حفيدة بيكاسو لـ «الشرق الأوسط» : كان جدي يقدس الحياة اليومية ويؤمن بالخرافات

تهتم بإحصاء أعماله وتكتب في إصدارها الأخير عن جانب مجهول من شخصيته

ديانا فيدماير بيكاسو وخلفها لوحة «غرنيكا» (غيتي)
ديانا فيدماير بيكاسو وخلفها لوحة «غرنيكا» (غيتي)
TT

حفيدة بيكاسو لـ «الشرق الأوسط» : كان جدي يقدس الحياة اليومية ويؤمن بالخرافات

ديانا فيدماير بيكاسو وخلفها لوحة «غرنيكا» (غيتي)
ديانا فيدماير بيكاسو وخلفها لوحة «غرنيكا» (غيتي)

جدها مؤسس الحركة التكعيبية وأشهر فناني العالم على الإطلاق، والدتها رعت الكثير من المؤسسات الخيرية وأهدت المتاحف أعمال والدها. إنها ديانا فيدماير بيكاسو، باحثة متخصصة في تاريخ الفن ومتفرغة منذ سنوات لمهمة إحصاء وتصنيف أعمال بيكاسو.
حصلت على شهادة الدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة السوربون، ثم عملت خبيرة في الرسومات القديمة في «دار سوثبيز» في لندن وباريس. وملامح ديانا فيدماير بيكاسو وشعرها الأشقر الطويل يذكران بجدتها ماري تيريز، التي خلدها الفنان الشهير في لوحاته. التقيناها في باريس وكان لنا معها هذا الحوار:

> كيف كان توجهك لمجال البحث في تاريخ الفن، هل كان لتراثك العائلي تأثير على مسارك المهني؟
- أعتبر نفسي محظوظة كوني ترعرعت في وسط يعشق الفن وفي بيت يتضمن روائع التحف من أعمال جدي. هذا لا يعني أن طريقي كان مرسوماً منذ البداية، فقبل أن أتفرغ لعملي باحثة في تاريخ الفن ومُتخصصة في أعمال بيكاسو درست القانون وحصلت على شهادة الدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة السوربون، ثم عملت خبيرة في الرسومات القديمة في «دار سوثبيز» في لندن وباريس، ولم أتخصص في أعمال جدي إلا بداية 2003.
> منذ سنوات وأنت منكبة على إعداد كتالوج عن أعمال بيكاسو وهو عمل ضخم، حيث إنه يتطلب عمليات بحث واستقصاء للعثور على أثر جميع القطع الفنية. أولاً أين وصلت في عملك؟ وكيف يتم استقصاء المعلومات والبحث عن أثر هذه القطع؟
- فعلاً منذ 2003 أعمل مع فرقة من الباحثين في إطار مؤسسة «دي دبليو إيديشن» على إعداد كتالوج لمنحوتات بيكاسو. والكتالوج هو إصدار يحصي ويُصنف جميع أعمال الفنان حسب التسلسل الزمني والموضوعي. هذا الكتالوج الذي يضم عدة أجزاء يقتفي أثر التُحف، ويعطينا معلومات عن مصدرها، وأماكن عرضها وبطاقتها التقنية. قبل كل عمل تحليلي كان عليّ إجراء مسح شامل لكل القطع التي نُسبت لجدي والموجودة إما في المؤسسات المتحفية أو في دور العرض وعند المقتنين الخاصين في فرنسا والعالم. وهو عمل ضخم يتطلب صبراً وتنظيماً، لا سيما أن أعمال بيكاسو كانت غزيرة ومتنوعة، وكذلك كثيرة التنقل بين قاعات المعارض وفي المجموعات الخاصة.
> في معرض «مايا رويز بيكاسو» القائم حالياً في باريس إلى غاية 22 ديسمبر (كانون الأول) 2022، نلمس الحضور القوي لمايا (والدتك) في أعمال بيكاسو واهتمام هذا الأخير بمواضيع الطفولة في لوحاته، هل لكي أن تشرحي لنا هذا الجانب؟ كيف كان علاقة بيكاسو «الأب» بوالدتك؟
- مشروع معرض «مايا رويز بيكاسو» نشأ على أعقاب معرض آخر هو «بيكاسو ومايا، الأب وابنته» الذي نظمته في غاليري «غاغوسيان» في باريس عام 2017، فكان هذا المعرض الأخير بمثابة تتمة طبيعية لعملي حول هذه العلاقة العائلية التي أثارت اهتمامي. جدتي ماري تيريز والتر التقت بيكاسو في باريس وبدأت بينهما علاقة سرية منذ 1927، أمي وُلدت عام 1935 وكانت الطفلة الأكثر تمثيلاً في أعمال بيكاسو كما كانت بمثابة مصدر إلهام له تماماً كما كانت جدتي ماري تيريز من قبلها. وقد كان هذا المعرض مناسبة أيضاً لأتقرب أكثر من والدتي، حيث غالباً ما نعتقد أننا نعرف كل شيء عن عائلتنا وهذا غير صحيح. وقد كان بيكاسو نفسه يرسم كثيراً مع أطفاله، بل ويشركهم في أعماله أيضاً، وكان يُقحم نفسه في حركة أبوية مزدوجة، فمن جهة يعيد إحياء دور «المعلم الأول» الذي كان والده يؤديه معه، ومن جهة أخرى دور «التلميذ» مع أطفاله. الأعمال التي كانت خلاصة هذه اللحظات ألهمت بيكاسو جماليات جديدة، تتناسب مع التجارب الفنية التي قادها طوال حياته. التحرر من قيود الاتباعية والعودة إلى نوع من بدائية التمثيل والبساطة والعفوية، كل هذا كان ممكناً عند بيكاسو بالعودة إلى الطفولة ورموزها الجمالية.
> مقارنة بباحثين آخرين، هل تعدين نفسك محظوظة باعتبارك قريبة من «المصدر»، أم أن الأمر قد يسبب لك أحياناً نوعاً من الإحراج؟
- بصفتي باحثة في التاريخ، العمل على التحف الفنية لبيكاسو يعد فرصة عظيمة، نظراً لأهمية أعماله وتنوعها. بصفتي حفيدة الفنان، العمل على هذه القطع يسمح لي بالغوص في حميميته والتواصل مع تاريخ عائلتي. وما زلت أرى أني محظوظة وأنا أكتشف في كل مرة أشياء جديدة عن تاريخ عائلتي، لسنوات طويلة لم أكن أعلم عن علاقة جدتي وجدي إلا بعض التفاصيل المتفرقة هنا وهناك، وما تم تسريبه عن «الأسطورة العائلية» والطرائف التي تم نشرها في بعض الكتب، وغالباً ما كانت خاطئة.
> اليوم وفي كل أنحاء العالم لا تزال المعارض المخصصة لأعمال بيكاسو تحظى برواج كبير، فكيف نُفسر عالمية بيكاسو؟
- أعتقد أن نجاح أعمال بيكاسو تعود لتميزه، لكونه فناناً اهتم بكل شيء، بالفن الكلاسيكي والخارج عن أوروبا، كان دائم الإبداع، بالرسم والنحت والتركيب والمُلصق. مصادر إلهامه كانت متعددة مما سمح له بتشكيل سلسلة أعمال قيمة ومتنوعة تترك أثرها عند كل من يراها.
> يعد بيكاسو كما هو معروف مؤسس التيار التكعيبي، وقد كان له أثر على عدة شخصيات فنية من شتى المجالات، فما كانت برأيك أكثر هذه التأثيرات تميزاً؟
- على سبيل التذكير بعد «سلسلة القيثارة» التي أنجزها عام 1912 أصبح بيكاسو يعد بمثابة أب التكعيبية الصناعية. هذه القطعة المصنوعة من الكرتون والخيط وألياف الحديد والحبال فتحت باب النقاش في حدود النحت، وشكلت علامة بارزة عند الكثير من الفنانين المعاصرين، إضافة إلى أنها ألهمتهم كثيراً. بعضهم اكتشف في الإنشاءات التكعيبية لبيكاسو مجالاً لإعادة إحياء ممارستهم الفنية: مثل الفنان فرانك ستيلا وسلسلته «الدوائر»، وفنانين تشكيلين معاصرين أمثال أنتوني كارو أو توماس كيزفيتر أو برتران لافيي وكلهم تأثروا بمنحوتات بيكاسو، وكذلك النحات الفرنسي الجزائري عادل عبد الصمد (الذي أنجز منحوتة زيدان المعروضة في قطر)، بعض الفنانين أمثال البريطاني توماس هاوساغو اعترف لي في لقاء بمناسبة معرض «بيكاسو مانيا» الذي نظمته عام 2015 بأن بيكاسو زاره في المنام وهو ابن السابعة عشرة ليشجعه على المواصلة في حلمه بأن يصبح فناناً. أحب أيضاً فكرة أن يكون تأثير بيكاسو في مجالات لا نتوقعها، كالرقص مثلاً، وهو ما نراه واضحاً في رؤية عرض «عائلة سلتيبانك» لمصمم الرقص العصري قادر بلعربي.
> في إصدارك الأخير «بيكاسو الساحر، دار نشر غاليمار» تتحدثين عن جانب من شخصية جدك لم نكن نعرفها، هل لكي أن توضحي؟
- بمناسبة تحضيرات المعرض عثرت على عدة أغراض ظل جدي يحتفظ بها سراً في بيته ثم جدتي ووالدتي من بعده: ملابس، خصلات شعر وأظافر، موضوعة في قطع من الحرير، بتواريخ مُحددة، انبهرت باكتشاف هذه الأغراض التي سلطت الضوء على جانب من شخصية جدي، الذي كان شديد الإيمان بالخرافات، وأتذكر ما كانت والدتي ترويه عن الخبز الذي لا يجب أن يوضع مقلوباً على المائدة أو المظلة التي لا يجب أن تفتح داخل المنزل، أو الوصية التي كان يرفض كتابتها لأنه يعتقد أنها ستجلب الموت. وهو ما تناولته بالتحليل في هذا الكتاب الذي ألفته بالتعاون مع الباحث فيليب شارلي، وكلانا وصل للخلاصة التالية: هذا التقديس للحياة اليومية يسير جنباً إلى جنب مع علاقة الفنان بالحياة وبإلهامه. هذه الأغراض التي وجدتها والتي أسميها «تذكارات بيكاسو» تخضع لذكرى الرسام، وتصبح، على نطاق أوسع، العناصر المكونة للذاكرة الجماعية وهي تشكل عند بيكاسو ذخيرة لمواجهة النسيان.
> هل تعرفنا على كل أعمال بيكاسو، أم أن هناك أشياء لم نكتشفها بعد؟
- هناك دائماً ما يمكن اكتشافه في عمل بيكاسو. فتاريخ الفن هو نظام يتطور باستمرار وفقاً للتيارات، كما يمكننا الاقتراب من العديد من جوانب حياة بيكاسو المختلفة، خصوصاً أنه عاش وقتاً طويلاً وأنتج كثيراً. عمله غزير ومحمول بالعديد من التجارب التقنية والمواد المختلفة، وقد ترك لنا تراثاً غنياً للغاية لا يزال يعد بالكثير من الاكتشافات.
> ما رأيك فيما تشهده الساحة الفنية والثقافية من انتعاش في منطقة الخليج؟
- تلعب دول الخليج دوراً مهماً في سوق الفن، بالإضافة إلى السياسات الثقافية الطموحة التي أصبحت مؤسسية. وبفضل إنشاء متاحف رائعة، نجح الفنانون المعاصرون في هذه المنطقة في تسجيل بصماتهم على الساحة الدولية. يشهد على هذه الحيوية إنشاء دور المزادات مثل «سوثيبيز» و«كريستيز»، أو إنشاء معارض الفن المعاصر في دول الخليج. هذه الديناميكية الإيجابية في تصوري تدعو إلى الغبطة والتفاؤل بازدهار إبداعي أكبر فأكبر.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
TT

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية وتابعه بحماس على مدى 3 أشهر، مترقّباً بفارغ الصبر الحلقة التسعين والأخيرة. غير أنّ هذه الخاتمة جاءت باهتة، ولم تتجاوز مدتها الحقيقية سوى نصف الحلقة، أي نحو 30 دقيقة، فتركت وراءها علامات استفهام كثيرة لدى جمهور لم يرقَ له هذا الاستخفاف بذكائه.

وتدور قصة العمل حول سلمى (مرام علي) التي اختفى زوجها جلال (نيقولا معوّض) من حياتها بين ليلة وضحاها، واضطرت إلى أن تعمل، رغم مرضها، لتأمين لقمة العيش لأولادها، وعندما حانت لحظة الحقيقة كي تلتقيه وتدرك ما جرى في الواقع، مات وهو بين يديها.

وانهمرت التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول هذه النهاية، فتصدّرت الـ«تريند»، وكانت في معظمها تحمّل المخرج مسؤولية إفقاده بريقها. فلا سلمى فهمت سر اختفاء زوجها لسنوات طويلة، ولا جلال استطاع الاعتذار لها وإخبارها بحقيقة غيابه المفاجئ. حتى إن التعليقات تناولت سوء إدارة الممثلين في مشهد إطلاق النار على جلال، فغابت ردود الفعل الطبيعية لدى شخصيات المسلسل، ولم تحضر سيارة الإسعاف، رغم وجود الطبيبة وفاء (فرح بيطار) لحظة حصول الحادثة.

نيقولا معوّض قدّم أداءً لافتاً في الحلقة الأخيرة من «سلمى» (فيسبوك)

وما شفع لهذه النهاية هو أداء بعض أبطال العمل. وتوقف كثيرون عند شخصية جلال التي يُجسدها نيقولا معوّض، فقد استطاع، رغم المساحة المحدودة لدوره، أن يلفت الأنظار بأدائه المؤثّر.

وبرزت قمّة إبداعه التمثيلي في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حين قدّم مشهد لقائه بزوجته سلمى بأسلوب احترافي ودقيق، فنجح في الخروج من دائرة الانتقادات القاسية التي وُجّهت لحلقة الختام، ما دفع المشاهدين إلى تحميل مخرج العمل مسؤولية عدم منحه المساحة التمثيلية التي يستحقّها. صحيح أنّ المشهد لم يستغرق سوى دقائق معدودة، لكنّها كانت كافية ليبلغ معوّض ذروة الإحساس والمشاعر التي تحيط بهذا اللقاء، وكان قد سبق لنيقولا معوّض أن أثار عاطفة المشاهد في حلقة سابقة؛ حيث تضمّنت اللقاء الذي جمعه بطفليه شادي (أحمد جاويش) وجولي (روسيل إبراهيم)، في مشهد لامس الإحساس وطبع في ذاكرة المشاهد.

والمعروف أن معوّض اللبناني يُعدّ حالياً واحداً من نجوم الدراما المصرية. كما كانت له تجربة عالمية في فيلم أميركي بعنوان «His only son» جسّد فيه دور النبي إبراهيم.

يتألّف مسلسل «سلمى» في نسخته التركية الأصلية «امرأة» من 3 مواسم، وقد عُرضت حلقته الأخيرة عام 2020. وبعد مرور 5 سنوات، تابع المشاهد العربي نسخته المعرّبة. وكما درجت العادة لدى الشركة المنتجة للمسلسلات المعرّبة (إم بي سي) يتم اختصار الأعمال التركية إلى 90 حلقة. وهو ما طُبّق سابقاً في مسلسلات «الثمن»، و«القدر»، و«كريستال» وغيرها؛ حيث جاءت النهايات، إلى حدّ ما، على قدر توقّعات الجمهور. غير أنّ «سلمى» شهد اختصاراً طال أحداثاً محورية وأساسية، كان المشاهد يعوّل على تلخيصها لا على بترها.

وانتقد الجمهور أسلوب الإخراج الذي اعتمد على الإطالة وتضييع الوقت ضمن سردية غير متماسكة، مع التركيز على مشاهد غير محورية لاستكمال حبكة بدت ناقصة. وعبّر أحد المشاهدين عن استيائه من نهاية المسلسل عبر حسابه على «تيك توك»، قائلاً: «لقد ندمت على إضاعة وقتي في متابعة 89 حلقة دون جدوى، فالحلقة التسعون والأخيرة كانت فاشلة بكل ما للكلمة من معنى».

وفي السياق نفسه، لجأت مشاهدة أخرى إلى السخرية، عادّةً أنّ المخرج لم يحترم وعي الجمهور. إذ جاءت النهاية مصنوعة بخفّة، وغاب عنها عنصر التشويق. كما وصف عدد من المتابعين أسلوب الإخراج بالقديم، لاعتماده على تبادل نظرات مطوّلة والتحديق في الفراغ بدل التركيز على اللحظة الدرامية والمكان المناسبين. وهو ما عُدّ، برأيهم، أسلوباً لا يليق لا بعقل المشاهد ولا بالحماس الذي واكب متابعة المسلسل طوال أشهر.

في المقابل، حصد بعض الممثلين التقدير الذي يستحقونه من الجمهور، أبرزهم طوني عيسى، الذي أثار إعجاب النقّاد بأدائه الهادئ والمتمكّن، وكذلك نقولا دانيال، الذي جسّد دور الجدّ الفائض بالعاطفة والحنان تجاه أحفاده وبناته.

طوني عيسى من الممثلين الذين تركوا أثرهم على المشاهد العربي (فيسبوك)

أما تقلا شمعون، فقدّمت دوراً مختلفاً من خلال شخصية هويدا، والدة سلمى وميرنا (ستيفاني عطالله). فأثنى المشاهد على حرصها الدائم على عدم تكرار نفسها في أدوار متشابهة، وكذلك على قدرتها في تقديم شخصية جديدة بأبعاد إنسانية واضحة.

من جهتها، قدّمت ستيفاني عطالله دور الشرّ بأبهى حلّة، فتقمّصت شخصية ميرنا المركّبة، التي تعاني اختلالاً نفسياً وفكرياً. وبلغ الحقد والكره لديها تجاه شقيقتها سلمى حدّاً جعل المشاهد يصدّقها ويكرهها بدوره.

ولا يمكن إغفال الأداء اللافت الذي قدّمه الطفلان شادي (أحمد جاويش)، وجولي (روسيل إبراهيم)، فوضعا فنّ التمثيل في مرتبة عالية قياساً إلى عمرهما الصغير. ونجحا في خطف أنظار المشاهدين بموهبتيهما العفوية والمعبّرة.

صحيح أنّ الدراما تعكس في كثير من الأحيان واقعاً نعيشه، ويُسمح لها أحياناً بتوظيف الخيال في سياق أحداثها، غير أنّ النهايات تبقى الحلقة الأصعب والامتحان الحقيقي لأي عمل، فهي إما أن تُعزّز نجاحه وإما تسقطه.

وفي «سلمى» المعرّب، كان كثيرون يدركون طبيعة خاتمته، ولا سيما من تابعوا نسخته الأصلية وعرفوا تفاصيلها، ولكن ذلك لم يشفع لنهاية مبتورة خيّبت آمال المشاهد العربي، فشكّلت سقطة درامية مدوّية في مسيرة هذا النوع من الدراما المعرّبة.


اكتشاف آلاف آثار أقدام الديناصورات في شمال إيطاليا

آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
TT

اكتشاف آلاف آثار أقدام الديناصورات في شمال إيطاليا

آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)

عُثر على آلاف من آثار أقدام الديناصورات، العائد تاريخها إلى 210 ملايين عام، في محمية وطنية شمال إيطاليا.

وتنتظم آثار الأقدام، التي يصل قُطر بعضها إلى 40 سنتيمتراً، في صفوف متوازية، ويُظهر كثير منها آثاراً واضحة للأصابع والمخالب.

ووفق «بي بي سي»، يُعتقد أنّ هذه الديناصورات كانت من نوع «بروساوروبود»، وهي ديناصورات عاشبة تتميَّز بأعناق طويلة ورؤوس صغيرة ومخالب حادّة.

وقال عالم الحفريات المقيم في ميلانو، كريستيانو دال ساسو: «لم أكن أتخيّل أبداً أنني سأعثر على مثل هذا الاكتشاف المذهل في المنطقة التي أعيش فيها».

كان مصوّر فوتوغرافي قد رصد في سبتمبر (أيلول) الماضي آثار الأقدام، وهي تمتد لمئات الأمتار على جدار جبلي رأسي في محمية «ستيلفيو» الوطنية، شمال شرقي ميلانو.

وفي العصر الترياسي، قبل ما يتراوح بين 250 و201 مليون سنة تقريباً، كان هذا الجدار مسطّحاً طينياً ساحلياً (منطقة مد وجزر)، وأصبح لاحقاً جزءاً من سلسلة جبال الألب.

وقال دال ساسو: «كان هذا المكان يعجّ بالديناصورات في الماضي. إنه كنز علمي هائل».

وأضاف أنّ القطعان كانت تتحرّك في تناغم، «وهناك أيضاً آثار لسلوكيات أكثر تعقيداً، مثل تجمُّع مجموعات من الحيوانات في دائرة، ربما لأغراض الدفاع».

كانت ديناصورات «البروساوروبود»، التي قد يصل طولها إلى 10 أمتار، تمشي على ساقين، ولكن في بعض الحالات عُثر على آثار أيدٍ أمام آثار الأقدام، ممّا يشير إلى أنها ربما توقّفت وأراحت أطرافها الأمامية على الأرض.

وقال المصوّر الذي اكتشف الموقع إيليو ديلا فيريرا، إنه يأمل أن يثير هذا الاكتشاف «تأمّلاً فينا جميعاً، ويسلّط الضوء على مدى ضآلة ما نعرفه عن الأماكن التي نعيش فيها: وطننا، كوكبنا».

ووفق بيان صحافي صادر عن وزارة الثقافة الإيطالية، فإنّ المنطقة نائية ولا يمكن الوصول إليها عبر الممرات، لذا ستُستخدم الطائرات المُسيّرة وتقنيات الاستشعار من بُعد بدلاً من ذلك.

وتقع محمية «ستيلفيو» الوطنية في وادي «فرايلي» عند حدود إيطاليا مع سويسرا، بالقرب من المكان الذي ستُقام فيه الألعاب الأولمبية الشتوية العام المقبل.

وقالت وزارة الثقافة الإيطالية: «الأمر يبدو كأنّ التاريخ نفسه أراد أن يُقدّم تحية لأكبر حدث رياضي عالمي، جامعاً بين الماضي والحاضر في تسليم رمزي للشعلة بين الطبيعة والرياضة».


وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور إثر حريق شبّ في منزلها

 نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
TT

وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور إثر حريق شبّ في منزلها

 نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)

تُوفيت الفنانة المصرية نيفين مندور صباح اليوم (الأربعاء)، عن عمر يناهز 53 عاماً، وذلك إثر حريق مفاجئ شبّ في منزلها.

وأُعلن الخبر على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، اليوم (الأربعاء).

وكان الفنان شريف إدريس قد كتب، عبر صفحته الرسمية في «فيسبوك»: «لا إله إلا الله... الصديقة الطيبة الجميلة نيفين مندور في ذمة الله، الله يرحمك ويحسن إليكِ».

لقطة من دور قدمته نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك» (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)

واشتهرت نيفين مندور بشخصية «فيحاء» التي جسّدتها ضمن أحداث فيلم «اللي بالي بالك» أمام الفنان محمد سعد، الذي صدر عام 2003. وكان آخر أعمالها المسلسل الكوميدي «المطعم» الذي عُرض عام 2006.