الناس أذواق، وللذواقة متطلباتهم الخاصة، البعض يبتعد عن المطاعم التابعة لفنادق، والبعض الآخر لا يكترث للموقع ولا يهمه إلا صيت الطاهي والمطعم بغض النظر عن المكان.
هذا التناقض ليس بالشيء الجديد، فهناك عدد كبير من المطاعم التي يشرف عليها أهم الطهاة يتفادون هذه المشكلة من خلال تأمين مدخل خاص للمطعم ليكون باستطاعة الزبائن الدخول إليه دون الحاجة إلى الولوج للبهو الرئيس في الفندق.
«ماركس» Marcus من بين المطاعم اللندنية الواقعة داخل فندق، تحديداً في فندق «ذا باركلي» بمنطقة بلغريفيا الراقية بوسط العاصمة (التي تقدم حالياً العديد من النشاطات السياحية لسكان المنطقة وزوارها)، ويعتمد على اسم الطاهي الرئيس فيه الشيف ماركس ويرينغ الحائز نجمة ميشلان للتميز، ويقدم الأطباق الأوروبية بطريقة تتناغم مع ديكوراته الكلاسيكية التي لا تزال جلية جداً على الرغم من عملية التجديد الذي خضع لها الفندق.
«ماركس» يفتح أبوابه فترة الغداء ويأخذ قسطاً من الراحة بعد الساعة الثانية والنصف بعد الظهر ليعود ويستأنف نشاطه فترة المساء.
عدد العاملين فيه ينافس عدد الزبائن، فالبعض يرى في ذلك أمراً جيداً؛ لأنه يضمن خدمة عالية، ولكن وبالوقت نفسه قد يرى البعض الآخر بأن «كثرة الندل تفسد الطبخة».
العاملون من جنسيات مختلفة، والحق يقال، إن كلاً منهم يتقن ما تقدمه لائحة الطعام، وهذا الشيء ليس بالأمر المفاجئ لأن المطعم حاصل على نجمة ميشلان، وللحصول على هذا المستوى من التميز لا بد أن يتحلى المطعم بخدمة رائعة.
جرّبنا الطعام في «ماركس» فترة الغداء، فهناك لائحة طعام تقدم لك فرصة تذوق الأطباق المتوفرة فترة النهار، وتوجد لائحة أخرى A La Carte تختار من بين أطباقها ما يروق لك من نكهات.
الشيف ماركس مع مساعده في مطبخه بفندق «ذا باركلي»
الطاولات بعيدة عن بعضها بعضاً، وهناك أرائك مصنوعة من الجلد على شكل بيضاوي، تجلس عليها وتشاهد حركة الندل التي لا تتثاءب، والإنارة جميلة وخافتة. وعبر باب واسع جداً في صدر المطعم ترى طاولة بيضاوية الشكل أنيقة جداً مجهزة لحفلات الغداء والعشاء الخاصة.
عربة كبيرة تحمل على متنها ألذ الأجبان الفرنسية والمحلية، أغطية الطاولات باللون الأبيض وسميكة جداً، تذكّرك بمطاعم فرنسا الراقية التي لا تزال محافظة على جذورها وأصالتها.
اخترنا لائحة طعام الغداء التي بدأت بما يعرف بالـAmuse Bouche لبدء مهرجان الطعام، وهذا الطبق كان عبارة عن قطعة من اللحم المقدد وفطيرة جبن صغيرة وقطعة هشة من الرايس كيك مع الخضراوات، وبعدها تشتم رائحة الخبز الطازج والساخن الذي يقدم مع قطعة من الزبدة المملحة، ويأتي دور الطبق الأول وكان عبارة عن سمك الترويت بصلصة لذيذة جداً، وبعدها جاء دور الطبق الرئيس وهو عبارة عن ثلاث قطع من الدجاج طُهيت كل منها بطريقة مختلفة، الطبق لذيذ جداً ولا يشبه طريقة طهي الدجاج التقليدي، وفيه قطعة من الدجاج ملفوفة بخبز مقرمش ذكّرتني نكهته بأكلة المسخن الفلسطينية ولكن من دون سماق. أما الحلوى فكانت عبارة عن كاسترد مع بوظة أو آيسكريم بنكهة العنب المجفف مع قطعتين من خبز محلى بالـRaisins، وفي حال لم تكن من عشاق الحلوى فيمكنك استبدالها بالأجبان التي يؤتى بها إلى الطاولة لتختار ما يروق لها من تشكيلتها الغنية.
يعمل الشيف ماركس ويرينغ في المطبخ إلى جانب الشيف كريغ جونستون والسو شيف جاك هايزل لخلق أطباق بريطانية بنَفَس فرنسي.
إذا كنت تحتفل بمناسبة خاصة فأنصحك بحجز طاولة الطاهي Chef’s table وهي تتسع لعشرة أشخاص ومنها تشاهد الحركة المستمرة في المطبخ المفتوح ويبلغ سعر العشاء المؤلف من ثلاثة أطباق 120 جنيهاً إسترلينياً وخمسة أطباق بسعر 140 جنيهاً إسترلينياً.
حلوى لذيذة بالكاسترد والآيس كريم
وإذا كنت تبحث عن أكل لذيذ وسعره مقبول أنصحك بالأكل فترة الغداء؛ لأنه أرخص ثمناً (60 جنيهاً إسترلينياً لثلاثة أطباق).
يشار إلى أن الشيف ويرينغ يتمتع باسم كبير في بريطانيا فهو حائز جوائز عدة، من بينها نجمة من دليل ميشلان وجائزة تاتلر لأفضل مطعم وطاهي العام من قِبل مجلة «جي كيو»، ويعمل في برامج تلفزيونية مخصصة للطهي على قنوات عدة، من بينها «ماستر شيف» على قناة «بي بي سي».
أطباق أوروبية من ابتكار الشيف ماركس ويرينغ
وإذا كنت من الباحثين عن الخصوصية التامة يمكنك حجز The Salon وهي غرفة خاصة تتسع لـ16 شخصاً، ومن الممكن إغلاق الباب الواسع بالكامل للمزيد من الخصوصية، وتقع الطاولة العملاقة على أرضية مرتفعة بعض الشيء عن أرض المطعم لتعطيها رونقاً خاصاً، وتتميز هذه الغرفة بنوافذ ضخمة مطلة على «كنيسة سانت بول» في نايتسبردج، الأسعار 50 جنيهاً للشخص الواحد للغداء و90 جنيهاً فترة العشاء.