فريق رقابي إقليمي يتقصّى كفاءة مكافحة «غسل الأموال» في لبنان

فريق رقابي إقليمي يتقصّى كفاءة مكافحة «غسل الأموال» في لبنان
TT

فريق رقابي إقليمي يتقصّى كفاءة مكافحة «غسل الأموال» في لبنان

فريق رقابي إقليمي يتقصّى كفاءة مكافحة «غسل الأموال» في لبنان

ينفذ فريق من مجموعة العمل المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتابعة لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، مهمة تقصي وتدقيق في بيروت، بدءا من أول الأسبوع المقبل ولمدة أسبوعين، بهدف التحقق من كفاءة الإجراءات القانونية والتنفيذية التي يتبعها لبنان في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وتكتسب المهمة، رغم طابعها الدوري، بُعدا استثنائيا في ظل الأزمات النقدية والمالية المتدحرجة منذ ثلاثة أعوام في لبنان، وما أفرزته من انحسار مشهود في أداء المؤسسات الرقابية وإدارات الدولة والتحولات المفصلية التي أدت إلى سيطرة الاقتصاد النقدي على معظم المبادلات والعمليات السوقية، مقابل انحسار الصرف والسداد عبر أنظمة الدفع التقليدية، وبما يشمل القنوات المصرفية والتكنولوجية (الدفع الإلكتروني بالبطاقات وأونلاين) والشيكات والتحويلات وسواها، والتي تخضع تلقائيا لمنظومة رقابية صارمة في تحديد مصادر الصرف ووجهتها، فضلا عن الالتزام بقاعدة «اعرف عميلك». وتخشى مصادر معنية تواصلت معها «الشرق الأوسط» من إثارة شكوك مشروعة لدى الفريق في ضوء حقيقة ترهل المؤسسات العامة وتنامي طغيان الصرف النقدي (الكاش) على مجمل المداخيل والمصاريف وحتى تخزين المدخرات في المنازل. إضافة إلى تمركز جزء كبير من المبادلات النقدية في الأسواق غير النظامية وفوضى أسعار النقد في التداولات اليومية. وهو ما يعزز الاستنتاج بضعف أنظمة التحقق والمتابعة في كشف عمليات مالية قد تحمل الشبهة بوقوعها تحت تصنيف الجرائم المالية، مما سيفضي إلى خلاصات تنذر بوضع لبنان لاحقا ضمن لائحة البلدان غير الملتزمة تماما أو غير القادرة على تطبيق كامل الموجبات القانونية والإجرائية في مكافحة تبييض الأموال.
وبالفعل، فثمة توجس محلي يرقى إلى مستوى التوقعات الجدية بأن وضع لبنان «غير مطمئن»، لجهة تكاثر الثغرات التي يمكن للجرائم المالية النفاذ عبرها إلى القنوات المالية الشرعية، مما يثير الشكوك أو الاحتمالات المرجحة لحصول عمليات تبييض أموال. وبالتالي التوصية بإخضاعه لبرنامج التقييم المشترك الذي ينذر لاحقا ببلوغ مرحلة الانضمام إلى تصنيف «الدول الرمادية» من قبل مجموعة العمل المالية الدولية. وهو ما سيفاقم خصوصا تعقيدات العمليات المالية عبر الحدود وشبكة العلاقات مع البنوك المراسلة والشركات الأجنبية التي يتوجب عليها فرض المزيد من التدقيق على البنوك والأنظمة المالية والشركات العاملة في البلد المنكوب بانهيارين مالي ونقدي غير مسبوقين ولمؤسسات مالية مرهقة بالأزمات وتداعياتها.
لكن الوقوع في المحظور المستجد ليس داهما في توقيته. فالفريق المعني يستخلص النتائج ويورد على هوامشها ملاحظات وتصويبات يتم عرضها على أول اجتماع نصف سنوي للمجموعة في الخريف المقبل. ثم تعود، بحسب تحليل أورده موقع «أولا - الاقتصاد والأعمال»، بتقرير مفصل وخريطة طريق إصلاحية ومفصلة للجانب اللبناني، وبما يشمل تحديد المشكلات ودور السلطات والهيئات في معالجتها إفراديا وبالتكافل مع كل الهيئات المعنية، وخصوصا بينها هيئة التحقيق الخاصة التي تحوز صفة مرجعية في هذا المضمار بصفتها ممثل البلد لدى المجموعة. وفي حال التيقن من المخاطر الآنية والمستقبلية لهذه الثغرات، يتوجب على هيئة التحقيق البدء باطلاع المجموعة المالية الإقليمية على الإجراءات التصحيحية التي ستتخذها السلطات المعنية لمعالجة أوجه القصور التي حددتها تقارير التقييم المشترك. وذلك تماهيا مع مقتضيات المتابعة الرامية إلى تحفيز الدول وحثها على معالجة أوجه القصور المحددة، من أجل تحسين مستوى التزام وفاعلية أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الدول الأعضاء، والخروج من عملية المتابعة ضمن إطار زمني معقول. وتقضي الإجراءات الخاصة بعملية المتابعة، بأن يتم نشر التقارير على موقع المجموعة في حالة الخروج من عملية المتابعة العادية إلى عملية التحديث كل عامين.
وتشمل مهمة الفريق تقييم فاعلية وآليات مكافحة غسل الأموال من خلال مهمات كل الجهات المعنية ضمن الدولة ومنها الجهات التنظيمية والرقابية وجهات إنفاذ القانون (قوى أمن، جمارك... الخ) والجهات القضائية المختصة، فضلا عن تقويم عمل الجهات المشرفة على الجمعيات غير الهادفة إلى الربح في وزارة الداخلية، والأشخاص المعنيين (السجل التجاري)، وتقويم مؤسسات القطاع الخاص المالي وغير المالي، بمن فيهم كتاب العدل والمحاسبون المجازون والمحامون، بالإضافة إلى أمور تفصيلية أخرى محددة في معايير مجموعة العمل المالي.
ومع التحسب الموضوعي للنتيجة السلبية، سيبقى للبنان، بحسب المصادر المعنية، فرصة زمنية لعدة أشهر من رحلة التقييم المتبادل مع المجموعة. وربما يشكل انخراطه في عملية الإصلاحات الهيكلية الشاملة في حال التقدم بإبرام اتفاقية البرنامج مع صندوق النقد الدولي قيمة مضافة لإصلاح ما يلزم إصلاحه، ولا سيما أن البرنامج الدولي يتضمن إقرار سلسلة مشاريع قوانين مهمة بينها وضع ضوابط قانونية على حركة الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول) وتعديل قانون السرية المصرفية، فضلا عن مشروع قانون إعادة هيكلة الجهاز المصرفي.
كذلك يمكن للجانب اللبناني تبيان جدية السلطات بمكافحة الفساد بعد صدور قانون مكافحة الفساد وقانون التصريح عن الذمة المالية في العام 2020 وقانون استعادة الأموال المتأتية من الفساد في العام 2021، وترجمة الأول بصدور مرسوم تأليف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيينها بنهاية الشهر الأول من العام الحالي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».