بروفايل: وجه السعودية الأممي في نيويورك... سفيرٌ وُلِدَ دبلوماسياً

عبد العزيز الواصل... 23 عاماً بين دهاليز «الخارجية» وسفاراتها

بروفايل: وجه السعودية الأممي في نيويورك... سفيرٌ وُلِدَ دبلوماسياً
TT

بروفايل: وجه السعودية الأممي في نيويورك... سفيرٌ وُلِدَ دبلوماسياً

بروفايل: وجه السعودية الأممي في نيويورك... سفيرٌ وُلِدَ دبلوماسياً

هناك نوعان من البراعة في الدبلوماسية: الأول في العلاقات الثنائية حين يُبعث السفير لدى دولة واحدة، والثاني في العلاقات متعددة الأطراف وهي المنظمات الدولية والأممية وغير الحكومية الدولية والإقليمية، كالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أو الاتحاد الأوروبي. الدكتور عبد العزيز بن محمد الواصل، يعد خليطاً من هذا وذاك؛ فبعد مشوار طويل في السلك الدبلوماسي، شغل منصب نائب سفير في لندن، ثم كان مندوباً دائماً للسعودية في عاصمة العمل الإنساني جنيف. وفي مطلع أغسطس (آب) 2022 قدم أوراق اعتماده مندوباً سعودياً دائماً في عاصمة القرار السياسي الأممي في نيويورك. يصعب اختزال أدوار الواصل والحديث عنها في قصة؛ فالدبلوماسي المخضرم يتكئ على 23 سنة من الخبرة، موظفاً وقيادياً بين دهاليز الخارجية السعودية ودوائرها وأقسامها، ومارس العمل في العلاقات متعددة الأطراف، وتوسد مهام لا تقل صعوبة عن التحدي الجديد.

لم يستغرب السعوديون تلك الإطلالة التي رافقت أول ظهور أممي للمندوب السعودي الجديد لدى الأمم المتحدة، الدكتور عبد العزيز الواصل، على المنبر الأممي في نيويورك مطلع أغسطس (آب) 2022.
كانوا يتابعونه بشغف إبان ظهوره اللافت في جنيف، ويعيدون تغريدات تحمل مقاطع فيديو انتشرت بشكل واسع، ويتذكرون جيداً كلماته التي تميزها مخارج الحروف الواضحة، ووجه خالي الملامح باستثناء نظارة عصرية ذات إطار داكن.
لقد كان عبد العزيز الواصل يذود عن بلادهم تارة، يدافع عن جيرانهم وجيران جيرانهم وقضاياهم تارة أخرى، يظهر الموقف الحازم الحاسم لبلاده تارات وتارات.
الدكتور الواصل اليوم في محطة جديدة على خط مسيرته. يسمي الدبلوماسيون نيويورك «عاصمة القرار السياسي» لمنظمة الأمم المتحدة؛ فيها مجلس الأمن، والجمعية العامة، ومئات الاجتماعات والقضايا والأشخاص الذين يترقبون المندوب الجديد. وسيتحتم عليه خلال الشهر المقبل حضور العرس الأممي السنوي المتمثل بالجمعية العامة، بما في ذلك عشرات الاجتماعات والكلمات والخطابات والمؤتمرات.

سيكون الواصل هذه المرة على رأس الوفد السعودي، وسيكون أمامه سيل من التحديات. فالعالم هذا العام، ليس كما كان العام الماضي، وإن استمرت وتكررت جل القضايا والهموم الدولية والإقليمية، إلا أن أزمة أوكرانيا ستحمل العديد من الإثارة والكر والفر السياسيين داخل ردهات مبنى المنظمة الدولية العتيد في نيويورك.
هناك أيضاً تحديات الطاقة، والمماحكات والتحركات الواسعة التي من المرتقب أن تلقي بظلالها على السياسة والسياسيين، وستجد نصيباً من اللقاءات والخطابات.

- خلافة المعلمي
سيخلف الواصل في هذا الموقع مندوباً كان يصنع العناوين، ويتمتع بحضورجاذب ونسق مميز وهو المهندس عبد الله المعلمي بأدائه طيلة العقد الماضي. هذا تحدٍ آخر يواجه السفير الذي تعمل بلاده مع نحو 23 وكالة وصندوقاً وبرنامجاً كلها تابعة للأمم المتحدة بما في ذلك المكاتب الإقليمية.
وحقاً، تنتظر الأوساط الدبلوماسية من المندوب الدائم الجديد مهمة غير عادية، وفترة تمثيل ستملؤها الإثارة والمتابعة، وسيعود السعوديون والعرب لتداول مداخلاته وكلماته وحواراته، كما كانوا يفعلون قبل ذلك، فالأحداث والمنصب والشخصية المقبلة ستكون مدعاة للاهتمام.

- «عاصمة العمل الإنساني»
المندوب الدائم الجديد دبلوماسي هادئ وحكيم، يستطيع بناء شبكات من العلاقات مع مختلف الشخصيات. وصقل لديه هذه الميزةَ عملُه في جنيف ما أهّله للتعامل مع عشرات المنظمات والاتحادات... من ملكية فكرية إلى اتحاد اتصالات، ومن تجارة وتنمية إلى منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر واتحاد الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومن مجلس حقوق إنسان إلى اتحاد نزع السلاح، فضلاً عن منظمات الهجرة والعمل وحتى الأرصاد.
صحيح أن غالبية تلك المنظمات تتعاطى فنياً مع نظيراتها من المؤسسات السعودية، لكن في صميم مهام المندوب في جنيف أن يحضر ويتفاعل ويتعاطى مع مختلف الملفات.
لقد كانت جنيف بالنسبة للدكتور الواصل محطة لافتة، ليس لأنها آخر محطات الواصل فحسب، بل إن مشواره كان مثيراً قبل أن يبدأ، وكان عند الموعد.
وهنا يقول الدكتور عبد العزيز المزيني، سفير اليونيسكو لدى مصر وجامعة الدول العربية لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أرى ذلك الرجل الذي يملأ ردهات مكاتب الأمم المتحدة في جنيف أثناء عملي هناك سفيراً لليونيسكو. لقد كان يمثل بلاده لدى أكبر ورشة عمل فنية أممية مليئة بالمنظمات واللقاءات والمواضيع المتشعبة التي تتطلب جهداً واسعاً».
ويضيف السفير المزيني: «لقد وجدت شخصية استثنائية تتمتع بصفات الدبلوماسي المحترف، كالهدوء وحسن اختيار العبارات، وإجادة العمل ضمن منظومة علاقات متعددة الأقطاب. هذه الصفات الاحترافية تحلق حولها عقلية متفتحة، وثقافة واسعة في السياسة والفلسفة والتاريخ الإسلامي، والأدب العربي».
ثم يتابع قائلاً: «لم أجد نشاطاً لسفير عربي أو دولي يضاهي ذلك النشاط، ومن دون مجاملة، أستطيع القول إن عبد العزيز الواصل وُلِدَ دبلوماسياً... حتى في أكثر المواقف الحساسة، لا يتراجع الواصل ولا يتردد عن الحديث مع أي شخص مهما كان، ويجد دائماً الوقت للإصغاء والاتصال».

- القوة الصلبة
يتحدث كثيرون من المهتمين بالعلاقات الدولية عن «القوة الناعمة» المتمثلة بالإعلام والمنظمات غير الحكومية والبرامج الثقافية وغير المباشرة، ومدى تأثيرها، وانتشارها وتوسعها، إلا أن بعض هؤلاء ينسون «القوة الصلبة»، وهي التأثير المباشر للدول والقدرة على الوصول والتواصل والانخراط الإيجابي الهادئ والحازم في الوقت نفسه. ولن يكون مندوب دولة بحجم السعودية وتأثيرها الدولي وقوتها الصلبة فقط حارساً لمصالح بلاده، بل سيكون أيضاً قائداً لمجموعات خليجية وعربية وإسلامية ودولية؛ إذ تتلاقى الاهتمامات السعودية مع اهتمامات تلك المجموعات والدول، ولكنها تتقاطع أيضاً وأحياناً تتناقض، وهنا يأتي دور رجل الوساطات والتوافقات.
عند هذه المحطة، يتذكر مراقبون كيف لعب عبد العزيز الواصل دوراً لافتاً في توحيد مواقف دولية فيما يعرف داخل أوساط مفوضية حقوق الإنسان بأزمة «المشروع الهولندي» التي شهدت تبايناً عربياً - غربياً داخل أروقة الاجتماعات عام 2017.
خلال عام 2021 حملت كلمته حججاً مقنعة ووقعاً هائلاً، حين انتقد الواصل فريق لجنة خبراء حقوق الإنسان الذي استعان بتقارير حوثية وتجاهل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 في تقاريره. لقد لعب الدبلوماسي السعودي المحنك وزملاؤه، بقيادة الخارجية السعودية وتعاون الدول الصديقة لليمن، دوراً فاعلاً في إنهاء تلك الأزمة، وجرى حل اللجنة التي جنت على اليمن واليمنيين، من منطلق دور السعودية القيادي.
وهكذا، أثبت الواصل أنه يحسن ارتداء قلنسوة رجل المطافئ أحياناً... لكنه لا يتردد في ارتداء رداء المحامي إذا لزم الأمر.

- مُلهم ومحفز
تاريخ الدكتور الواصل مع زملائه في جنيف، وما قبلها، يشي بدبلوماسي من قماشة فريدة. ولا يكل الموظفون الذين سبق لهم العمل تحت إدارته من التباهي بأنهم عاصروا تلك «الكاريزما» والطاقة المحفزة التي يزرعها داخل فريق العمل.
إتقانه اللغة العربية لا يُعزى إلى إعجابه الشديد بشاعر العرب أبو الطيب المتنبي فحسب، بل أيضاً لغزارة الاطلاع التي يتمتع بها ولا يخبئها عن زملائه ومن يعمل إلى جانبه. وهم يتذكرون كيف كان يستقطع من وقته ليشرح مسائل لغوية عند كتابة الخطابات أو الرسائل ويوليها عناية واسعة. كما أن العبارات البليغة التي قد تخرج أحياناً من زملائه تستوقفه، حتى إن كان الأمر خارج العمل، يبقى تذوقه للغة وجمالها وتفاصيلها إحدى خصاله وهواياته.
أيضاً، يتداول الدبلوماسيون الذين عملوا مع الواصل مقولة تحمل بعض المجاملة، لكن وقعها مثير وهي: «من لم ينجح مع الواصل سيكون من الصعب أن ينجح مع غيره». ويبرر ذلك حرصه على التحفيز والتطوير وإلهام كل من يعمل تحت إدارته، كونه يتقبل الأفكار ولا يوصد باب المبادرات، «بل يتحول الأمر إلى أن يلاحق أصحاب المبادرة أو الفكرة ويطالبهم بمستجداتها ويتابعها حتى تنضج».
وفي الإطار ذاته، يتفق عدد من زملاء الواصل ونظرائه، على قدرته الفائقة على الإنصات، فهو «ينصت لدرجة تجعل المتحدث يعيد ويكرر ويوغل في التفصيل لينجح في إيصال فكرته، ثم يتفاجأ بأن الدكتور عبد العزيز لم يستوعب الفكرة وحسب، بل بدأ فعلاً بتكوينها بعمق والإلمام بأبعادها وتحدياتها».
أحد الدبلوماسيين الذين عملوا مع السفير، وفضّل حجب اسمه، قال: «حتى عند رفع التقارير الرسمية، يحرص الواصل على تذييل الرسائل باسم صاحب المبادرة. لديه قدر هائل من التصالح مع ذاته لدرجة أنه يدفع بالمبادرين والحريصين على الاجتهاد في العمل إلى أعلى درجة ممكنة من النجاح والسطوع، لهذا السبب يجري العمل معه أشبه بكسر للرتابة والروتين، رغم بيروقراطية العمل الحكومي، والالتزام والمساحات المحسومة مسبقاً التي تحملها وظيفة الدبلوماسي.
وحقاً، يترك الواصل لدى من عمل معهم من الموظفين أثراً جيداً تظهر صوره جلية عند مشاركتهم في الاجتماعات. وهو يقدر انخراطهم في العمل ومثابرتهم لتحقيق مصالح بلادهم، لكنه أيضاً دقيق في المواعيد وحريص على الإنجاز، وأشد حرصاً على التحضير الجيد لأي لقاء مهما كان من وجهة نظر آخرين عادياً.
أخيراً، يفخر كثيرون بِسِمات الدكتور الواصل، ويتداولون قصصه معهم كأنها حكايات خارجة من كتاب، وليست جزءاً من مهام العمل اليومية؛ فـ«كاريزما» الرجل وحكمته ممزوجتان بالتواضع والحسم عند الحاجة. وقد تكون هذه روايات تحكى، لكنها أيضاً واقع؛ إذ يعتبر كل من عمل مع الواصل أن تأثيره كان فائق الإيجابية على أدائهم وتحفيزهم. وتجسد ذلك في مختلف البعثات التي كان الدبلوماسي المخضرم - الذي وُلِدَ دبلوماسياً - جزءاً منها.

  • سيرة شخصية

- من مواليد جلاجل في وسط المملكة العربية السعودية، شمال غربي الرياض
- متزوج وأب لثلاث بنات وولدين
- تلقى تعليمه الجامعي في المملكة، وحاز شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة أستراليا الوطنية في العاصمة الأسترالية كانبرا
- التحق بالسلك الدبلوماسي عام 1999 حيث عمل في إدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية في الرياض
- عام 2001 انتقل إلى سفارة المملكة العربية السعودية في كانبرا عاصمة أستراليا. وكان بين المهام التي تولاها القائم بالأعمال
- عام 2007 عاد إلى ديوان وزارة الخارجية، ثم انتقل إلى البعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة بجنيف، حيث تولى ملف حقوق الإنسان لمدة تزيد على أربع سنوات ونصف
- عام 2013 انتقل إلى السفارة في لندن عام 2013، وكُلف بالعمل نائباً لرئيس البعثة، ومكث في بريطانيا حتى صدور قرار تعيينه سفيراً ومندوباً دائماً للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة بجنيف عام 2016
- قبل انضمامه إلى السلك الدبلوماسي، عمل في وظائف مُختلفة في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك العمل مُحاضراً في كلية الملك عبد العزيز الحربية بالرياض، ومُساعد مُحاضر في قسم العلوم السياسية بجامعة مارشال في الولايات المتحدة


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».