خطة روسية لإعادة إعمار ماريوبول الأوكرانية

امرأة تسير أمام بناية مدمرة في ماريوبول الأحد (أ.ف.ب)
امرأة تسير أمام بناية مدمرة في ماريوبول الأحد (أ.ف.ب)
TT

خطة روسية لإعادة إعمار ماريوبول الأوكرانية

امرأة تسير أمام بناية مدمرة في ماريوبول الأحد (أ.ف.ب)
امرأة تسير أمام بناية مدمرة في ماريوبول الأحد (أ.ف.ب)

حدّد مسؤول روسي رفيع المستوى أمس الاثنين ملامح خطة لإعمار مدينة ماريوبول الساحلية التي تعرّضت لحصار مدمّر وقصف عنيف قبل أن تسيطر عليها القوات الروسية.
وتأتي الخطوة في إطار جهود أوسع تقوم بها موسكو لكسب التأييد في المناطق الأوكرانية الخاضعة لسيطرة روسيا منذ بدأت الحملة العسكرية في فبراير (شباط).
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين في مقابلة مع قناة «آر بي سي» الروسية إن أولى المباني التي يجري بناؤها حاليا ستجهز بحلول الخريف. وأضاف: «ستكون أولى المباني السكنية جاهزة بحلول سبتمبر (أيلول). سيكون لدينا بحلول ذلك الوقت أول المستشفيات، سنشيّد مركزا لوزارة الطوارئ». وأشار خوسنولين إلى أن موسكو تخطط لإعادة بناء وسط ماريوبول التاريخي وترميم كل المباني التي لم تدمّر بالكامل بفعل القصف الروسي.
وكانت المدينة المطلة على بحر آزوف تعد نحو 400 ألف نسمة قبل أن ترسل روسيا قوات إلى أوكرانيا الموالية للغرب، ما اضطر الكثير من السكان إلى الفرار من العنف. ولفت خوسنولين إلى أنه من المتوقع أن يرتفع عدد سكان ماريوبول إلى 350 ألف نسمة بحلول العام 2025، من دون أن يوضح كيف يمكن تحقيق ذلك.
أما بالنسبة لمصنع آزوفستال للصلب، وهو معمل من الحقبة السوفياتية كان يوظف أكثر من 12 ألف شخص، فلن يعاد بناؤه بشكل يعيد إليه إمكاناته السابقة، بحسب خوسنولين. وقال: «لكننا بالتأكيد سنستحدث فرص عمل هناك تغذي المدينة. سيصبح على الأرجح مجمعا للتكنولوجيا».
وتحوّل آزوفستال إلى رمز للمقاومة الأوكرانية عندما صمد المدافعون عن ماريوبول حتى اللحظة الأخيرة ضد القوات الروسية داخل أنفاق تحت الأرض في المصنع قبل أن يستسلموا في مايو (أيار). وأمضى مئات الأوكرانيين من جنود ومدنيين أسابيع تحت الأرض في آزوفستال بينما كثّف الروس حملتهم العسكرية على أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير (شباط). أما فوق الأرض، فعاش سكان ماريوبول تحت الحصار على مدى أسابيع من دون كهرباء أو طعام أو مياه في ظل شتاء قاس.
ميدانيا، يتواصل القصف الروسي على المدن الأوكرانية خصوصاً ميكولايف في الجنوب، حيث قُتل أحد أهم رجال الأعمال الزراعيين أوليكسي فاداتورسكي (74 عاماً) مع زوجته الأحد. وأشاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بفاداتورسكي، الذي وصفه بأنه «بطل أوكراني». وتعرّضت المدينة لقصف مكثّف مرة أخرى أمس الاثنين، بحسب حاكم المنطقة فيتالي كيم، الذي أفاد عن مقتل ثلاثة أشخاص.
وتقع ميكولايف على مقربة من جبهة جنوب أوكرانيا حيث تشنّ القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً. وأشار صحافيو وكالة فرانس برس إلى قصف روسي مكثّف تتعرّض له مدينة بخموت في شرق أوكرانيا. وقالت السلطات المحلية أمس الاثنين إنّ ثلاثة مدنيين قتلوا الأحد في منطقة دونيتسك بينهم اثنان في بخموت وأصيب 16 آخرون. واتهم الرئيس الأوكراني السبت القوات الروسية بممارسة تكتيك «الإرهاب» في قصفها المدن الأوكرانية، داعياً سكان دونيتسك إلى الإخلاء العام. ولا يزال ما لا يقل عن 200 ألف مدني يعيشون في أجزاء من منطقة دونيتسك لا تخضع للاحتلال الروسي، وفقاً لتقدير السلطات الأوكرانية.
وفي سيفاستوبول، انفجرت طائرة بدون طيار الأحد في فناء هيئة أركان أسطول البحر الأسود الروسي، ما أسفر عن إصابة ستة أشخاص، وفق الحاكم ميخائيل رازفوجاييف. وتؤوي هذه المدينة الساحلية الأسطول الروسي منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي بموجب اتفاق مع كييف، ولكن تمّ ضمّها رسمياً من قبل موسكو إلى جانب بقية شبه جزيرة القرم في العام 2014.
ونفت السلطات الأوكرانية أي صلة لها بهذا الهجوم غير المسبوق، فيما افترضت البحرية الأوكرانية أن يكون ذريعة لإلغاء الاحتفالات المخطّط لها في سيفاستوبول، خوفاً من هجوم حقيقي.
واحتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيوم الأسطول الروسي بعيداً عن سيفاستوبول في سانت بطرسبرغ (شمال غرب)، حيث أعلن أنّ الأسطول الروسي سيحصل في «الأشهر المقبلة» على صاروخ عابر فرط صوتي جديد «لا يواجه أيّ عوائق».
من ناحية أخرى، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد إنّها لم تتلقَّ حتى الآن إذناً رسمياً من موسكو للسفر إلى أولينيفكا التي تحتلّها روسيا في دونيتسك، وحيث أدّى انفجار في موقع يؤوي جنوداً أوكرانيين أسرى إلى مقتل 50 شخصاً وإصابة 73 آخرين بجروح خطرة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية مساء السبت، أنها «دعت رسمياً» خبراء من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر للتوجه إلى المكان «من أجل تحقيق موضوعي».


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».