«كهف روميل»... إطلالة مصرية على الحرب العالمية الثانية

الاحتفال بذكرى افتتاح متحف مقتنيات القائد الألماني الأبرز

مدخل المتحف
مدخل المتحف
TT

«كهف روميل»... إطلالة مصرية على الحرب العالمية الثانية

مدخل المتحف
مدخل المتحف

بالتزامن مع العيد القومي لمحافظة مطروح الحدودية، احتفلت مصر، الخميس، بذكرى تدشين متحف كهف روميل الذي يضم مقتنيات الجنرال الألماني إرفين روميل الملقب بـ«ثعلب الصحراء» وخرائط توثق طريقة إدارته للمعارك خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استخدم الكهف مقراً للقيادة.
المتحف عبارة عن كهف من أقدم الكهوف الطبيعية في بمحافظة مطروح، وقد استخدمه الجنرال الألماني مقراً لقيادة قواته خلال الحرب العالمية الثانية، ويقع في جوف ‏الجبل على شكل قوس عند ‏المنحدر الذي يطل على الشاطئ في جزيرة تحمل اسم «روميل» أمام الميناء الشرقي للمدينة، ويبعد عنها مسافة 2.5 كيلومتر.
‏يرجع تاريخ الكهف إلى العصر الروماني؛ واستُخدم مخزناً للقمح والشعير، والمياه، لتصديرها إلى ‏الولايات الرومانية، كما استخدم لإمداد السفن وتزويدها بالمؤن اللازمة لقربه من البحر.‏

جعل روميل الكهف مقراً له وقلعة ‏لإدارة القتال أثناء الحرب العالمية الثانية، وظل مهجوراً حتى ‏عام 1977 ميلادية، إلى أن بدأت المحافظة تحويله إلى متحف عقب قيام مانفيلد روميل (ابن الجنرال الألماني) بإهداء الحكومة المصرية مجموعة من متعلقات والده من أدوات حربية وخرائط للمواقع العسكرية خلال ‏الحرب العالمية الثانية، كما تم تزويد المتحف خلال افتتاحه عام 1991 ببعض الأسلحة الصغيرة من مقتنيات ‏الحرب ‏العالمية، والخريطة التفصيلية لمعركة «الغزالة». وبعد سنوات من الإغلاق، أعيد افتتاح ‏المتحف للجمهور في 25 أغسطس (آب) 2017 بعد عمليات ترميم.
يشكل المتحف إطلالة مصرية على الحرب العالمية الثانية من خلال مقتنياته النادرة. ومن أبرز مقتنياته؛ المعطف الجلدي ‏الشهير، والمنظار، الخاصّان بالقائد الألماني، إلى جانب البوصلة، وملابس عسكرية خاصة به، وخرائطه التي ‏تحوي ملاحظات روميل بخط يده، فضلاً عن مجموعات من الأسلحة.

وقال شريف سعيد، المدير العام للمتاحف التاريخية في وزارة السياحة والآثار لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتحف يحمل قيمة تاريخية كبيرة إلى جانب قيمته الأثرية؛ لأنه يمثل توثيقاً للحرب العالمية الثانية التي شكلت نقطة تحول للعالم كله من خلال المقتنيات الخاصة بالجنرال الألماني روميل، ما يبرز تفاصيل فنية وعسكرية لمسار الحرب، خاصة الوثائق والخرائط وما تتضمنه من ملاحظات كتبها بخط يده».
ويتزامن الاحتفاء بالمتحف مع احتفال محافظة مطروح بعيدها القومي الذي يوافق 24 أغسطس من كل عام، وهي ذكرى معركة وادي ماجد بين قبائل مطروح والجيش الإنجليزي عام 1915 ميلادية، وتقع محافظة مطروح في أقصى الشمال الغربي لمصر، وتشتهر بالسياحة البيئية؛ حيث تضم كثيراً من المواقع البيئية المتميزة، مثل محمية أم الغزلان، ومحمية العميد، ومحمية سيوة، التي تضم كثيراً من النباتات والحيوانات والطيور النادرة، كما تضم أيضاً كثيراً من المنتجعات السياحة العلاجية بسبب مناخها الجاف ورمالها الساخنة التي تعالج كثيراً من الأمراض الروماتيزمية وآلام المفاصل والعمود الفقري، كذلك المياه الكبريتية التي تعالج الأمراض الجلدية.


مقالات ذات صلة

احتفاء بحاتم الطائي في حائل

يوميات الشرق احتفاء بحاتم الطائي في حائل

احتفاء بحاتم الطائي في حائل

تنظم وزارة الثقافة السعودية، في مدينة حائل الواقعة شمال البلاد، يوم الجمعة المقبل، مهرجاناً تحت شعار «في ضيافة الطائي»، وذلك احتفاء بابن المدينة الذي أصبح مثالاً للكرم بين العرب، وأحد أبرز شعرائهم على مدار التاريخ. وتحتفل الوزارة بشخصية حاتم الطائي، وقِيمه الحميدة، وأعماله الخالدة في ذاكرة الشعر العربي، ومكانته الثقافية.

يوميات الشرق سقوط أمطار داخل بهو المتحف الكبير يثير جدلاً في مصر

سقوط أمطار داخل بهو المتحف الكبير يثير جدلاً في مصر

قللت وزارة السياحة والآثار المصرية من خطورة سقوط أمطار داخل بهو المتحف الكبير بميدان الرماية، (غرب القاهرة)، وذلك بعد ساعات من الجدل الذي واكب تداول صور ومقاطع مصورة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لسقوط مياه أمطار على تمثال الملك رمسيس الثاني داخل البهو. ونفت الوزارة، في بيان لها، على لسان اللواء عاطف مفتاح، المشرف على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة به «وجود خطورة من سقوط هذه الأمطار»، مشيراً إلى «أن تمثال رمسيس الثاني لم ولن يتأثر بمياه الأمطار، وأن المتحف وجميع فراغاته في أفضل حالة من الحفظ». وأوضح أن سقوط الأمطار أمر طبيعي ومتوقع ومدروس في أثناء تصميم وتنفيذ المتحف ولا يُمثل أي

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق 3 أنصاب جنائزية في حائل والحِجر السعوديتين

3 أنصاب جنائزية في حائل والحِجر السعوديتين

خرجت من أراضي المملكة العربية السعودية عدد كبير من المنحوتات تشهد لتطوّر هذا التعبير الفني خلال مراحل زمنية متلاحقة. تعود أقدم هذه المنحوتات إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، وهي من الطراز الجنائزي، وأهمّها نصبان يتميّزان بملامحهما الآدمية مصدرهما قرية الكهفة في منطقة حائل، ونصب ثالث مشابه لهما، مصدره منطقة الحِجر في محافظة العلا. تقع منطقة حائل في شمال نجد، في منتصف الجزء الشمالي الغربي من المملكة، وتُعدّ من أقدم مناطق الاستيطان في شبه الجزيرة العربية. وتقع قرية الكهفة في القسم الشرقي من هذه المنطقة.

يوميات الشرق هيكل لأكبر الديناصورات في متحف التاريخ الطبيعي بلندن

هيكل لأكبر الديناصورات في متحف التاريخ الطبيعي بلندن

يُعرض في لندن بدءاً من اليوم الجمعة هيكل عظمي لأحد أكبر الديناصورات، في أوّل معرض مماثل في أوروبا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وكان هذا الحيوان يعيش قبل نحو مائة مليون سنة في باتاغونيا ويأكل 130 كيلوغراماً من النباتات يومياً. ويُعرَض الهيكل الذي ينتمي إلى عائلة التيتانوصورات والمُسمى «تيتان باتاغونيا» في صالة عرض متحف التاريخ الطبيعي في لندن. وأكد الباحثون أنّه لو كان بوضعية مستقيمة لكان حجمه مماثلاً لمبنى مؤلّف من 5 طوابق. ويشكل الهيكل العظمي البالغ ارتفاعه 37.2 متر نسخة طبق الأصل لأحد التيتانوصورات الستة التي عُثر عليها بعدما اكتشف مزارع أرجنتيني عظمة ضخمة بارزة من الأرض في عام 2010.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم هيكل عظمي لأكبر الديناصورات يُعرض في لندن

هيكل عظمي لأكبر الديناصورات يُعرض في لندن

يُعرض في لندن بدءاً من الجمعة هيكل عظمي جرى صبّه لأحد أكبر الديناصورات على الإطلاق، في أوّل معرض لهيكل عظمي مماثل في أوروبا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وكان هذا الحيوان يعيش قبل نحو مائة مليون سنة في باتاغونيا ويأكل 130 كيلوغراماً من النباتات يومياً. ويُعرَض الهيكل العظمي للحيوان، الذي ينتمي إلى عائلة التيتانوصورات والمُسمى «تيتان باتاغونيا» في صالة عرض متحف التاريخ الطبيعي في لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
TT

إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)

أعلن تحالف بحثي أوروبي، تقوده جامعة غراتس للتكنولوجيا في النمسا، عن مسار مبتكر لإنتاج وقود طيران مستدام من مخلفات إنتاج ومعالجة الطماطم.

وأوضح الباحثون أن هذه الخطوة تُعد واعدة لتقليل انبعاثات الكربون في أحد أكثر القطاعات صعوبة في التحول إلى الطاقة النظيفة، وفق النتائج المنشورة، الخميس، على موقع جامعة غراتس للتكنولوجيا.

وتُعد الطماطم ثاني أكثر الخضراوات استهلاكاً في العالم بعد البطاطس، في حين يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاجها، بإجمالي حصاد يبلغ نحو 17 مليون طن سنوياً. إلا أن هذا الإنتاج يخلّف كميات ضخمة من الكتلة الحيوية المتبقية، غالباً ما يتم حرقها أو التخلص منها بتكاليف مرتفعة.

ويحمل المشروع البحثي اسم (ToFuel)، ويسعى إلى تطوير مفهوم مبتكر لمصفاة حيوية متكاملة تستغل مخلفات الطماطم، مثل الأوراق والسيقان والبذور والقشور والثمار غير الناضجة أو التالفة، لإنتاج وقود طيران مستدام، إلى جانب أسمدة وأعلاف حيوانية وزيوت غذائية. ويهدف فريق البحث لبناء عملية خالية من النفايات ومحايدة مناخياً، مع ضمان جدواها الاقتصادية.

ويعتمد المشروع على تقنيتين رئيسيتين لمعالجة الكتلة الحيوية. الأولى تركز على معالجة المخلفات بالحرارة والضغط ثم تُفكك خلاياها بشكل مفاجئ، ما يجعلها مناسبة لعمليات التخمر التي تُنتج دهوناً (ليبيدات) تُحوَّل لاحقاً إلى وقود طيران. أما التقنية الثانية فتحوّل الكتلة الحيوية تحت ضغط وحرارة مرتفعين إلى زيت حيوي وفحم حيوي.

وقبل تحويل الزيت الحيوي إلى وقود، تتم تنقيته من الشوائب؛ خصوصاً المركبات المحتوية على النيتروجين، لضمان جودة الوقود النهائي. وتشارك في تطوير هذه العمليات مؤسسات بحثية من البرتغال وكرواتيا والنمسا في تعاون وثيق. ثم تُحوَّل الدهون والزيوت الحيوية باستخدام تقنية مبتكرة ومعتمدة عالمياً لإنتاج وقود الطيران المستدام.

وأكدت مديرة المشروع، مارلين كينبرغر، أن الهدف لا يقتصر على الابتكار العلمي، بل يشمل تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية، مشيرة إلى أن وقود الطيران المستدام «يجب أن يكون منافساً من حيث التكلفة ليتم اعتماده على نطاق واسع». كما أظهرت التحليلات البيئية أن العملية المقترحة تقترب من مفهوم «صفر نفايات»، مع إمكانية تحقيق حياد مناخي.

وينطلق المشروع رسمياً في 1 يناير (كانون الثاني) 2026، بمشاركة 11 شريكاً من 7 دول أوروبية، من بينها جامعات ومراكز بحثية مرموقة مثل جامعة زغرب، وجامعة فيينا للتكنولوجيا، وجامعة لابينرانتا الفنلندية، ومعهد فراونهوفر الألماني. كما يشارك شركاء صناعيون لتوفير مخلفات الطماطم وخبراتهم الصناعية.

ويبلغ إجمالي ميزانية المشروع 3.5 مليون يورو على مدى 4 سنوات، يحصل من بينها منسق المشروع، جامعة غراتس للتكنولوجيا، على مليون يورو. كما يشمل المشروع تدريب طلاب دكتوراه وماجستير وبكالوريوس، إلى جانب إعداد استراتيجية شاملة للتسويق والنشر العلمي.

ويعتبر الباحثون أن المشروع يمثل خطوة عملية نحو تحويل النفايات الزراعية إلى مصدر طاقة نظيف، مع خلق فرص اقتصادية جديدة لصناعة الأغذية ودعم التحول الأخضر في قطاع الطيران الأوروبي.


«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
TT

«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)
واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)

لا يقدم فيلم «فلسطيني على الطريق» عملاً وثائقياً تقليدياً عن مكان أو مسار، بل ينطلق من تجربة إنسانية تمثلت في لحظة فقدٍ قاسية، لتتحول تدريجياً إلى رحلة بصرية عن الفلسطيني المعاصر، وحركته المقيدة داخل جغرافيته، وعلاقته بالذاكرة والمكان.

يبدأ الفيلم من موقف شخصي للمخرج إسماعيل الهباش، لكنه لا يبقى حبيس الموقف، بل ينفتح على واقع جماعي يفرض نفسه مع كل خطوة على الطريق، ليوثق واقعاً صعباً يعيشه الفلسطينيون داخل أراضيهم المحتلة. الفيلم حصد جائزة «المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب» مناصفة ضمن فعاليات الدورة 16 من «مهرجان كرامة... سينما الإنسان» بالأردن، التي عقدت في الفترة من 9 إلى 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

يقول الهباش لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة الفيلم وُلدت من ظرف شخصي شديد الصعوبة، حين فقد زوجته بعد رحلة علاج شاقة، وهي تجربة تركت أثراً عميقاً عليه نفسياً وإنسانياً، ومع غياب أي إمكانية حقيقية للتعافي السريع، بدأ البحث عن وسيلة لفهم ما حدث، وعن مساحة للتفكير والمواجهة الهادئة مع الفقد، من هنا، جاءت فكرة الرحلة، لا باعتبارها هروباً، بل كفعل مواجهة وتأمل.

اختار المخرج أن تكون الرحلة داخل فلسطين، عبر مسار يمر بعدد من المدن والبلدات والقرى والمخيمات، «في محاولة لاختبار معنى الحركة داخل وطن مجزأ، تحكمه الحواجز والقيود، لم يكن الهدف توثيق الطريق بقدر ما كان اختبار ما يفرضه هذا الطريق من أسئلة عن الخسارة، والانقطاع، واستمرار الحياة رغم كل شيء»، كما يقول.

يظهر إسماعيل الهباش بنفسه في الفيلم، لا بوصفه بطلاً، بل شاهداً على التجربة. حضوره أمام الكاميرا جزء من صدق العمل، ومحاولة لكسر المسافة بين المخرج وموضوعه، فالفيلم، كما يوضح، لم يُصنع من موقع المراقبة، بل من داخل التجربة نفسها.

الهباش حاملاً الجائزة في الأردن (مهرجان كرامة)

وعن التحديات التي واجهها خلال التصوير، يشير الهباش إلى أن العمل داخل فلسطين يظل محفوفاً بالصعوبات، سواء على المستوى اللوجيستي أو الأمني، فالحواجز الإسرائيلية شكّلت عائقاً دائماً أمام حركة الفريق، وكانت هناك مناطق لا يمكن دخولها إلا بتصاريح خاصة، ولم يكن الحصول عليها أمراً سهلاً، في بعض الحالات، اضطر الفريق إلى الوصول إلى أماكن معينة من دون تصاريح، وهو ما جعل التصوير محفوفاً بالمخاطر.

ويضيف أن «المشروع كان من المفترض أن يُنفذ بمشاركة فريق أجنبي، لكن التدخلات الرسمية حالت دون استمرارهم للخوف على سلامتهم». هذه الظروف، حسب الهباش، «ليست استثناءً، بل تُعد جزءاً من واقع الفيلم الفلسطيني المصنوع في الداخل، حيث تؤثر القيود السياسية والأمنية بشكل مباشر على الميزانيات، وعلى حجم الفرق، وعلى آليات الإنتاج».

يُقارن الهباش بين الأفلام الفلسطينية التي تُنتج داخل فلسطين، وتلك التي تُنجز بتمويل خارجي أو في المنفى، مشيراً إلى أن اختلاف الظروف ينعكس بالضرورة على الإمكانيات؛ «فالفيلم المحلي يظل أكثر هشاشة من حيث الموارد، لكنه في الوقت نفسه أكثر التصاقاً بالواقع اليومي»، على حد تعبيره.

قدم المخرج توثيق معاناة يعيشها الفلسطينيون (الشركة المنتجة)

استغرق إنجاز الفيلم قرابة عامين ونصف العام، بدءاً من بلورة الفكرة وكتابتها، مروراً بالبحث عن التمويل، وصولاً إلى مرحلة التصوير، وخلال هذه الفترة، صُوّر نحو أربعين ساعة من المواد، خلال ما يقارب عشرين يوم تصوير.

ويشير الهباش إلى أن أصعب مراحل التصوير كانت داخل القدس، «حيث تكررت محاولات الحصول على تصاريح من دون جدوى، واضطر الفريق إلى تغيير خطط ومواعيد أكثر من مرة، كما أن الحركة داخل المدينة كانت مراقبة باستمرار، مما جعل التصوير مهمة معقدة، سواء من حيث السلامة أو من حيث حرية العمل، إضافة إلى ذلك، شكّلت زيارة بعض البيوت الفلسطينية التي يسكنها إسرائيليون حالياً خطراً حقيقياً؛ إذ كانت ردود الفعل في بعض الأحيان عدائية، وهو ما فرض حذراً دائماً أثناء التصوير»، كما يقول.

الفيلم الذي بدأ رحلته من مهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الماضية ووصل إلى الأردن يأمل مخرجه في مشاركته بعدد أكبر من المهرجانات السينمائية خلال الفترة المقبلة بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.


السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)
TT

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

حضرت السينما وصناعتها بشكل لافت في معرض جدة للكتاب، إذ لم يعد هذا الحدث مجرّد مساحة للعرض والاقتناء، بل بلغ مرحلة نضجه الثقافي، حين تحوَّل إلى منصة تلتقي فيها الحكاية الورقية بالصورة، ويمدّ فيها الأدب يده إلى مختلف مسارات الحياة، بما فيها السينما، من دون حواجز داخل أروقة معرض هذا العام.

فيلم «نورة» حاضر في معرض جدة الثقافي (الشرق الأوسط)

ولم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة، وأيّ القصص تمتلك ما يكفي من العمق لتغادر الصفحة إلى الضوء. ويبدو أنّ المعرض أشبع شهية الباحثين عن الصناعة أو المتعة، من خلال ما يُعرض داخل صالاته من أفلام سعودية خالصة.

وضمن هذا السياق، شهد معرض جدة للكتاب 2025 توقيع اتفاقية بين المخرج والمنتج أسامة الخريجي، والروائي سالم الصقور، لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى عمل سينمائي، في خطوة تعكس اتساع اهتمام المنتجين والمخرجين بالاشتغال على السرد الأدبي السعودي، والبحث عن نصوص قادرة على العبور إلى لغة الصورة.

جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

وتأتي هذه الاتفاقية ضمن توجّه أوسع يشهده المعرض هذا العام، يقوم على تعزيز التكامل بين الأدب والسينما، وتقديم السرد المحلّي عبر وسائط متعدّدة، بما يواكب التحوّلات التي يشهدها المشهد الثقافي والفنّي في المملكة، ويعكس نضج العلاقة بين الكاتب وصانع الصورة، وذلك في إطار سعي هيئة الأدب والنشر والترجمة إلى دعم الأفلام السعودية بأشكال مختلفة.

ومن المُنتظر أن يخضع المشروع خلال المرحلة المقبلة لعمليات التطوير والمعالجة والكتابة السينمائية، تمهيداً للانتقال إلى مراحل الإنتاج اللاحقة.

وقال الروائي سالم الصقور لـ«الشرق الأوسط» إنّ روايته «القبيلة التي تضحك ليلاً»، الصادرة مطلع عام 2024، تُمثّل تجربته الروائية الأولى، مشيراً إلى أنّ وصولها إلى السينما جاء عبر مسار لم يكن مُخطَّطاً له مسبقاً، بل تشكَّل نتيجة تقاطع الاهتمام والقراءة الجادّة للنص.

وأوضح أنّ المخرج والمنتج أسامة الخريجي اطّلع على الرواية قبل نحو 8 أشهر، من دون معرفة شخصية سابقة بين الطرفين، وأنه تواصل معه بعد قراءة العمل، وبدأت منذ ذلك الحين سلسلة من اللقاءات والنقاشات حول إمكان تحويل الرواية إلى فيلم، انتهت بتوقيع الاتفاقية أخيراً في معرض جدة للكتاب.

ندوة حول السينما وتأثيرها (الشرق الأوسط)

وبيَّن الصقور أنّ الرواية تدور أحداثها في يوم واحد فقط، تبدأ في مستشفى، حيث ينتظر بطل العمل مولوده الأول بعد 15 عاماً من محاولات الإنجاب، ليواجه صدمة ولادة طفل يعاني مشكلات صحية حرجة تتعلَّق بعدم اكتمال نمو بعض أعضائه. وخلال 24 ساعة، يخوض الأب صراعاً إنسانياً لإنقاذ ابنه، بينما تستعيد الرواية، عبر تقنية الاسترجاع، سنوات الانتظار الطويلة وما رافقها من ضغوط اجتماعية داخل مجتمع قبلي يتدخّل في خصوصيات الأفراد وحيواتهم الشخصية.

وأشار إلى أنّ تجربته مع السينما كانت محدودة، بوصفه مشاهداً فقط، مؤكداً أنّ النقاشات مع الخريجي أسهمت في توضيح آليات التحويل السينمائي، ومنها مفهوم «التحويل الحرّ»، الذي يتيح إعادة بناء العمل بصرياً من خلال إضافة أو حذف شخصيات وأحداث، مع الحفاظ على جوهر النصّ وروحه الإنسانية.

ندوة ناقشت الموسيقى التصويرية في معرض جدة للكتاب (الشرق الأوسط)

وأضاف أنّ ما طمأنه للمُضي في هذه التجربة هو وعي المخرج بالنصّ، وقدرته على التعامل معه على مستويات متعدّدة، مشيراً إلى أنّ الفهم العميق للرواية شكَّل عنصر الثقة الأساس في تحويلها إلى عمل سينمائي. وأكّد أن الجدول الزمني للمشروع بدأ مع توقيع الاتفاق الذي ينصّ على معالجة الرواية سينمائياً، إيذاناً بدخولها حيّز التنفيذ خلال المرحلة المقبلة.

منطقة مخصَّصة للأطفال تضم أكثر من 40 فعالية متنوّعة تُعزّز حبّ القراءة (الشرق الأوسط)

ولا يزال البحث جارياً عن أعمال يمكن تحويلها إلى أفلام سينمائية، وقد يشهد المعرض في أيامه الأخيرة الإعلان عن مزيد من الاتفاقات المشابهة، لا سيما أنّ نسخته الحالية ركّزت بشكل كبير على هذا الجانب في دعم الكتّاب السعوديين؛ إذ شهد مناقشات متعدّدة حول السينما وآليات التعامل معها، من بينها ندوات ناقشت توليد الأفكار الإبداعية في السينما، ومنها فعالية «استلهام الأفكار الإبداعية في السينما»، التي نظّمتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتحدَّث فيها الدكتور مسفر الموسى، مُتناولاً مسار الفكرة من هاجس فردي إلى مشروع سينمائي متكامل، ودور البيئة الثقافية في احتضان الاختلاف وتشجيع التفكير الخلّاق.

وأشار الموسى إلى التحوّل الذي شهدته صناعة السينما في المملكة، من الجهد الفردي إلى العمل المؤسّسي، خصوصاً بعد إنشاء هيئة الأفلام عام 2018، موضحاً أنها تستهدف إنتاج 100 فيلم سينمائي طويل بحلول عام 2030، بما يُسهم في ترسيخ حضور السينما السعودية إقليمياً وعالمياً. كما تطرَّق إلى محدودية النصوص السينمائية المُستَمدّة من المنجز الروائي المحلّي، مشيراً إلى أنّ بعض الروائيين لا يزالون مُتحفّظين إزاء تحويل أعمالهم إلى أفلام.

حظيت دور النشر المُشاركة باهتمام لافت من الزائرين (الشرق الأوسط)

وفي امتداد لهذا التداخل بين الأدب والسينما، شهد المعرض عرض الفيلم السعودي «نورة» ضمن برنامجه السينمائي، بالتعاون بين هيئة الأدب والنشر والترجمة وهيئة الأفلام. وهو يأتي بوصفه عملاً روائياً طويلاً يشتغل على الحكاية الإنسانية بهدوء وتأمّل، بعيداً عن المباشرة؛ من كتابة توفيق الزايدي وإخراجه، وبطولة يعقوب الفرحان، وماريا بحراوي، وعبد الله السدحان.

يواصل المعرض استقبال زوّاره وتقديم برامجه الثقافية والمعرفية المتنوّعة (الشرق الأوسط)

ومع هذه الاتفاقات والحضور اللافت، يخرج معرض جدة للكتاب هذا العام من إطار الحدث الثقافي التقليدي، ليُقدّم نفسه مساحة تفاعلية نضجت فيها العلاقة بين الأدب والسينما، وبين الكاتب والمتلقّي، وبدأت الأفكار المطروحة تتحوَّل إلى شراكات فعلية تؤكّد أنّ الحكاية السعودية باتت قادرة على أن تُقرأ... وتُشاهَد.