الألف وجه»، فمن «جادوليو» في «شارع الحب» إلى الراعي الأمين الكفيف «سلامة» الذي يخلص في البحث عن الأميرة «جهاد» في «وا إسلاماه»، ومن السلطان الأرستقراطي في «سلامة في خير» إلى الموظف البسيط المسالم العاشق لوطنه، في فيلم «في بيتنا رجل»، وغير ذلك.
وإذا كانت الصورة المترسخة في أذهان وقلوب الجمهور عنه دوماً هي الأب الطيب، أو الجد الحنون، فإن ذلك لا يعني أنه الدور الوحيد له كما يعتقد كثيرون؛ إذ كانت له روائع مسرحية تبلغ 300 عمل من المسرح العالمي والمصري، لم يسجل للتلفزيون منها سوى عدد محدود للغاية، إلى جانب 250 فيلماً، و150 مسلسلاً إذاعياً، كما أنه قدَّم وبصوت مميز جداً ستة أوبريتات، وكان من أهمها أوبريت «الأرملة الطروب» المصور في التلفزيون، وشاركته البطولة فيه رتيبة الحفني، وكنعان وصفي؛ لكنها لا تذاع وفق الدكتور الناقد والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، في حديثه بالصالون.
«لم يضع نفسه في قالب أو دور واحد؛ لكن الجمهور هو الذي أحبه أباً مثالياً يبعث الإحساس بالطمأنينة والأمان داخلهم» حسب دوارة الذي أشار إلى اعتراف قديم للفنان حسين رياض، ذكره في أحد أحاديثه الإعلامية؛ حينما ذكر أن «والده توفي وهو لا يزال في عمر الحادية عشرة، فافتقد حنان الأب، وهو ما وصفه بأنه ربما يكون هو السر وراء إجادته لتجسيد الأبوة؛ حيث قال إنه عاش هذه الأدوار بكل جوانحه».


رياض (أرشيفية)

ويؤكد دوارة أن رياض وجيله من الرواد استطاعوا تغيير نظرة المجتمع نحو الممثلين، من أشخاص لا تؤخذ بشهاداتهم في المحكمة، وترفض العائلات زواج بناتهم منهم، إلى رموز يحترمها الجميع، ويُنظر إليها كجزء من النخبة، وكان ذلك بفضل موهبة الرواد وتقديم روائع فنية تأسر العقول، وكان بعضهم ينتمي لأسر أرستقراطية، مثل حسين رياض الذي ترك الكلية الحربية من أجل التمثيل، حسب دوارة.
لكن إذا كان ذلك هو حسين رياض الممثل صاحب لقب «أبو السينما المصرية» فكيف كان حسين رياض الأب الحقيقي، وهل كان بالقدر نفسه من الطيبة؟! سؤال طرحه بشغف الصيرفي على ابنته فاطمة، التي أجابت: «مثلما كان أيقونة للعطف والحنان على الشاشة، كان كذلك في البيت معنا. كان شديد التدليل لي، ولا يرفض لي طلباً، وفي الوقت نفسه عندما يكون بصدد عمل جديد، كان يغلق باب غرفته عليه، ويستذكر دوره جيداً، وفي هذه الحالة كانت أمي تمنع الصوت والحركة في المنزل، ليواصل عمله في هدوء»، وتردف: «لم أعش مع أبي وقتاً طويلاً؛ لأنه تزوج في سن متأخر، ما حال دون معاصرتي لكثير من مراحل حياته، وكانت الفترة التي أقضيها معه هي تلك التي تكون خلال وجودنا في الإسكندرية لمدة شهر، وأسبوعين في رأس البر كل عام».
واعتبرت فاطمة أن «سر مكانة والدها وبقائه حياً في ذاكرة الفن والجمهور العربي، يرتبط بسلاسة أدائه وانتمائه إلى مدرسة اللاتمثيل؛ حيث كان يؤدي دوره وكأنه لا يمثل».
وأرجعت ذلك إلى «صدقه الفني، وأنه سبق زمنه بأداء يقوم على الصراعات الداخلية غير المرئية للمتلقي؛ لكنها ملموسة ومحسوسة، عبر صوت هادئ ونظرة عين محددة، فلم يكن يتبع اللهجة الخطابية أو التلويح باليدين أو الصوت المرتفع الذي يشوش على الانفعالات الشخصية».
وتضمنت الأمسية عرضاً للفيلم التسجيلي «حسين رياض صاحب الألف وجه» إنتاج المركز القومي للمسرح، كما جددت ابنته مطلبها الذي سبق أن تقدمت به لوزارة الثقافة المصرية، وهو إطلاق اسم الراحل على إحدى قاعات المعهد العالي للفنون المسرحية.
من جهته، قال الصيرفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأمسية تأتي في إطار احتفاء الصالون برموز الفن والثقافة المصرية في الماضي والحاضر، مع تحقيق التوازن في المجالات المختلفة ما بين التشكيل والشعر والتمثيل والموسيقى، فقد تم في بدايات هذا الموسم الاحتفال بالفنان يحيى الفخراني، والشاعر عبد الستار سليم، وسيشهد الصالون في الأسابيع القادمة أمسيات حول أحمد فؤاد نجم في أوبرا الإسكندرية، ومرسي جميل عزيز في القاهرة، وفريد الأطرش في دمنهور».


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

غوارديولا: مشاكل السيتي سببها «الجدول»

غوارديولا قال إنه بحاجة إلى لاعبين جدد (أ.ب)
غوارديولا قال إنه بحاجة إلى لاعبين جدد (أ.ب)
TT

غوارديولا: مشاكل السيتي سببها «الجدول»

غوارديولا قال إنه بحاجة إلى لاعبين جدد (أ.ب)
غوارديولا قال إنه بحاجة إلى لاعبين جدد (أ.ب)

أعرب جوسيب غوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي، عن اعتقاده بأنه سيكون بحاجة للاعبين أكثر بالفريق من أجل التعامل مع أجندة مباريات كرة القدم التي تتوسع باستمرار.

وتراجع أداء مانشستر سيتي بسبب الكثير من الإصابات التي لحقت بلاعبيه، ومازال يوجد في المنافسة على ثلاث بطولات، بما في ذلك بطولة دوري أبطال أوروبا التي تمت زيادة عدد مبارياتها. وفي نهاية الموسم سيشارك الفريق في بطولة كأس العالم للأندية التي تقام في الولايات المتحدة.

وقال غوارديولا، اليوم الجمعة: «هذا جعلني أفكر أنه ربما مع أجندة المباريات الحالية سنحتاج إلى فريق يضم 25 أو 30 لاعباً. سيكون الأمر أكثر صعوبة من الناحية المالية على النادي».

وأضاف: «يقول الناس: أين المشكلة؟ المشكلة في الجدول». وأكد: «آجلاً أم عاجلاً سيحدث هذا مع كل الفرق. عندما فزنا بالثلاثية في 2023، والألقاب المحلية الأربعة، كان لدينا اثنان أو ثلاثة مصابين، ولكننا كنا مستقرين للغاية. لهذا السبب كنا ننافس، والآن لا يمكننا».

ويحتل مانشستر سيتي المركز الرابع بالدوري الإنجليزي بفارق ثماني نقاط خلف ليفربول، المتصدر، وذلك قبل مواجهة مانشستر يونايتد، الأحد.