محادثات إيرانية ـ أميركية في الدوحة لتخطي عقبات إحياء الاتفاق النووي

واشنطن شددت على ضرورة تخلي طهران عن المطالب الإضافية... وفرنسا تريد عودة إيران إلى سوق النفط

بوريل يتحدث إلى نائبه إنريكي مورا منسق المحادثات النووية في طهران السبت الماضي (أ.ف.ب)
بوريل يتحدث إلى نائبه إنريكي مورا منسق المحادثات النووية في طهران السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

محادثات إيرانية ـ أميركية في الدوحة لتخطي عقبات إحياء الاتفاق النووي

بوريل يتحدث إلى نائبه إنريكي مورا منسق المحادثات النووية في طهران السبت الماضي (أ.ف.ب)
بوريل يتحدث إلى نائبه إنريكي مورا منسق المحادثات النووية في طهران السبت الماضي (أ.ف.ب)

تباشر طهران وواشنطن، اليوم، في الدوحة، جولة جديدة من المحادثات النووية، بوساطة الاتحاد الأوروبي، في محاولة جديدة لإنعاش الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية استئناف المحادثات في الدوحة هذا الأسبوع. وقالت، في بيان، إنه ينبغي لإيران أن تقرر التخلي عن المطالب الإضافية التي تتجاوز اتفاق 2015 النووي.وفي وقت سابق، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في مؤتمر صحافي إن «موقف الولايات المتحدة واضح ... إننا مصممون على ضمان عدم إمتلاك إيران للسلاح النووي». وأضاف « هناك صفقة مطروحة على الطاولة، والأمر متروك لإيران لتقرر ما إذا كانت تريد قبولها أم لا».
في طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني لوكالة «إرنا» الرسمية، أمس، إن «المحادثات ستبدأ غداً الثلاثاء (اليوم) في العاصمة القطرية». مضيفاً أن «كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي علي باقري كني سيتوجه إلى الدوحة لعقد محادثات نووية». وبدا أن الاتفاق بات وشيكاً في مارس (آذار) الماضي عندما دعا الاتحاد الأوروبي، الذي ينسق المفاوضات، وزراء خارجية الدول الموقعة عليه للحضور إلى فيينا لاستكمال الاتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة على مدى 11 شهراً بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن المحادثات معلقة منذ ذلك الحين، فيما يرجع بالأساس إلى إصرار طهران على أن ترفع واشنطن «الحرس الثوري» الإيراني من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية. كذلك، طالبت طهران خلال محادثات فيينا بضمانات أميركية بعدم تكرار سيناريو الانسحاب من الاتفاق النووي.
وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في طهران، إن الولايات المتحدة وإيران اتفقتا على مفاوضات ستكون منفصلة عن محادثات أوسع في فيينا، مشيراً إلى أنه وفريقه سيقومون بتسهيل المحادثات، في محاولة لتخطي المأزق الحالي.
وقبل زيارة بوريل إلى طهران، نسبت «رويترز» إلى مسؤول إيراني وآخر أوروبي أن إيران أسقطت مطلبها بشأن رفع اسم «الحرس الثوري» من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، لكن ما زالت هناك مسألتان لم تحسما بعد، منهما واحدة تخص العقوبات.

الكرة في الملعب الأميركي

تسارعت المعلومات منذ أولى ساعات الصباح أمس، وقال مصدر مطلع على الزيارة لـ«رويترز»: «المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي من المتوقع أن يصل إلى الدوحة الاثنين، وسيجتمع مع وزير الخارجية القطري». وأبلغ مسؤول إيراني «رويترز» بأن باقري كني «سيكون في الدوحة في 28 و29 يونيو (حزيران) من أجل المحادثات».
وفي آخر ظهور له قبل انتهاء مهامه، قال المتحدث السابق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن «تأكيد توقيت إقامة المحادثات، ومكانها، سيصبح نهائياً في غضون ساعات، نظراً للمشاورات المستمرة»، لافتاً إلى أن بلاده ستركز على رفع العقوبات الأميركية، مضيفاً أنها ستعقد في وقت لاحق من الأسبوع الحالي. وقال: «لن نتفاوض حول المسائل النووية التي تمت مناقشتها في فيينا، وستتناول النقاط العالقة في مسألة رفع الحظر (العقوبات)».
وقال خطيب زاده: «الكرة في الملعب الأميركي، وإذا كانت لدى واشنطن الإرادة اللازمة، يمكن التوصل إلى نتيجة». وعاد لتكرار أقواله في الجولات السابقة، قائلاً: «ليس هناك اتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء». وزاد: «سنرى ما إذا كان سيتم التوصل لاتفاق خلال الأسابيع المقبلة... خطوات إيران النووية يمكن العدول عنها إذا أوفت واشنطن بالتزاماتها»، حسبما أوردت «رويترز». بدورها، أفادت وسائل إعلام إيرانية عن خطيب زاده قوله إنه «لن يضاف وينقص شيء من تفاهمات فيينا».
وأشار خطيب زاده إلى أن بوريل نقل إلى طهران وعوداً أميركية أن «تعمل واشنطن بالتزاماتها المنصوص عليها في القرار 2231، وأن تنتفع طهران اقتصادياً من الاتفاق النووي» دون أن يقدم تفاصيل.
والسبت الماضي، قال الوزير الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: «نحن مستعدون لاستئناف المحادثات في الأيام المقبلة. ما يهم إيران هو الاستفادة الكاملة من المزايا الاقتصادية لاتفاق 2015».
ولم يحدد خطيب زاده الدولة مكان المحادثات، لكن المستشار في الفريق المفاوض الإيراني، محمد مرندي، أبلغ وكالة «إيسنا» الحكومية أمس أن قطر ستستضيف المحادثات غير المباشرة. وقال: «إيران اختارت قطر لأنها دولة صديقة».
في الأثناء، كتب السفير الإيراني في الدوحة، حميد رضا دهقاني، أنه أجرى مشاورات مع عبد العزيز الخليفي نائب وزير الخارجية القطري. وكان موقع «نور نيوز» منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد رجّح كفة قطر لاستضافة المحادثات، نظراً لدورها في استئناف المسار المتعثر منذ مارس الماضي.
وكان كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني قد اجتمع مساء الأحد مع أعضاء كتلة «الولاية» حلفاء الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي. ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية أن نواب البرلمان «حذروا باقري كني من بعض الوساطات».
وشككت صحيفة «كيهان» التي يسمي رئيس تحريرها المرشد الإيراني علي خامنئي، بجدوي المفاوضات في الدوحة، وكتب تحت عنوان «التفاوض في قطر فخ يجب ألا تسمحوا لأميركا به». وقالت الصحيفة: «القضية الأساسية ليس محل المفاوضات، وإنما ينتظر الغربيون الحصول على مكافأة إيرانية إزاء الفخ الدبلوماسي الأميركي والأوروبي». مشيرة تحديداً إلى زيارة بوريل لطهران. وقالت: «يجب ألا نستقبل استمرار المفاوضات بحماس وفرح», معتبرة استمرار المفاوضات «تراجعاً عن المواقف والشروط الأساسية».
ولفتت الصحيفة إلى أن «تبني مجلس محافظي الوكالة الدولية قرار إدانة إيران، وتنشيط الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية، واغتيال حسن صياد خدائي (القيادي في فيلق القدس)، والتخريب في المنشـآت النووية، والعقوبات الأخيرة ضد قطاع البتروكيمياويات، وسرقة شحنة ناقلة إيرانية في مياه اليونان، وإعلان مكافأة للحصول على معلومات عن (الحرس الثوري)، جزء بسيط من الخطوات الأميركية (...) وخطوات حلفائها الأوروبيين ضد جمهورية إيران الإسلامية».
وأشارت الصحيفة إلى أزمة الطاقة في القارة الأوروبية والولايات المتحدة بعد الحرب الأوكرانية. وقالت: «إن الدول الأوروبية انتحرت بفرضها عقوبات على روسيا». كما اعتبرت أن إيران «تحولت إلى محور في المنطقة بعدما أقامت علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا وفنزويلا وتفعيل دبلوماسية الجوار والاقتصاد». وأشارت إلى تطوير علاقاتها في هذين المجالين مع جيرانها، في الشمال قرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان، إضافة إلى باكستان والعراق وقطر.
وبالتزامن مع الانطلاق المتوقع للمحادثات غير المباشرة بين روب مالي وباقري كني، سيكون الملف النووي الإيراني محور نقاش مفصل اليوم، يجمع الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشار الألماني أولاف شولتس، على هامش قمة مجموعة السبع في ألمانيا.
وكان الملف الإيراني حاضراً على جدول أعمال القمة في عشاء العمل الذي جمع القادة، مساء الأحد.
وقال المسؤول الفرنسي، الأحد: «تم تكثيف المحادثات بين فرق العمل»، مضيفاً أنه كان من الضروري إحياء الاتفاق النووي مع إيران لضمان عدم انتشار الأسلحة النووية، والحفاظ على الأمن الإقليمي، وكذلك معرفة كيف ينسجم ذلك مع ارتفاع أسعار النفط.
ونقلت «رويترز»، أمس، أيضاً عن مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن فرنسا تريد عودة إيران وفنزويلا إلى أسواق النفط للتخفيف من نقص إمدادات الطاقة من روسيا، الذي تسبب في رفع الأسعار.
وتريد فرنسا كذلك أن تكون أي آلية مخطط لها لوضع حد أقصى لأسعار النفط واسعة النطاق قدر الإمكان، وألا تقتصر على الإنتاج الروسي. وقال المسؤول الفرنسي إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبلغ زعماء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، صباح اليوم (الاثنين)، بأن الظروف غير مواتية للتفاوض مع روسيا، وأنه يريد أن يكون في وضع قوي قبل بدء أي مفاوضات.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.