عقد البرلمان اللبناني أمس جلستين، صباحاً ومساء، لمناقشة مشروع الموازنة العامة على وقع تحركات شعبية رفضاً لإقرارها، بدعوة من متقاعدي القوى المسلحة والمودعين والاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان. واجتمع نواب معظم الكتل في مداخلاتهم على انتقاد الموازنة وبنودها بانتظار ما ستنتهي عليه جلسات اليوم (الجمعة) الأخيرة خلال التصويت عليها.
وخلال تلاوته تقرير لجنة المال والموازنة في بداية جلسة مناقشة وإقرار مشروع موازنة عام 2022، قال رئيس اللجنة النائب في «التيار الوطني الحر»، إبراهيم كنعان إن «الرؤية الاقتصادية والاجتماعية تغيب عن الموازنة في ضوء ارتفاع معدل البطالة، وانخفاض نسبة النمو، وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية»... ولفت إلى أن «الموازنة تفتقر إلى الشمول المكرس دستورياً وقانونياً فلا القروض أدخلت فيها، ولا نفقات الهيئات والمؤسسات والمجالس التي تعمل لصالح الدولة أدخلت أيضاً إذ اقتصر ورودها في مشروع الموازنة على شكل مساهمة أدرجت في فصل مستقل».
ولفت كنعان إلى أن «الواردات المقدرة بأكثر من 39 ألف مليار ليرة لبنانية غير واقعية في ضوء حالة الانكماش التي يعاني الاقتصاد اللبناني منها منذ عدة سنوات، والانخفاض الهائل في سعر صرف العملة الوطنية». وأضاف: «إن السيناريوهات المعدة من وزارة المال لأسعار الصرف ما بين 12 ألفاً و16 ألفاً و20 ألفاً للدولار لن تؤمن الواردات المطلوبة ما يفقد الموازنة التوازن، لأن الواردات لا تكفي حتى لتغطية الرواتب والأجور والمنافع الاجتماعية وخدمة الدين».
وأشار إلى أن «الحكومة أجرت، بناءً على طلب لجنة المال، تخفيضاً على النفقات والإيرادات فأصبحت النفقات 37.834 مليار ليرة، أي بتخفيض مبلغ 9.49 مليار ليرة، وأصبحت الإيرادات 24.312 مليار ليرة في حال اعتماد سعر صرف يبلغ 12 ألف ليرة، و25.085 مليار ليرة في حال اعتماد سعر صرف يبلغ 14 ألف ليرة».
واعتبر كنعان أن «لجنة المال والموازنة، وانطلاقاً من مبدأ الاختيار ما بين السيئ والأسوأ، قد قررت نقل الواقع إلى الهيئة العامة، أي عدم البت بمشروع الموازنة لجهة النفقات والواردات وبعض مواد مشروع القانون ورفعه إلى الهيئة، لأن الأسوأ، أي عدم رفع المشروع إلى الهيئة وإتاحة المجال لها لاتخاذ القرار المناسب، كان سيؤدي إلى استمرار الإنفاق على أساس القاعدة الاثنتي عشرية».
وأشار إلى أن «اللجنة أعلنت في أكثر من مناسبة عن استعدادها لدرس مشاريع قوانين قطع الحساب فور ورودها من الحكومة». وسأل: «هل يعقل ألا تصدر أحكام ديوان المحاسبة حول الحسابات المالية؟ وفي ذلك مخالفة للمادة 87 من الدستور وأنا أتحفظ على عدم إحالة الحسابات وأعتبر ذلك مخالفة».
وأشار كنعان إلى أن «اللجنة تداولت بحل مؤقت إلى حين إعادة النظر بسلاسل الرتب والرواتب، يقضي بمضاعفة الرواتب ثلاث مرات، أي إعطاء الموظف ثلاثة رواتب حالية، لا يدخل منها في حساب معاشات التقاعد سوى الراتب الأساسي الحالي، إلا أن الحكومة تمسكت بالتدابير التي باشرت بتنفيذها، فعلقت اللجنة المادة المذكورة وتركت أمر البت بها للهيئة العامة، لأنها صاحبة السلطة والقرار».
وتحدث نائب رئيس البرلمان، إلياس بوصعب، قائلاً: «اليوم نعيش خطورة الأزمة المعيشية والاقتصادية، ونحن نتحمل المسؤولية، ومن الواضح أننا نماطل بالتصرف مع الأزمة، ولا نرى أي بلد في العالم يتصرف بالشكل الذي نتصرف به، سائلاً: من مسؤول عن الدين العام؟ هناك مُخطِط ومُنفِذ وهناك مُسهِل، متمنياً على المجلس النيابي عدم لعب دور المُسهِل».
وأشار إلى أننا نسمع دائماً الكلام نفسه «موازنة فاقدة للرؤية الاقتصادية ومبنية على الدين العام»، سائلاً: «هل هناك دولة في العالم تقدم موازنة عند نهاية السنة؟ وأكد أن المطلوب اليوم من مجلس النواب المحاسبة، وتوقيف العرقلة، ومقاطعة المجلس، وعدم القبول بتسويات على حساب المواطن.
من جانبه، أكد رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد أن «مشروع الموازنة يعكس الواقع المالي الذي تتخبط فيه البلاد وأرقام الموازنة تكشف عمق الأزمة الخانقة التي نعايشها»، واصفاً الموازنة بأنها «مجافية شكلاً للأصول المعتمدة». وأضاف: «ليس للحكومة ورئيسها ووزير ماليتها أن يتباهوا بإنجاز مشروع الموازنة كما ليس لنا أن نحملهم حصراً مسؤولية ما آلت إليه الأمور في بلادنا».
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل، النائب في «القوات اللبنانية» جورج عدوان أن «هذه الموازنة (شكلية) وكل الأوصاف المتبقية في غير محلها». وقال: «نحن نوهم الناس منذ عام أننا بصدد إقرار قوانين للاتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على بعض الأموال ونحن نعلم أنها قوانين شكلية تهدف إلى ذر الرماد في العيون».
وخارج قاعة البرلمان كانت أصوات المعتصمين تصدح رافضة ما يحاك داخله في ظل الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تدني قيمة الرواتب، وفي هذا الإطار، طالبت رابطة أساتذة التعليم المهني والثانوي الدولة اللبنانية تأمين أدنى مقومات العيش بكرامة للأساتذة، فيما قال العميد المتقاعد جورج نادر خلال الاعتصام: «الموازنة كلها ضرائب والعسكريون لا يستفيدون من رواتبهم ولا يحصلون على حقوقهم، سائلاً: هل المطلوب أن نسرق؟... نريد أن نعيش بكرامة».
البرلمان اللبناني يناقش الموازنة على وقع التحركات الشعبية
انتقادات لبنودها من قبل النواب قبل التصويت عليها اليوم
البرلمان اللبناني يناقش الموازنة على وقع التحركات الشعبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة