أثار قرار «إزاحة» هيئات تابعة لتنظيم «الإخوان» من «المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا»، عدة تساؤلات بشأن بدء استبعاد «الإخوان» من المنظمات الإسلامية الأوروبية؟. وتداعيات القرار على «الإخوان» في الدول الأوروبية؟. أجاب عنها خبراء بقولهم إن «القرار ربما يكون عنواناً يؤخذ به في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، فضلاً أنه قد يسهم في التضييق على الشخصيات التي لها انتماء لـ(الإخوان)».
وما زالت أصداء قرار «المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا» بشأن الهيئات الإخوانية، تتواصل في مصر وخارجها، وجاء هذا القرار في أعقاب الانتخابات التي عقدها المجلس، وسط «توجهات جديدة تقضي بإقصاء الواجهات الشرعية لـ(الإخوان) التي يتم استخدامها كأدوات للعمل لصالح التنظيم»، بحسب مراقبون. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وافق مجلس «مسلمي ألمانيا» على إسقاط عضوية منظمة «الجماعة الإسلامية الألمانية»، المعروفة سابقاً باسم «التجمع الإسلامي في ألمانيا» التي تصنفها السلطات الأمنية بأنها تابعة لـ«الإخوان» وكذا جميع الجمعيات المنضوية تحتها.
ووفق أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة (أبوظبي)، أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي (بلجيكا)، الدكتور محمد البشاري، فإن «القرار يأتي ليس فقط قناعة من (المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا)، وإنما هو تجسيد للرؤية الألمانية في تعاملها مع الملف الإسلامي، ذلك أن ألمانيا مثل دول أخرى أوروبية تريد أن يكون (التنظيم الإسلامي) في ألمانيا من طرف مسلمين ألمان يؤمنون بالمواطنة والحب والولاء للوطن، ولذا استبعدت التنظيمات التي لها، إما توجهات إسلام سياسي، أو لها علاقة بدول خارجية قد تهدد الأمن الداخلي».
وأكد الخبير المصري المتخصص في شؤون الحركات الأصولية، أحمد بان، أن «(المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا) مظلة تضم جميع الجاليات المسلمة في ألمانيا (سنة وشيعة)، وكانت تضم عدداً من المنظمات المحسوبة على (الإخوان)، أكثرها ظهوراً في الدعاية لـ(الإخوان) هي (منظمة التجمع الإسلامي) التي تأسست عام 1859 على يد سعيد رمضان (القيادي الإخواني الذي تولى جمع الدارسين والمبعوثين المصريين والعرب المسلمين في ألمانيا في مدينة ميونيخ منذ عام 1959)، وتم (طرد منظمة التجمع الإسلامي) منذ أشهر من المجلس الأعلى، وكانت المنظمة خاضعة لرقابة (هيئة حماية الدستور) وذلك لتتبع أنشطتها».
وبحسب «المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات» في ألمانيا، فإن «هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية) ترصد بقلق تزايداً ملحوظاً في نفوذ (الإخوان) داخل ولاية سكسونيا، واستغل التنظيم عبر منظمات مثل الجمعية الثقافية (ملتقى سكسونيا)، نقص دور العبادة للمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين، لتوسيع هياكله ونشر تصوره عن الإسلام السياسي».
البشاري يرى أنه لا بد التذكير بأن «قرار (المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا) بطرد كل الواجهات للتنظيم الدولي للإخوان (التنظيم الألماني)، يعد تأكيداً لما أخذته الجمعية العمومية السابقة بتجميد العضوية لـ(التجمع الإسلامي بألمانيا) الذي يترأسه إبراهيم الزيات، الذي يعد (وزير مالية التنظيم الدولي للإخوان)». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار الأخير بعد إعادة تجديد الثقة في القيادة السابقة للمجلس الأعلى، هو تأكيد مرة أخرى على توجه الجمعية العمومية إلى طرد الواجهات الإخوانية كافة لتقديم (المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا) كمحاور أساسي للسلطات الألمانية، بأنه المكلف بالدفاع عن الإسلام في ألمانيا».
أحمد بان، أشار إلى أنه «ما زالت هناك واجهات إخوانية داخل المجلس الأعلى»، لافتاً إلى أن «وجود (الإخوان) في ألمانيا قديم منذ 6 عقود، ونجحوا في التموضع داخل الأوساط الحزبية والسياسة وفي المؤسسات الحقوقية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «(الإخوان) استغلوا وجود جاليات مسلمة لم تنظم نفسها وفي حاجة إلى خدمات دعوية فاستغلوا ذلك، كما استغلوا حقوق الإنسان في تشكيل كيانات».
وأسس «الإخوان» تنظيمات ومراكز وجمعيات في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة بواسطة القيادي إبراهيم الزيات وأشقاؤه. ووفق «المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات» في ألمانيا فإن «الزيات لعب دوراً (خطيراً) في كسب الشباب، وأطلق حملات تجنيد للشباب في المنظمات الإسلامية؛ إلا أن الشرطة الألمانية كشفت عن علاقته المالية بمؤسسات (تمول الإرهاب)».
وتقول السلطات الألمانية علناً إن الزيات «عضو في تنظيم (الإخوان)»، و«يعتبر المسؤول الأول للتنظيم الدولي لـ(الإخوان) في ألمانيا، والمسؤول عن تمويل الأنشطة المتعددة، وأطلقت عليه لقب (وزير مالية الإخوان)».
من جانبه، أكد محمد البشاري أن «طرد (منظمة التجمع الإسلامي) بألمانيا والجهات الأخرى الإخوانية، سوف يساهم في التضيق على الشخصيات التي لها انتماء للتنظيم الدولي»، موضحاً أن «الزيات من أحد كبار شخصيات التنظيم وله علاقات قوية مع جهات كثيرة من منظمات إسلامية سواء في داخل أوروبا أو خارجها».
عن تداعيات قرار مجلس «مسلمي ألمانيا». أشار البشاري إلى أن «هذا القرار ينسجم مع قرار النمسا السابق لـ(تجريم تنظيم «الإخوان» وتنظيمات جهادية أخرى)، وقد يكون عنواناً يؤخذ به في كثير من دول الاتحاد الأوروبي». ودلل على ذلك بأن «الشهر الماضي قام وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بطرد الإمام حسن إيكويسن رغم أنه من مواليد فرنسا، وله أبناء وأحفاد فرنسيون، والآن هناك توجه لتنفيذ ما يسمى بـ(قانون الانفصالية) في فرنسا للوقوف ضد الإسلام السياسي».
وشرح البشاري أنه «لن يبقى للتنظيم الإخواني إلا العمل على مراجعة فكرية جدية لموضوع أسلمة المجتمع والتمكين ومراجعة كل الأدبيات التي بنى عليها التنظيم مواثيقه وبرامجه الدعوية، وكذا الانخراط في المجتمع المدني (مُطلقاً) بذلك كل الانتماءات، وإعلان العزم الحاسم للتبرؤ من (أفعال التنظيم)».
فيما أكد أحمد بان، أن «استبعاد (الإخوان) هي يقظة أوروبية متأخرة في التعاطي مع هذا الملف، وظهر في وقت سابق في (هيئة حماية الدستور) في عدد من الولايات، وذلك لمواجهة هذه المنظمات التي استعارة خطورتها في المجتمع الألماني».
هل بدأ استبعاد «الإخوان» من المنظمات الإسلامية الأوروبية؟
عقب «إزاحة» هيئات تابعة للتنظيم من مجلس «مسلمي ألمانيا»
هل بدأ استبعاد «الإخوان» من المنظمات الإسلامية الأوروبية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة