«المعلم بلال»... رواية مغربية تنبش في المسكوت عنه

فضاؤها الجنوب المغربي بخصوصياته الثقافية المعروفة

«المعلم بلال»... رواية مغربية تنبش في المسكوت عنه
TT

«المعلم بلال»... رواية مغربية تنبش في المسكوت عنه

«المعلم بلال»... رواية مغربية تنبش في المسكوت عنه

صدرت أخيراً في المغرب رواية «المعلم بلال» للكاتب محمد أحمد الومان، بدعم من وزارة الثقافة المغربية.
صفحات الرواية المائة والأربعون شكلت حلقات درامية متعددة الأصوات، أُثير فيها عددٌ من القضايا الاجتماعية والنفسية التي تنبش في المسكوت عنه ضمن سياق ثقافي مميز هو الجنوب المغربي بخصوصياته الثقافية المعروفة. بدأت الرواية في فضاء تقليدي هو الجنوب، لكن مجريات الأحداث سرعان ما انتقلت جغرافياً من أزقة طانطان في عمق الصحراء المغربية صوب مدينة فاس بدروبها القديمة وفضاءاتها المسكونة بالأسرار والتقاليد.
القاسم المشترك بين البيئتين كان احتضانهما معاً لمهنة الصانع التقليدي، وإنْ كان هذا القاسم المشترك قد حمل دلالات رمزية مختلفة حد التناقض.
بطل الرواية «المعلم» بلال عاش تجربة الاغتراب داخل فضائه الاجتماعي في جغرافيا الصحراء، وكان عليه أن يكابد تبعات التقسيم الطبقي الصارم الذي يصنف الصناع التقليديين في درجة اجتماعية غير لائقة، وهو ما لم يكن يتلاءم بالطبع مع القيمة الفنية والمهارة التي يحظون بها دون غيرهم. وعطفاً على ذلك فإن أعراف المجتمع - كما هو مبين في متن الرواية - كانت تمنع فئة الصناع التقليديين من الاختلاط بباقي الشرائح وفق تقاليد ثقافية متوارثة من زمن القبيلة بالصحراء. هذا التصنيف الثقافي للصانع لا يقتصر عليه هو فقط، بل يتجاوزه إلى النسل من أبناء وأحفاد، فنَجْلُ «المعلم» بلال مثلاً لم يستطع الزواج بفتاة أحلامه، لكونه ورث صفة «الصانع» عن أبيه، وفي هذا الباب يحكي الكاتب عبر تقنية «البلويفونيا» بأصواتٍ متعددة عن المعاناة النفسية المزمنة لصانع تقليدي مكافح غادر مسقط رأسه بحثاً عن الخلاص، ولم تشفع له الجوائز التي نالها لقاءَ نجاحه المهني الباهر، ولم تسهم المكانة الاقتصادية المرموقة التي حظي بها في جعله ينعتق من تراث التصنيف الثقافي لطبقات المجتمع الحساني (الصحراوي) الذي ظل بحكم العُرف حبيس الثابت النمطي في تعاطيه مع الأفراد وانتماءاتهم.
خلافاً لذلك، تبرز في مدينة فاس تلك النظرة الإيجابية للصانع التقليدي، فيبدو من خلالها مقترناً بصفات الجودة والنشاط باعتباره صاحب قدرة جمالية على الخلق والإبداع في قالب فني ومهني مرموق.
ضمن هذا السياق كانت هجرة «المعلم» بلال في حد ذاتها سفراً نحو الذات في مكان آخر، إنه سفر نحو تأويل جديد للمهنة وللانتماء وللثقافة السائدة.
لقد وصف الكاتب خلال حلقات الرواية المتنامية على نحو درامي هادئ صلابة الموروث الثقافي في الصحراء وجموده في كثير من الأوقات، فهو موروثٌ قبلي استعصى لمدة طويلة على التغيير، رغم كل التحولات الاجتماعية والمؤسساتية التي شهدها مجتمع الجنوب في الصحراء المغربية. لكن الكاتب نفسه، ومن وحي الرحلة التي قادت بطل الرواية إلى دروب فاس العتيقة يستشرفُ أفقاً آخر لفكرة المدنية الناشئة، تلك التي تعيد للإنسان كينونته البكر، وتجعله يتحرر من أحكام السياق الثقافي، متخففاً من عبء التاريخ بكل موروثه وأعرافه، وفي المقابل، تقترح هذه الفكرة المدنية الناشئة عنصر الإبداع كمعيار حديث للتميز دون الحاجة إلى أي تصنيف.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

المعارضة التونسية شيماء عيسى تواصل إضراباً عن الطعام لليوم التاسع في السجن

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التونسية شيماء عيسى تواصل إضراباً عن الطعام لليوم التاسع في السجن

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)

تواصل الناشطة السياسية التونسية في «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، شيماء عيسى، إضراباً عن الطعام لليوم التاسع على التوالي احتجاجاً على ظروف اعتقالها. وأوقفت عيسى من جانب رجال من الشرطة بزي مدني في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري خلال مشاركتها بمسيرة للمعارضة، تطبيقاً لعقوبة صادرة بحقها من محكمة الاستئناف في قضية التآمر على أمن الدولة، وبدأت إضرابها عن الطعام فور دخولها السجن.

وسبق أن اعتقلت شيماء عيسى (45 عاماً) في فبراير (شباط) 2023، ووضعت في الإيقاف التحفظي، لكن أفرج عنها في يوليو (تموز) من العام نفسه. وحُكم عليها بالسجن 18 عاماً في المحكمة الابتدائية، ورفع الحكم إلى 20 عاماً في الاستئناف.

وبالإضافة إلى عيسى أوقفت السلطات كذلك زعيم «جبهة الخلاص الوطني»، السياسي البارز أحمد نجيب الشابي (82 عاماً)، بالقضية نفسها، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 12 عاماً. كما اعتقل المحامي المعارض العياشي الهمامي (66 عاماً) لتطبيق حكم بسجنه لمدة خمس سنوات بتهم بـ«الإرهاب».

وقال بسام خواجا، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»: «اعتقال شخصيات معارضة بارزة هو أحدث خطوة في مخطط الرئيس قيس سعيد للقضاء على أي بديل لحكمه المتفرد. وبهذه الاعتقالات، نجحت السلطات التونسية فعلياً في وضع الجزء الأكبر من المعارضة السياسية وراء القضبان».

وترفض المعارضة وجبهة الخلاص الوطني حكم الرئيس قيس سعيد، الذي يقود السلطة بصلاحيات واسعة منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو 2021، وإرسائه لاحقاً لنظام سياسي جديد، وتطالب باستعادة الديمقراطية. في المقابل، تتهم السلطة الموقوفين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، فيما تتهم المعارضة النظام القائم بتلفيق تهم سياسية إلى السجناء، وإخضاع القضاء إلى أوامره.


أحزاب مصرية لاستعادة توازنها بالمنافسة في باقي «الدوائر الملغاة» بانتخابات «النواب»

ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

أحزاب مصرية لاستعادة توازنها بالمنافسة في باقي «الدوائر الملغاة» بانتخابات «النواب»

ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)

قبل انطلاق جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين الملغاة بقرار قضائي في انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء ولمدة يومين، تدخل الأحزاب السياسية مرحلة حاسمة في محاولة لاستعادة توازنها بعد «مفاجأة» أحدثها المرشحون المستقلون بالاقتراع في 19 دائرة أخرى سبق أن ألغتها الهيئة الوطنية للانتخابات.

فقد أظهرت النتائج الأولية للدوائر الـ19 التي أُبطلت نتائجها سابقاً تقدماً ملحوظاً للمستقلين على حساب المرشحين الحزبيين، ما حدا بالبرلماني والإعلامي المصري مصطفى بكري إلى توقع أنهم سيكونون «مفاجأة هذه الانتخابات»، وفق ما قال لـ«الشرق الأوسط».

في المقابل، كثفت الأحزاب الرئيسية: «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية»، جهودها وتحركاتها الدعائية قبل بدء التصويت الجديد، وعملت على إعادة هيكلة خططها التعبوية بهدف الدخول في جولة الإعادة بدرجة عالية من الجاهزية.

وبحسب وسائل إعلام محلية، وضعت هذه الأحزاب منظومات متابعة ميدانية دقيقة داخل اللجان، مع تفعيل مجموعات عمل متخصصة لمراقبة المخالفات المحتملة وتقييم الملاحظات التي ظهرت في المرحلة السابقة.

وكانت حالة من الجدل الواسع قد شغلت الرأي العام بعدما شهدت المرحلة الأولى مخالفات واسعة النطاق دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة ما جرى، وهو ما نتج عنه إلغاء نتائج 19 دائرة دفعة واحدة، ثم إبطال نتائج 30 دائرة أخرى بقرار من المحكمة الإدارية العليا.

ورسم هذا الوضع غير المسبوق ملامح معركة انتخابية متقلبة تخوضها الأحزاب وسط تحديات غير اعتيادية، أبرزها صعود قوة المستقلين وإعادة الاقتراع في عدد كبير من الدوائر.

غرفة عمليات حزب «الجبهة الوطنية» الثلاثاء (صفحة الحزب)

ويتزايد اقتناع محللين سياسيين بأن صعود المستقلين بات السمة الأبرز في هذه الانتخابات.

ويلفت الكاتب الصحافي عماد الدين حسين إلى أن المستقلين أحرزوا نتائج جيدة في الجولة الأولى، وصعدوا للمنافسة على 30 مقعداً في إعادة الدوائر الـ19؛ وهو ما يجعله يرى أن «فرصهم في حصد عدد مهم من المقاعد تبدو مرتفعة».

كما أشار في مقال له هذا الأسبوع إلى أن المرحلة الثانية نفسها تشهد استمرار الظاهرة، حيث يخوض نحو 117 مستقلاً جولة الإعادة مقابل 66 مرشحاً فقط من الأحزاب الكبرى.

وتكشف خريطة المنافسة الحالية في الدوائر الملغاة وجود 44 مرشحاً للأحزاب الكبرى في مواجهة نحو 500 مستقل، وهي معادلة تُظهر حجم التحدي الذي تواجهه الأحزاب التقليدية.

ووفق الأرقام الرسمية، يتوزع المرشحون الحزبيون على النحو التالي: «مستقبل وطن» 19 مرشحاً، و«حماة الوطن» 14 مرشحاً، و«الجبهة الوطنية» 11 مرشحاً، و«العدل» 11، و«المصري الديمقراطي» 12، و«الشعب الجمهوري» و«النور» و«الوفد» بأعداد أقل.

طابور من الناخبين خلال التصويت بإحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)

واختُتمت الثلاثاء عملية تصويت المصريين في الخارج بالدوائر الملغاة، على أن تُعلن النتائج النهائية في 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، فيما تُعقد جولة الإعادة بالخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني) المقبل، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، على أن تصدر النتيجة النهائية في 10 يناير 2026.

ويرصد نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عماد جاد، صراعاً قائماً بين اتجاهين سياسيين، الأول يتمسك باستمرار العملية الانتخابية وإكمال تشكيل البرلمان، وهو موقف أحزاب الموالاة التي يرى أنها مستعدة «للتضحية بعدد من مرشحيها مقابل الحفاظ على المشهد البرلماني واستقراره»، والثاني يدعو إلى «تغيير جذري يشمل مراجعة قوانين انتخابات البرلمان».

ومن المقرر أن تنظر المحكمة الإدارية العليا، الأربعاء، 257 طعناً انتخابياً قدمها مرشحون ضد قرارات فرز الجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025.

ومن بين 300 طعن سبق أن نظرتها المحكمة، أُحيل 40 منها للنقض لعدم الاختصاص، ورُفضت 3 طعون، لتتبقى الطعون الجاري البت فيها.


ترجيحات إسرائيلية بقرب إتمام «صفقة الغاز» مع مصر... هل تهدأ التوترات؟

الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
TT

ترجيحات إسرائيلية بقرب إتمام «صفقة الغاز» مع مصر... هل تهدأ التوترات؟

الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)

رجحت وسائل إعلام عبرية إتمام «صفقة الغاز» مع مصر خلال الأيام المقبلة، وتحدثت عن أهميتها الاقتصادية والأمنية لإسرائيل بعد أن كانت تتحدث عن قرب إلغاء الصفقة وعدم اعتمادها بشكل نهائي؛ ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا التحول وانعكاسه على تهدئة التوترات مع مصر.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، إن وزارة الطاقة الإسرائيلية «ستبدأ جولة أخرى من الاستكشاف في المنطقة الاقتصادية الخالصة الإسرائيلية الشهر المقبل، في ظل اتفاق لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، والمتوقع إطلاقه في الأيام القادمة».

وأشارت الصحيفة إلى أن الصفقة «ذات أهمية خاصة لإسرائيل من الناحية السياسية والأمنية»، وقالت إن المفاوضات لا تزال جارية حول كمية الغاز التي ستصدر من خزان «ليفياثان» إلى مصر.

وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توترات على خلفية الحرب على قطاع غزة، والتوجهات الإسرائيلية نحو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وتعقيدات اتفاق «شرم الشيخ» للسلام المرتبطة بتنفيذ بنوده على الأرض في ظل تباينات واضحة بشأن قوة الاستقرار وفتح المعابر والانتقال للمرحلة الثانية، وكذلك مع أزمات الحدود وسط اتهامات إسرائيلية متكررة بحدوث عمليات تهريب للأسلحة من شبه جزيرة سيناء عبر استخدام «المسيرات».

«أداة ضغط»

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الصفقة «تمت دراستها جيداً من جانب مصر وإسرائيل على المستوى الاقتصادي، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعى لتحويلها إلى أداة ضغط سياسية تجاه مصر في ملفات غزة والحدود».

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لكن في المقابل فإن القاهرة تعاملت بهدوء وتحركت نحو بدائل عديدة وأدرك نتنياهو أنه لن يحقق المرجو، وخاصة أنه يضر بمصالح الولايات المتحدة مع وجود شركات أميركية لديها مصلحة بإتمام الصفقة».

وكانت شركة «نيو ميد»، أحد الشركاء في «حقل ليفياثان» الإسرائيلي للغاز الطبيعي، قد أعلنت في أغسطس (آب) الماضي عن تعديل اتفاق توريد الغاز لمصر ليمتد إلى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار. لكن في مطلع سبتمبر (أيلول) وفي خضم توترات حرب غزة، ظهرت بوادر «انقلاب إسرائيلي» على الاتفاق؛ وفي ذلك الحين أشارت صحف عبرية إلى اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكد من تعهد مصر بالالتزام الكامل ببنود اتفاقية السلام قبل المضي في المصادقة النهائية على الصفقة.

ووجهت إسرائيل اتهامات إلى القاهرة في تلك الفترة بـ«انتهاك» الملحق الأمني لمعاهدة السلام التي وقعتها معها في واشنطن عام 1979؛ في إشارة للانتشار العسكري المصري بسيناء، فيما نفت القاهرة آنذاك حدوث أي «انتهاك» من طرفها للمعاهدة.

وأخذ الحديث عن الصفقة تصاعداً في نوفمبر (تشرين الثاني) إثر ضغوط أميركية على إسرائيل لإتمامها؛ غير أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين قال في بيان رسمي صادر عن مكتبه حينها إنه «يرفض رغم الضغوط الأميركية الكبيرة المصادقة على اتفاق الغاز الضخم مع مصر»، وبرر ذلك بـ«مخاوف من ارتفاع أسعار الغاز على المستهلك الإسرائيلي».

المصالح «حاكم رئيسي»

المفكر السياسي المصري عبد المنعم سعيد قال إن العلاقة بين مصر وإسرائيل معقدة وترتكن على معاهدة السلام «التي تتضمن وجود علاقات اقتصادية والاستفادة من إمكانيات كل طرف من الآخر، وهو ما أقدمت عليه مصر في السابق حينما أمدت إسرائيل بالغاز الطبيعي منذ عقود».

وأضاف أن مصر تنتظر خطوة مماثلة مع وجود وفرة في الغاز الإسرائيلي، ومع ما تشهده من زيادة سكانية بما تتطلبه من توفير كميات هائلة لتلبية الاحتياجات المحلية.

وأوضح أن العلاقة بين مصر وإسرائيل لا تقتصر على البلدين، ولكن تلعب القضية الفلسطينية جزءاً رئيسياً في شكل العلاقة من جانب، كما أن الولايات المتحدة تشكل ضلعاً رئيسياً في هذه العلاقة على الجانب الآخر.

ويعتبر سعيد أن مصالح كل من مصر وإسرائيل هي الحاكم الرئيسي في شكل العلاقات بينهما، مشيراً إلى أن صفقة الغاز تحمل أهمية استراتيجية للبلدين بغض النظر عن سخونة القضية الفلسطينية أو محاولات الولايات المتحدة لتهدئة الصراعات القائمة في المنطقة.

وزارة البترول المصرية تؤمن احتياجاتها من الغاز (الوزارة)

وتأتي تقارير الإعلام العبري التي ترجح إتمام الصفقة بعد أن أبرمت مصر صفقة لاستيراد نحو 80 شحنة من الغاز المسال من شركة «هارتري بارتنرز» الأميركية بقيمة 4 مليارات دولار، فضلاً عن اتفاقيات لشراء شحنات أخرى من «أرامكو السعودية» و«ترافيجورا» و«فيتول».

وقبل أيام زعمت صحف عبرية أن قطر «تستغل الفرصة» الناتجة عن تأجيل إتمام صفقة بيع الغاز الإسرائيلي لمصر لتقديم عرض إلى القاهرة لتزويدها بكميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وهو أمر لم تؤكده أي من مصر أو قطر.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأسبوع الماضي، إن وزير الطاقة الإسرائيلي يعتزم إعلان التصديق على اتفاق الغاز مع مصر قريباً، فيما تستعد «لجنة ديان» للطاقة لنشر قراراتها حول الكميات التي ستُخصص للتصدير مقابل تلك التي ستحتفظ بها إسرائيل لاستخدامها الداخلي.