أوكرانيا تعلن جاهزيتها لمواجهة العقيدة البحرية الروسية الجديدة

ممثلها في الشرق الأوسط وأفريقيا لـ«الشرق الأوسط»: خسائر القطاع الزراعي تجاوزت 20 مليار دولار

مكسيم صبح ممثل أوكرانيا بالشرق الأوسط وأفريقيا (الشرق الأوسط)
مكسيم صبح ممثل أوكرانيا بالشرق الأوسط وأفريقيا (الشرق الأوسط)
TT

أوكرانيا تعلن جاهزيتها لمواجهة العقيدة البحرية الروسية الجديدة

مكسيم صبح ممثل أوكرانيا بالشرق الأوسط وأفريقيا (الشرق الأوسط)
مكسيم صبح ممثل أوكرانيا بالشرق الأوسط وأفريقيا (الشرق الأوسط)

بينما صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عقيدة بحرية جديدة، أعلن مسؤول أوكراني جهوزية بلاده لمواجهة هذه العقيدة، و«تحطيم أي إنزال بحري كبير»، مرجحاً استراتيجية أوروبية تحسن هياكل الأركان البحرية وتعزز مواجهة التهديدات؛ مشيراً إلى أن الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد للخروج من الحرب.
وقال مكسيم صبح، الممثل الخاص لأوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: «عززنا قدراتنا الدفاعية البحرية، ودمرنا 15 سفينة روسية، وحررنا جزيرة إسنيك الاستراتيجية. ولم تتمكن روسيا من إطلاق عملية إنزال بحري واسعة النطاق، رغم هيمنتها في حوض البحر الأسود». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن روسيا دمرت 129 موقعاً تراثياً، و149 مبنى دينياً.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1558799347629936640
وتوقع صبح أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا بمقدار الثلث في عام 2022، مقدّراً الضرر المباشر للبنية التحتية بنحو 100 مليار دولار. وبيَّن أن روسيا تحتل 21 في المائة من بلاده، كانت تنتج ما يعادل 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
إلى ذلك، قال المسؤول إن ثلث الأوكرانيين غادروا منازلهم في «أكبر أزمة هجرة في العالم، والأسوأ في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية»؛ حيث نزح 8 ملايين أوكرانياً، مع لجوء 6 ملايين في أوروبا.
- خسائر مليارية
على صعيد آخر، كشف صبح أن هناك 20 مليون طن من الحبوب من حصاد عام 2021 ما زالت بانتظار تصديرها، مبيّناً أن روسيا دمرت 94 منشأة تخزين وآلاف الهكتارات من المحاصيل والمزارع ومخزونات الأغذية والبذور والصوامع ومخازن الوقود والآلات والمعدات الزراعية، مكبّدة القطاع الزراعي الأوكراني خسائر تقدر بنحو 20 مليار دولار.
وأضاف: «وفق تقارير موثوقة، فإن القوات الروسية نهبت حوالي 650 ألف طن من محاصيل الحبوب في الأراضي المحتلة، في مناطق لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، بينما السفن التي ترفع العلم الروسي تنقل الحبوب المسروقة من أوكرانيا إلى كل من سوريا وتركيا ولبنان بشكل رئيسي».
ووفق صبح، فإن أوكرانيا تبذل قصارى جهدها لتجاوز الحصار العسكري الروسي لموانيها المطلة على البحر الأسود، وإرسال صادرات الحبوب، وزيادة الطاقات التصديرية للممرات البرية الأوروبية، مشدداً على ضرورة ممارسة الضغط الدبلوماسي على روسيا «لوقف سياسة الترهيب والتجويع». وقال صبح: «في العام الماضي، حصدت أوكرانيا حوالي 84 مليون طن من الحبوب والبقوليات، و22.6 مليون طن من الأصناف الزيتية. تقدر وزارة الزراعة أن الحصاد الإجمالي للحبوب والبقوليات والزيوت في أوكرانيا في عام 2022 سيتراوح بين 65 و67 مليون طن فقط، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 40 في المائة عن العام الماضي؛ حيث تم فقدان 20 في المائة من المساحات المزروعة هذا العام بسبب احتلال الأراضي، أو نتيجة للأعمال القتالية».
وتابع: «يتم الآن تحميل سفن جديدة تمهيداً لمغادرتها؛ لكننا نخشى هجوماً صاروخياً على منشآت ميناء أوديسا. تشكل صادرات بلادنا أكثر من 10 في المائة من إجمالي القمح، و14 في المائة من إجمالي الذرة، و47 في المائة من إجمالي زيت عباد الشمس على مستوى العالم. ويستحيل توفير ذلك حتى في غضون 3 إلى 5 سنوات مقبلة، فهناك أكثر من 400 مليون نسمة في العالم يعتمدون على إمدادات الحبوب من أوكرانيا».
- العلاقات العربية
وقال صبح إن الحرب أثّرت بشكل سلبي على ديناميكيات علاقات أوكرانيا مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجعلتها في وضع إدارة الأزمات؛ حيث تم تعليق معظم مبادرات وقت السلم مؤقتاً.
وأضاف صبح: «نشعر بتضامن شركائنا العرب في دعم مبادرات الأمم المتحدة التي تدين العدوان الروسي، ونشعر بالامتنان لما قدموه من مساعدات إنسانية للنازحين الأوكرانيين. في الوقت نفسه، يسود نهج حذر بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث تحاول الحفاظ على العلاقات الودية مع كل من أوكرانيا وروسيا».
ووفق صبح، فقد دعا الجانب الأوكراني دول مجلس التعاون الخليجي إلى «تكثيف جهودها لوقف الحرب، وحل أزمة الغذاء والطاقة العالمية الحالية التي تستخدمها روسيا كأدوات حرب وضغط على المجتمع الدولي، إذ حان الوقت لاتخاذ خطوات حاسمة». وأضاف: «عبَّر كل من مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي عن رغبتهما في خفض الاعتماد على النفط الروسي، وطالبت دول (أوبك) بزيادة إنتاجها لتعويض العجز». وتابع بأن أوكرانيا تواجه أزمة وقود، وهي مهتمة بالحلول طويلة الأمد والفعالة في هذا المجال.
وقال صبح إن بلاده تتطلع إلى مشاركة دول الخليج في إعادة إعمار أوكرانيا حتى قبل انتهاء الحرب، لافتاً إلى أن أوكرانيا تدرس إنشاء صندوق سيادي خاص سيساهم في تنفيذ برامج تنموية على الأراضي الأوكرانية.
- الأمن الغذائي
من الواضح -وفق صبح- أن «الهجوم الروسي يهدّد وضع الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»؛ إذ كانت أوكرانيا توفر أكثر من 60 في المائة من إمدادات القمح إلى لبنان، وحوالي 50 في المائة إلى ليبيا، وحوالي 25 في المائة إلى مصر، بينما ارتفعت أسعار الحبوب بالفعل بشكل كبير في جميع البلدان العربية، ما يعرض للخطر استقرارها الاجتماعي، ويضع البلدان الفقيرة على شفا المجاعة.
وتابع المسؤول الأوكراني بأن «أكثر من 16 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وفي نهاية يونيو (حزيران)، أعلن برنامج الغذاء العالمي الذي يقدم مساعدات غذائية لـ13 مليون شخص في اليمن عن انخفاض كبير في حجم المساعدات الغذائية، لعدم تلقي التمويل الكافي، وتفاقم الظروف الاقتصادية العالمية، وتواصل آثار الغزو الروسي لأوكرانيا».
وأضاف صبح: «تبذل أوكرانيا قصارى جهدها لتجاوز الحصار العسكري الروسي لموانيها المطلّة على البحر الأسود، من أجل إرسال صادرات الحبوب التي تشتد الحاجة إليها عبر العالم، فضلاً عن عملها على زيادة الطاقات التصديرية للممرات البرية الأوروبية».
وزاد: «وفقاً للصفقة التي تم التوصل إليها في إسطنبول من قبل الرئيس التركي والأمين العام للأمم المتحدة، غادرت أول سفينة محملة بالحبوب ميناء أوديسا في بداية شهر أغسطس (آب). والآن، يتم تحميل السفن الجديدة تمهيداً لمغادرتها؛ لكننا صدمنا بأنه في اليوم التالي بعد توقيع اتفاقيات إسطنبول، شنّت روسيا هجوماً صاروخياً على منشآت ميناء أوديسا».
- جرائم حرب
على صعيد آخر، قال صبح إن «وكالات إنفاذ القانون الأوكرانية بدأت التحقيق في أكثر من 26300 جريمة حرب وعدوان، ارتكبت منذ 24 فبراير (شباط). وتشمل هذه الحالات مقتل حوالي 6700 شخص، بينهم 358 طفلاً، فضلاً عن 8700 جريح مدني، بينهم 693 طفلاً. هذه الأرقام التي تزداد يومياً، لا تأخذ في الاعتبار الأراضي المحتلة التي لا يستطيع مندوبو إنفاذ القانون الوصول إليها».
ووفق المسؤول الأوكراني، فقد سجّلت وكالات إنفاذ القانون الأوكرانية أضراراً ودماراً لحوالي 32400 من مرافق البنية التحتية المدنية، بما في ذلك 25400 مبنى سكني وطرق وجسور، وأكثر من 1500 مؤسسة تعليمية و250 مؤسسة طبية، وأكثر من 3100 شبكة مياه وكهرباء. ما تسبب في فقدان قرابة 800 ألف مواطن أوكراني منازلهم.
وتابع: «بدءاً من نهاية يوليو (تموز)، تم تدمير 129 موقعاً للتراث الثقافي و149 مبنى دينياً أو إتلافها من قبل روسيا داخل أوكرانيا، والتي تمثل جرائم حرب بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1954».
- العقوبات الغربية
يرى صبح أن العقوبات ضد روسيا تعمل ببطء، ولكن بقوة: «إذ يصبح التعاون مع المعتدي ضاراً، ولم يعد العمل كالمعتاد ممكناً مع روسيا». وأضاف أنه في عام 2022، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا من 5.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) إلى 3 في المائة في أبريل (نيسان)، متوقعاً أن ينكمش بنسبة 8 إلى 15 في المائة هذا العام.
وأضاف: «تخلفت روسيا عن سداد ديونها السيادية بالعملة الأجنبية، وذلك بسبب إغلاق العقوبات الغربية طرق الدفع للدائنين في الخارج. وهناك أكثر من 1000 شركة عالمية خرجت من السوق الروسية. كما تقلص الإنتاج الصناعي بنسبة 10 في المائة، وتراجع إنتاج السيارات بنسبة 97 في المائة، والصلب بنسبة 20- 50 في المائة. كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر في روسيا توقف نهائياً»، منوهاً بأنه وفق البنك المركزي الروسي، يصل حجم هروب رأس المال من روسيا في عام 2022 إلى 246 مليار دولار.
وأشار صبح إلى تقرير «CELI» البحثي الذي نشرته جامعة «ييل» في أغسطس، يفيد بأن العقوبات التجارية المفروضة على روسيا تسببت في شلل اقتصادها بشكل كارثي؛ حيث تدهور وضع البلاد الاستراتيجي كمصدر للسلع الأساسية «بشكل لا رجعة فيه»، وانهارت الواردات المهمة إلى حد كبير، وخسرت روسيا شركات تمثّل حوالي 40 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ما يعادل ما جلبته روسيا خلال 3 عقود من الاستثمار الأجنبي.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ميلوني تصل إلى الصين في زيارة رسمية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
TT

ميلوني تصل إلى الصين في زيارة رسمية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

أعلنت وسيلة إعلام رسمية صينية أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وصلت بعد ظهر اليوم (السبت) إلى الصين في زيارة رسمية، وذلك لتحفيز العلاقات التجارية، والتطرق إلى الحرب في أوكرانيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وهي الزيارة الأولى لميلوني إلى الدولة الآسيوية، منذ توليها منصبها عام 2022.

ومن المقرر أن تلتقي المسؤولة الإيطالية خلال زيارتها التي تستمر 5 أيام، وتنتهي الأربعاء، الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء لي تشيانغ، بحسب بكين.

وقال تلفزيون «سي جي تي إن» الصيني على موقع «ويبو» الاجتماعي: «وصلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بعد ظهر (السبت) 27 يوليو (تموز) إلى بكين في زيارة رسمية».

وأرفقت القناة رسالتها بصورة لطائرة تابعة للجمهورية الإيطالية على مدرج المطار.

قال مصدر حكومي إيطالي إن الهدف من الزيارة هو «إعادة تحريك العلاقات الثنائية في القطاعات ذات الاهتمام المشترك».

وذكر المصدر أن مباحثات ميلوني مع كبار القادة الصينيين ستركز على «القضايا الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال الدولي بدءاً بالحرب في أوكرانيا».

وبالإضافة إلى بكين، ستزور ميلوني شنغهاي (شرق) عاصمة الصين الاقتصادية.

انسحبت إيطاليا من الاتفاقية مع الصين بشأن طرق الحرير الجديدة العام الماضي، بعد أن كانت الدولة الوحيدة في مجموعة السبع المشاركة في هذا البرنامج الاستثماري الضخم من جانب بكين في البنى التحتية بالخارج.

قبل وصولها إلى السلطة، رأت ميلوني أن الالتزام بهذا البرنامج، وهو حجر الزاوية لطموحات الرئيس شي جينبينغ لزيادة تأثير بلاده في الخارج، كان «خطأ جسيماً».

وتضمنت مذكرة التفاهم غير الملزمة بين روما وبكين تعهدات تعاون واسعة النطاق في المجالات اللوجستية والبنى التحتية والتمويل والبيئة.

لكن التفاصيل كانت نادرة، وأدَّت قلة الشفافية إلى عدم ثقة حلفاء إيطاليا.

ومنذ ذلك الحين، سعت إدارة ميلوني إلى تحسين العلاقات مع الصين، الشريك التجاري الرئيسي.

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في أبريل (نيسان) أن «علاقاتنا مع الصين إيجابية حتى لو كان هناك منافسة بيننا وتباين في مواقفنا بشأن بعض القضايا».

وشدد على أن انسحاب روما من مشروع طرق الحرير الجديدة «لم يكن خطوة عدائية تجاه الصين».