على الرغم من الوعود بالسيطرة على الهجرة منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016، وخروجها الفعلي من التكتل الأوروبي قبل عام، تؤكد الحكومة البريطانية المحافظة بقيادة زعيمها رئيس الوزراء بوريس جونسون، أنها ماضية في خطتها لإرسال طالبي اللجوء الذين يصلون بشكل غير قانوني إلى المملكة المتحدة إلى رواندا، الدولة الواقعة على بعد أكثر من 6 آلاف كيلومتر في شرق أفريقيا، بهدف الحد من توافد طالبي اللجوء في رحلات خطيرة عبر بحر المانش. لكنها واجهت بالأمس، رغم تصميمها على ترحيل المهاجرين المتسللين إلى أراضي المملكة المتحدة إلى رواندا، انتكاسة تمثلت بإلغاء رحلة أولى كانت مقررة مساء الثلاثاء، بعد قرار قضائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اللحظة الأخيرة.
ورحبت جمعيات ومنظمات داعمة للاجئين بهذه النتيجة، ومن بينها «مجلس اللاجئين» الذي عبَّر في تغريدة على «تويتر» عن «ارتياحه الشديد». وكتبت صحيفة «تلغراف» اليومية المحافظة، أن الحكومة البريطانية قد تعيد النظر في تبنيها المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، لتتمكن من تنفيذ استراتيجيتها على الرغم من الانتقادات، من الكنيسة الأنغليكانية إلى الأمير تشارلز، الذي وصف الخطة بـ«المروعة»، حسب صحيفة «ذي تايمز».
مع ذلك، تبدو النكسة التي واجهتها الحكومة خطيرة. وتحدثت صحيفتا «مترو» و«ديلي ميرور» عن «مهزلة قاسية»، بينما تحدثت صحيفة «ذي غارديان» اليسارية عن «الفوضى» التي أحدثتها.
وكانت السلطات تنوي ترحيل عدد من المهاجرين يصل إلى 130، من إيرانيين وعراقيين وألبان وسوريين في هذه الرحلة الأولى. وانخفض العدد بعد دعاوى فردية قدمها عدد منهم. وفي تطور في اللحظة الأخيرة، أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ترحيل طالب لجوء عراقي مساء الثلاثاء، مستندة إلى إجراء طارئ مؤقت. وأثارت هذه الخطوة ارتياح منظمات مدافعة عن حقوق المهاجرين، تعتبر خطة الحكومة قاسية وغير إنسانية.
واعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومقرها ستراسبورغ، أنه يجب تأجيل إبعاد اللاجئ العراقي إلى أن يدرس القضاء البريطاني شرعية القانون في يوليو (تموز) المقبل. ويتعلق الأمر خصوصاً بالتأكد من حصول المهاجرين على إجراءات عادلة في رواندا، ومن أن رواندا تعتبر دولة آمنة. وتتهم المنظمات غير الحكومية باستمرار الحكومة الرواندية في قمع حرية التعبير والنقد والمعارضة السياسية.
وأكدت الحكومة الرواندية الأربعاء التزامها باستقبال المهاجرين، على الرغم من إلغاء الرحلة. وقالت الناطقة باسم الحكومة يولاند ماكولو، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «هذه التطورات لن تثبط عزيمتنا، ورواندا ما زالت ملتزمة بالكامل بالعمل على إنجاح هذه الشراكة». وأضافت أن «رواندا مستعدة لاستقبال المهاجرين عند وصولهم، وتأمين الأمن والفرص لهم».
وبعد اللجوء إلى القضاء وقرار طارئ من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لم تقلع الطائرة المستأجرة التي كلَّفت دافعي الضرائب مئات الآلاف من اليوروات.
وعبَّرت وزيرة الداخلية بريتي باتيل عن «خيبة أملها»، وهاجمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وصرحت باتيل مساء الثلاثاء: «قلت باستمرار إنه لن يكون تطبيق هذه السياسة سهلاً، وأشعر بخيبة أمل؛ لأن الطعون القانونية ومطالبات اللحظة الأخيرة منعت الرحلة الجوية اليوم من الإقلاع».
وانتقدت الأمم المتحدة الخطة التي تحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين المحافظين، بينما يحاول بوريس جونسون استعادة سلطته بعدما أفلت من تصويت بحجب الثقة عنه من قبل حزبه. وأضافت وزيرة الداخلية أن «من المفاجئ جداً أن تتدخل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على الرغم من النجاحات السابقة المتكررة أمام محاكمنا الوطنية». وأكدت أنه «لا يمكن أن تثبط عزيمتنا عن فعل الصواب وتنفيذ خططنا للسيطرة على حدود بلادنا»، موضحة أن الفريق القانوني للحكومة «يراجع كل قرار اتُّخذ بشأن هذه الرحلة، والاستعداد للرحلة التالية يبدأ الآن».
وأشار المتحدث باسم بوريس جونسون، إلى أنه قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة، فإن الحكومة «ستدرس بعناية هذا الحكم» الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ولم تعتبر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الإجراء «غير قانوني»، وقرارها لا يشكل «حظراً مطلقاً» لترحيل المهاجرين إلى رواندا التي هي «بلد آمن»، كما ذكرت بريتي باتيل رداً على المعارضة العمالية التي نددت بسياسة تجلب «العار». واعتبر نواب الأغلبية المحافظة الغاضبون أن ذلك يشكل مساساً بسيادة المملكة المتحدة، ودعوا إلى التخلي عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي ساهمت البلاد في إنشائها في عام 1950، وحولتها إلى قانون. ولا علاقة للهيئة بالاتحاد الأوروبي الذي غادره البريطانيون مع «بريكست» في يناير (كانون الثاني) 2020.
وكتبت النائبة المحافظة أندريا جينكينز في تغريدة: «نعم، لننسحب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ولنوقف تدخلاتها في القانون البريطاني». ولمح بوريس جونسون إلى هذا الاحتمال، مبدياً استياءه لتصدي القضاء لسياسة الهجرة الحكومية. وقال: «هل سيكون من الضروري تغيير بعض القوانين للمضي قدماً؟ قد يكون هذا هو الحال، وتتم دراسة كل هذه الخيارات بانتظام».
وفي كاليه بشمال فرنسا التي ينطلق منها كثير من المهاجرين الراغبين في الوصول إلى إنجلترا، لا يبدو أن الخطة تردع مرشحين للهجرة. وقال موسى (21 عاماً) القادم من دارفور، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إنه يريد التوجه إلى إنجلترا «للحصول على وثائق شخصية» ومن أجل اللغة الإنجليزية التي يتقنها.
ومنذ بداية العام، عبر أكثر من عشرة آلاف مهاجر غير قانوني بحر المانش، للوصول إلى الشواطئ البريطانية في قوارب صغيرة. ويشكل ذلك ارتفاعاً قياسياً بالمقارنة مع السنوات السابقة. وقد وصل مئات في الأيام الأخيرة وصباح الثلاثاء.
وبموجب اتفاقها مع كيغالي، ستمول لندن مبدئياً الخطة بمبلغ قد يصل إلى 120 مليون جنيه إسترليني (140 مليون يورو). وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، إنها لا تستطيع تحديد كلفة الرحلات (تقدر بأكثر من 288 ألف يورو)؛ لكنها أصرت على أن ذلك يعد «سعراً جيداً» لخفض كلفة الهجرة غير النظامية على الأمد الطويل.
إصابة مهاجر بجروح بعد اختراق شاحنة حاجزاً للشرطة الفرنسية
> أصيب مهاجر بجروح خطيرة بنيران الشرطة، عندما اخترقت الشاحنة التي كانت تقلّه حاجزاً للشرطة في جنوب شرقي فرنسا، بالقرب من الحدود مع إيطاليا، ليل الثلاثاء- الأربعاء، حسبما أفاد مصدر في الشرطة.
في حوالي الساعة الثانية صباحاً، اقتحمت الشاحنة التي تقلّ عدداً من المهاجرين حاجزاً على طريق بلدة سوسبل. وبعد ذلك بدأت مطاردة في اتجاه نيس، بينما اخترقت الشاحنة حاجزاً آخر على الأقل قبل أن تتوقف. ثم فر السائق ورفاقه، تاركين 5 مهاجرين على متنها.
وقالت الشرطة لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إنّ من بين المهاجرين الخمسة الذين كانوا في الشاحنة، أصيب واحد بالرصاص، وكانت حياته في خطر. وأكدت شرطة الحدود «استخدام القوة» وحدوث إطلاق نار.