تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية وزيادة البطالة مع ارتفاع مستويات الدين العام

جدة تحتضن اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية لإيجاد الحلول

صورة جماعية لمحافظي البنوك المركزية العربية (تصوير غازي مهدي)
صورة جماعية لمحافظي البنوك المركزية العربية (تصوير غازي مهدي)
TT

تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية وزيادة البطالة مع ارتفاع مستويات الدين العام

صورة جماعية لمحافظي البنوك المركزية العربية (تصوير غازي مهدي)
صورة جماعية لمحافظي البنوك المركزية العربية (تصوير غازي مهدي)

في ظل تعثر الاقتصاد العالمي، ومحاولة إزالة بقايا جائحة «كورونا»، مروراً بالحرب «الروسية، الأوكرانية»، إلا أن القطاع المالي العربي ما زال متماسكاً، على حد قول الدكتور عبد الرحمن الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، الذي أشاد بجهود المصارف المركزية العربية في ضبط أوضاع القطاعين المالي والمصرفي، وتعزيز سلامته.
وعلى الرغم من تزايد معدلات المديونية، الذي وصفها الحميدي، بأنها من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية، بسبب الارتفاع الذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب الجائحة التي وصلت إلى نحو 756.2 مليار دولار، بما يمثل نحو 107.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة في نهاية عام 2021، إلا أن مؤشرات السلامة المالية للدول العربية كشفت أن مستويات كفاية رأس المال والسيولة مرتفعة في القطاع المصرفي العربي وأعلى من الحدود الدنيا المقرة بموجب مقررات بازل، حيث بلغ متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي في الدول العربية نحو 17.8 في المائة مع نهاية عام 2021، فيما وصلت نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول لهذا القطاع نحو 32.7 في المائة في نهاية الفترة نفسها.
وعن نمو الاقتصادات العربية، فإنه سيشهد نمواً في عام 2022 ليسجل نحو 5.4 في المائة، مقابل معدل 3.5 في المائة المسجل في عام 2021، والحديث لمدير الصندوق العربي، أن هذا سيكون مدعوماً بالنسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم للتحفيز لدعم التعافي الاقتصادي.

ولفت الحميدي، خلال كلمته في اجتماع الدورة السادسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي انطلقت جلساتها اليوم في جدة غرب السعودية، إلى تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية في عام 2023 ليسجل نحو 4.0 في المائة، بما يتواكب مع انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي، والتراجع المتوقع في أسعار السلع الأساسية، وأثر الانسحاب التدريجي من السياسات المالية والنقدية التوسعية الداعمة لجانب الطلب الكلي.
وأضاف، أن معظم الدول العربية تأثرت بالضغوطات التضخمية العالمية نتيجة للعديد من العوامل، ويتوقع أن يسجل معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة مستوى مرتفعاً نسبياً خلال عامي 2022 و2023، ليبلغ حوالي 7.6 في المائة ونحو 7.1 في المائة، على التوالي، في ظل استمرار التطورات الدولية الراهنة التي تؤدي إلى تواصل ارتفاع مستوى الأسعار في أسواق المواد الأساسية والطاقة.
وقال إن هناك تحديدات تواجهها الدول العربية، من أبرزها الارتفاع النسبي لمعدلات التضخم، فهناك استمرار تحديات البطالة في المنطقة العربية التي تسجل نحو 11.3 المائة ما يمثل ضعف المعدل العالمي، وفق بيانات البنك الدولي، إضافة إلى تركز معدلات البطالة في فئة الشباب، حيث ترتفع بطالة الشباب في المنطقة العربية لتسجل 33.0 في المائة مقابل 15.6 في المائة للمتوسط العالمي لبطالة الشباب.
من جهته، قال محافظ البنك المركزي السعودي، الدكتور فهد بن عبد الله المبارك، إن اجتماعنا يتوافق مع مرحلة مهمة من التطورات الاقتصادية والإصلاحات والخطط التنموية، بالإضافة إلى المنعطفات السياسية التي يواكبها العالم أجمع، وما يصاحبها من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية.
وأضاف المبارك، أن التطورات الحالية تزامنت مع التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة «كورونا»، والناتج عن جهود الحكومات في التصدي للجائحة من خلال الحزم التحفيزية، وأن هذه الانعكاسات التي نشأت من تداعيات التوترات الجيوسياسية، والآثار المصاحبة لتلك التوترات نتج عنها اختلال في سلاسل الإمدادات، ما أدى إلى تنامي الضغوط السعرية، الذي ألقى بظلاله على أسعار الطاقة والأغذية.
وقال، إن ذلك انعكس على توقعات تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، حيث أشارت أحدث توقعات صندوق النقد الدولي إلى تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي في عام 2022 ليصبح 3.2 في المائة، مقارنة بتوقعات الصندوق في أبريل (نيسان) الماضي عند 3.6 في المائة، الذي يعود في معظمه إلى التغيرات في أسعار الفائدة، وارتفاع معدل التضخم والتذبذبات في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة. ولكون دولنا العربية ليست بمعزل عن آثار تلك التحديات، فمن الأهمية دراسة التدابير المحتملة للتصدي لتلك التحديات، وتنسيق جهود الدول العربية لمواجهتها، ودعم السياسات النقدية التي تتخذها دولنا للحفاظ على مسيرة التعافي في اقتصاداتنا، واستمرار تنفيذ الخطط والإصلاحات الاقتصادية لتحقيق مستهدفاتنا في الوصول إلى اقتصادات مستدامة لخلق النمو والوظائف بهدف ازدهار شعوبنا.
وأوضح المبارك، أنه في ظل هذه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، إلا أن الاقتصاد السعودي استمر في تحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث تشير التقديرات للربع الثاني من عام 2022م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 11.8 في المائة على أساس سنوي. كما أن مستويات التضخم في المملكة لا تزال ضمن المعدلات المقبولة، حيث سجل معدل التضخم ارتفاعاً سنوياً نسبته 3 في المائة في شهر يوليو (تموز) للعام الحالي.
أما فيما يخص قطاع العمل، فقد استمر الانخفاض في معدل البطالة العام ليصل إلى 6.0 في المائة للربع الأول للعام الحالي، كذلك استمر الانخفاض في معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 10.1 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، محققاً تحسناً ملحوظاً مقارنة مع عام 2020، حيث سجلت البطالة 12.6 في المائة، الذي بلغت فيه نسبة البطالة العالمية معدلات عالية بسبب أثر الجائحة، ويتماشى هذا الانخفاض مع خطط المملكة في تخفيض نسبة البطالة وصولاً إلى المعدل المستهدف في عام 2030م، وهو 7 في المائة.
وشدد المبارك على أن السعودية ستظل دائماً داعمة وسباقة للعمل العربي المشترك، ومساهمة في تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية عبر المؤسسات التنموية الإقليمية، مقدماً الشكر الجزيل لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وكافة قادة الدول العربية، لما يقدمونه من دعم للعمل العربي المشترك.
وبالعودة لحديث مدير الصندوق العربي عن المصارف، فقد قال إن نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة للمصارف العربية بلغت نحو 91.1 في المائة في نهاية عام 2021، التي تعكس الجهود للمصارف المركزية العربية لتعزيز متانة وسلامة مؤشرات أداء القطاع المصرفي، وتطوير التشريعات والسياسات والإجراءات الاحترازية.
وتابع، أن المصارف المركزية العربية قامت خلال جائحة «كورونا» بتخفيض هامش رأس المال التحفظي، ونسبتي تغطية السيولة وصافي التمويل المستقر لدعم قرارات السياسة النقدية، وتوفير سيولة إضافية للقطاع المصرفي، موضحاً أن المصارف المركزية أعلنت عن خطة العودة للمتطلبات الرقابية لوضعها لما قبل الجائحة بتدرج دون تحديات تذكر.
يذكر أن مؤشر الاستقرار المالي التجميعي لصندوق النقد العربي الذي يتم احتسابه بالتعاون مع فريق عمل الاستقرار المالي، ارتفع ليصل إلى 0.526 نقطة في نهاية عام 2021 مقابل 0.487 في عام 2020، بسبب تحسن المؤشرات المالية والاقتصادية نتيجة للجهود التي بذلتها الدول العربية للحد من تداعيات جائحة «كورونا».


مقالات ذات صلة

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

الاقتصاد المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

قررت «لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية» السعودية قبول طلبين لتقييد دعويين جماعيتين مقدمتين من مستثمر ضد الرئيس التنفيذي وبعض موظفي «شركة الخضري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المجلس استعرض أداء برامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)

«المجلس الاقتصادي» ينوّه بقدرة السعودية على مواجهة التحديات العالمية

نوّه «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» السعودي بقدرة البلاد على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي، في ظل التحسن الملحوظ بالقطاع غير النفطي والأنشطة الصناعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد  2.6 مليار ريال إجمالي التمويل المقدم لروّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة والناشئة (الشرق الأوسط)

«التنمية الاجتماعية» السعودي يتوسع تمويلياً بحجم إقراض 2.1 مليار دولار

تمكّن بنك التنمية الاجتماعية السعودي خلال العام الحالي من التوسع في التمويل وشمول شرائح متنوعة في القطاعات المختلفة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حاويات في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)

المناطق اللوجيستية تنتشر في السعودية تعزيزاً للحركة التجارية العالمية

أظهرت مؤشرات زيادة انتشار المناطق اللوجيستية في السعودية، ليصل إجمالي عدد المراكز القائمة في العام الماضي 22 مركزاً، مرتفعةً بنسبة 267 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)
المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)
TT

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)
المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)

قررت «لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية» السعودية قبول طلبين لتقييد دعويين جماعيتين مقدمتين من مستثمر ضد الرئيس التنفيذي وبعض موظفي شركة أبناء عبد الله بن عبد المحسن الخضري، حسبما أعلنت هيئة السوق المالية في بيان، الخميس.

جاء ذلك في قرارين للجنة، أفادا بأن طلبي تقييد الدعاوى الجماعية قدّما ضد الرئيس التنفيذي وبعض موظفي الشركة، الصادر بحقّهم قراران نهائيان من لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية، المعلن عنهما على موقع الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) و13 يونيو (حزيران) 2024.

وأضاف البيان أن المدعي طلب إلزام المدعى عليهم بتعويضه عن الخسائر المترتبة جراء عمليات الشراء التي قام بها في أسهم الشركة نتيجة المخالفات المرتكبة.

وأبانت الأمانة العامة أنه يحقّ لأي مشترٍ لسهم الشركة من تاريخ 16 فبراير (شباط) 2011 واحتفظ به حتى نهاية تداول يوم 12 فبراير 2019، والمشتري من 13 فبراير 2019 واحتفظ به لحين تعليق تداوله في الأول من أبريل (نيسان) 2019، التقدم إلى اللجنة بطلب الانضمام للدعويين خلال 90 يوماً من 26 ديسمبر (كانون الأول) 2024، استناداً للمادة «57» من لائحة إجراءات الفصل في منازعات الأوراق المالية.

ونوّه البيان أن تقديم الطلبات يكون عبر البوابة الإلكترونية للهيئة، وستدرسها اللجنة وفق الإجراءات النظامية.