أوروبا تلك الفكرة الغائمة

تسميتها قارة كانت فكرة سخيفة حسب بعض المؤرخين

جاك بارزون - نول مالكوم
جاك بارزون - نول مالكوم
TT

أوروبا تلك الفكرة الغائمة

جاك بارزون - نول مالكوم
جاك بارزون - نول مالكوم

في كتابه «فرضيات حول أوروبا» (2000) يناقش الفرنسي دنيس غينو، كيف تشكلت فكرة أوروبا، كيف تبلورت نظرتها لنفسها وللعالم، وكيف لعب العالم أو تحديداً الآخر الشرقي دوراً محورياً في تشكيل تلك الفكرة. مفهوم أوروبا بوصفها إمبراطورية أو عالماً مسيحياً أو حتى فكرة الاتحاد الأوروبي تشكل بالتعارض أو التقابل مع عالم شرقي مغاير، كما يقول غينو، وهو فيلسوف وأستاذ أدب فرنسي معروف باهتمامه بالمسرح. منذ اليونانيين والرومان، مروراً بمجيء المسيحية وعهد الإصلاح وصولاً إلى الثورات المتتالية في العصر الحديث، كانت أوروبا، حسب غينو، سلسلة مشاريع تنشأ باسم مجتمع موحد أو متشابه، لكنه كان دائماً بحاجة إلى آخر يتعارض معه لكي تتحدد معالمه. هذا الطرح تؤكده التحديات التي لا تزال تواجه الاتحاد الأوروبي اليوم وهو يصارع الاختلاف اللغوي في أوضح صوره في بروكسل، لكنه يدرك أنه عملاق تنغرس رجلاه في طين التفاوت الاقتصادي والصناعي والاجتماعي إلى غير ذلك مما يميز ما كان يعرف بأوروبا الشرقية عن نظيرتها الغربية، فمن بإمكانه مقارنة بلغاريا أو رومانيا بألمانيا أو فرنسا؟
دور الآخر الشرقي يسترعي الانتباه، على الأقل بالنسبة لنا نحن المنسوبين إلى الشرق، أي الذين نمثل «آخر» أوروبا، مع أن الشرق أوسع من أن يُحصر في الأوسط أو في الأقصى منه. لكن الشرق يظل فيما يبدو مختلفاً بغض النظر عن الجغرافيا. ذلك الاختلاف كان منطلقاً لدراسات أخرى لمؤرخين ومحللين ثقافيين آخرين نظروا إليه من حيث يصل إلى مستوى العداء تأسيساً على الصراع الديني والسياسي، سواء بين عالمي الإسلام والمسيحية، أو بين الخلافات الإسلامية المتتالية، آخرها العثمانية من ناحية، وأوروبا المتعاظمة قوة منذ القرن السادس عشر تقريباً. ولا شك أن كلتا القوتين، الإسلامية والمسيحية، احتاجت «آخر» لتؤسس أو تتبين من خلاله ملامح هويتها أو اختلافها. ذلك ما يتمحور حوله كتاب البريطاني نول مالكوم «أعداء مفيدون: الإسلام والإمبراطورية العثمانية في الفكر السياسي الغربي 1450 - 1750» (2019) حيث يتضح تراوح الخطاب الأوروبي المسيحي تجاه العثمانيين والمسلمين عامة بين إعجاب وكراهية تبعاً للاحتياج السياسي وهوية المتحدث، ففي نهاية المطاف كان ثمة خطاب براغماتي يصطنع العدو وفقاً لظروف سياسية محلية لكنها مبنية دائماً على نحن وهم، أي على هوية أوروبية تتحدد بمقتضى تلك العلاقة بالأخر. الباحث الأميركي جلعاد النجار (غيل أنيجار، كما يكتب اسمه العائد إلى يهود المغرب) في كتابه حول «تاريخ العدو» في أوروبا يناقش المفهوم نفسه لكن من زاوية إثنية تتحدد بمقتضاها هوية أوروبا حسب هوية العدو الذي يكون خارجياً وثقافياً (العربي) أو داخلياً ودينياً (اليهودي). ذلك التحديد يتغلغل إلى الفكر الأوروبي لنجد أصداءه لدى فلاسفة مثل كانط وتنويريي فرنسا وصولاً إلى هيغل ثم فرويد. ومن المثير للاهتمام أن يتناول الموضوع لكن من زاوية مختلفة مؤرخ تركي هو إبراهيم كالين في كتاب بعنوان «مقدمة إلى تاريخنا والآخر». الكتاب صدر عام 2021 مترجماً عن التركية (وهذا مثير بحد ذاته للاهتمام لندرة أو قلة ما يترجم من لغة كالتركية).
فكرة أوروبا أو مفهومها يتحدد، مثل مفهوم أي كيان سياسي/اقتصادي أو ثقافي/اجتماعي من التقابل مع المختلف، وهذا من البدهيات، لكن الحفر وراء البدهيات هو عمل المؤرخين والمفكرين. المؤرخ الأميركي جاك بارزون، وهو فرنسي الأصل، شغل حتى تقاعده منصب «أستاذ الجامعة» في جامعة كولومبيا وتوفي في عامه الرابع بعد المائة بعد أن قورن بكبار مؤرخي القرن العشرين، كان أحد أولئك المنقبين وراء المتعارف عليه أو المستقر. في كتابه «من الفجر إلى الانحلال» (From Dawn to Decadence) الصادر عام 2000 يعرض تاريخاً ثقافياً لخمسة قرون من تاريخ الغرب عامة ويشير إلى فكرة أوروبا في سياق سعيه لتحديد مفهوم الغرب الذي يؤرخ له. يستوقف القارئ في ذلك السياق ما يقوله بارزون في التمهيد حين يعلل السبب الذي جعله يختار خمسة قرون من التاريخ الغربي تبدأ بالقرن السادس عشر. ففي تلك الفترة، حسب بارزون، أخذت فكرة أوروبا بالتشكل، أي أنها لم تكن قد تبلورت بعد، الأمر الذي يجعل الحديث عن الغرب أكثر دقة من الحديث عن أوروبا: «على المرء أن يتحدث عن (الغرب) بوصفه منقسماً في القرن السادس عشر، لأن (أوروبا) لم تتضح بعد. إن أوروبا هي شبه الجزيرة التي تشكل نتوءاً من كتلة آسيا الهائلة دونما حاجز وتسمى قارة على ما في التسمية من سخف. ثورة القرن السادس عشر لم يتأثر بها سوى الجزء الغربي الأقصى: من ألمانيا وبولندا والنمسا وإيطاليا حتى المحيط الأطلسي. كان البلقان ينتمي للأتراك المسلمين وكانت روسيا مسيحية أرثوذوكسية، ليست كاثوليكية» (الثورة المقصودة هي مجموع النقلات العميقة سواء الدينية متمثلة بعهد الإصلاح البروتستانتي والعلمية والفكرية في عصر النهضة على يد أمثال كوبرنيكوس وغاليليو وإيراسموس).
تسمية أوروبا قارة تسمية سخيفة إذن، حسب بارزون، وأسباب ذلك جغرافية بصفة عامة لكنها تكتسب بعداً ثقافياً وسياسياً إذا ما نظرنا إلى البعد التاريخي. ذلك البعد لم ينته حقيقة بعد القرن السادس عشر رغم تراجع العثمانيين وانضمام ما كانوا يحتلونه من شرق أوروبا ووسطه إلى بقية المناطق المعروفة بالأوروبية. ذلك أن الكيان الذي عرف بأوروبا فيما بعد ظل يحدد هويته باستمرار قياساً إلى الآخر الشرقي الإسلامي بصفة خاصة. وجاءت دراسات لعدد من الباحثين الغربيين، أميركيين وأوروبيين، لتؤكد هذه الحقيقة مرة تلو الأخرى. المؤرخ الفرنسي ريمون شفاب، مثلاً، يتحدث عن عصر نهضة شرقي في أوروبا (أورينتال رينيسانس) ما بين عامي 1680 و1880 في كتاب بذلك العنوان صدر عام 1984 بمقدمة مهمة لإدوارد سعيد. ثم جاء المؤرخ الأميركي بيفيلاكوا ليتحدث عما سمّاه «جماعة الأدب العربي» التي جادل فيها بأن عصر الأنوار الفرنسي/الأوروبي لم يكن ليتبلور لولا عصور تنوير أوروبي عربي عملت فيه جماعة من الأوروبيين على مدى قرن كامل على ترجمة الكثير من الثقافة العربية إلى اللغات الأوروبية، لتفتح بذلك آفاقاً للفكر الأوروبي لم تكن متاحة من قبل. تلك الآفاق لم تقلل من الفجوة بين أوروبا المسيحية أو العقلانية والعالم الإسلامي باختلافه الثقافي والإثني.
لكن ذلك الاختلاف كان مهماً لكي تحدد أوروبا هويتها مرة أخرى، الهوية التي تظل موضع مساءلة حتى اليوم: بأي معنى يكون الألماني والروماني منتمين لهوية واحدة؟ بعد تراجع المسيحية، ما مكونات الهوية الأوروبية فلا اللغة واحدة ولا الأعراق متشابهة. في الاتحاد الأوروبي 24 لغة تجري الترجمة منها وإليها في كل اجتماع لمجالس الاتحاد، وهو موضوع غريب على المستوى العالمي، لأن من الصعب العثور على كيان سياسي أو ثقافي بهذه التعددية اللغوية، أقول التعددية وهي إحدى زوايا النظر إلى ما يعرف بأوروبا. زاوية أخرى هي أن نقول الشتات أو التفرق اللغوي، واختلاف اللغة يحمل معه اختلافات ثقافية عميقة دون شك، يحاول الأوروبيون حالياً تجاوزها على مستويات الأنظمة الديمقراطية والقوانين العلمانية فينجحون مع بعض الكيانات ويفشلون مع بعضها الآخر (حقوق الأقليات، حقوق المرأة، مستوى الالتزام الديني، الفساد السياسي والاقتصادي... إلخ).
هل يؤدي هذا الاختلاف إلى إعادة تشكيل الاتحاد الأوروبي ومعه مفهوم أوروبا، لينفصل المتجانسون عن غير المتجانسين؟ وما أثر الضغط الروسي على ذلك الكيان الذي يحاول تجميع نفسه والاحتماء بهوية تكاد تتفلت؟ إن وجود روسيا المسيحية في نهاية المطاف وتركيا المسلمة بالجزء الأوروبي لكل منهما، جغرافياً على الأقل، يعيد إلى الذهن رؤية جاك بارزون حول الجانب المثير للسخرية، بتعبيره، حين نتحدث عن أوروبا بدلاً من الغرب، لكن مع إحلال القرن الحادي والعشرين محل القرن السادس عشر.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

ميشيل أوباما تكشف: كنا على موعد مع روب راينر وزوجته قبل ساعات من مقتلهما

ميشيل أوباما (رويترز)
ميشيل أوباما (رويترز)
TT

ميشيل أوباما تكشف: كنا على موعد مع روب راينر وزوجته قبل ساعات من مقتلهما

ميشيل أوباما (رويترز)
ميشيل أوباما (رويترز)

كشفت ميشيل أوباما أنّها وزوجها باراك كانا على موعد للقاء المخرج والمنتج الأميركي المعروف روب راينر وزوجته ميشيل، في اليوم نفسه الذي عُثر فيه على الزوجين مقتولين.

وجاءت تصريحات أوباما خلال ظهورها في برنامج Jimmy Kimmel Live، مساء الاثنين، حيث قالت لمقدّم البرنامج جيمي كيميل: «كان من المفترض أن نلتقي بهما تلك الليلة – الليلة الماضية».

ووفق صحيفة «الغارديان»، لم توضّح أوباما طبيعة اللقاء الذي كان مقرراً، إلا أنّ المعروف أنّ آل راينر كانوا قد حضروا حفلاً بمناسبة عيد الميلاد استضافه الكوميدي كونان أوبراين، يوم السبت، برفقة ابنهما نِك الذي أُلقي القبض عليه لاحقاً للاشتباه بتورطه في جريمة قتل.

وكانت جثتا روب وميشيل راينر قد عُثر عليهما داخل منزلهما في حي برينتوود بمدينة لوس أنجليس عند الساعة 3:30 من بعد يوم الأحد، وقد بدت عليهما آثار طعن. وأفادت شرطة لوس أنجليس (LAPD) بأنّ عناصر من وحدة جرائم السطو والقتل «خلصوا إلى أنّ آل راينر كانا ضحيتي جريمة قتل».

وتمّ توقيف نِك راينر، البالغ من العمر 32 عاماً، قرابة الساعة 9:15 مساءً في اليوم نفسه، ولا يزال رهن الاحتجاز من دون كفالة.

ردّ ميشيل أوباما على منشور ترمب

وتطرّقت أوباما أيضاً إلى منشور على وسائل التواصل الاجتماعي للرئيس الأميركي دونالد ترمب وصف فيه روب راينر بـ«المختل»، وهو توصيف أثار موجة واسعة من الإدانة عبر مختلف الأطياف السياسية.

وقالت أوباما: «دعوني أقول هذا فقط: على عكس بعض الناس، فإنّ روب وميشيل راينر من أكثر الأشخاص نزاهة وشجاعة يمكن أن تعرفهم. إنهما ليسا مختلين ولا مجانين».

وأضافت: «كانا دائماً شخصين شغوفين، وفي وقت لا نرى فيه الكثير من الشجاعة، كانا من النوع الذي يضع أفعاله موضع التطبيق لما يؤمن به. لقد اهتما بعائلتهما، واهتما بهذا البلد، واهتما بالعدالة والإنصاف. وهذه هي الحقيقة».

باراك أوباما ينعى آل راينر... وإشادات من النجوم

وكان باراك أوباما قد نشر في وقت سابق بياناً على وسائل التواصل الاجتماعي نعى فيه آل راينر، قال فيه: «معاً، عاش هو وزوجته حياتين اتسمتا بالهدف والمعنى. سيُذكران بالقيم التي دافعا عنها وبعدد لا يُحصى من الأشخاص الذين ألهماهم».

وفي خضم سيل من التعازي التي قدّمها مشاهير الوسط الفني لراينر، نشر جيري ساينفيلد رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي أشاد فيها بدور راينر في نجاح المسلسل الكوميدي الشهير Seinfeld، الذي أنتجته شركة راينر، Castle Rock Entertainment.

وكتب ساينفيلد: «لم يكن لبرنامجنا أن يرى النور لولاه. لقد رأى شيئاً لم يستطع أحد غيره رؤيته. وعندما لم يعجب أحد في الشبكة بالحلقات الأولى، أنقذنا من الإلغاء».

وأضاف: «أن أعمل مع ابن كارل راينر، الذي كان في الوقت نفسه واحداً من أطيب الأشخاص في عالم الترفيه، بدا أمراً غير واقعي. كنت ساذجاً آنذاك في تقدير مدى أهمية شغفه بنا. تزوّج روب وميشيل في الوقت الذي كان فيه برنامجنا ينطلق، وأصبحا بالنسبة لي نموذجاً لكيفية نجاح الشراكة، حيث يوسّع كل طرف آفاق الآخر. إنّ وفاتهما معاً أمر بالغ الحزن، إلى حدّ يصعب استيعابه».


مشروعات خاصة وأعمال فنية جديدة في النسخة الافتتاحية لـ«آرت بازل قطر»

«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (الفنان)
«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (الفنان)
TT

مشروعات خاصة وأعمال فنية جديدة في النسخة الافتتاحية لـ«آرت بازل قطر»

«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (الفنان)
«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (الفنان)

كشف معرض «آرت بازل قطر» عن تفاصيل إضافية لنسخته الافتتاحية لعام 2026، بما في ذلك أبرز فعاليات قطاع المعارض الفنية، وبرنامج مشروعات خاصة واسع النطاق في مشيرب بوسط الدوحة.

يقام برنامج المشروعات الخاصة، وهو عبارة عن سلسلة واسعة النطاق من المنحوتات والتركيبات والعروض الفنية الضخمة في مواقع ثقافية رئيسية، وأماكن عامة في مشيرب بوسط الدوحة.

تُعمّق المشروعات الخاصة استكشاف المعرض لمفهوم «التحول ». في كلا القسمين، يتناول الفنانون التحول من الناحيتين المادية والمفاهيمية، ويدرسون التحول، والانتقال، والاضطراب، والعتبات الفاصلة بينهما، وتتفاعل الأعمال المعروضة من خلال المشروعات الخاصة بشكل مباشر مع التحولات البيئية والاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تُشكّل عالمنا.

لمحات من المشروعات الخاصة

يُقدّم برنامج المشروعات الخاصة، الذي أشرف عليه المدير الفني لـ«آرت بازل قطر»، وائل شوقي، بالتعاون الوثيق مع «فينتشنزو دي بيليس» الرئيس الفني والمدير العالمي لمعارض «آرت بازل»، نخبةً من الفنانين المرموقين من مختلف أنحاء المنطقة من بينهم أبراهام كروزفيليغاس، وبروس نعمان، وحسن خان، وخليل رباح، وناليني مالاني، ونور جودة، وريان ثابت، وسمية فالي، وسويت فاريانت (أوكوي أوكبوكواسلي وبيتر بورن)،

و تشمل هذه الأعمال السينما والصورة المتحركة، والنحت، والعروض الأدائية، والهندسة المعمارية، وتستكشف التاريخ البيئي والاجتماعي الذي شكّل الحياة المعاصرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وخارجها.

من جانبه، يُقدّم أبراهام كروزفيليغاس (مواليد 1968، مكسيكو سيتي) أحد أكثر أعماله طموحاً وتوسعاً، وهو تجسيدٌ لعمله طويل الأمد بعنوان «البناء الذاتي». يُشير تفسير كروزفيليغاس للكلمة، التي تعني «البناء الذاتي»، إلى كيف يُولّد النقص الإبداع، وكيف يُمكن لفلسفة الحياة أن تُنشئ شيئاً من لا شيء، وهو أيضاً استعارة للهوية وكيف نُغيّر أنفسنا باستمرار.

أما الفنان الأميركي بروس ناومان، الذي يعد أحد أكثر الفنانين تأثيراً وإثارةً للجدل في نصف القرن الماضي من خلال عمله في مجالات الفيديو والنحت والأداء والنيون والتركيبات الصوتية، فيقدِّم عملاً فنياً جديداً بتقنية الفيديو ثلاثي الأبعاد بعنوان «صورة كرسي بيكيت المُدارة»، الذي سيُعرَض على نطاق واسع، محولاً المساحة الداخلية الشاسعة لمسرح «M7» الكبير إلى حقلٍ مُحيط من الضوء والحركة.

ويُقدِّم الفنان المصري حسن خان العرض الأول لعمله «قلاع صغيرة وأغانٍ أخرى»، وهو عبارة عن مجموعة من أغانيه الأصلية التي تم عزفها مباشرةً على نظام رقمي مُخصص طُوّر خصيصاً لهذا الغرض من قِبل مصمم وملحن الموسيقى الإلكترونية أوليفييه باسكي. يُجسّد هذا العمل، الذي كُتب خلال فترة اضطرابات عالمية، الظروف المادية والحالة النفسية لعالمٍ مُضطرب ومُتغير.

الفنان الفلسطيني خليل رباح يقدم عملاً بعنوان «انتقال» (آرت بازل)

الفنان الفلسطيني خليل رباح (مواليد 1961، القدس) يقدم عملاً بعنوان «انتقال»، من بين أعمال أخرى. يُواصل هذا العمل التركيبي الضخم انخراطه الطويل الأمد في النقد المؤسسي من خلال تركيبٍ مُكوّن من أجزاء مُعاد تشكيلها مُستقاة من سياقات منزلية ومؤسسية وصناعية. من خلال فهرسة هذه الأشياء المُهجّرة وإعادة تركيبها في هياكل معمارية نحتية، يستكشف المشروع سياسات المكان، والذاكرة البيئية، والقيمة المتغيرة للبقايا المادية تحت الاحتلال.

ناليني مالاني (الفنانة)

وتقدم ناليني مالاني (مواليد 1946، تعيش وتعمل في مومباي)، والمعروفة بأعمالها المتأثرة بتجربة هجرتها في أعقاب تقسيم الهند، نسخةً ضخمةً أحادية القناة من عمل فيديو بتقنية إيقاف الحركة (stop Motion) ذي الـ9 قنوات على جهاز iPad بعنوان «واقعي مختلف»، بوصفه عرضاً ضوئياً خارجياً واسع النطاق على واجهة الطريق السريع «M7»، محولةً قلب مشيرب بصور غامرة لا هوادة فيها.

مشروع نور جودة (الفنانة)

ويبني مشروع نور جودة (مواليد 1997، طرابلس، ليبيا) هيكلاً تخيلياً لـ«استراحة»، مُجسَّداً من خلال جدران فولاذية متقاطعة، ورسومات معمارية متراكبة، وقطع نسيجية معلقة، مُشكّلاً فضاءً تتشارك فيه العناصر الذاتية العاطفية، والذاكرة، والخيال بدلاً من الجغرافيا الثابتة. يضم هيكلها العظمي، الشبيه بالسقالات، لمحات من نسيج مصبوغ لمناظر طبيعية منسية، مما يُذيب الحدود بين الريف والمدينة، والماضي والمستقبل، والفكرة والتجسيد المادي.

«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (الفنان)

«ما قد تأتي به الأحلام» للفنان ريان ثابت (مواليد 1983، بيروت، لبنان) فهو جناح تجريبي يستكشف عملية التحول من خلال فضاء الأحلام المعلق والمتغير، مستلهماً من لفتة التواضع المتمثلة في الاستراحة تحت شجرة نخيل. يتكون هذا العمل الفني الغامر من هيكلين دائريين متقاطعين مُغطّيين بسعف النخيل الطبيعي والاصطناعي، ليخلق ملاذاً مشتركاً يعكس التحولات الثقافية في منطقة الخليج، ويدعو الزوار إلى فضاء من التأمل والوجود الجماعي.

من مشروع سمية فالي «في مجلس العشاق» (الفنانة)

ومن جنوب أفريقا تقدم سمية فالي عملها «في مجلس العشاق»، وهو مجلس متجدد باستمرار يستلهم من الأماكن العامة التاريخية في العالم الإسلامي، من جامع قرطبة الكبير، وكنيسة المهد، إلى جامع العمري الكبير في غزة، وساحة الشهداء في بيروت، لإعادة تصور كيف يُشكل الحضور الجماعي العمارة. يستمد العمل عنوانه من بيت شعر يُنسب إلى المتصوفة العراقية رابعة العدوية، يدعونا إلى إعادة البناء من خلال الوجود معاً. يتغير شكل العمل الفني خلال المعرض لاستضافة التجمعات والحوارات، ليصبح نصباً تذكارياً حياً لكيفية تجمعنا في الماضي، وكيف يمكننا أن نجتمع مجدداً.

يصف مشروع «سويت فاريانت» (أوكوي أوكبوكواسيلي وبيتر بورن) الممارسة التعاونية لأوكوي أوكبوكواسيلي وبيتر بورن. «لساني شفرة» هو عمل حركي مدته 3 ساعات، يختبر فيه 4 فنانين حدود الانتباه والذاكرة العلائقية، وهم يحتضنون بعضهم بعضاً، ويدعمون بعضهم بعضاً، ويساندون بعضهم بعضاً ضمن مشهد بصري وصوتي متغيّر. يُواصل هذا العمل استكشاف الثنائي للإرث الجسدي، ويتكشف دون نهاية محددة، داعياً الجمهور للدخول والخروج بحرية.

يُقام معرض «آرت بازل قطر»، بالشراكة الرئيسية مع هيئة السياحة القطرية - في الفترة من 5 إلى 7 فبراير (شباط) 2026 (مع أيام معاينة من 3 إلى 4 فبراير).


الإعلان عن قائمة الفنانين المشاركين في بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026

الإعلان عن قائمة الفنانين المشاركين في بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026
TT

الإعلان عن قائمة الفنانين المشاركين في بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026

الإعلان عن قائمة الفنانين المشاركين في بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026

أعلنت مؤسسة بينالي الدرعية عن قائمة الفنانين المشاركين في بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026، المقرر افتتاحه في 30 يناير (كانون الثاني) 2026 في حي جاكس بالدرعية.

ويُشرف على الدورة الثالثة من بينالي الدرعية للفن المعاصر المديران الفنيان نورا رازيان وصبيح أحمد. وتحمل هذه الدورة عنوان «في الحِلّ والترحال»، مستلهمةً موضوعاتها من حركات التنقل والهجرة والتحولات التي أسهمت عبر التاريخ في بناء جسور التواصل والتبادل بين المنطقة العربية ومختلف ثقافات العالم.

وتشهد هذه الدورة مشاركة ما يزيد على 65 فناناً من أكثر من 37 دولة، كما تعرض 22 عملاً فنياً جديداً، تم إنتاجها بتكليف من مؤسسة بينالي الدرعية، على أيدي فنانين وموسيقيين ومخرجين ومعماريين وكتّاب، تتناول أعمالهم مفاهيم الاستمرارية والمرونة والخيال الجماعي خلال فترات التحول.

وتضم قائمة الفنانين المشاركين: باسيتا آباد، بيو أباد، ميرفِه إرطفان، كمالا إبراهيم إسحاق، يوسف أغبو-أولا (استوديو أولانيي)، هو روي آن، أمينة سعودي آيت خاي، إسماعيل بحري، ساركر بروتيك، تيسير البطنيجي، دينيو سيشي بوبابي (رايسيبي)، غالا بوراس-كيم، رافين تشاكون، دانيال أوتيرو توريس، تشونغ كونغ تونغ، أماكا جاجي، يو جي، نوف الحارثي، حازم حرب، سامية حلبي، محمد الحمدان (حمدان)، يزن الخليلي، أيمن يسري ديدبان، روهيني ديفاشر، نولان أوزوالد دينيس، مجموعة رقص ميديا، كي. بي. ريجي، أوسكار سانتيان، عبد الله السعدي، فيصل سمره، رُبى السويل، بوغوسي سيخوخوني، إلياس سيمي، كاران شريستا، عفراء الظاهري، رند عبدالجبار، لين عجلان، إيتيل عدنان، شادية عالم، الياس علوي، عهد العمودي، رحيمة غامبو، محمد الغامدي، إريك غيامفي، تاو نغوين فان، راجيش شايتيا فانجاد، إيفانا فرانكه، عبد الكريم قاسم، رامي القثامي، كيف تـ، موشيكوا لانغا، دانيل ليند-راموس، غوادالوبي مارافيلا، جورج ماهاشي، نور مبارك، نامينبو مايمورو وايت، ثلاثي عبد الله منياوي، نانسي منير، موتشو، تيو ميرسييه، حسين ناصر الدين، بيتريت هاليلاي، ألانا هانت، عزيز هزارة، أغوستينا وودغيت، وولف للعمارة، لولوة اليحيى، موغي يلماز.

ويقدّم البينالي طيفاً واسعاً من الخبرات الفنية التي تتناول آفاقاً جديدة لإعادة النظر في العوالم من حولنا، وتواكب التحولات الاجتماعية والبيئية التي أسهمت في تشكيل ملامح بدايات القرن الحادي والعشرين. ويأتي ذلك ضمن سينوغرافيا متقنة من تصميم استوديو التصميم الإيطالي فورما فانتازما، تجسّد من خلالها رؤية فنية يتداخل فيها التاريخ والذاكرة الجماعية والتجارب المعاصرة، في تناغم يعكس حضور الإنسان والبيئة والخيال، في إيقاع موحد، يتردد صداه عبر الأغاني والحكايات وهدير الرياح.

وفي هذا السياق، قال المديران الفنيان نورا رازيان وصبيح أحمد: «تنطلق هذه الدورة من بينالي الدرعية في لحظة فارقة تتجلى فيها أهمية الفن ودوره في قراءة التحولات التي يشهدها العالم المعاصر. وعلى مدى العام الماضي، عمل الفنانون المشاركون وفريق القيّمين الفنيين على دراسة السياقات التاريخية للمنطقة العربية، ورصد التحولات المتسارعة التي تسهم في إعادة تشكيل ملامحها، إلى جانب التفاعل مع أسئلة فكرية أوسع ذات صدى عالمي. واليوم نتطلع إلى استقبال زوار البينالي في مساحة تفتح آفاقاً جديدة لتجارب فنية متعددة، وتعكس المسارات التي تتقاطع فيها الأزمنة، وتدعو إلى التأمل في الزمن بوصفه طبقات حيّة تتجسد من خلال روح الجماعة».

ومن جانبها، قالت آية البكري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية: «يسعدنا أن نحتفي بهذا التنوع الواسع من التجارب الفنية في الدرعية، ونتطلع إلى استقبال الجمهور وتقديم تجربة فنية ثرية تعكس تعدد الأصوات والرؤى والسرديات».