الاقتصاد العالمي بين الألم المالي أو الركود التضخمي

نتيجة التضخم والأزمات المصاحبة

تتراجع الأسهم والأصول ذات المخاطر في الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول (أ.ف.ب)
تتراجع الأسهم والأصول ذات المخاطر في الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد العالمي بين الألم المالي أو الركود التضخمي

تتراجع الأسهم والأصول ذات المخاطر في الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول (أ.ف.ب)
تتراجع الأسهم والأصول ذات المخاطر في الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول (أ.ف.ب)

بلغ الوضع الحالي في الاقتصاد العالمي، المفاضلة بين بعض الألم الاقتصادي للتخفيف من حدة تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، أو الوقوع في براثن الركود التضخمي، والذي بدأ يطل برأسه في عدد من الدول.
يتجه الاقتصاد في العديد من دول العالم لتحمل تبعات هذه الأزمات العالمية، بداية من تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي تخللتها مشاكل التضخم على جميع الدول.
ففي أكبر اقتصاد في العالم، أبرزت كريستالينا غورغييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أهمية مكافحة التضخم الآن لتعزيز بوادر نمو اقتصادي في المستقبل، محذرة من أن القيام بذلك يمكن أن يتسبب في «بعض الألم» للمستهلكين على المدى القصير.
وفي الوقت الذي قلص فيه صندوق النقد الدولي توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي لعام 2022 بنسبة 0.8 في المائة إلى 2.9 في المائة، قالت غورغييفا: «النجاح بمرور الوقت (في خفض الأسعار) سيكون مفيداً في النمو العالمي، لكن بعض الألم للوصول إلى هذا النجاح يمكن أن يكون ثمناً من الضروري دفعه».
وقلص الصندوق يوم الجمعة توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي بسبب زيادات جريئة في أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، لكن الصندوق توقع أن الولايات المتحدة ستتجنب «بالكاد» ركوداً اقتصادياً. وقال الصندوق في تقييم سنوي للسياسات الاقتصادية الأميركية إنه يتوقع الآن نمو إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 2.9 في المائة في 2022 مقابل أقرب توقع له ونسبته 3.7 في المائة في أبريل (نيسان).
وبالنسبة لعام 2023 خفض الصندوق توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.7 في المائة من 2.3 في المائة، ويتوقع الآن معدل نمو ضئيلاً نسبته 0.8 في المائة لعام 2024.
في أكتوبر (تشرين الأول)، قبل موجة (كوفيد - 19) التي أشعلتها السلالة أوميكرون وقبل وقت طويل من تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع حاد في أسعار الوقود والأغذية، توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 5.2 في المائة.
من جانبها قالت وزارة الخزانة الأميركية، رداً على تقليص الصندوق توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إنها تقدر الرؤية الاقتصادية التي قدمها الصندوق.
ويرى مسؤول من صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، أنه في حالة سقوط الولايات المتحدة في حالة من الركود فمن المرجح أن تكون «قصيرة نسبياً» مع زيادات بسيطة فقط في البطالة، وقد تكون مماثلة للتباطؤ الأميركي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقال نيجل تشوك، نائب مدير إدارة نصف الكرة الغربي بصندوق النقد الدولي، إن عمق أي ركود سيعتمد على حجم الصدمة التي ستدفع الاقتصاد الأميركي بعيداً عن المسار الذي توقعه صندوق النقد الدولي لتفادي الركود بصعوبة.
وقال تشوك في مؤتمر صحافي حول مراجعة صندوق النقد الدولي للسياسات الاقتصادية الأميركية: «هناك الكثير من المدخرات الموجودة في النظام والتي من شأنها أن تساعد في دعم الطلب... وحيث إن كل هذه الأشياء ستساعد في دعم الاقتصاد، لذا فإنه إذا تعرض لصدمة سلبية، فسوف تمر بسرعة نسبياً وسيحدث انتعاش سريع نسبياً بعد ذلك».
كما يرى جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياط الاتحادي لسانت لويس، إن المخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي تفجرت في الوقت الذي يندفع فيه المستهلكون لإنفاق السيولة النقدية التي تراكمت لديها أثناء فترة الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد.
أضاف بولارد عضو مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) في كلمة له بمدينة زيوريخ السويسرية: «أعتقد فعلاً أننا سنكون في وضع جيد... من المبكر جداً الدخول في مثل هذا الجدل بشأن احتمالات الركود في الولايات المتحدة»، مجدداً دعوته إلى المسارعة بزيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
كانت لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الاتحادي قد قررت في الأسبوع الماضي زيادة الفائدة الرئيسية بمقدار 75 نقطة أساس، فيما أشار جيروم باول رئيس المجلس إلى اعتزام اللجنة زيادة الفائدة بمقدار 50 أو 75 نقطة أساس خلال الاجتماع المقرر أواخر يوليو (تموز) المقبل.
ورغم تزايد عدد المحللين والخبراء الذين بدأوا يتوقعون ركود الاقتصاد الأميركي قال بولارد إن هذا الكلام كان يقال: «في المراحل الأولى من التعافي أو النمو الأميركي ونحن الآن تجاوزنا التعافي وسيكون من غير الطبيعي العودة إلى الركود في هذه المرحلة».
وأضاف أن «زيادات الفائدة ستؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد، لكن من المحتمل أن يكون التباطؤ في وتيرة النمو وليس نحو الركود... لا أعتقد أنه سيكون تباطؤاً كبيراً أعتقد أنه سيكون تباطؤاً معتدلاً للاقتصاد».
وتعاني الدول النامية من تبعات أشد على اقتصادها جراء الأزمات العالمية المتتالية، وظهرت أزمات بالفعل في مصادر توفير الدولار وبالتالي استيراد السلع والطاقة والغذاء، فضلاً عن أزمة التوظيف التي تهدد السلام والسلم الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
TT

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

حققت السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز العشرين على المستوى العالمي، وذلك وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة «QI4SD» لعام 2024.

ويصدر المؤشر كل عامين من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو»، حيث قفزت المملكة 25 مرتبة بالمقارنة مع المؤشر الذي صدر في عام 2022. وأوضح محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد بن عثمان القصبي، أنّ نتائج المؤشر تعكس الجهود الوطنية التي تقوم بها المواصفات السعودية بالشراكة مع المركز السعودي للاعتماد، والجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص، وذلك نتيجة الدعم غير المحدود الذي تحظى به منظومة الجودة من لدن القيادة الرشيدة لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وتعزز من مكانة المملكة عالمياً، وتسهم في بناء اقتصاد مزدهر وأكثر تنافسية.

وأشاد بتطور منظومة الجودة في المملكة، ودورها في تحسين جودة الحياة، والنمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الأداء وتسهيل ممارسة الأعمال، مما أسهم في تقدم المملكة بالمؤشرات الدولية.

ويأتي تصنيف المملكة ضمن أفضل 20 دولة حول العالم ليؤكد التزامها في تطوير منظومة البنية التحتية للجودة، والارتقاء بتشريعاتها وتنظيماتها، حيث تشمل عناصر البنية التحتية للجودة التي يتم قياسها في هذا المؤشر: المواصفات، والقياس والمعايرة، والاعتماد، وتقويم المطابقة والسياسات الوطنية، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.