ما «جغرافيا القاعدة» بعد مقتل زعيمه؟

خبراء لاحظوا تراجع نشاطه واتجاهه للاعتماد على «الذئاب المنفردة»

قتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
قتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
TT

ما «جغرافيا القاعدة» بعد مقتل زعيمه؟

قتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
قتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.

فجرت عملية مقتل زعيم «تنظيم القاعدة» أيمن الظواهري، أسئلة متنوعة بشأن مستقبل التنظيم بعد رحيل الرجل، خاصة فيما يتعلق ببؤر انتشاره الجغرافية وكيفية إدارته للعمليات وتوسعه، ووفق متخصصون في الشأن الأصولي فإن «مقتل الظواهري لن يؤثر على خطط أو نشاطات التنظيم في المستقبل». وأضافوا أن «(القاعدة) تعتمد على نمط لا مركزي في العمل، والأذرع لها استراتيجيتها الخاصة».
وقتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
وقال أحمد سلطان، المتخصص في شؤون الحركات الأصولية في مصر، إن «مقتل الظواهري هزيمة أو نكسة معنوية لـ(القاعدة)، لكنه لن يؤثر على خطط أو نشاطات التنظيم في المستقبل، وذلك لأن الظواهري لم يكن على تواصل مع قيادات (القاعدة) أو نشاطاتها اليومية، والدليل على ذلك المراسلات الخاصة من (القاعدة) لأفرعها الخارجية».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك رسالة لعبد الرحيم عطوان، المسؤول الشرعي العام لهيئة تحرير الشام، وذكر فيها صراحة أن الظواهري ابتعد عن التواصل لمدة أكثر من عام بحجة الدواعي الأمنية، وتقوم قيادات (القاعدة) في إيران خاصة سيف العدل بالتواصل مع الفروع الخارجية، وكان ذلك واضحا جداً عندما حصل انشقاق هيكلي في فرع (القاعدة اليمنية) حيث انشق أبو عمر النهدي ومجموعته وأرسل رسالة إلى أيمن الظواهر يطلب تدخله لحل الخلاف مع خالد باطرفي أمير (قاعدة اليمن) لكن الظواهري وبرغم مرور أكثر من عامين على الرسالة لم يرد عليها».
سلطان يقدر كذلك أنه «كان يتم التحكم فيما يصل إلى الظواهري من قبل قيادات القاعدة في إيران، ويلاحظ ذلك في الإصدارات المرئية له وآخرها في الشهر الماضي، حيث بدا منفصلاً عن الواقع تماماً، ولم يعلق على أي أحداث جديدة ولم يعط أي توجيهات، وكان يبدو أنه في شبه عزلة أثناء إقامته في كابل أو خارج كابل، وكان منشغلاً بالتنظير، وكانت تنظيراته ضعيفة».
وظهر الظواهري في تسجيل صوتي منتصف يوليو (تموز) الماضي بثته مؤسسة «السحاب»، وهي الذراع الإعلامية لـ«القاعدة». وأشار فيه إلى أن «(القاعدة) لا تعترف بـ(داعش)» وقال: «لا نملك على الأذرع الخارجية إلا التوجيه».
ويعتقد سلطان أن «هذه الأذرع لها استراتيجيتها الخاصة والتي تتناقض مع التنظيم المركزي، الذي يركز على العدو البعيد أميركا والغرب؛ بينما الأذرع تركز على العدو القريب وهي الحكومات. وهكذا تركز حركة الشباب الصومالية الموالية لـ(القاعدة) هجماتها على الحكومة الصومالية وعلى بعض المواقع الأفريقية، فيما تعثر فرع اليمن، ويبدو فرع شبه الجزيرة الهندية منذ عام 2019 في حالة موت إكلينيكي ولا يستطيع أن يقوم بالهجمات البسيطة. أما في سوريا فإن تنظيم «حراس الدين» ينخرط الآن مع «هيئة تحرير الشام» التي كانت فرعاً لـ(القاعدة). في حين يعتبر فرعها في مالي أو الصحراء (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) الأنشط، وهو مرتبط بما يسمى بـ(قاعدة المغرب الإسلامي)».
ولفت سلطان إلى أن «هناك إشارة مهمة وهي أن قيادة التنظيم المركزي في خراسان طلبت من عناصر وكوارد (القاعدة في سوريا) أن ينتقلوا إلى أفغانستان، وهذه معلومة جرى التأكيد عليها في تقرير مجلس الأمن الأخير الشهر الماضي». وأوضح أن «(القاعدة) إطار تنسيقي للأذرع الجهادية، وهناك لجنة من (القاعدة) تسمى (لجنة حطين) وهي منبثقة عن (مجلس الشورى العالمي للقاعدة) وتضم اللجنة في عضويتها كلا من، محمد صلاح زيدان (سيف العدل)، وأبو عبد الرحمن المغربي (صهر الظواهري)، وأحمد ديري أبو عبيدة (أمير حركة الشباب الصومالية)، وأبو همام الشامي (أمير تنظيم حراس الدين)، وهذه اللجنة تعطي توجيهات عامة، لكن كل فرع يسير وفق رؤيته... فـ(القاعدة) صارت اسما عاما للتنظيم الذي يعتمد على اللامركزية، بخاصة فرع مالي وحركة (الشباب)».
وفي نهاية يوليو الماضي، أعلن فرع «تنظيم القاعدة» في مالي مسؤوليته عن هجوم على قاعدة عسكرية رئيسية في البلاد. وفي مايو (أيار) الماضي أعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثمانية جنود توغوليين في شمال توغو. وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلن «تنظيم القاعدة في اليمن»، تنفيذ عملية تهريب 10 سجناء من عناصره من السجن المركزي في مدينة سيئون. وفي نفس الشهر أعلن فرع «تنظيم القاعدة في مالي» تبنيه مقتل 6 جنود وإصابة 20 في 3 هجمات. وفي مارس (آذار) الماضي تبنى «تنظيم القاعدة في اليمن» عملية استهداف قائد الحزام الأمني بمحافظة «أبين» عبد اللطيف السيد بسيارة مفخخة.
من جهته، أكد سلطان أن «إعلام (القاعدة) يراهن على الذئاب المنفردة أو الجهاديين المحليين، وعرض مكافأة مالية لأي شخص ينفذ أي هجوم ولو حتى بأي سلاح متاح؛ ورغم ذلك لم يلق هذا العرض الاستجابة، وهذا يكشف عن حجم الأزمة في التنظيم الذي يحاول إعادة بناء شبكاته لكي يستطيع شن هجمات مستقبلا». لكن تقرير مجلس الأمن الأخير أشار إلى أن «التنظيم غير قادر على شن هجمات».
وبشأن وجود جيوب لـ«القاعدة» في أفغانستان. قال سلطان إن «(تنظيم القاعدة) عنده وجود تاريخي في مناطق الحدود الأفغانية - الباكستانية وتحديداً في مناطق زابل وولاية كونر في الجنوب، وأخيراً بدأ يحاول نقل عناصره إلى غرب أفغانستان على الحدود مع إيران وتحديدا إلى ولايتي هيراط وفراه، وهناك حديث عن وجود نشاط لبعض كوادره مثل أبو إخلاص المصري وكان قائدا للتنظيم في كونر، وعبد الحكيم المصري الموجود في كونر»، مضيفا «نحن أمام وجود حقيقي لـ(القاعدة) في أفغانستان بالتنسيق مع شبكة حقاني»؛ لكن «ليس كل (طالبان) ترحب بهذه العلاقة، فـ(طالبان) ما زالت ترفض أن ينتقل سيف العدل إلى أفغانستان بعد مقتل الظواهري خوفا على مصالحها وإثارة المجتمع الدولي.


مقالات ذات صلة

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

آسيا استنفار أمني إندونيسي عقب عملية إرهابية (متداولة)

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

تعتزم وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا التوصية بتخفيف عقوبات السجن لأعضاء «الجماعة الإسلامية» السابقين المسجونين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
أفريقيا صور نشرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لجانب من نقاش قادتها حول مخاطر الإرهاب وتشكيل القوة العسكرية لمواجهته

دول غرب أفريقيا تبدأ تشكيل لواء عسكري لمحاربة «الإرهاب»

قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، تسريع العمل من أجل تفعيل قوة عسكرية مشتركة، هدفها الأول مواجهة خطر الجماعات الإرهابية التي بدأت تتوسع.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا النقيب إبراهيم تراوري القائد العسكري الحالي في بوركينا فاسو (متداولة)

استراتيجية الأمن في تجنيد ميليشيات رخيصة تتحول إلى كارثة في أفريقيا

دفع تسليح المدنيين الذين يفتقرون إلى التدريب الجيد ولا يحترمون حقوق الإنسان، القوات المسلحة في بوركينا فاسو ودول أفريقية أخرى إلى حافة حرب أهلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حوار رئيس حكومة تصريف الأعمال السوري محمد البشير لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية

رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير: خزائن الدولة خاوية

في أول حديث يدلي به إلى وسيلة إعلام غربية، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية، إن خزائن الدولة خاوية بعد أن التهم النظام كل شيء.

شوقي الريّس ( روما)

رئيس وزراء غرينلاند يرد على ترمب: الجزيرة ليست للبيع

منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)
منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند يرد على ترمب: الجزيرة ليست للبيع

منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)
منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)

قال موتي إيجيدي، رئيس وزراء غرينلاند المنتخب، اليوم (الاثنين)، إن الجزيرة ليست للبيع، وذلك رداً على تصريحات للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن «الامتلاك والسيطرة» على الجزيرة الشاسعة التابعة للدنمارك منذ أكثر من 600 عام.

وأردف إيجيدي يقول في تعليق مكتوب: «غرينلاند ملكنا. ونحن لسنا للبيع، ولن نكون كذلك أبداً. يجب ألا نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال مهرجان في فينيكس بولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

وأعلن ترمب أمس (الأحد) أنه اختار كين هويري، وهو مبعوث سابق إلى السويد، سفيراً في كوبنهاغن. وعلَّق على وضع غرينلاند، وهي منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي من الدنمارك وتستضيف قاعدة جوية أميركية كبيرة.

منازل مضاءة بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند يوم 16 أغسطس 2019 (أ.ب)

وكتب ترمب على منصته الخاصة (تروث سوشيال): «لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة الأميركية بأن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة حتمية».

ولم يُدلِ ترمب الذي سيتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، بتفاصيل عن هذه التصريحات.