دعوات طرد السفراء والمبعوثين... «السياسة تُفسد للود قضية» في ليبيا

53 برلمانياً يعتبرون السفيرة البريطانية تلعب «دوراً سلبياً»

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في لقاء سابق بالسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هولندال (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في لقاء سابق بالسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هولندال (حكومة «الوحدة»)
TT

دعوات طرد السفراء والمبعوثين... «السياسة تُفسد للود قضية» في ليبيا

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في لقاء سابق بالسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هولندال (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في لقاء سابق بالسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هولندال (حكومة «الوحدة»)

أنتجت سنوات الأزمة في ليبيا حالة من «التحفز والتشكّك» حيال سفراء ومبعوثين أممين لدى البلاد، إذا ما تعارضت تصريحاتهم السياسية مع أي من الطرفين المتصارعين في ليبيا، للدرجة التي قد يطالب البعض حينها بطردهم من البلاد، واعتبارهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم.
وفجّرت تصريحات للسفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هولندال، حالة من الغضب بين عدد من أعضاء مجلس النواب، مساء أمس، بسبب ما اعتبر تأييداً لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
https://twitter.com/CaroHurndall
وقسّمت الحالة المتأزمة في ليبيا السياسيين والبرلمانيين إلى فريقين، وبات كل منهما يزِن تصريحات المسؤولين الأممية والغربيين بما يتوافق مع صالح جبهته، وحال حدوث العكس فإن الاختلاف في الرأي «قد يفسد للود قضية».
وللمرة الثانية، يعترض نواب برلمانيون على تصريحات للسفيرة البريطانية، بوصفها مؤيدة لحكومة الدبيبة في طرابلس. وكانت السفيرة قالت إن «استمرار عملهم مع حكومة (الوحدة الوطنية) يأتي لكونها أتت في سياق توافقي»، لكن 53 عضواً بمجلس النواب الليبي، اعتبروا هذا التصريح «تجاوزاً لقرارات مجلس النواب؛ وتدخلاً مرفوضاً في شؤون ليبيا الداخلية».
وقال الدكتور محمد العباني، عضو مجلس النواب الليبي، لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات السفيرة البريطانية تعتبر «تجاوزاً لعملها الدبلوماسي»، مشيراً إلى أن أعضاء مجلس النواب يمارسون عملهم التشريعي من خلال مجلسهم، باعتباره السلطة التشريعية العليا، وعلى السلطة تنفيذ ما يتخذ من قرارات»، لكن قال: «عندما يتحدثون خارج مجلسهم فهذا يعتبر رأياً شخصياً لهم».
ورداً على «السياق التوافقي»، الذي تحدثت عنه السفيرة البريطانية، قال النواب إن السيدة كارولين، قد تناسب أن هذا السياق لم تكن له شرعية إلا باعتماد مجلس النواب، وأن هذا الإعلام من جانبها «يعبر عن انحيازها لطرف يحاول فرض أمر واقع بالقوة»، كما «يعكس رفضها احترام قرارات الشرعية الوطنية ويأتي ضمن إطار تدخلها المتزايد في الشأن الداخلي».
ودلل النواب الموقعون على البيان بتواصل واجتماعات السفير، التي وصفوها بـ«غير القانونية» التي تجريها مع أطراف محلية «لم تأخذ الإذن بشأنها، بالإضافة لمحاولة التدخل في المسار الأمني ومحاولة التشويش على عمل اللجنة العسكرية (5+5) وجهود توحيد المؤسسة العسكرية»، وقالوا: «ليبيا ليست تابعة للمملكة المتحدة، أو غيرها».
وكرر النواب المؤيدون لحكومة باشاغا، أنه «لا شرعية لأي حكومة أو طرف إلا باعتماد البرلمان والإطار التوافقي الذي ورد بالاتفاق السياسي المعترف به محلياً ودولياً، وهو الذي تم من خلاله استبدال حكومة الدبيبة بأخرى برئاسة باشاغا».
وسبق لرئيس الهيئة العليا لـ«تحالف القوى الوطنية»، توفيق الشهيبي، اعتبار تصريحات مشابهة للسفيرة البريطانية، جاءت مؤيدة لحكومة «الوحدة» والتي تزامنت مع الاحتفال بيوم استقلال ليبيا، «تمثل بالضرورة موقف بلادها»، مما اعتبرها «تدخلاً سافراً ينم عن عدم الاحترام، وأدنى درجات التعامل الدبلوماسي بين الدول».
حالة التشكك والاعتراض على تصرفات المسؤولين الذين يتوافدون على ليبيا، عديدة من بينها دعوة سابقة للصادق الغرياني المفتي الليبي، المقال من منصبه، للمواطنين قبل قرابة ثلاثة أعوام بالتظاهر ضد الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي الأسبق، على خلفية إحاطة تقدم بها أمام مجلس الأمن الدولي، تحدث فيها عن «وجود مرتزقة أجانب وجماعات متطرفة، يشاركون في القتال إلى جانب قوات حكومة (الوفاق الوطني)»، الأمر الذي أغضب جميع الكيانات السياسية والعسكرية والاجتماعية والدينية في الغرب الليبي.
ووجه الغرياني، أكثر من مرة هجوماً عنيفاً لسلامة، داعياً الليبيين للخروج في الشوارع للتنديد بما وصفه «أكاذيب سلامة»، الذي قال إنه «ارتكب جناية في حق المواطنين».
ومنذ توليه مهمته في يونيو (حزيران) 2017. إلى أن غادر ليبيا لم يحظ سلامة برضا طرفي النزاع في شرق وغرب ليبيا، إذ دأب كل منهما أن يحسبه على الطرف الآخر، مع كل تغير سياسي تشهده البلاد.
ولم يتوقف انتقاد سلامة، على جهة ما، فقد طالبت لجنة الدفاع بمجلس النواب الليبي، عقب الحرب على العاصمة طرابلس عام 2019 بطرد سلامة من البلاد، بعدما استهجنت ما وصفته بـ«التصرفات غير الحيادية» التي يقوم بها «لغض الطرف عن ميليشيات الإرهاب والمال العام في طرابلس، ومحاولة إهمال دور القوات المسلحة في حربها على الإرهاب».
وطالبت اللجنة رئاسة المجلس المستشار عقيلة صالح، حينها بمخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة بأن سلامة «غير مرغوب فيه».
كما تعرض جوزيبي بيروني السفير الإيطالي السابق لدى ليبيا، لموقف مشابه، عندما دخل على خط المطالبة بتأجيل الانتخابات الرئاسية والنيابية في ليبيا في أغسطس (آب) 2018. في تصريحات استفزت غالبية الليبيين، فخرجت الدعوات المطالبة للسلطات في البلاد بطرده.
وكان بيروني قال إن «بلاده ستتصدى بكل ما لها من جهد لإجراء الانتخابات (وفقاً لتاريخها المحدد في مؤتمر باريس)، إلى حين توّفر ظروف ملائمة»، وهو ما أثار غضباً رسمياً وشعبياً في ليبيا، غير أن الخارجية الليبية بالحكومة المؤقتة شرق ليبيا، اعتبرته «تدخلاً سافراً وغير مسؤول من السفير الإيطالي في الشؤون الليبية، دون مراعاة لأبسط قواعد وأعراف العلاقات الدبلوماسية بين الدول».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.