خلافات بين الحوثيين و«المتحوثين» في الحديدة

مئات السكان يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المحتجزين في سجون خاصة

مسلح موال للحوثيين يحرس أمام مقر إقامة قيادي حوثي تضرر بفعل غارات التحالف في صنعاء (ا.ب)
مسلح موال للحوثيين يحرس أمام مقر إقامة قيادي حوثي تضرر بفعل غارات التحالف في صنعاء (ا.ب)
TT

خلافات بين الحوثيين و«المتحوثين» في الحديدة

مسلح موال للحوثيين يحرس أمام مقر إقامة قيادي حوثي تضرر بفعل غارات التحالف في صنعاء (ا.ب)
مسلح موال للحوثيين يحرس أمام مقر إقامة قيادي حوثي تضرر بفعل غارات التحالف في صنعاء (ا.ب)

شهدت مديرية الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة في غرب اليمن، أمس، اشتباكات بين مسلحين حوثيين من محافظة صعدة وذمار، وآخرين موالين لجماعة الحوثي من أبناء تهامة، بسبب خلافات مالية، حسبما أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط». وترددت أنباء عن سقوط جرحى حوثيين إصابة أحدهم خطرة، عن بروز الخلافات بشكل علني بين المسلحين الحوثيين القادمين من خارج تهامة و«المتحوثين» من أبناء المنطقة.
أما مدينة الحديدة، فشهدت أمس، بعد صلاة الجمعة، وقفة احتجاجية شارك فيها المئات من أبناء الحديدة، مطالبين بالإفراج الفوري والسريع عن كل المختطفين لدى جماعة الحوثي المسلحة بمحافظة الحديدة، الذين يعيشون، حسبما قال أهالي بعض المعتقلين لـ«الشرق الأوسط»، ظروف اعتقال قاسية، ومنهم من يعاني المرض الشديد وحياته معرضة للموت داخل السجون الخاصة التابعة لجماعة الحوثي.
وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، محافظ المحافظة اللواء حسن أحمد الهيج، الذي عينته الجماعة محافظًا بدلاً عن السابق صخر الوجيه الذي رفض تنفيذ مطالبهم في المحافظة، وضع حد للمعاناة التي يعانيها المواطنون في تهامة في ظل انقطاع التيار الكهربائي وصمت كل الجهات إزاء العقاب الجماعي الذي تفرضه جماعة الحوثي المسلحة تجاه أبناء تهامة، وما تمارسه من قتل للمواطنين رجالا ونساء عند محطات الوقود، ومن تشتبه بانتمائه للمقاومة التهامية الشعبية، وتمنع دخول المرضى إلى المستشفيات الحكومية وتحصرها على مرضاها وجرحاها. كما نفذ أبناء مديرية السخنة والزرانيق والجاح بمحافظة الحديدة، وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة احتجاجًا على انعدام الوقود والمواد الغذائية وانتشار الأوبئة في ظل تدهور للخدمات العامة واستمرار المسلحين الحوثي في نهب الحقوق الخاصة والعامة، داعين لخروج المسلحين الحوثيين من تهامة وإطلاق المختطفين وتوفير الوقود والغذاء للمواطنين.
وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسلحين الحوثيين اقتحموا جامع الرحمة في شارع جازان بمدينة الحديدة عقب صلاة الجمعة، وحاصروا المسجد واعتقلوا إمام الجامع هاني العفيفي». وفي ظل استمرار جماعة الحوثي المسلحة بمحافظة الحديدة وبقية المحافظات، اقتحموا منازل المواطنين والوجهاء والضباط المناوئين لهم والمؤيدين لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ومن يطالب بخروجهم من إقليم تهامة والناشطين والإعلاميين.
وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسلحين الحوثيين أقدموا، ورافقهم آخرون من جماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في مديرية حيس، على اقتحام منزل الضابط إبراهيم أبو الحياء، المعارض لهم، بقرية الظمي وترويع النساء والأطفال ممن كانوا في المنزل، كما تم الاعتداء بالضرب المبرح على أحد الجيران الموجودين عند الاقتحام عندما أنكر معرفته بأبو الحياء خوفًا منهم».
وأكد مقرب من المقاومة التهامية الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، وفاة سائق مجموعة مرتبطة بالرئيس المخلوع علي صالح في الحديدة، يدعى أمين عبد الملك إسحاق، متأثرًا بجروحه التي أصيب بها إثر إلقاء قنبلة يدوية من قبل مسلحي المقاومة الشعبية التهامية على الطاقم بشارع الكورنيش بالقرب من قلعة الكورنيش التاريخية على الخط الساحلي. وقال: «اختطفت جماعة الحوثي شيخ السلفيين في مديرية الجراحي، الشيخ عمر إبراهيم حيمر، وأحد مرافقيه، ويدعى عبده محمد، بعد إصابته بطلق ناري أثناء اختطافهما وإطلاق الرصاص عليهما من قبل ميليشيات الحوثي قبل أيام من اختطافهما من قرية المساحيب بالجراحي بمحافظة الحديدة واقتادهما المسلحون الحوثيون إلى جهة مجهولة». وأضاف: «تمكنت المقاومة الشعبية من استهداف تجمع للمسلحين الحوثيين بقذيفة صاروخية في نقطة خارج مديرية عبس على طريق المحابشة، محافظة حجة، وأسفر الهجوم عن قتلى وجرحى من الحوثيين».
وفي السياق نفسه، حمّلت أسرة الشيخ عبد الملك الحطامي، الحوثيين مسؤولية حياته بعد تدهور حالته الصحية. وقالت أسرة الشيخ عبد الملك، المختطف من قبل المسلحين الحوثيين منذ ثلاثة أشهر من داخل جامع عثمان بمدينة الحديدة وغيبته في سجونها الخاصة، إنه «رغم إصابة الشيخ بأمراض عدة وسبق أن أسعف للعناية المركزة من داخل سجنه، فإنه تم نزع أجهزة الأكسجين وأجهزة العناية من جسده قبل شهر حين كان في أحد المستشفيات الخاصة وتحت حراسة مشددة من ميليشيات الحوثي، وإنه يعيش في ظروف مأساوية داخل سجون الحوثي، وفد بدا عليه آثار الإنهاك بسبب الضغط والسكر الذي يعاني منه وإن حالته تدهورت، خصوصًا أن ميليشيات الحوثي أخذته من المستشفى قبل استكمال علاجه».
وناشدت زوجة الشيخ عبد الملك الحطامي المنظمات الحقوقية وكل من له ضمير إنساني بسرعة التدخل لإنقاذ زوجها من الموت، محمِّلة جماعة الحوثي مسؤولية حياته وصحته، مؤكدة أن زوجها اختطف بتهمة الحرية ولشجاعته بالصدع في الحق ورفض الانقلاب ودفاعًا عن اليمن والحرية والديمقراطية والشرعية، وأن تهمته الوحيدة كونه أحد خطباء ساحة التغيير.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».